|
من سيربح العراق
تحسين كرمياني
الحوار المتمدن-العدد: 2364 - 2008 / 8 / 5 - 04:55
المحور:
حقوق الانسان
مساء كل ثلاثاء كان يطل علينا(جورج قرداحي)على شبكة الـ(1mbc)بابتسامته العريضة وهو يختبر من يحالفه الحظ من أبناء هذا الوطن الكبير جسماً والمحدود اسماً ورسماً على خارطة السياسة العالمية إقليمياً ودولياً،كي يمنحه شيكاً تنقذه من عوز الدنيا إن تجاوز أسئلة معظمها أحجية سهلة لا تحتاج إلى سعة معرفة وإطلاع،خمسة عشر سؤالاً أو حاجزاً هو الطريق إلى المليون رغم أن المبلغ النهائي للجائزة هو مليونين،مع وجود وسائل مساعدة تصل إلى أربع،أنا لست بصدد أن أمضي أكثر من هذا سوى وجود تماثل حيوي ومدهش بين الذي يحدث في عراقنا الحبيب وبين برنامج ـ ضرب ـ الليرات،بلدنا بات برنامجاً لاختبارات وصراعات تتكاتف شتى الوسائل من أجل الفوز أو العبث به،فما يجري على أرض الواقع من أهداف منتخبة محصورة بين(الفرضة والشعيرة)ربما يقترب إلى حدٍ مذهل من عدد أسئلة برنامج المليونين،ليس ذلك فحسب بل حتى عدد الوسائل المساعدة لعبور المحن وتجاوزات الظروف القاسية المعرقلة لتكملة مشوار الحياة البائسة،لنحص معاً عدد المطلوبين على القائمة السوداء من قبل الطامعين لنهش كعكة العراق،يعجز العقل بيان خيط ضوء يمكن أن يفضي إلى مسلك قد يجد فيه درب خلاص،ما الذي يتبقى في البيدر ـ لا قدر الله ـ أن أفلح الجانب المظلم من تحقيق غايته وهل وضع في باله بعد إزاحة أو عبور هذه الحواجز من سيربح العراق،فهو يرغب عبور حاجز رجال الحرس الوطني،حاجز رجال الشرطة،حاجز أساتذة الجامعات والعلماء،حاجز الأطباء،حاجز رجال الأعلام والصحفيين،حاجز أعضاء المجلس البلدي،حاجز التجار،حاجز الرموز الدينية،حاجز الكوادر الفنية،حاجز رؤساء الكيانات السياسية،حاجز الحلاّقين تحت ذرائع تحليق رؤوس مسميات لا تعجبهم،حاجز الخبّازين لأنهم يبيعون الخبز لفئات أمنية من البلد،حاجز أصحاب المطاعم لأن فلان وعلان تناول وجبة غداء عندهم،حاجز رؤساء العشائر،وربما الفقرة الأخيرة والحاسمة لصحرنة الحياة وتفريغها من عنادلها الوديعة هي الحاجز العشوائي واللامبرر للأبرياء،تلاميذ وأصحاب بسطيات وسواق مركبات وفتيات،خمسة عشر هدف هي مكونات شجرة المجتمع لكل بلد،ولا ننسى الوسائل المساعدة الأربع لكل فرد،تلك الوسائل المعينة في ظل قحط يسود وفوضى لا تخمد،(الوقود)كونه وسيلة تدفع شرور برد الشتاء وتدفع المركبات لترقص الحياة وتحتفل كل يوم،تعين أوان طهو الطعام حين تبرز شحة في الغاز السائل،تجعل الحقول تغني بالخضرة على أيدي الفلاحين،صار الوقود هدفاً مغرياً وورقة مهمة في اللعبة الجارية لوقف الحياة،(الماء)كونه وسيلة تطهير ووسيلة النماء وأساس كل شيء حي،تم نسف عصبه لمنع ضخ الروح إلى المنازل،(الكهرباء)كونها وسيله التحضر،سراج النور ومصدر طاقة للرزق وللعراقيين مآرب لا تنتهي مع هذه الوسيلة،(الحصة التموينية)كونها وسيلة الوسائل،العصب الحيوي والعمود الفقري لسلة غذاء كل عائلة،بدونها تبدو البلاد غابة عجفاء،أنها وسيلة خادمة لعبور ألغام الجوع ومكر التجار،كل شيء مطلوب إقصاءه خارج الواقع كي يخلو البلاد من العباد وطاقاته،لنفترض حسابياً أن الأهداف ـ لا سامح الله ـ سقطت ووسائل المساعدة نفدت،ما الذي يحدث،بلاد خالية،تنعب فيها الغربان والكواسر،بلاد ستأكل فيها الوحوش بعضها من البعض،لنفترض أن ذلك سيحصل،فمن سيربح العراق إذاً..؟؟اليقين لا يقر بذلك طبعاً،اليقين العراقي شامخ وراسخ ،فالعراق بلاد خصها الله بنهرين خالدين،منذ الأزل وحتى الأبد يمشيان الهوينى رغم أنف السدود والحدود،دس الله في عروقها ذهب أسود لا ينضب،فيها تلاوين ناس يعرفون حدود ثقافاتهم،اتكأت على بنيان حضارة توغلت إلى تشعبات العلوم الإنسانية على وجه البسيطة،حضاها الله بأحد عجائب الدنيا السبع،بالخير الذي دفع أشرار التاريخ الزحف على البطون طمعاً لها وفيها،هي الأرض الوسط،أرض أربعة أنبياء أعمدة الخالق لعبيده،أرض ستشيد عاصمة الخلافة الإسلامية الكبرى قبل أن ينفخ(إسرافيل)بوق انتهاء وتخليص الأتقياء من العذاب الدنيوي لأبالسة البشر،لن يرضخ العراق مطلقاً،هكذا يصرخ التاريخ منذ الأزل،أنه سفينة عملاقة تحمل نفائس الدنيا من كنوز وعلوم معرفية وموارد طبيعية وطاقات بشرية،سفينة لا تصالح كل قبطان يشهر قواميس معرفته ويعلن على الملأ جاهزيته لقيادة دفتها إلى بر الأمان،سيشهد العالم كيف ستنطفئ نيران الذات ويرتاح المحاربون تحت فيء شجرة الحكمة،يذرفون دموعهم ويضمدون جراحاتهم ويبكون المفقودين،حسناً لنقلب صفحات كتاب التاريخ الدامي،ما الذي نرى،غزاة قساة زحفوا،فعلوا ما فعلوا من قطع أعناق وأرزاق وحرق كتب،صالوا في عرض البلاد وجالوا،رغم ضرباتهم الموجعة،كانت نهاياتهم الهاوية وبلادنا ما تزال هي الباقية،بعدما دفعتهم ريح التوحد العاتية،مهما حصل وسيحصل،ليس من يربح العراق إلاّ أهله..!!
#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تلعنوا آب رجاء..
-
هل حقاً كاد أن يكون رسولا..
-
ما الشعر
-
لغة الثقافة ولغة السلطة..تاريخ شائك بالتحديات
-
أصل الكورد والبحث عن الهوية
المزيد.....
-
صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق
...
-
أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
-
كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ
...
-
مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
-
ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم
...
-
كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا
...
-
أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه
...
-
أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
-
-وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس
...
-
الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|