أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نذير الماجد - توضيح حول تحريم السيستاني للمسلسلات التركية














المزيد.....


توضيح حول تحريم السيستاني للمسلسلات التركية


نذير الماجد

الحوار المتمدن-العدد: 2364 - 2008 / 8 / 5 - 10:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لعل أول طقس من طقوس الكتابة هو استحضار الكاتب لملامح وذهنية المتلقي الذي يفترضه في كل مرة يمسك فيها القلم، فالمؤلف يحاول قبل كل شيء التسلل إلى الذهنية المفترضة للقارئ والسبر إلى عمق الروح للوصول لاكتشاف أنماط التفكير التي تشكل المشتركات أو التمايزات والاختلافات الفكرية لتحقيق أكبر قدر ممكن من الفهم والتفاهم بين طرفي الخطاب، شخصيا أعتقد أن أهم هذه الملامح والشروط التي تمر من خلالها عملية التفاهم والتواصل هي النوايا الحسنة والقبول بمبدأ الرأي الحر والتعددية الفكرية والتسامح، هذه قيم تشكل أساسيات التخاطب والحراك الثقافي التي بدونها لا يكون الحوار حوارا بل ينزلق ليكون مجرد مهاترات وسباب وعويل وصراخ لا يليق بالإنسان المتمدن الرقيق بطبعه والسمح في سلوكه والدمث في أخلاقه وتعامله.

ما جرى مؤخرا من جلبة وضجيج عاليين حول مقالي الأخير يصلح أن يكون مادة أو موضوع للمتخيل حين يحل محل العقل في إدراك مجريات وتفاعلات الوقائع المثيرة للجدل والتي تحرك عادةً نوابض الحس الديني وترفع من فعاليتها حدا يجعل الصورة مجتزأة ومشوشة، ولعل هذا ما جعل "محمد أركون" يميز بين الحقيقة السيسيولوجية والحقيقة الحقيقية أو "المعرفية"، فلولا تلك الحقائق المتخيلة لما أمكن للتماميين وأحاديي الفكر من شيطنة كل أؤلائك الذين يفكرون بحرية، ولما أصبح ممكنا تضليل هذا أو ذاك من عمالفة الفكر بكل سهولة وبكل طيبة خاطر دون أن يرمش جفن لهؤلاء المعتاشين على الانفعالات العصابية والأمثلة عديدة ولا حاجة أبدا للتكرار.

لا أريد أن أقول أن هذه الهجمة الشرسة التي استباحتني تعبر عن هشاشة في الوسط الديني لأن هذا القول سيجر علي آلاف الشتائم والسباب ومزيدا من التحقير، كل ما أريد قوله هو أن هذه الانفعالات لم تكن بحجم المقال ولا بحجم المضمون والملاحظات ولم تقارع الفكرة بالفكرة إلا ما شذ ونذر من تلك الردود القليلة التي لم تجانب الموضوعية، والأشد وطأة في كل هذه المعمعة هو التعامي عن قيمة الإنسان كإنسان قبل أن يكون عضوا في الجماعة "الإيمانية"، وهذا ما يؤكد ضمور "الأنسنة" في البيئة والثقافة التي تشربت وغمست بالفهم والتصور "الدوغمائي" للدين والتدين.

هذا المقال الذي تضخم وكبر ككرة ثلج بفعل تلك الحملة الشعواء والغير مسؤولة كان يعالج ويناقش - كما هو جلي وواضح جدا في الهامش المدرج في نهاية المقال- توظيف الشيخ الجدعان لتلك الفتوى الموجودة أصلا قبل المسلسلات التركية، لكن الشيخ الجدعان تحدث بصفته شارحا أو وكيلا أو ممثلا أو ما شئت من المسميات التي تجعل منه بمثابة ناطق عن المرجعية وجهاز المرجعية وليس عن شخص الفقيه، فالجهاز المرجعي الشيعي له شبكة واسعة من الشارحين والناطقين الرسميين المتواجدين في كل مناطق الشيعة، لذلك تستطيع بناء على ذلك أن تتعامل مع قول الشارح أو الوكيل من منظور موقعه في هذه الشبكة، ولهذا عبرت عنها بالمؤسسة مع أنني وبكل صراحة لست جازما تماما بتمأسس العمل والنشاط الفقهي إلى الحد الذي يرضي الطموح والتطلعات.

كنت إذاً أعني المرجعية وجهازها وموقعها ككل وليس تلك الشخوص التي تحمل ما تحمل من مهابة ونفوذ وتأثير في نفوس الشيعة، وحيثما وجد اسم "السيد السيستاني" كان المقصود هو المؤسسة والخطاب المترشح عنها وليس شخصه ومقامه، لأن كل مرجع في الواقع الشيعي يحتل هرمية هذه المؤسسة التي تصطبغ باسمه. يجب أن أستدرك هنا لأقول أن السبب الرئيسي لهذا الغضب الشديد هو اشتمال المقال على معالجةٍ تحاول جاهدة أن تعالج الموقف الديني المثار من منظور موضوعي لا يعبأ بالجوانب الذاتية والعاطفية المتمركزة حول تقديس الزعامات الدينية، فلم تكن هنالك ضرورة كما أتصور لكي أشحن سطرا كاملا بجملة ألقاب ومدائح لا تنتهي حتى لا أكون مسيئا! ببساطة كان الخطاب خاليا من كل اللياقات الخاصة بالكاريزما الدينية التي يجب أن لا تمس أبدا.

كان هذا جل ما قصدته، فلم أكن أنوي الإساءة إطلاقا للمرجعية التي تحتل مكانة لافتة في مشاعر وعواطف الناس، كما لم يتضمن مقالي أي محاكمة لشخص السيستاني الذي أكن له كل الاحترام والتقدير، وكلي يقين بأنه هو نفسه لا يرضى بما حدث من إسفاف وتحقير لمجرد رأي، كيف لا وهو الشخص الذي عرف بالتسامح والروح المنفتحة على كل الاتجاهات والميول في العراق وخارجه، ولم ينسق أبدا لحملات الإقصاء التي تطل علينا بين حين وآخر، هو الذي تعامل مع كل العراقيين وكل المسلمين بحنو ورأفة عالية ساهمت في حدود المتاح بتخفيف حالة الاحتقان والتشظي في المجتمعات العربية والإسلامية خاصة إذا علمنا أن هناك على الجانب الآخر رجال دين لا يتحلون بأقل قدر من المسؤولية الأخلاقية لم ينفكوا يصدرون المواقف التحريضية التي تنضح بالكراهية ورائحة الدماء، لكن هذا لا يعني أبدا خلع رداء القداسة والعصمة عليه ولا على بقية طاقمه من شارحين أو وكلاء أو ممثلين.

تلك السمة المتسامحة والحانية على المختلفين أيا كانوا والتي يتسم بها السيستاني إلى حد ما لا تنسجم أبدا مع هذه القسوة التي شهدناها مؤخرا، وهنا تتجلى القطيعة بين التابع والمتبوع وهذه مأساة حاضرة وتفعل فعلها ولاتزال في واقعنا المثقل بالتوتر والتشاحن، إذ طالما كان التابع أكثر تمسكا وتشددا بالمتبوع من المتبوع نفسه!



#نذير_الماجد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيستاني والمسلسلات التركية
- لا تحجبوا أكسجين الوعي!
- مشاكسات على هامش الفقه!
- فقهاء ولكن..!
- إلى من يتغنى بالموت ليل نهار!
- لماذا كذب وليد جنبلاط؟
- آمنوا ولا تفكروا!
- حوار الأديان في السعودية.. هل هو اكذوبة أبريل؟!
- اشكاليات الحجاب في الخطاب الديني
- السعودية:المرأة و السيارة و جدل لا ينتهي
- طبروا كلكم إلا أنا!
- الاسلاميون في البحرين و مفاتيح جنة الفقهاء!
- عاشوراء: موسم المنابر و حصاد الوجاهة!
- التحية إلى روح بينظير بوتو
- نحو رؤية جديدة للزواج
- الإسلاموية و فوبيا التجديد!
- أحاديث في الحب
- فتاة القطيف: قضية فتاة أم وطن!
- الفن ليس محظورا منذ الآن «2»
- العمامة الفاخرة و -الناصح المشفق-


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نذير الماجد - توضيح حول تحريم السيستاني للمسلسلات التركية