فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 2363 - 2008 / 8 / 4 - 10:47
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
مَن أعطى المهماز ، مَن صنع الأصفاد ...مَن حمل الأقفال...مَن صادر الحق في الكلام...؟
مَن منح الطاغوت دولة، وشكل من الجمال قباحة، واستبدل تراث الياسمين والقرنفل بالعلقم والحنظل؟
من كَرَّسَ الطاعة وجعل من الصمت والركوع بحراً للإقلاع...نحو الهلاك ...نحو الموت المحتوم
من سَرق اللغة من أفواه اليتامى كما سَرق اللقمة وهدر الأرواح رخيصة كي يعيش الذل ويحيا الزعيم؟
من عَمَّدَ الاستبداد بدم العذارى وبضحكات البراءة؟
من اقتلع الكروم وفتك بالربيع وبَثَّ جراده في الحقول؟
من جعل التيه والهذيان لحناً للخلود وسراً للبقاء؟
من ألقى القبض على دفاتركم وأدخل رؤوس الرجال في أكمامها؟
من صَحَّرَ الحقول وجَفَّفَ الينابيع وعَمَّم الخراب؟
من أدخلَ السيوف إلى غمدها، وجعل الصدأ يأكل أطرافها؟
من مَنَع صهيل الخيول ...وتَرك الكلاب تلعقَ دماء الضحايا ، وأوغل في الهزيمة..مستعذباً وأد الصبايا ،متمتعاً بالقدرة على النسيان؟
أ
جاب القضاة في بيت الطاعة المسمى ذات يوم بالمحكمة:ــ
"هذه إرادة القدر ودورة الزمان، ولا قدرة لنا على دهم الأحزان ولا دفع الميزان لترجح كفة الحق
إنها دورة التاريخ ولحظة الصَّفنة...وعلينا انتظار الصحوة ...التي لا نعرف لها ساعة ولا ندرك لها موقعا."..
قرأوا تعويذاتهم المكتوبة والممهورة بختم السلطان السري في دهاليز العسس
وتراجعوا خوطتين لقياس الوقت وثلاثة لقياس الضغط وأربعة لمواصلة المماطلة، حتى ينتهي القراصنة من تعميم الجراح وغزل الضيم والظلم صوارياً وأشرعة للإبحار غرباً .
لكن أوتاداً من سنديان الشام كانت باسقةً منصوبةً في قاع المحكمة
ازدحمت بهم ضفاف بردى واهتزت لأصواتهم طرقات دمشق وممالك العسس وهجوع الليل فوق قاسيون .
كانوا دزينة ، مجموعة من عِقدِ تشابكت حباته لتشكل فصلا أكبر وأعلى من المؤامرة.
كانوا أسرى ينتظرون اكتمال الوقت وانعطافة الأخلاق ..
.ينتظرون جسارة الحق من فم عصي على الخديعة
ينتظرون أيدٍ تحسن الفرار من شراك الدسائس...تشعل النار وتوقد المدافيء في فصول الصقيع السياسي، وتستعيد الفضاء والأرض المسروقة من عيون المقامرين في مستنقعات الاحتراب.
كانوا ثلة من الجرأة ...موجات من اللغة ...
كانوا فرقة تعرف كيف وأين ترسو...
كانوا بحارة في زمن صارت بحوره تراب...
وبراكينه تتظاهر بالنوم ..في زمن تصاب فيه الذاكرة بالخرس ..
لكنهم عاشروا الصخور وعانقوا النسور...وأيقنوا أن ليلهم لن يطول ولا بد لسرادقهم من باب ولا بد أن ذخيرتهم من الريحان والحبق لم تنفذ ..وأجراس الحروف في كلامهم مازالت تتقن الصدح والنشيد ...لأن هواء الحرية ينفذ ...ينفذ دائماً من خلف القيود.
م باريس 01/08/2008
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟