أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نصارعبدالله - أسوار مصر العازلة














المزيد.....

أسوار مصر العازلة


نصارعبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 2366 - 2008 / 8 / 7 - 04:35
المحور: المجتمع المدني
    


ما الذى يدفع بعض الأثرياء الجدد إلى أن يقيموا تجمعات سكنية تحيطها أسوار عالية تعزلهم تماما عن جيرانهم ، كما تعزلهم أيضا عن أعين سائر المصريين الآخرين، مالذى يدفعهم إلى إقامة تلك الأسوار التى يقوم على حراستها رجال أمن خاص يقظون ومدربون.. ؟؟ الجواب على هذا السؤال لا يكمن بطبيعة الحال فى أنهم يقيمونها لمجرد تحصين أنفسهم من العين حتى لا يصيبهم الحسد!! ، فالواقع أن مثل تلك الأسوار تحقق لمن تحيط بهم أكثر من وظيفة : إنها أولا تشعرهم بقدر من الأمان النسبى ، خاصة وأن من بينهم من يشعرون بغير شك بأن مصادر ثرواتهم مشكوك في مشروعيتها من منظور الأغلبية الغالبة من أبناء الشعب المصرى ، إنهم يدركون جيدا أن أموالهم من وجهة النظر الشعبية: إما حرام أو سُـحْت ( السحت هو المال الذى يختلط فيه الحرام بالحلال) ، وعلى سبيل المثال ، تلك المبالغ التى جناها بعضهم نتيجة لتخصيص مساحات من الأراضى لهم بأسعار رمزية والتى قام بعضهم بتعميرها جزئيا ، بينما اكتفى البعض الآخر بالإنتظار إلى أن بلغت أثمانها أسعارا خرافية ، وحينئذ تصرفوا فى جزء منها بالبيع مستغلين ثمنه فى تعمير الجزء الآخر ومتملكين إياه مع الإحتفاظ فى الوقت ذاته بفائض نقدى مهول !!، .. وكل تلك التخصيصات للأراضى بأسعار رمزية قد تحققت لهم بمناسبة وجودهم فى السلطة أو بمناسبة قربهم منها ، ولم تتحقق من خلال منافسة عادلة تتاح فيها فرص متكافئة لسائر المواطنين !!!، وبعد ذلك فإن هذه الأسوار ـ ثانيا ـ تحقق لمن تحيط بهم قدرا أكبر من الحرية النسبية فى ممارسة أنماط جديدة من الحياة محاكية للنمط الغربى ، وبوجه أكثر تحديدا: للنمط الأمريكى القائم تاريخيا على فكرة الإستيطان، وهو النمط المسيطر حاليا على توجهات الأثرياء الجدد!!، أى أن هذه التجمعات السكنية المحاطة بالأسوار سوف تتحول بمضى الوقت فيما أتصور إلى معامل لإنتاج ثقافة مختلفة تتماهى مع الأسلوب الأمريكى فى العيش، ثم إن هذه الأسوار ـ ثالثا ـ تحقق لمن تحيط بهم أو لبعضهم على الأقل شعورا بالإستعلاء على من يجاورونهم ، ومثل هذا الشعور بالإستعلاء نلمسه لدى الكثيرين ممن كانوا ينتمون أصلا إلى قاع المجتمع ثم هيأت لهم ظروف معينة فرصة الصعود إلى السطح ، غير أن المشكلة النفسية الموجعة بالنسبة إلى مثل هؤلاء هى أن المجتمع المصرى ما زالت منظومته الثقافية تذكرهم بالرواسب الأليمة لماضيهم الذى ما زالوا يحملونه فى داخلهم على النحو الذى صوره لنا الروائى العبقرى نجيب محفوظ فى روايتيه الرائعتين : " القاهرة الجديدة"، و:"حضرة المحترم "!!، ومن ثم فهم يمارسون من خلال ارتفاع أسوارهم نوعا من الإحساس بالعلو الذى افتقدوه طويلا !!!، والسؤال الآن هو : إلى أى حد سوف تنجح تلك الأسوار فى تحقيق ما يستهدفه منها أولئك الذين يحيطون أنفسهم بها ؟؟ ..وللإجابة على هذا التساؤل الأخير فإننى أعتقد أنها ربما تنجح إلى حد كبير فى تحقيق الوظيفتين الثانية والثالثة ، أما بالنسبة إلى الوظيفة الأولى المتمثلة فى محاولة التماس الأمان والطمئنينة من وراء تشييدها، فإنها ـ فيما أتصور ـ ربما أنتجت بالفعل إحساسا ما بالأمن النسبى لكنه إحساس خادع ومضلل لسببين : أولهما هو أن وجود مثل تلك الأسوار هو فى حد ذاته مبرر إضافى لزيادة معدلات النقمة ضد هذه الشريحة من الأثرياء الجدد من جانب سائر الشرائح الأخرى التى حرمت من فرصتها فى المنافسة العادلة وبوجه خاص من جانب الشرائح الكادحة ، وهو ما سوف يزيد من فرصة استهدافها لدى أية انتفاضة ترتبط أجندتها بمشكلات الجوع والفقر وارتفاع الأسعار، ولا شك أن شركات الأمن الخاصة التى سوف تكلف بحماية مثل تلك المستوطنات بالغة ما بلغت من الكفاءة والتدريب سوف تعجز عن تحقيق الحد الأدنى من الحماية فى مواجهة أية إنتفاضة حتى لو كانت محدودة مالم يكن الإحتياطى الإستراتيجى لها متمثلا فى الأجهزة الأمنية للدولة ذاتها ، وهو الأمر الذى لا يمكن ضمانه إلا إذا أصبحت تلك الشرائح على صلة وثيقة ومؤثرة بمن يمسكون بالخيوط الأساسية لصنع القرار فى مصر، وهو ما يبدو أن تلك الشرائح تستميت الآن من أجل تحقيقه .



#نصارعبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جلال عامر أبو 6
- حتى العميان ...يغشون!
- فلنخسرها ..بشرف!
- البطارسة
- تحية إلى وليم نصار
- الترويج للطوارىء
- عام جديد ...عار جديد!
- سقف فهم بوش
- عن أعراض الأمراض الإعلامية
- الحزبان : الفيسى والفاسى
- تلك الشائعة
- من حكايات المجاعة
- البوكر العربية
- غسيل الأعراض!!
- رحيل رجاء النقاش
- أميون فى معرض الكتاب (2)
- لماذا سكت النهر؟
- احتجاب الشقيقة الكبرى!
- مقاطع غير ساخرة
- الجهل الرسمى أفضل !!!


المزيد.....




- اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر ...
- ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا ...
- بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
- مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا ...
- إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
- مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
- مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري ...
- لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
- مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نصارعبدالله - أسوار مصر العازلة