أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ياسين الحاج صالح - من البشير الصامد إلى حنبعل الفاتح!














المزيد.....

من البشير الصامد إلى حنبعل الفاتح!


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2366 - 2008 / 8 / 7 - 10:51
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


تتهم المحكمة الجنائية الدولية الرئيس السوداني بالمسؤولية عن ارتكاب جرائم إبادة عرقية، فيهب إعلام غريزي عربي إلى اعتبار ذلك مؤامرة أميركية على السودان) أميركا غير موقعة على اتفاقية تشكيل المحكمة لأنها تطلب الحصانة لمسؤوليها المدنيين والعسكريين، الأمر الذي يتعارض مع ولاية المحكمة…)، ولا يفوت أحداً من معلقين وكتاب غريزيين (والغريزية هي تشكل منحط للشعبوية) التذكير بأن إسرائيل ترتكب جرائم كبيرة، فلا تتهمها المحكمة أو تعمل على استصدار مذكرات توقيف بحق بعض رسمييها.
ويجري توقيف هانيبال (أو حنبعل) معمر القذافي في فندق سويسري فاخر بتهمة ضرب خادمتيه العربيتين، التونسية والمغربية، فتنبري شقيقته عائشة معمر القذافي إلى وضع الحدث في سياق عنصرية غربية مفترضة ضد العرب، بينما يبادر مسؤولون ليبيون إلى اعتبار الحدث «إهانة لكرامة البلاد»، قبل أن يمضي محسوبون على القذافي الأب إلى حد وصف الواقعة بأنها «جريمة مروعة» و«تصرف خطير غير مسبوق». ولا تنسى الدولة الليبية أن تعتقل مواطنيْن سويسريين بتهمة «إقامة غير شرعية» في "الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية العظمى."
ترى كم ينبغي أن يقتل من الدارفوريين فوق 300 ألف قتلوا حتى الآن، وكم ينبغي أن تستمر المذبحة فوق السنوات الخمس المنقضية على تدشينها، حتى يكون للمحكمة الجنائية الدولية الحق في اتهام رئيس الدولة التي تجري فيها هذا المجازر بالمسؤولية عنها؟ ولو كان القتلى مليونا مثلا، هل كانت خفتت أصوات الهاتفين السودانيين «يا أوكامبو يا جبان/ يا عميل الأميركان»، إبان استقبال البشير في دارفور قبل أيام؟ وإذا ترك الأمر لهذه الأصوات ولمثيلاتها العربية، فمتى ستبادر إلى الاحتجاج على المقتلة؟ وهل يتبين هؤلاء أنه بإقحام الجرائم الإسرائيلية بين المحكمة الدولية ومذبحة دارفور إنما يجعلوننا والإسرائيليين (العدوانيين العنصريين…) في الجريمة سواء، من دون أن يلحظوا أن إسرائيل ترتكب جرائمها ضد فلسطينيين ولبنانيين، عرب بعامة، بينما يقتل قتلتنا الوطنيون مواطنيهم بالذات، مرة لاختلاف في المذهب، ومرة لاختلاف في العرق، ودوما لاختلاف في الرأي والسياسة؟
وهل كانت كرامة ليبيا والليبيين (دع عنك خادمتين أنثيين، تونسية ومغربية) مصونة قبيل اعتقال سويسرا ابن أبيه الذي يحكم منذ نحو أربعين عاما؟ وإذا كان اعتقال شخص ليومين «جريمة مروعة»، فماذا يكون اعتقال الآلاف من الليبيين مئات الأيام وألوفها وتعذيبهم؟ وماذا يكون «اختفاء» معارضين ليبيين من دون أثر منذ 12 عاما على الأقل؟ وبم يوصف تبديد ثروة شعب ليبيا في مشاريع مجنونة في الداخل والخارج؟
ولو كان السويسريون عنصريين فعلا، لتركوا القذافي الابن يضرب خادمتيه العربيتين، ولاعتبروا أن الضرب شيء عادي عند العرب، وربما يكون عنصرا «أصيلا» في ثقافتهم، خصوصا إن كان ضرب خادمة أنثى من قبل ذكر مخدوم. لكن بالضبط لأن السويسريين غير عنصريين، فهم يرون أن الكرامة لصيقة بكل إنسان، وأن الاعتداءات الجسدية غير مقبولة، وينبغي أن يعاقب مرتكبها مهما يكن من وقعت عليه ومن أوقعها، يستوي في ذلك ابن أمير مع ابنة عامي، لم تحبُ المقادير بلده بالنفط الوفير. لسان حال السويسريين الذين بادرت الدولة القذافية إلى قطع البترول عنها وهددت بمزيد من التصعيد، هو: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟»، ولسان حال الدولة القذافية هو: أنا أمير ابن أمير، وهما من السوقة!
وبفضل شبكة الإنترنت نعلم أنه سبق للأمير الصغير حنبعل (32 عاما) أن تعرض للملاحقة في باريس في 2005 بعدما ضرب صديقته. كما أوقف في باريس في 2004 بينما كان يقود سيارته البورش السوداء بسرعة 140 كلم في الساعة في جادة الشانزيليزيه وعكس السير. وقبلها بثلاث سنوات، كان الفاتح الليبي ومرافقوه اشتبكوا في عاصمة الرومان القدامى مع فرقة من الشرطة الإيطالية تدخلت لضبطهم، وهم سكارى في أحد المرابع الليلية.
لو كان عند إعلامنا الغريزي حس حي بالعدل والإنصاف والمساواة بين البشر لرحب بالدعوة إلى محاكمة السوداني الأول، ولشفع ترحيبه هذا بالدعوة إلى محاكمة جرائم أخرى ضد الإنسانية أو جرائم تطهير عرقي أو جرائم حرب ضد مسؤولين إسرائيليين وضد مسؤولين عرب آخرين. فهذا يظهر اتساقه وإعلاءه من قيم المساواة والحرية والكرامة الإنسانية على قيم القبيلة والعصبية. وما لا يراه أصناف من الكتبة أن تنديدهم بالمحكمة وتشكيكهم المبدئي والسابق لأي معرفة مفصلة بالعدالة الدولية، هو بمنزلة تبرير بعدي لكل جرائم إسرائيل. ما لا يرونه أيضا تهافت منطقهم؛ فإذا كان من طبيعة العالم الظلم والجور، فأي معنى يبقى لإدانته إن فعل ما هو من طبعه وطبيعته؟ وكيف نستطيع أن نرى أنه يحصل أحيانا ألا يظلم ولا يجور، على نحو ما فعل بالضبط «الجبان وعميل الأميركان» أوكامبو؟ ألن نحرص بالأحرى على عمانا، بأن نقرر أن العدل الظاهري هذا هو في الواقع ظلم وتآمر وخداع، على نحو ما يفعل كثيرون بيننا أو أكثرنا بالفعل؟ البشير مسؤول عن مقاتل بعض شعبه مرتين: مرة لمجرد أنها وقعت في عهده وهو «ولي الأمر»، ومرة لأن حكومته متواطئة مع ميليشيات الجنجويد، بل راعية وداعمة لها حسب كثير من المصادر. فبأي مفهوم للعدالة يمكن للرجل أن يكون بريئاً؟ وما هي العدالة التي يقترحها لمحاكمته المسارعون إلى إدانة المحكمة الجنائية الدولية؟
وأي سياسة حكيمة تؤمل ممن لم يسُسْ أهل بيته وينجح في تربية ابنه؟ ليتك يا عميد حكامنا ترتكب «جرائم مروعة» فتمنح الليبيين عدالة سويسرية




#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قليل من السياسة، كثير من المشاعر
- الاستبداد والغرب: الحكاية نفسها دوما
- في ضروب الشعبوية العربية وبعض خصائصها
- الطغيان مخرجا من صعوبة السياسة
- -الدولة الخارجية- وغريزتها السياسية
- المثقفون والمسألة الإسلامية
- في -التفكير العضوي- والأساطير والانحطاط...
- ماركس لم يكن ملحداً؛ لماذا؟
- مبادئ لسياسة معارضة عقلانية في شروط الكفاف السياسي
- خواطر في شأن نحوس الليبرالية العربية وسعودها
- نظريات الفساد السوري وبرامجها العلاجية المقترحة
- غسان المفح يحاور ياسين الحاج صالح
- سورية والسير على قدم واحدة
- أي موقع للسلطة الدينية الإسلامية في الدولة الحديثة، عندنا؟
- المثقفون والمخابرات والمؤامرات والتنوير...
- المثقفون السوريون والتفاوض السوري الإسرائيلي
- الوطنية التخوينية والتدين التكفيري
- أفحمتُه، أفحمناهم... النقاش كاستمرار للحرب بوسائل أخرى
- في نقد الأهل وأهل النقد
- لبنان: السهل والصعب والغريب!


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ياسين الحاج صالح - من البشير الصامد إلى حنبعل الفاتح!