|
من يستحق التعويض .. -أجريوم- أم -دمياط-؟!
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 2365 - 2008 / 8 / 6 - 10:57
المحور:
الادارة و الاقتصاد
نستطيع أن نفهم أن تحاول شركة "أجريوم" إبتزاز مصر وعدم الخروج من "المولد" بلا حمص.. لكن ما يستعصى على الفهم أن يردد مسئولون مصريون نفس الادعاءات التى تروجها الشركة الكندية عن "حقها" فى التعويض عن إقامة مصنع اليوريا والأمونيا على جزيرة رأس البر، وأن يستخدم مسئولون آخرون مسألة "التعويض" ك "فزاعة" لتخويف أبناء دمياط، وسائر المصريين، من أجل التراجع عن معارضة إقامة هذا المصنع فى تلك البقعة النادرة التى تشهد تعانق النهر بالبحر والتقاء الماء العذب بالماء المالح. بل وصل الحال مع بعض هؤلاء إلى محاولة قلب الحقائق بتحويل الدمايطة من "ضحايا" إلى "جناة" يتحملون – وفقا لهذه الإدعاءات – مسئولية تكبيد الموازنة العامة للدولة أعباء ربما تتجاوز 500 مليون دولار تطالب الشركة الكندية باستلامها نقداً وعداً بل ويتحملون أكثر من ذلك مسئولية "تطفيش" الاستثمار الأجنبى الذى لا تتردد حكومة الدكتور أحمد نظيف عن عمل "عجين الفلاحة" من أجل اجتذابه! وكل هذه المزاعم هراء وكلام فارغ وبالبلدى وعلى بلاطة "بكش". وبدلاً من أن يجهد هؤلاء المسئولين أنفسهم فى ترديد مثل هذه الترهات كان الأجدر بهم أن يردوا بقوة وثقة على "تهويش" الشركة الكندية، وأن يرفضوا الابتزاز الذى تقوم به ضدنا لا أن تتفاوض معها، أو حتى "تحرضها" فى بعض الأحيان! وما نقوله ليس من قبيل "البلطجة" أو "الفتونة" وإنما هو بالأحرى من باب احترام القانون والأصول. فالحكومة المصرية ليست مطالبة بتعويض الشركة الكندية بأى صورة من الصور، لأنها لم تتنصل من أى التزام ألزمت نفسها به تجاه هذه الشركة. بل إنها أعطتها كل الموافقات التى طلبتها بسخاء كبير. وليست هى التى رفضت المضى قدماً فى إنشاء مصنع اليوريا والأمونيا، وإنما الذى رفض ذلك هو المجتمع المدنى الدمياطى. ومثلما لا تستطيع الحكومة الكندية أن تجبر المجتمع المدنى فى تورنتو أو مونتريال أو أى مكان آخر على قبول أى مشروع "ورجله فوق رقبته"، كذلك ليس من حق حكومة نظيف أن تجبر اهالى دمياط على قبول ما يرفضه أقرانهم فى أى بلد متحضر. ولم يحدث ان حصلت الشركة الكندية على موافقة المجتمع المدنى الدمياطى، بل إنها مضت فى اتفاقاتها مع البيروقراطيين الحكوميين غير مكترثة بالدمايطة وكأن وجودهم كعدمه ولا قيمة لرأيهم من الأساس. وحينما اضطرت لاستيفاء الأوراق قامت بالتدليس وتقديم قائمة أسماء المدعوين إلى حفل عشاء باعتبارها موافقة المجتمع المدنى الدمياطى على المصنع إياه. وهذه جريمة وتصرف غير أخلاقى لا يجوز معه المطالبة بأى تعويض. وقد تقدم أبناء دمياط الذين وردت أسماءهم فى هذه الكشوف "المضروبة" والمزورة ببلاغات للنائب العام. كما أن المجتمع المدنى الدمياطى بجميع منظماته وجمعياته – وأكرر "جميع" منظماته وجمعياته – قد أعرب عن رفضه للمصنع الكندى فى وثيقة ترد على كل الادعاءات الكاذبة التى لا يتورع البعض عن ترويجها. أما أحاديث "الفهلوة" التى تزعم أن رفض الدمايطة إقامة المصنع ستتسبب فى خسائر لدمياط والاقتصاد الوطنى فهى أحاديث متهافتة ولا أساس لها من الحقيقة. فهؤلاء "الفهلوية" يقولون أن المصنع الكندى سينتج أسمدة تحتاجها الزراعة المصرية بشدة، وهذه أكذوبة صريحة، لأن إنتاج المصنع مخصص للتصدير بالكامل ولا تستطيع مصر ان تشترى منه كيلو جراماً واحداً رغم حاجتها الشديدة. ويقولون أن عدم إقامته ستحرم دمياط من آلاف فرص العمل التى كان سيوفرها. وهذه كذبة كبيرة لأن عدد هذه الفرص لا يزيد عن 160 فرصة، أى أن فندقاً صغيراً يستطيع أن يوفر أكثر منها. ويقولون أكاذيب أخرى من هذا النوع.. لكن حتى إذا سلمنا بان هذا المصنع ستكون له بالضرورة بعض الفوائد الجانبية، فإنه من المهم أن نقارن هذه الفوائد المحتملة بالخسائر المتوقعة.وقائمة الخسائر طويلة. يكفى أن نتذكر أن العقد المبرم مع أجريوم لامداد المصنع بالغاز الطبيعى ينص على أن تسليم الشركة 100 مليون قدم مكعب كل يوم بسعر يبدأ من دولار واحد لكل مليون وحدة حرارية، وتعويضها بالضعف فى حالة العجز عن الإمداد بينما السعر العالمى حالياً أكثر من 7 دولارات، وسيكون بالقطع أكثر من ذلك بكثير عندما يبدأ تزويد المصنع بالغاز عام 2011 حسب التعاقد. وبحسبة بسيطة للخسارة التى سنتكبدها من جراء فروق الأسعار للغاز فى ثلاث سنوات فقط سنجد أنها تتراوح بين 9 و 11 مليار جنيه. هذا فى الغاز فقط ولم نتحدث عن أمور اخرى مثل الماء وقصته الطويلة التى سنرجئ الحديث فيها إلى مقال آخر. فهل يكون رفض مثل هذه الصفقات التى تنطوى على إهدار رهيب للمال العام ونهب لثروات هذا الشعب "تطفيشا" للاستثمار الأجنبى؟! إن مطالبة الجانب الكندى بتعويض امر بالغ الوقاحة، لا ينبغى الرضوخ له، بل يجب التحلى بإرادة قوية للتصدى له باعتباره ابتزازاً سافراً. ومسالة "الإرادة" هنا ليست كلمة إنشائية، وإنما هى مسألة واقعية جداً. ويكفى أن نتذكر قضية "ماليكورب" التى حاولت الحصول على تعويض بملايين الدولارات أيضاً بالتنطع على وزارة الطيران المدنى، لكن الفريق أحمد شفيق وقف بصلابة أمام ابتزاز "ماليكورب" ووجه إليها لطمة قاسية فى محافل التحكيم الدولية فخرجت من المعركة بخفى حنين وغرامة مائة ألف دولار. ولذلك فأن على هؤلاء البيروقراطيين المصريين الذين يلوحون بفزاعة التعويضات – ربما على أمل أن تجد فى الأمور أمور وتستجد ظروف تمكنهم من الالتفاف على تقرير مجلس الشعب بنقل المصنع من دمياط – أن يضعوا ألسنتهم فى أفواههم ويكفوا عن ترديد إدعاءاتهم الخائبة .. أو يتركوا ملف "أجريوم" للفريق أحمد شفيق أو حتى للمجتمع المدنى الدمياطى. وفى كل الأحوال .. شكراً للدمايطة خط دفاعنا الأمامى، ليس فقط عن رأس البر وإنما أيضاً عن البيئة والمال العام والثروات القومية والكرامة الوطنية.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تسليم وتسلم!
-
إحرقوا كتب الفلسفة.. اليوم قبل الغد!!
-
وثيقة مستقبل مصر «2»
-
الجريمة... والعقاب
-
تنويعات علي لحن المشروع الليبرالي (1)
-
دبرنا يا وزير!
-
وقفة احتجاجية.. من أجل البحث العلمي!
-
دماء على رمال مرسى مطروح !
-
هل استعار -الأخوان- شعار -الإسلام هو الحل- من أمريكا؟!
-
.. و على المتضرر اللجوء الى .. الجماهير
-
السفيرة وفاء: رغم كل شئ .. مصر تتغير
-
-الشخص-.. الذى نحب أن نكرهه!
-
شعاع أمل: رئيسة جمعية أهلية ترفض «التمويل الأجنبي»
-
تصوروا: كيسنجر يرفض دبلوماسية العضلات الأمريكية!
-
تأملات عبر المحيط الأطلنطى (2)
-
تأملات عبر المحيط الأطلنطى: يوم الاعتذار القومى
-
فتنة ملوي.. واستراتيجية المصاطب!
-
عشاء ساخن جداً مع سفير كندا
-
أجريوم .. شكرا
-
سر أجنحة كلمات الأبنودى
المزيد.....
-
-خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس
...
-
أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
-
أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
-
السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب
...
-
نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات
...
-
اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ
...
-
تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
-
للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م
...
-
مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|