|
ظاهرة تشغيل الاطفال والاحداث...ومسؤولية المجتمع الدولي لحمايتهم
رفعت نافع الكناني
الحوار المتمدن-العدد: 2361 - 2008 / 8 / 2 - 05:58
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
هذه الظاهرة الشاذة بدأت تتوسع وتنتشر في كثير من دول العالم وخاصة النامية منها . حيث يلاحظ ان ملايين الاطفال والاحداث في بقاع كثيرة من العالم واقعون في شراك اعمال لا يمكن ان يتقبلها العالم المعاصر ، ولا تكاد تسد رمق عوائل تلك الشريحة المتعبة ، وان حاجة تلك العوائل لتأمين سبل عيشها وتنويع مصادر دخلها تجبر ابناءها من كلا الجنسين نحو الاشتغال باعمال شاقة وصعبة ، حيث ان بيئة العمل لهؤلاء الصغار تجعلهم يتعودون على ممارسة عادات سيئة لا تتناسب واعمارهم الفتية و التي يفترض ان تكون هذة الفئة في حضن ورعاية المدارس والمؤسسات التأهيلية،على العكس مما هم عليةمن عادات غريبة في مرحلة خطيرة من مسيرتهم نحو تسلق سلم التربية القويمة ،فالادران والخطايا تحيط بجو العمل الذي يعمل فية هؤلاء، كالتدخين وتناول المشروبات الكحولية والادمان على المخدرات وما يصاحبها من عمليات العنف الجسدي والاغتصاب الجنسي في احيان اخرى والتي تؤدي الى وضعهم تحت تأثير عوامل نفسية ضاغطة تدفع بهم نحو الاجرام نتيجة الحقد الذي يتولد عندهم بسبب الحرمان واليأس والقنوط ، وما تسببة من عرقلة نموهم العقلي والجسمي والخلقي ، وما ينتج عنة من سلوكيات متمردة ضد المجتمع الذي يعيشون فية .. ان هذة الاحداث الكارثية تدفع بهم نحو التشرد والضياع لانها تفوق قدرتهم على الاستيعاب والتحمل مما يخلق حالات دفينة قد تظهر في مراحل متعددة من اعمارهم من خلال السلوك المتمرد العدواني و المكبوت والتخلف الدراسي والقيمي . من هذة الاوضاع القاسية وما تسببة من نتائج خطيرة على المجتمعات يجب ان يكون هناك نوع من الالتزام الاخلاقي الجاد لكافة دول العالم بان تعمل الان لوقف ممارسات التشغيل التعسفي لتلك الشريحة من البشر بالرغم من ان حقوق ورفاهية الطفل تشكل الشغل الشاغل للعالم اجمع وخاصة المتقدم ، ليس لكون الطفل انسان فحسب ، بل لة حقوق قبل غيرة من فئات المجتمع اضافة لكونة في فئة عمرية تحتاج بشكل خاص لعناية ورعاية كبيرة ورفع كل اشكال العنف والاستغلال عنة فهم امال البلدان ومستقبلها فلا مستقبل لامة ما لم تعتني باطفالها ... من ذلك نلاحظ ان هذة الظاهرة لا تمثل بلد او مجموعة بلدان في هذا العالم بل يمكن وصف المشكلة بانها ظاهرة عالمية .. وظاهرة معقدة ومتداخلة الاسباب حيث ان لكل مجتمع خصوصياتة واسبابة لنفس هذة الظاهرة ، اي انة لا توجد حلول جاهزة يمكن وصفها لعلاج هذة الظاهرة و تصلح لكل بلدان العالم . فيلاحظ ان التشغيل التعسفي للاطفال والاحداث يختلف من بلد لاخر ، حيث نرى في دول كثيرة تستخدمهم في الاعمال الحربية كجنود مقاتلين او جنود خدمات وتشغيل كما هو منتشر في الكثير من الدول الافريقية ومناطق دول الكاريبي واستخدم هؤلاء خلال فترة الستينيات والسبعينيات في مناطق دول جنوب شرق اسيا ( فيتنام- لاوس –كمبوديا) ..كذلك يوجد هناك استغلال من نوع اخر طبق في العراق واستخدم مثل هؤلاء بأغرائهم بالمال او التهديد بالقوة لهم ولعوائلهم لغرض العمل ضمن المجموعات المسلحة الارهابية للقيام بعمليات الاغتيال او لزرع العبوات الناسفة او المساعدة في نقل الاسلحة والمعدات الحربية من منطقة الى اخرى ... اضافة الى ان هناك دول فيها شبكات لتجارة الاطفال جنسيا كما هو مستخدم في دول جنوب شرق اسيا (الفلبين- تايلاند...الخ) وهناك شركات متخصصة بالاتجار بالاعضاء البشرية لهذة الفئة من الاعمار، وشركات اخرى متخصصة بتشغيلهم في المناجم تحت ظروف سيئة جدا ، واخرى تستخدمهم في المقالع وتقطيع الحجارة وما الى ذلك من مهن شاقة لا تتناسب مع اعمارهم وطاقاتهم الجسمية والبدنية وفي ظل نظام عمل قاسي ومهين اشبة الى العبودية التي سادت بداية الثورة الصناعية في اوربا ، في الوقت الذي نأمل فية ان تسود قيم عمل واخلاق تلائم مرحلة (الحلم الامريكي) الذي يتغنى بة الكثيرون لبسط الرفاهية والسلام والعيش الرغيد لشعوب العالم بعيدا عن التعسف والاستغلال . ومن الجدير بنا ان نبين اهم الاسباب التي تؤدي لنمو واتساع هذة المشكلة ، فهي اما ان تكون اسباب اقتصادية او اجتماعية او سياسية او ثقافية او كلها مجتمعة ونرتأي تصنيفها الى ما يلي :- 1- العوز والفقر المدقع لعوائلهم 2-تشغيل هذة الفئة يحبذة ارباب العمل لقلة اجورهم وما تمثلة من ايدي عاملة رخيصة 3- الحروب وتاثيرها المدمر على افراد المجتمع وما يصاحبها من دمار يصيب البنى الاقتصادية وما يتبعة من تأثير كبير على الوضع الاجتماعي من كثرة اعداد الارامل والابناء فاقدي الوالدين و تقصير المجتمع والدولة للوفاء بألتزاماتهم . 4- الهجرة من الريف الى المدينة وما يتبعة من عدم وجود رعاية صحيحة للابناء بسبب العدد الكبير لافراد العائلة الواحدة 5- حجم العائلة الكبير مما يدفع رب العائلة لتقسيم الاولاد اى طلاب يدرسون واخرون يشتغلون لتأمين مصاريف العائلة 6-سياسة بعض المنظمات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في الضغط على الدول النامية لتخفيض الدعم من قبل الدولة لقطاع الصحة والتعليم والخدمات وباقي فروع الاقتصاد . 7- عدم كفاءة قطاعات الاقتصاد في الدول النامية لقلة موارد تلك البلدان ومشكلة الفساد المالي والاداري ادى لتخلف كبير. 8-البطالة الكبيرة لاصحاب الشهادات المختلفة تحفز العوائل لدفع ابنائها للعمل وترك الدراسة والتي تعتبرسبب رئيسي ومهم للتسرب من المدارس باعداد كبيرة مما يضخم المشكلة . 9- سياسة بعض الشركات متعددة الجنسيات في استغلال موارد البلدان الفقيرة والنامية والعمل على استغلال الايدي العاملة بمختلف فئاتها العمرية وبأجور عمل رخيصة وبشروط لا تتناسب مع ادميتهم كبشر ... 10- قلة الوعي الثقافي والمعرفي للطبقات الفقيرة وما يصاحبة من اعمال وسلوكيات تؤدي بالعائلة الى التوسع والانقسام بسبب بعض الممارسسات غير المدروسة ،ومنها ظاهرة تعدد الزوجات وما ينتج عنها من زيادة عدد افراد الاسرة .
بعد ان عرفنا البعض من مسببات هذة المشكلة نستطيع ان نقترح بعض المعالجات الواجب اتباعها للحد من هذة المشكلة والتي يجب ان تتظافر جهود الدول والمجتمعات والمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني في التقليل من اثارها :-
1-العمل على سن تشريعات وقوانين جديدة وملزمة تعتمدها الدول لمعالجة الظاهرة التي باتت تهدد أسس واستقرارالمجتمع من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والامنية . 2-محاربة فساد الحكومات ومؤسساتها التي تسمح وتغض النظر لهذا الاستغلال البشع لشريحة تستحق الرعاية اولا، وتعزيز تطبيق القوانين الدولية الخاصة بهذا الشأن 3-دعم جهود منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية للمشاركة الفعالة . لان المسألة ليست مجرد قضية حكومات والطلب من ا لدول الغنية ومؤسساتها مد يد العون للبلدان النامية التي تعاني من المشكلة 4-معالجة مسألة الفقر والحرمان التي هي اهم اسباب المشكلة،والعمل على مساعدة الاسر لتجاوز ذلك . 5-توجية الخطط نحو مساعدة الاسر على الاستقرار والتعامل مع فئة الاحداث، باعادتهم للمدارس او توجيههم نحو معاهد ومراكز للتأهيل والتدريب المناسبة لاعمارهم ليصبحوا عناصر مفيدة وصالحة في المجتمع. 6- اعادة المتسربين من المدارس ضمن اسلوب تربوبوي حديث وفعال ومستمر بحيث تراعى ظروفهم الاجتماعية والنفسية والعودة بهم نحو حياة الاستقرار والهدوء والطمأنينة التي افتقدوها سابقا 7-تثقيف العائلة حول موضوع (تحديد النسل) لان التنظيم والتخطيط هو الاساس لازدهار معيشتها . 8-الدعم الفعال للارامل واطفالهم من قبل الدولة بمؤسساتها كافة وحسب الاختصاص. وتفعيل قوانين الرعاية الاجتماعية والضمان الاجتماعي لان هذة الشريعة اولى من باقي شرائح المجتمع للاهتمام بها ورعايتها 9-العمل على ضمان حرية المرأة وصيانة كامل حقوقها وفسح مجالات العمل امامها لتصبح عنصر فعال في المجتمع لتساهم في زيادة وتحسين دخل الاسرة ، والشعور بأدميتها وأخذ موقعها المحترم في المجتمع . من هذا الواقع المرير، يتعين على المجتمع ان يقرر بأن تشغيل الاطفال اصبح غير مقبولا ومسألة غير انسانية تفضي الى حرمانهم من مستقبل افضل ينتظرهم اضافة اى انها قضية انسانية يجب الاقرار بها من قبل اصحاب المهن والمصانع ونبذ حالة اللامبالاة عندهم..ويجب ان ندعوا لتأسيس منظمات وحركات شعبية تعمل على مناهضة التعسف ضد الاطفال والقيام بأجراءات فعالة ضد المؤسسات التي تتمادى بهذا النوع من التشغيل ..والعمل الجاد لحث وتشجيع الرجال والنساء، لاتاحة فرص العمل امامهم وبأجور عادلة ومشجعة لاعانتهم بتوفير بيئة عائلية تمكن اولادهم بالعيش بصورة كريمة ومستقرة في ظل نوع من الرعاية الصحية والاجتماعية، وعلى الدول المتقدمة وخاصة الولايات المتحدة الامريكية ودول اوربا الغربية العمل على مد يد العون للدول النامية لتنمية مواردها الاقتصادية ودعم قطاعات الصحة والتعليم والخدمات مع تخصيص جزء من الامال المخصصة لمكافحة الارهاب في العالم، لدعم هذا الجانب لانة يصب في النهاية لخدمة الامن والسلم العالميين .. كما نطالب ايضا الدول النفطية الغنية ان تزيد الدعم المالي والقروض الميسرة للدول النامية الفقيرة لدعمها ومساعدتها للسير على طريق التنمية الاقتصادية ...
#رفعت_نافع_الكناني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التعداد السكاني مشروع وطني كبير ...يحتاج الى دراسة متأنية
-
نانوعمرو موسى ...وجنجويد البشير
-
الشهيد حازم العينة جي ...وضريبة الموقف الحر
-
ثورة 14 تموز ومسلسل اضطهاد الشيوعيين العراقيين
-
الاتفاقية العراقية الامريكية...الامن والاقتصاد والسيادة
-
تلوث البيئة الاسباب والمعالجات
المزيد.....
-
إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و
...
-
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال
...
-
مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
المزيد.....
-
نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة
/ اسراء حميد عبد الشهيد
-
حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب
...
/ قائد محمد طربوش ردمان
-
أطفال الشوارع في اليمن
/ محمد النعماني
-
الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة
/ شمخي جبر
-
أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية
/ دنيا الأمل إسماعيل
-
دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال
/ محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
-
ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا
...
/ غازي مسعود
-
بحث في بعض إشكاليات الشباب
/ معتز حيسو
المزيد.....
|