|
الاقلام المحايدة مراقِبة للسلطة دائما و ليست موالية لها
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2366 - 2008 / 8 / 7 - 04:54
المحور:
الصحافة والاعلام
عندما نتفحص تاريخ الكتابة و الاقلام التي ابدعت و كان لها دور مميز في تقدم بلدانهم ، يتوضح لدينا ما يمس حياة الكتاب و افكارهم و مواقفهم و عقلياتهم و ابداعاتهم و سلوكهم كنخبة و مثال يحتذي به ابناء اجيالهم بكل فخر و اعتزاز ، وهم من استقاموا الطريق امام القادة و سلكوها و لم يستوحشوا و كان لكل كلمة تطرح منهم دور مصيري فعال في مسيرة التقدم التي شهدتها الدول و حتى اليوم و هم في مقدمة القافلة التقدمية . ومن جهة اخرى فان هناك العديد من القادة لم يستفيدو من قدرة و امكانيات المثقفين و في مقدمتهم الكتاب لتنوير طريقهم و بالعكس تماما كانوا دوما بالضد منهم و كانت محاولاتهم مستمرة لقمعهم و كسر اقلامهم و كم افواههم و شراء ذممهم و وجدانهم ، وبه قصموا ظهر جهودهم و محاولاتهم في السير نحو الامام . عندما نتامل في الوضع السياسي الثقافي العام في المنطقة و العراق بشكل عام، نتاكد من مدى احتياج الجميع الى النصح و العقول و الخبرات من جميع افراد الشعب و في مقدمتهم الكتاٌاب و المتميزين من الاختصاصات العلمية و الانسانية العديدة، و عملية اعادة بناءالبلد الجديد الحداثوي بحاجة ماسة الى النخبة المثقفة اكثر من اية شريحة اخرى ، ان حللنا الوضع بحيادية كاملة ، هذا بالاضافة الى احتياج البلد الى الخبراء و المهنيين المكملين لاعمال و افكار السياسيين و القادة المخلصين، و على الجميع ان يتصرف وفق المسؤولية المصيرية و التاريخية التي تقع على عاتقه في هذه المرحلة الحساسة ، و على القادة الاستفادة من كل عمل و انتاج و لو بسيط لاية شريحة او شخصية و بتنسيق كامل و تعاون مستمر لردم الثغرات. الكتاب اصحاب الاقلام هم في طليعة المخلصين العاملين على بناء الدولة الحديثة و بخطط علمية واقعية جديدة ، و لذلك هم اهل لكل احترام و تقدير و لابد ان يركزوا افكارهم و اقلامهم في سبيل المصالح العليا ، ومن الطبيعي ان يهتم قادة الاحزاب بمصالح احزابهم و افكارهم الخاصة، وهم يحاولون دائما ان يستغلوا الاقلام لتزمير ما يفيدهم و يحاولون بشتى الطرق شراء الاقلام و الافكار في هذه الطريق، و الظروف المعيشية الذاتية تجبر بعض الاقلام غير الصامدة الغوص في هذا الوحل الذي يمسح كل حسناتهم، و لكن الواجب الاكبر يقع على عاتق اقلام اصحاب الكرامة و عزة النفس و الوطنيين ، وهم يحافظون على قدسية قضيتهم و قلمهم من القادة الحزبيين و السياسيين المصلحيين، و ليس بشرط ان يكون الكاتب مستقلا في افكاره و انتمائاته و انما من الواجب ان يكون صاحب قلم جريء و شجاع في بيان الحقيقة في القضايا و المسائل التي تمس الشعب و مستقبله و مصير اجياله بشكل عام وبكل حيادية، و المثقفين الحزبيين يمكنهم ان يخدموا الوطن و على مستويات عالية من دون المساومات على المباديء الثقافية و الفكرية الوطنية العامة، و يمكن لاي مثقف ان ينتقد ما يجري في البلد انتقادا بناءا مبنيا على اخلاصه و حرصه على بناء البلد في هذا العصر ، و يجب ان لا يكون الكاتب مبررا و وسيلة لتبرير اي عمل صادر من القيادات و ان كانت مضرة للشعب و المصالح العليا، فبذلك يضر بنفسه و بالحركة التقدمية في البلد في هذه المرحلة. و المفارقة العجيبة هنا ان القيادة السياسية المصلحية يكونوا دائما في جنة العقليات الدكتاتورية بحيث يسرحون و يمرحون بما يشاؤون دون اي انتقاد يذكر و المستفيد الاول هم وحدم و احزابهم و المتضرر الاول هو الشعب و في مقدمتهم الكوادر المخلصة و المثقفين المحايدين ، اما الوضع فيكون على غير ماهو عليه في الجو الديموقراطي و دور الانتقادات البناءة يكون دائما حجر عثرة امام نزواتهم و اهتماماتهم الشخصية و الحزبية الضيقة، و التاريخ شاهد على هذا القول في عدة بلدان، و النظام الديموقراطي الحقيقي هو الضامن الاول لجزء ولو بسيط للعدالة الاجتماعية و الاوضاع المستقرة ،اما في الوضع الدكتاتوري البغيض يكون في حالة مهزوزة و قلقة دائما و باستمرار ، و اليوم نحن نعيش في عصر العولمة و التطور التكنولوجي و ما نلمسه هو ان النظم الدكتاتورية في اختزال مستمر و تتقلص سنة بعد اخرى، و ولى الزمن الذيان يكون بامكان القادة السياسيين تضليل الشعب و اخفاء الحقائق و الاسرار عنه ، و طريقهم محفوف بالمخاطر نتيجة الشفافية و الحداثة و عصر المعلومات التي تفرض نفسها، وليس امامهم الا الاذعان للمباديء الديموقراطية و الحرية لضمان استقرار بلدانهم، و الاصح ان الانظمة التي تعتمد على ابناء الشعب و محل ثقة اكثرية الشعب و مستندة على المباديء العامة للعدالة الاجتماعية و حكم القانون و الحرية و الشفافية تترسخ واقعها و سلمها الاجتماعي باستمرار ، و في مثل تلك الانظمة تكون حرية التعبير و الصحافة و الكتابة و اصحاب الاقلام احرار في الاعتماد على عقائدهم و افكارهم دون ضغط يُذكر ، و لم يكونو في مدى رمي رمح حصار القادة المتنفذين، وهم بالمقابل بكتاباتهم و انتقاداتهم البناءة المخلصة يزيدون من استقرار البلد و يعيدون كل شيء الى نصابه الصحيح، و هنا يقع الواجب و المهام المقدس على القادة ليتحركوا بحكمة في افكارهم الاستراتيجية البعيدة المدى و في افعالهم، و يجب ان يهتموا بمستقبل البلد من منظور تاريخه و ياتوا بدورهم الفعال في العملية البنيوية السياسية الاجتماعية الاقتصادية للبلد المتحرر حديثا، و يجب ان يضعوا امام اعينهم ان السلطة لا تتحطم بالانتقاد البناء بل بالعكس تماما تقوى و تصقل و يتم بنيانها بالكامل باقل الثغرات و الهفوات،و يضمًن طريق التقدم، و على السلطة العمل و الجهد الكامل من اجل تقوية هذا الاتجاه و الاعتماد على المثقفين و الكتاب و الخبراء و المبدئيين الوطنيين، و الوطنية المخلصة الحقة هو ان يكون المثقف و الكاتب مستعملا لعقله و قلمه بمهنية و عقلانية محايدة و عن طريق النقد البناء الذي يكون في مصلحة الجميع، وليس لتبرير افعال و توجهات السياسيين و تزمير ما يقع في المصلحة الحزبية فقط، الحياد و الاستقلالية مطلوبة، و العالم و البلد بشكل عام ينظرون الى نتاجات الكتاب و المثقفين كعوامل بناء محايدة غير منحازة لاية جهة و من اجل مصلحة ما و ان كانوا منتمين فكريا و حزبيا الى جهة معينة، و به نصل الى النتيجة و هي ان الكتاب يجب ان يكونوا مراقبين و ان لا يكونوا موالين و منحازين مهما بلغ الامر ، و هنا يظهر دور الكتاب البنٌاء لبناء دولة التقدم و القانون ...
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بدا موسم المزايدات الانتخابية في العراق
-
الانسان اولا هو الشعار الانسب لجميع العراقيين
-
تدهور الوضع العام فرض نقض نظام التخلي عن المواطن
-
تاثيرات الخطاب السياسي و الثقافي على بعضهما في العراق اليوم
-
كيف تواجه المراة التحديات المفروضة عليها في العراق اليوم
-
افتعال ازمة كركوك في هذا الوقت، من اجل اهداف مخفية
-
دور المؤسسات التعليمية في توعية المجتمع
-
في حضرة المسؤول الشرقي المبجل
-
الاعتراف بتقرير المصير للشعوب كحق من حقوق الانسان
-
ما بين مؤتمري نقابة صحفيي كوردستان و العراق
-
مجتمع مدني و فلسفة نظام حكم جديد في العراق
-
نحتاج الى الاشتراكية ام الليبرالية في العراق اليوم?
-
نعم انها انسانة حقا
-
الاحساس بالاغتراب رغم العيش بحرية في الوطن
-
الشعب العراقي بحاجة الى الحب و الحرية و الحماس و الحكمة في ا
...
-
من هم دعاة حقوق و حرية المراة؟
-
حذار..............مازال امامنا الكثير
-
التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان استنادا الى قرارات محكمة د
...
-
سالني استاذي عن جاويد باشا
-
ما دور اقليم كوردستان في دعم استتباب الامن و ترسيخ السلم الع
...
المزيد.....
-
هل يضغط ترامب على مصر والأردن لتنفيذ خطته بشأن غزة؟ حسام زمل
...
-
نتنياهو يجيب على سؤال -هل وجود الجيش الأمريكي ضروري- لتطبيق
...
-
زملط معلقًا على مقطع لترامب حول ضم الضفة الغربية: يتعين علين
...
-
السجن لجندي إسرائيلي أساء معاملة فلسطينيين في سجن -سدي تيمان
...
-
شاهد.. هدية نتنياهو لترامب تخليدا لذكرى هجوم إسرائيل على لبن
...
-
بعد خطاب ألقته من المنفى.. متظاهرون يهدمون منزل رئيسة وزراء
...
-
-غزة أرضنا ولن نرحل-.. فلسطينيون في دير البلح يحتجون على تص
...
-
ضربة موجعة للصين: بنما تتخلى عن -طريق الحرير- لإرضاء ترامب
-
سلسلة زلازل تضرب جزيرة سانتوريني في بحر إيجة
-
مسؤول عربي كبير يحدد طريقة إفشال مخطط تهجير سكان غزة
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|