رمضان الصباغ
الحوار المتمدن-العدد: 2361 - 2008 / 8 / 2 - 10:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إثر وفاة الزعيم " جمال عبد الناصر" كانت الجماهير تعيش الصدمة , وذلك نظراً لمفاجأة الحدث , والدور الكبير الذي لعبه "عبد الناصر" في حياة المصريين 00 لذا كانت الأسئلة المطروحة : من سيخلف عبد الناصر ؟ وهل يوجد من بوسعه ملء الفراغ ؟ وإلي أي مسار يتجه؟ هل يستمر الدور الوطني والقومي المعادي للإمبريالية والذي يضع تحرير الأرض على رأس اهتماماته , أم أن تغييراً ما سوف يحدث ؟!
ونظراً لدور الفرد في حياتنا , فقد كانت شخصية الرئيس القادم هي محور اهتمام الجميع
لم يكن "السادات" في ذلك الوقت بالشخصية المطروحة على مستوي الشعب أو القيادات التنظيمية , أو فئة المثقفين , وذلك لأن السادات 0 رغم كونه نائب رئيس الجمهورية – لم يكن صاحب الدور البارز الذي يؤهله للقيام بالمهام التي تنتظر الرئيس القادم من قبل الجماهير , بل إن تاريخه الفاشي , ومواقفه الرجعية , وشخصيته , جميعاً كانت تقف حائلا أمام قبوله كمرشح للرئاسة 0 وقد ردّدت ذلك جميع الآراء والتحليلات التي واكبت الحدث في الداخل والخارج 0
ولكن المفاجأة جاءت – ويا لسخرية القدر من "شعراوى جمعه" وزير الداخلية وأحد الشخصيات البارزة الفاعلة التي أودعت السّجن بعد انقلاب مايو – فقد لعب دوراً رئيسياً في وصول "السادات" إلي مقعد الرئاسة 0 وذلك وفقا لاعترافه , وقد قام بالضغط علي قيادات الصف الثاني والجماهير – بما له من سلطات – رغم اعتراضها على السادات , واعتراض بعض القيادات العليا 0 كما لعب "سامي شرف" – والذي يعرف "السادات" جيداً دورا "مساعداً" 0 أما "هيكل" فكان يعرف ما يقوم به و ذلك إنه مع "السادات" وآخرين كانوا يشكلون حلف التوجه الأمريكي في السلطة 0 يقول "أمين هويدى" : "ولكن كل ما ذكره شعراوي لهيكل هو أننا قررنا التخلّي عقب تشييع الجنازة , وبعد انتقال السلطة بالطريقة الدستورية , وسأله رأيه في ذلك 00 رحّب "هيكل" أيما ترحيب بالفكرة , 00 مضيفاً أن لكل زمان رجاله , وعلى الجميع أن يعيدوا النظر في أفكارهم !!
فقد كان "هيكل" – هذا ما ستوضح تصرفاته فيما بعد – ضمن الحلف الأمريكي ولذا كان الترحيب بتخلي المناوئين لأمريكا في السلطة
ويمكننا أن نسأل هنا : لماذا لم تعمل المجموعة التي انقلب عليها السادات في 15 مايو على تولية "علي صبري" رغم أن اسمه كان مطروحاً بشدة من قبل قيادات الصف الثاني وكانت التوقعات تتجه بدرجة أكبر نحوه ؟
يقول "شعراوي جمعه" : "أن السيد علي صبري" أخرج نفسه نهائياً من الأسماء التي يمكن أن نفكر في ترشيحها , وقال : إنه لن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية , وكان له في ذلك أسباب كثيرة نذكر منها أن ترشيحه قد يثير انقساماً في البلد 0 وهو من البداية ومبكراً أبعد نفسه عن الدخول في مثل هذه المغامرة 0
إن هذا يوضح أن المجموعة لم تكن منسجة منذ البداية , مما دفع بالسيد "علي صبري" إلي النأي بنفسه عن الدخول في المغامرة , ويؤكد هذا اللانسجام أن "فريد عبد الكريم" رشح "الدكتور محمود فوزي" للرئاسة وهو يعني أن لا أحد في المجموعة كان يراه مناسباً للترشيح 00 وذلك لا لأن الدكتور فوزي كان هو الأصلح , ولكن لأن المجموعة تعرف بعضها جيداً وأفكارها تكاد تكون واضحة فيما بينهم , وإن هذا يقف بالدرجة الأولي عند عتبة المواقف الشخصية 0 كما اعترض "فريد عبد الكريم" على السادات بقوله : إنه رجل غير مأمون !
وعندما اعترض عدد من الضباط الأحرار على ترشيح أنور السادات , وقالوا للشعراوي جمعه إنه رجل (مقلبنجي) يدبر مقالب لكل من يعرفهم , ورشحوا "زكريا محي الدين" 00 فكان ردّ شعراوي جمعه : سبق السيف العزل 00 وهو قدر مصر لا يمكن تغييره الآن 00
إن غياب "عبد الناصر" قد أحدث فراغاً هائلاً فقد كان قادراً على قيادة هذا الفريق المتناقض 00 وكانت – وهذا هو المسكوت عنه – العلاقة بين جميع هذه الشخصيات لا تقوم إلا على التقدير للمواقف الشخصية , وتتخللها بعض الريبة , ولذا – رغم بروز شخصيات على قدر كبير من الوعي بينها , كان رأيهم الاتجاه إلي (الرجل الضعيف) الذي يمكن السيطرة عليه , وتسييره في الاتجاه الذي يريدونه 00 وكانت هذه الحسابات الشخصية هي الآفه في هذا التوجه , مهما افترضنا من حسن نية البعض 0
لقد تولي "السادات" السلطة , تباري في فرضه على الشعب أعداؤه قبل حلفه الأمريكي التوجه , وكان "السادات" بأسلوبه المسرحي يدعي بأنه سيسير علي خط "عبد الناصر" , مكتسبا بذلك عطف الجماهير , ويعطي القيادات التي توهمت أن هذه التمثيلية واقعية , وأن الحرب – بناء علي ذلك – لا شك قادمة , ولكن لم يكن لهذه المسرحية أي أساس من الواقع , فقد كشف "سامي شرف" الاتصالات التي كانت بين السادات وهيكل من جهة وبين القائم برعاية المصالح الأمريكية (بيرجس) من جهة أخرى 0 الاتصالات حول إنهاء الوضع الذي كانت عليه مصر آنذاك , وإنهاء حالة الحرب وحل القضية سلميا 0 كما صوّت السادات والدكتور فوزي إلي جانب وقف إطلاق النار في 2 فبراير 0 والسادات يطلب من الولايات المتحدة الأمريكية تجهيز المسرح الإسرائيلي للأحداث القادمة , وذلك بعد أن يتخلّص من عدد من القيادات المناوئة له وللدور الأمريكي بل السادات يصلّي من أجل مجيء "موشي ديان" رئيسا لوزراء إسرائيل لأنه أصلح من يستطيع تحقيق عملية الصلح بين مصر والكيان الصهيوني 0 ودور"هيكل" في هذه الحوارات , والأحاديث بينه وبين "بيرجس" – القائم برعاية المصالح الأمريكية 0 وكذلك مقالات هيكل في ذلك الوقت التي تنادي بتحييد أمريكا (هذا القول الذي لا ينهض على أي منطق , سوي منطق التواطؤ , إن كان هناك مثل هذا النوع من المنطق !!) والحل السلمي 0
لقد كان واضحاً منذ البداية إن السادات الذي تكلم كثيراً عن سيره على طريق عبد الناصر ، لم يكن إلا رجل أمريكا وإسرائيل , وله بطانته التي تعمل معه لأجل الحلّ السلمي وعودة أمريكا إلي مصر – بكل الوعي , وكل التواطؤ , ولم يكن هناك ما يمكن أن يقال أنه خدعة , أو سوء تقدير , خاصة في حالة مقالات بصراحة التي كانت بمثابة الغطاء النظري لمواقف مجموعة السادات 0
لقد كان السادات أيضاً رجلاً يريد الانفراد بالسلطة , وذلك لكي ينفذ ما كان مطلوباً منه ومن أعوانه ومستشاريه 0
فالسادات يقول لبنا ماريوف : "أبلغ السوفييت أنني قررت إعلان الوحدة مع سوريا في ذكراها في 22 فبراير" 00 ثم يعود ويعتذر عن هذا الفعل الفردي , ولكنه يقول أيضاً لسامي شرف إنه يريد "شعراوي جمعه" رئيسا للوزراء في سبتمبر 1971 , لمحاولة شق الصف , ثم إنه يفكر في حل الاتحاد الاشتراكي والتنظيم الطليعي , ويبدأ الكلام عن رفع الحراسات وردّ بعض الممتلكات 0
وقد جمع "السادات" حوله بعض المنظرين والمستشارين (كما يقول عبد الهادي ناصف) وعلى رأسهم "هيكل" الذي سخر جريدة الأهرام لتكون لسان حال "السادات" والحلف الأمريكي التوجه الذي يؤكد على استلام كل السلطة وتركيزها في يد السادات واستحالة تحرير الأرض , وتحييد أمريكا 0 فقد كانت الأهرام تصدر بمقال "هيكل" الأسبوعي بصراحة , والذي يتبنى وجهة النظر السابقة , في نفس الوقت كانت الجمهورية تحت رئاسة تحرير "فتحي غنيم" تنفد هذه الآراء بأقلام ممثلي مجموعة – (على صبري) : عبد الهادي ناصف , ضياء الدين داود , أمين هريدي 0
لقد كانت الأمور واضحة تماماً ، والسلطة منقسمة إلي اتجاهين , ولم يكن هناك أي لبْس في أن الأمور سوف تصل إلي نهايتها الطبيعية في وقت قريب : أي تصفية أحد الاتجاهين لحساب الآخر 0 والطريف أن جانب السادات – هيكل , الزيات , مرعي , عثمان , كان الضعيف , في حين رغم قوّة الجانب الآخر , إلا أنه وقع فريسة لبعض الأوهام 0
كيف استطاع "السادات" تصفية المناوئين له في عملية أشبه بمسرحية هزلية من نوع الفارس ؟!
لقد كانت أوهام الانتقام , وخشية نشوب حرب أهلية تسيطر على الجماعة التي تمّ الانقلاب عليها ، وكانت دراستهم للواقع مشوشة , وحسبوا أن التنظيم الطليعي , بعمره القصير , واعتماده علي أهل الثقة , يمكن أن يقدم شيئاً كما أنهم ظنوا – رغم عزلتهم عن الجماهير – أن الجماهير يمكنها أن تعيدهم للسلطة , وتناسوا أهمية الإذاعة وتأمين القاهرة الأمر الذي فطن إليه الزيات , فكان له الفوز 0 بل وتجاهلوا أن "السادات" يعمل ضمن حلف أمريكي التوجه 0
لقد غذت الأوهام العقول حتى كانت السذاجة في قول "أحمد كامل" والذي كان يقدّم التقارير عن اتصالات المجموعة للسادات , والذي كانت لديه أيضاً تسجيلات عن كل ما سبق سرده عن السادات – عندما قال له : مش ها تلحق تسافر 00 فانفجرت أساريره وفهم أن قرار الحرب !! سوف يتخذ قبل مرور هذين الأسبوعين , ولم يفق حتى على قول "سامي شرف" له : بان هذا يعني أن السادات سوف يخلعك من المخابرات قبل أسبوعين 00
لقد كانت الأوهام تعشش في عقول البعض , كما تصرف البعض كموظفين مطيعين , ولكن لماذا لم يتحرك الذين يعرفون السادات جيداً ؟
لعل ذلك يكمن في أن المجموعة لم تكن ذات توجه واحد , ولم تجد القيادة التي تنظمها , وقد اعتمدت على العمل في ظل قيادة (جمال عبد الناصر) دون أن تقوم بدور فردي حقيقي , رغم الأفكار التي كانت موجودة لدي البعض منهم 0
وإذا كان "أحمد كامل" قد وجد نفسه معزولاً من وظيفته ومسجونا مع المجموعة , مما شكل له مفاجأة , فإن المهندس الأول للعملية "محمد عبد السلام الزيات" قد نال العديد من المناصب , ثم تخلص منه السادات في الوقت المناسب 0
لقد قام "الزيات" بعملية مخططة شاركه فيها "هيكل" بشكل رئيسي , وقام – أي الزيات – بالسيطرة على الإذاعة , وتعيين رئيس لمجلس الأمة (حافظ بدوي) وتلفيق أسماء الداعين لعقد مجلس الأمة , وشطب من يريد السادات شطبه وتلقي بيانات التأييد من الإذاعة ,وعزل " محمد عروق" ووضع مكانه "سعد زغلول" وتصرّف في كل شيء بعقلية تآمرية 00 ثم يقول بعد ذلك إنه كان يتطلع أن يكون من العاملين على إضافة البعد الديمقراطي السليم للبعد الاجتماعي لثورة يوليو !!
إن أي شخص في مصر , على درجة معقولة من الوعي في ذلك الوقت كان يعرف توجّهات السادات 0 فكيف تكون أفكار الزيات على هذه الدرجة من السذاجة ؟ إنها في الحقيقة لم تكن سذاجة , بل كانت تبريراً للمؤامرة على أمل أن تنطلي على السذّج !! ولكنها بلا شك لن تمر على رأس المتأمل ببساطة 00 فليس في وسعنا أن نتخيل أن من قام بكل هذه العملية كان يرى أن السادات سوف يكون ديمقراطيا بمثل هذه النوايا 000
لقد كانت الكلمة التاريخية للزيات تحمل تزييفا خطيرا في كل عبارة , وكل حرف , بل وتضليلا فاق كل تضليل 0 وكان السادة أعضاء المجلس الموقر (مجلس الأمة) ! آنذاك يسمعون0 ولا يتحركون 00 لم يسأل أحد منهم عن مصير الأمة , وعن صمته المخجل الذي سوف يضيّع شعبا , بل أمة كاملة 00 لم يكن الزيات ساذجا , بل كان يمارس السياسة بروح (ميكيا فيلية) وحنكة ومقدرة يحسد عليها وعلى تمتّعه برباطة جأشة في كل تصرفاته التي بدتْ كما لو كانت طبيعية 00 لكن المأساة لابد أن تكتمل , فيتهمه السادات بعد سنوات بالتخابر , وذلك بعد أن يكون قد أطاح به من السلطة في إحدى حركاته المحبوكة في التمثيلية التي أتقنها وعرف كيف يختار لها التوقيت المناسب 0
* * *
أما "هيكل" الذي دخل عليه الزيات في 13 مايو في منزل السادات الذي كان يرتدي ملابسه المنزلية وبجانبه الطبنجة والتليفون وجيهان المذعورة – كان هيكل في قلق شديد , ولم يتوقف عن السير جيئة وذهابا إلي الصالون ويقول "ربنا يستر 00 ربنا يستر" وقد كان هيكل واحداً من أهم من ساعدوا السادات على خلافة عبد الناصر , وكانت مقالاته التي ترى استحالة الحرب وتحييد أمريكا تلقي نفوراً من الشباب المصري وأغلب المثقفين , وكانت اتصالاته السرية هو والسادات بأمريكا معلومة للجميع 0 وعندما تم الانقلاب , واستتب الأمر للسادات وهيكل تغيّر كل شيء , صارت مجموعة "علي صبري" في السجن وقاد هيكل الحملة الإعلامية ضدهم ، ووصل الأمر به إلي تصويرهم بأنهم يقومون بجلسات تحضير الأرواح , هذا غير الأوصاف التي وصفهم بها , ورواياته التي ألّفها لكي تمرّ – بصفته عليما ببواطن الأمور- على الشعب الذي كان مغّيباً 0 ولقد كانت – كما يقول عبد الهادي ناصف 0 وكما اتضح آنذاك لأي مراقب – تغطية هيكل بالغة الخطورة , وذكية إلي أبعد الحدود , بالمقالات التي كتبت , بالأخبار التي تُسّرب , بالاختلاقات التي اختلقتْ ضد أناس لم يسمعوا بها 0 فلم يدّخر وسعاً في تشويه المجموعة , وتصوير السادات بالحمل الوديع , وحامي الديمقراطية والمدافع عن الشعب ومؤسساته 0
ويقال : أنه كان مخدوعا في السادات !! هذا ما لم يكن يمرّ أبدا 00 ويقال انه المدافع عن الناصرية (ولو الآن!!) 00 وكيف وقد كانت المعركة بين من يسيرون على خط عبد الناصر (مجموعة على صبري) ، وبين أصحاب التوجه الأمريكي وقد اتخذ هيكل موقفه مع السادات وأمريكا 0
إن المعركة كانت واضحة وصريحة , وقد استمر الصراع طويلا , وقد كان صراعاً (مكشوفاً) – على الأقل للجانبين , إن لم يكن للجميع – ولا يمكن أن يقال أن أحداً قد باغته الموقف 00 لقد كانت هناك آراء واختلافات , وتسجيلات وصراعات علي صفحات الصحف , وداخل المؤسسات !!
وقد اكتملت المأساة , فالديكتاتور لا يحب من وقف إلي جانبه 00 وكانت الإطاحة بهيكل , ولكن بعد أن فلسف كل خطوات السادات , بدءّا من عام الضباب , مروراً بحدود حرب أكتوبر والثغرة , ومفاوضات الكيلو 101 إلي قصائده الغزلية في كسينجر وتهيئة المناخ للحوار مع الإسرائيليين , وقد عادت العلاقات مع أمريكا 00ووصل الآمر بالسادات بأن ضاق ذرعا بمستشاره (حتى لو كان طوع بنائه) , وكانت الأوامر القادمة من الولايات المتحدة الأمريكية ترى ضرورة ردّ الاعتبار للأخوين (مصطفي أمين وعلى أمين) – وكانت بداية عهد جديد للسادات في علاقته بالغرب , ثم تتابع الأحداث , فيدخل "هيكل" السجن ويخرج ليكتب خريف الغضب بعد موت السادات (كنوع للثأر بنفسه) ولكن لماذا كان الغضب في ذلك الحين , ولم يكن قبل ذلك أبدا ؟!!
لقد عمد "هيكل" إلي رواية الكثير من الأحداث , واضعاً نفسه بالبؤرة , ولكن الأمر كان غير ذلك. فقد كانت الأمانة تستوجب قول الحقيقة بعيداً عن الذات ورؤيتها للأحداث في تمركز حولها , لسوء الحظ إن الكاتب مهما أوتي من قوة , ليس بوسعه شطب الصحائف التي سبق وسطرها , وإننا لو رجعنا إلي الصحف في تلك الأيام فأننا سوف نجد عجبا !!
ولقد أوضح "أمين هريدي" – كشاهد عيان من موقعه بهدوء شديد كيف كانت الأحداث تروي بشكل ملفق , وقد تضافرت الروايات المختلفة لإثبات ذلك 0
إن المعضلة في انقلاب مايو , وما دار حوله من قبل ومن بعد , تكمن في هذا التضليل الذي قام به البعض لمصلحة السادات – والذي لم يكن وفيا لهم أبداً – فعضوا بنان الندم , ولكن بعد أن اصطلي الشعب بنار المؤامرة , وتجّرع كؤوس الخديعة 0
لقد كشف الملفّ الذي قدمته "جريدة العربي" بمناسبة مرور ثلاثين عاما على هذه الاحداث واقتحامها الجسور لهذا الكهف المليء بالأشواك , عن الكثير من الأمور التي كانت قد سكنتْ في زوايا الذاكرة بالنسبة للجيل الذي عاصر الأحداث , وكانت تعتصر ذهنه بعض الأسئلة 0 اما بالنسبة للجيل الذي لم يعاصر المعمعة فقد كان الملف فتحاً جديداً , وفهما لمأساة يعيشها الآن بدأ يتلمس جذورها 0
لقد انكشف بعض المسكوت عنه بكل ما فيه من خطورة , وكانت دلالة هذا الكشف عميقة , بل وصاعقة 0
أ.د. رمضان الصباغ
#رمضان_الصباغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟