|
نعم للانتفاضة.. ضد امارة غزستان الاسلامية ؟!!
ابراهيم علاء الدين
الحوار المتمدن-العدد: 2364 - 2008 / 8 / 5 - 10:38
المحور:
القضية الفلسطينية
كثرت في الاسبوعين الاخيرين دعوات الكتاب والصحفيين الشعب الفلسطيني لاشعال انتفاضة ثالثة احتجاجا على ما تشهده الاراضي الفلسطينية من الشمال الى الجنوب من اضطرابات ارتفعت وتيرتها في قطاع غزة لتشمل عمليات اقتتال وتصفيات سياسية واعتقال واعمال وحشية. وفي ردة فعل غاضبة اندفعت بعض الاقلام التي لا نشك باخلاصها بدعوة الشعب الفلسطيني للانتفاض على فتح وحماس باعتبارهما المسؤولتان عن تبعات الصراع فيما بينهما وانعاكاساته المدمرة في الساحة الفلسطينية.
ودونما ترو او ادراك حقيقي لطبيعة الصراع بين القوتين الرئيسيتين في الساحة الفلسطينية وضع الكثير من الكتاب حركة فتح وحماس بنفس الكفة وكأنهما يتحملان المسؤولية بالتساوي عما يجري في فلسطينن وفي ذلك تبرئة نسبية لحركة حماس وظلم نسبي لحركة فتح. وارى ان في مثل هذه الدعوة استعجال لا مبرر له على الاطلاق.
فالدعوة للانتفاضة مطلوبة وبشدة وضرورية جدا ، ولكن ضد من؟ من وجهة نظري يجب ان تشتعل الانتفاضة ضد امراء "ولاية غزستان الاسلامية"، وضد كل اتباع الاسلام السياسي ، الذين يعتبرون فلسطين وقفا اسلاميا ، وضد انصار الخرافة او الخلافة، وضد مروجي الدجل والشعوذة والاوهام ، ضد كل الذين يحرضون على الموت والقتل تحت شعار الجنة تناديكم حيث الغلمان والحوريات، الانتفاض ضد اصحاب شعار "قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار"، الانتفاض ضد اعداء التقدم والحرية والديمقراطية.
فمن غير المنطقي ان يساوي البعض بين امراء الطغيان الذين يبذلون جهدهم لاقامة الدولة الاستبدادية، الشمولية، الذين يعملون باقصى طاقتهم لتدمير اسس اول مشروع وطني فلسطيني في التاريخ لتحقيق حق تقرير المصير واقامة الدولة المستقلة، المنادين بالغاء الهوية الوطنية لصالح الهوية الاسلامية. وبين الذين يبذلون جهدهم لترسيخ الهوية الوطنية القومية للشعب الفلسطيني كغيره من شعوب الارض كافة، حتى وان كان في ادائهم لتحقيق هذا الهدف الف ملاحظة وملاحظة. انا افهم ان يكون هناك صراع سياسي بين قوى ترى بالتفاوض مع العدو ليس خيانة ، واقامة دولة مستقلة على جزء من ارض فلسطين كمرحلة اولى ليس خيانة ، وتنطلق في رؤيتها واهدافها لشكل الدولة بانها دولة ديمقراطية ، وان دستورها يقر بتداول السلطة، وان الشعب الفلسطيني اينما كان تواجده هو كل واحد لا يقبل التجزئة، وان الدين لله والوطن للجميع، وان حقوق المراة السياسية والاجتماعية والقانونية والمالية حقوقا مصانه ولا تمييز بينها وبين الرجل. وافهم ايضا ان الصراع بين القوى السياسية هو بين برامج اقتصادية فيبدع كل فريق بطرح ما يراه افضل للارتقاء بالاقتصاد الوطني ورفع مستوى المعيشة للسكان ومحاربة البطالة والفقر، وايضا تتصارع البرامج للارتقاء بمستوى العلاقات الاجتماعية بين الناس ، وهكذا الامر صراعا ديمقراطيا لتطوير التعليم والخدمات الصحية والرياضة وكل جوانب الحياة في المجتمع الفلسطيني. وفي هذا الاطار تنبري المعارضة لتقوم بدورها الابداعي في مراقبة وتقييم اداء السلطة واداء العاملين فيها. وهكذا تبنى الدولة القومية وتتطور وترتقي ، من خلال صراع البرامج والافكار باساليب ديمقراطية عصرية، وفي ظل سيادة القانون والعدالة.
نعم لاجل تحقيق هذه الاهداف يجب ان تكون انتفاضات مستمرة وعمل دؤوب وجهود لا تتوقفز. ولكن وفي ظل الحالة الفلسطينية الخاصة حيث الاحتلال يهيمن على ادق تفاصيل الحياة هل يعتبر الوقت ملائما للصراع الديمقراطي بين القوى السياسية الفلسطينية؟ ام ان المرحلة ما زالت تندرج في اطار مرحلة التحرر الوطني من الاستعمار؟ لا اظن احدا يمكن ان يجادل في ان طبيعة المرحلة ما زالت مرحلة تحرر وطني ، اذا والحالة هذه الى اين يجب ان تنصب وتتركز الجهود ؟ بالتاكيد يجب ان تنصب على انجاز مهام مرحلة التحرر الوطني وطرد الاحتلال وتحقيق الاستقلال.
ولهذه المرحلة ايضا خصوصياتها وبرامجها وسياساتها واهدافها، ومن المنطقي بل والمطلوب ان تتصارع البرامج وتتبارى الافكار وتتكثف الجهود لتحقيق افضل النتائج في هذه المعركة الفاصلة بين وطن محتل وشعب مستعبد ، وبين وطن مستقل وشعب حر. لكن ايضا يجب الا يخرج الصراع عن اطاره الديمقراطي والانطلاق من قاعدة "الصراع بين الحلفاء" طالما ان هناك اتفاق على الخطوط الاستراتيجية المطلوب انجازها، وان الخلاف في التفاصيل والجزئيات. اما اذا كان الخلاف استراتيجي أي بمعنى ان البعض يرى ببرنامج القوى المهيمنة على قيادة العمل الوطني الفلسطيني هو برنامج تفريط وتقويض وتدمير للحقوق الوطنية الفلسطينية ، وبالتالي لا يمكن الالتقاء بينها وبين القوى "العميلة والخائنة" من وجهة نظرها فهذا يتطلب تكتيكات اخرى واساليب اخرى في النضال تقوم على قاعدة الصراع "بين الاعداء" وهذا الصراع يحمل في طياته كل اشكال العنف والقتل والاعتقال لتدمير الطرف الاخر.
وهذا الصراع حق مشروع لكلا الطرفين ومن حق كل منهما ان يتهم الاخر بالعمالة والخيانة والتفريط ، وتترك الامور لموازين القوى على الارض لحسم المعركة. وهذا بالضبط ما يراه الكثيرين ممن يدعون حرصهم على القضية الوطنية للشعب الفلسطيني، كونهم يعتبروا الصراع بين السلطة الفلسطينية وقاعدتها البشرية حركة فتح واطارها النظري اتفاق اوسلو وبين المعارضين للسلطة وفتح وبرنامجها هو صراع مع عدو فيدعون الى تدمير السلطة بشقيها (الاطار الشرعي المعبر عن استقلالية الشعب الفلسطيني وحقه باقامة دولته المستقلة واعضاء السلطة الفاسدين المفسدين الضالين الكفرة حسب وجهة نظرهم). وهذه الرؤية تمثل وجهة نظر حماس بشكل صارخ حيث تعتبران حركة فتح والسلطة الفلسطينية التي تقودها فتح عدوا لها وللشعب الفلسطيني يجب اجتثاثه وتحطيم قواه بكل الاشكال الممكنة بما فيها السلاح والمدفعية ان وجدت. اما اليسار الفلسطيني فموقفه غامضا متارجحا يحرض ضد السلطة وينعتها بابشع النعوت ويشارك بادارتها، يعارض البرامج السياسية لحركة فتح ولا يوجد لديه برنامج واضح في مقابله، يغازل حماس صاحبة المشروع التدميري ، وينتقد بعض سلوكياتها . ويذهب نحو هذا الموقف الكثير من الكتاب والصحفيين ورجال الاعلام ، تائهين بين مفهوم يقوم على ضرورة اصلاح ذات البين بين "الاخوة في فتح وحماس" وامام أي تصعيد امني هنا او هناك يتخلون عن مفهوم "الصراع بين الحلفاء الاخوة " ويدعون الى الثورة على الاخوة في فتح وحماس.عللا قاعدة ان "الصراع بين اعداء".
ان هذا التخبط الفكري والسياسي والايديولجي والعملي ، هو الذي يقف خلف دعوات البعض للانتفاض على فتح وحماس باعتبارهما كما قلنا سابقا هما عدو الشعب الفلسطيني يتساوى كل منهما مع الاخر.
ان هذه الدعوة "الانتفاض على فتح وحماس" هي دعوة عدمية ، كون الداعين لها لا يقولون لنا من هم الذين عليهم الانتفاض؟ ومن اجل ماذا؟ ما هي اهدافهم؟ ومن هي القوى السياسية التي عليها الانتفاض وما هو برنامجها،؟ . ولما كانت قراءة الاوضاع في الساحة الفلسطينية تقول انه لا يوجد من هو مؤهلا من القوى السياسية لازاحة حماس وفتح من الساحة سواء بانتفاضة او غيرها فان الدعوة للانتفاضة على كليهما هي دعوة عدمية لن تتؤدي الا الى المزيد من الفوضى وتشتيت القوى وستصب نتائجها المباشرة والنهائية في مصلحة العدو الصهيوني.
لكن الدعوة المنطقية والتي تمتلك اساسا واقعيا على الارض هي الدعوة للفرز الواضح بين القوى ذات المصلحة بتجسيد حقيقي للهوية الوطنية للقومية الفلسطينية على الارض ، وبين اصحاب الغاء هذه الهوية لصالح الهوية الاسلامية. وانطلاقا من هذا الفرز يجب الدعوة للانتفاضة ضد اصحاب مشروع فلسطين الاسلامية التي ستحررها جيوش الخليفة الخرافي ، والانتفاض ضد من جندوا الله ورسوله وملائكته والمؤمنين ضد الدولة الفلسطينية المستقلة. هذا هو الموقف الذي يحقن دماء شعبنا ويوحد جهوده ضد عدونا القومي الذي يحتل ارضنا ويهين شعبنا، ولا تتوقف اطماعه حتى لو ابيد اخر فلسطيني في اقصى مكان من العالم.
فيا ايها الكتاب والاعلاميين عليكم ان تحددوا موقفكم هل انتم مع الدولة الوطنية الديمقراطية ام مع الدولة الدينية الطالبانية؟ ولعلمكم فان الوقوف في المنتصف او على الحياد ومناشدة ممثلي الدولتين على حقن الدماء والحوار والوحدة الوطنية فان ذلك يصب اولا في مصلحة امارة غزستان الاسلامية وفي المحصلة في مصلحة العدو الصهيوني الغاصب.
#ابراهيم_علاء_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل مهمة اليسار الفلسطيني القيام بدور قوات المراقبة الدولية
-
دعوة غريبة لأهل الاردن
-
دعوة غريبة لأهل الاردن
-
السلفية الماركسية كالسلفية الاسلامية لا فرق...
-
الى اصحاب الرايات الحمراء
-
هل هذا هو دورك يا جبهة شعبية ؟؟؟
-
ايران تساوم على فلسطين ولبنان مقابل النووي
-
يا رشيد ثابت - المسلم- هل تستطيع الغاء تضحيات اليساريين
-
الدكتورة والشيطان (1 من 2)
-
علماء اوروبا يحاولون اكتشاف سر خلق الكون ... ولا عزاء للدراو
...
-
حلم الاتحاد المتوسطي أصبح اليوم حقيقة
-
عصرنا افضل من عصور الخلافة والسلاطين
-
لا يوجد سوى خليفة واحد للمسلمين والباقي امراء للمؤمنين
-
حوار مع حزب الخرافة لكشف الهرطقة والتضليل – 5 من 5) الاخيرة
-
حوار مع حزب الخرافة لكشف الهرطقة والتضليل – 4 من 5)
-
حوار مع حزب الخرافة لكشف الهرطقة والتضليل – 3 من 5)
-
حوار مع حزب الخرافة الاسلامية – لكشف الهرطقة والتضليل (2 من
...
-
حوار مع حزب الخرافة الاسلامية – لكشف الهرطقة والتضليل (1 من
...
-
تحية الى استاذتي الدكتورة نادية الشيوعية المصرية
-
تحالف حماسي ... الهدنة مع العدو اهم من الوحدة الوطنية
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|