|
دعوة غريبة لأهل الاردن
ابراهيم علاء الدين
الحوار المتمدن-العدد: 2362 - 2008 / 8 / 3 - 10:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
على غير العادة المتبعة في المقالات السياسية والاقصادية التي تقوم اما الاشادة بدور الحكومة او معارضتها عندما يتعلق الامر بالشأن العام ، فانني ساتعرض لدور الشعب في هذا الشان ومسؤوليته في بناء الاوطان ومواجهة الازمات وايجاد الحلول للمشاكل التي تعترض طريق نموه، ودوره في بناء حياته راهنا ومستقبلا. فقد كشفت اوزارة النقل الاردنية عن خطة لتنفيذ مشروع شبكة سكك حديدية تربط مدن المملكة الرئيسية كما تربط بين حدودها الشمالية مع سوريا وحدودها الجنوبية مع السعودية ومستقبلا مع مصر عبر البحر الاحمر. وتتكلف الخطة حوالي 5ر5 مليار دولار، وانها سوف تستكمل حسب الخطة التي اجرتها شركة كندية عام 2013 ، لكن وزارة النقل قالت ان كلفة المشروع العالية تقف حائلا امام تنفيذه وانها تبحث عن مصادر تمويل للمشروع . وهنا اطرح سؤالا ربما يبدو غريبا او هو كذلك ، لماذا لا يكون للشعب الاردني دور في هذا المشروع العظيم ؟ فخط السكك الحديدية المقترح ضمن الخطة يعتبر مشروعا قوميا بكل المقاييس ، وبما انه كذلك كما سنبين لاحقا الا يتطلب من الشعب المشاركة الفعالة في تنفيذه ؟ والاجابة قطعا يجب ان تكون نعم .. على الشعب ان يشارك في اقامة المشاريع القومية الكبرى في بلاده. وهل اطلاق صفة المشروع القومي على الشبكة الحديدية المقترحة هو من باب المبالغة ام انه يمثل فعلا وفي الاردن على وجه الخصوص واحدا من اكبر المشاريع التنموية في تاريخه؟. وهناك العديد من الدلائل التي تؤكد اهمية المشروع وحيويته للاقتصاد الاردني ، وللمجتمع الاردني بصورة عامة، فهو يمثل واحدا من المشاريع التنموية التي يمكن ان تساهم بالتخفيف من الازمة الاقتصادية التي تنعكس بزيادة حدة الفقر في المجتمع، ومن اهم هذه الدلائل ما يلي: 1 - شبكة السكك الحديدية المقترحة تتألف من محورين الاول: محور شمال - جنوب من الحدود السورية منفذ "جابر" مروراً بالمفرق والزرقاء وعمَّان ومعان وحتى العقبة والربط مستقبلاً مع مصر عن طريق العقبة بواسطة العبارات أما المحور الثاني شرق - غرب فمن الحدود العراقية مروراً بالمفرق واربد مع فرع من الازرق الى الحدود السعودية في منطقة منفذ "العمري 2- تخفيف كلفة الاستيراد مما ينعكس على ميزان المدفوعات ايجابا وهذا بدوره يؤدي الى توجيه الانفاق الى مشاريع اخرى لا تجد اهتماما في الوقت الحالي لنقص الموارد المالية، فالمملكة تعتمد على استيراد الطاقة ، حيث تستورد 96 في المائة من اجمالي احتياجاتها من الطاقة من الخارج. وشكلت فاتورة استيراد الطاقة ما يزيد على 20 في المائه من قيمة الناتج المحلي الاجمالي بالأسعار الحالية. وحسب الدراسة فان اقامة الشبكة الحديدية والي ستكون بديلا عن نقل الشاحنات سيحقق وفرا سنويا من توفير كلفة الوقود لشركات الفوسفات ومصفاة البترول وصوامع الحبوب فقط حوالي 120 مليون دولار. 3 – ستساهم الشبكة بتوفير مصادر دخل اضافية للاردن من خلال الرسوم ونفقات النقل ورواتب العمال ونفقات العابرين عبر الشبكة حيث يحتل الأردن موقعا متوسطا بين دول المنطقة، ويعتبر حلقة وصل بين دول المشرق العربي ومغربه، ومع تزايد اهتمام الدول العربية المجاورة بمشاريع السكك الحديدية، يحتم على الأردن إعطاء أولوية كبيرة لإنشاء خطوط سكك حديدية تربط بين مدنه وبينه وبين دول الجوار حتى لا يفقد ميزته الجغرافية كحلقة وصل بين هذه الدول. فقد حذَّرت الدراسة من "ان عدم تطوير السكك الحديدية في الأردن سيدفع الدول المجاورة الى ان تتَّجه الى الطرق البديلة لحركة النقل للركاب والبضائع خاصة المستوردات العراقية عن طريق ميناء العقبة حيث تشكل ارتفاع فاتورة النفط تحدياً آخر أمام قطاع النقل في الأردن اذ ان الأرقام الرسمية تشير الى أن استهلاك القطاع يبلغ 37 في المئة وبدخول القطار كإحدى وسائل النقل المتطورة سيوفر ثلث تلك النسبة". إضافة إلى الثمن الباهظ للاختناقات والحوادث المرورية والأثر البيئي الذي تتركه الزيادة المطردة في إعداد المركبات التي تسير على الطرق في المملكة وكان الاردن من بين 13 دولة عربية اتفقت في اجتماعات «الاسكوا» في بيروت على اتفاقية الربط السككي بينها وقد تم منحها مهلة 10 الى 15 عاما لتنفيذ شبكات سككها الداخلية . 4 - تعمل الدول العربية على تطوير شبكاتها من السكك الحديدية ولا يجوز ان تبقى الاردن متخلفة في هذا المجال فمصر تعمل حاليا على مشاريع القطارات السريعة التي تزيد سرعتها عن 300كم/ساعة، وليبيا قد باشرت بتنفيذ شبكة من السكك الحديدية بطول يزيد عن 3000كم وبكلفة حوالي 10 مليار دولار، وكذلك الحال في المملكة العربية السعودية، وسوريا التي أنجزت معظم أجزاء شبكتها من الخطوط الحديدية القياسية العريضه وتعمل حاليا على تطويرها لتصل سرعتها إلى 160 كم/ساعة وكذلك باشرت بإنشاء البنية التحتية لخط دمشق- الحدود الأردنية.وتتواجد السكك الحديدية الآن في معظم الأقطار العربية "مصر والأردن والعراق وتونس والجزائر والمغرب والسعودية والسودان وسوريا". وفي الامارات العربية تم اعتماد خطة لانشاء شبكة خطوط للسكك الحديدية. 5 – من المعروف وفق النظرية "الكينزية" ان مصادر دخل الدولة يستمد من الانفاق على كل من الاستهلاك واغراض الاستثمار ، ويلعب الاستثمار دورا مركزيا في تنمية الدخل، لينعكس مرة اخرى بزيادة الطلب على السلع والخدمات ، ولما كان الاستثمار في خطوط المواصلات يعتبر واحدا من اهم اركان التنمية الاقتصادية لاي مجتمع فان الشبكة الحديدية الاردنية ستلعب دورا مهما في دورة وتتابع مقومات الاقتصاد الوطني. 6 – تلعب خطوط المواصلات دورا مركزيا في تطوير الصناعة ففي الولايات المتحدة مثلا وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بكل ما الحقته من دمار على مستوى العالم كان لا بد لها من اعادة بناء ركيزة نهضتها الاقتصادية وهي الصناعة وقد بلغ اجمالي الاستثمارات في السكك الحديدية والمنشات الكهربائية حوالي 45 بالمائة من اجمالي الاستثمارات في القطاع الصناعي. وعلى العكس مما هي الحال في البلدان المتقدمة، نجد في البلدان المتخلفة الجزء الاكبر منالاستثمار موجه لصناعة الاستهلاك. 7 – توفير الاف فرص العمل مما يخفف من البطالة ويحسن الوضع المعيشي للمواطن الاردني ففي مصر مثلا يبلغ عدد العاملين في خطوط الشبكة الحديدية حوالي 160 الف عامل أي ما يعادل عدد جميع الموظفين الكويتيين في الدوائر الحكومية في احصاء 2004. 8 – توفير السرعة والامان وتخفيف ضغوط حركة السير في الطرق وتقليل حوادث الطرق وتخفيف تلوث البيئة . 9 – اقامة مدن جديدة على امتداد الشبكة وتطوير مدن قديمة فالمدينة المنورة مثلا تمت انارتها بالكهرباء وكذلك المسجد البنوي الشريف يوم افتتاح خط الحديد الحجازي وفي الغرب عموما انشئت الاف المدن بجوار خطوط السكك الحديدية. 10 – ومن الناحية الاقتصادية فان تطوير خطوط المواصلات وفي مقدمتها الحديدية يلعب دورا مركزا في دعم وتطوير الصناعة ويعزز التجارة البينية ويرفع من قيمة الصادرات ويدفع المصانع لتطوير الموارد البشرية ومهارات العمالة ، وتنشط السياحة البينية مما يؤدي الى تقارب الشعوب وتمتين علاقاتها ببعضها البعض. وما تقدم ليس اكثر غيض من فيض مما يؤكد بقوة اهمية مشروع خط السكك الحديدية للاردن وشعب الاردن اذا طالما والامر كذلك الا يفرض على المواطن الاردني ان يولي هذا المشروع اهتماما خاصا، وان تتقدم مؤسسات المجتمع المدني من اتحادات وجمعيات ونقابات وروابط لدعم هذا المشروع كل في مجال نشاطه، الا يعتبر هذا المشروع ذو ابعاد سياسية مهمة مما يفرض على القوى والاحزاب والمنظمات السياسية والجماهيرية دعمه ومؤازرته، الا يعتبر هذا المشروع ذو ابعاد اجتماعية من زاوية توفير فرص العمل وتخفيض معدلات البطالة وتحسين المستوى المعيشي ، مما ينعكس بدرجة او بأخرى على معدلات الجريمة والفساد والانحراف؟ اذا الا يجب ان يدفع هذا المشروع كافة منظمات ومؤسسات العمل الاجتماعي للمساهمة بدعمه ومؤازرته؟ واعتقد ان المؤازرة والدعم لا يجب ان تقتصر على الجانب المعنوي بل يجب ان تتضمن دعما ماليا ، فمن الجدير بالذكر ان ثلث موازنة بناء خط الحديد الحجازي الذي بني في عام 1900 قدمه الافراد المسلمين من انجاء العالم الاسلامي على شكل تبرعات، فلماذا لايقدم المواطن الاردني دعما ماليا للمشروع مهما كان بسيطا ومتواضعا وكذلك لماذا لا تساهم الشركات الاردنية صغيرها وكبيرها بدعمه ،؟ خصوصا وانها سوف تستفيد من اقامته بشكل غير مباشر كونه يساهم بتنمية الاقتصاد الوطني. وقد يعترض البعض ويتندر على هذه الدعوة فيقول ان الحكومة تفرض ضرائب عديدة على المواطنين والمؤسسات وهذا نوع من الدعم، وان حال المواطن يرثى لها، فاقول ان هناك فرق بين النظم الضرائبية التي تفرضها الدول بما يتلائم مع شروط اقتصادها الوطني وبين المبادرة الشعبية والفردية في دعم المشاريع الكبرى، وانه للخروج من الحالة التي يرثى لها يتطلب تضافر جهود الجميع. على كل حال انها مجرد دعوى من مواطن ، وقد لا تجد أي صدى لها مثل الملايين غيرها من الدعوات، لكني امل من القوى والاحزاب والمنظمات ان يتطور عملها ونضالاتها من الاقتصار على الجانب النظري الى النزول على الارض والمباشرة عمليا في بناء الوطن. ابراهيم علاء الدين [email protected]
#ابراهيم_علاء_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السلفية الماركسية كالسلفية الاسلامية لا فرق...
-
الى اصحاب الرايات الحمراء
-
هل هذا هو دورك يا جبهة شعبية ؟؟؟
-
ايران تساوم على فلسطين ولبنان مقابل النووي
-
يا رشيد ثابت - المسلم- هل تستطيع الغاء تضحيات اليساريين
-
الدكتورة والشيطان (1 من 2)
-
علماء اوروبا يحاولون اكتشاف سر خلق الكون ... ولا عزاء للدراو
...
-
حلم الاتحاد المتوسطي أصبح اليوم حقيقة
-
عصرنا افضل من عصور الخلافة والسلاطين
-
لا يوجد سوى خليفة واحد للمسلمين والباقي امراء للمؤمنين
-
حوار مع حزب الخرافة لكشف الهرطقة والتضليل – 5 من 5) الاخيرة
-
حوار مع حزب الخرافة لكشف الهرطقة والتضليل – 4 من 5)
-
حوار مع حزب الخرافة لكشف الهرطقة والتضليل – 3 من 5)
-
حوار مع حزب الخرافة الاسلامية – لكشف الهرطقة والتضليل (2 من
...
-
حوار مع حزب الخرافة الاسلامية – لكشف الهرطقة والتضليل (1 من
...
-
تحية الى استاذتي الدكتورة نادية الشيوعية المصرية
-
تحالف حماسي ... الهدنة مع العدو اهم من الوحدة الوطنية
-
حزب الخرافه يهاجم السلطة
-
لست مع ابن تيمية في تحريم الكيمياء واعترض على كيمياء اللغة
-
ليس كل انسان .... انسان .. احدهما عنده عقل واحد والاخر اثنان
المزيد.....
-
صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب
...
-
لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح
...
-
الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن
...
-
المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام
...
-
كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
-
إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك
...
-
العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور
...
-
الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا
...
-
-أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص
...
-
درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|