|
إحياء المناسبات بالبدع والتهريج الإعلامي الطائفي
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 2360 - 2008 / 8 / 1 - 11:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
منذ سنين وأنا وأعوذ بالله من كلمة أنا أجاهد أن لا اكتب في هذا الموضوع الحساس لاعتبارات كثيرة في مقدمتها احترام مشاعر المواطنين وعدم الدخول في حساسيات قد تخلق تصورات عديدة في مقدمتها بأننا ضد المناسبات الدينية والزيارات لمراقد الأئمة أو إحياء المناسبات لكن بعد تكرار عمليات القتل المعمد بالضغينة والدم والتفرقة واستغلال المناسبات بالبدع والخطاب والتهريج الطائفي وجدنا من الواجب أن ندافع عن حياة المواطنين العراقيين الأبرياء الذين يقادون إلى فخ القتل من اجل أغراض وأهداف سياسية وطائفية ليس لها علاقة بالمناسبات كما وجدنا أن الأبرياء من أبناء وطننا هم محط رهان لإظهار التنافس والقوة ويراهن البعض على دمائهم والضحايا التي تسقط بدون إي اكتراث إلا إصدار البيانات والتصريحات والادانات في الإعلام أما التفعيل الفعلي بالتوجه إلى تنظيم ذلك وبشكل عقلاني وبدون عنجهية وتهريج إعلامي يشم من خلاله الخطاب الطائفي البغيض فهو تقريباً مفقود وليس هناك الالتزام بالحيطة والحذر والتخفيف من مظاهر المسيرات الطويلة والتجمعات غير الضرورية التي تستغل أيضاً من بعض القوى المعادية لجميع الأطراف لكي تنجح في جر البلاد إلى اقتتال واسع وهذه الجهات تعمل في كل الاتجاهات وفي كل المواقع واكبر دليل ما قامت وتقوم به حول التصويت السري على مشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات وبيان الرئاسة الضعيف ببعض محتوياته وبخاصة حول ذكر الصور والمناسبات وكذلك قضية تقسيم كركوك. ثلاث انفجارات من ثلاثة انتحاريات حسب الجهات التي أعلنت عنها في ثلاثة مواقع مختلفة في بغداد خلفت 28 قتيل و 92 إصابة إضافة إلى انفجار كركوك وضحاياه من المواطنين الأبرياء حوالي 27 قتيل و 170 إصابة، الانفجارات الثلاث حدثت بذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم وقد أرجعتنا الذاكرة إلى عام 2005 وما وقع أثناء الزيارة على جسر الأئمة في بغداد، الضحايا من النسوة والشيوخ والأطفال وغيرهم التي زادت على 1000 ضحية كما أرجعتنا الذاكرة إلى العديد من الأعمال الإجرامية التي رافقت المناسبات الدينية وزيارة المراقد التي أصبحت لا تحصى وتكاد أن تكون على امتداد أيام السنة حيث تستغلها الأحزاب السياسية الدينية وبخاصة الشيعية لصالحها وهي على ما يظهر لا تفكر بان هذا الاندفاع وتشجيعه سوف يلحق أضراراً كثيرة بالمواطنين العزل وبخاصة أن الوضع الأمني على الرغم من تحسنه لكنه ما زال هشاً لكن هذه الأحداث المفجعة وبدلاً من الاستفادة من تجاربها وتجنب وقوعها تبدو كأنها لا تثير المسؤولين لا في الحكومة ولا في الأحزاب السياسية الدينية وهي غير مبالية بما يصيب المواطنين جراء المفخخات والعبوات والأحزمة الناسفة وإطلاق الرصاص على المواطنين إضافة إلى أنها لا تهتم بالوقت فطوال السنة تجري مسيرات وتجمعات يتعطل المواطنين عن أعمالهم حيث تضاف إلى ذلك العطل أو منع التجول بيوم المناسبة أو بأيام قبلها وبعدها مما يعطل عمل الدوائر والمؤسسات التي هي لخدمة المواطنين ولا نعرف إلى متى ستبقى هذه المناسبات تدار بهذا الشكل وعلى امتداد السنة فبالإضافة إلى الخسائر بالأرواح خسائر للاقتصاد الوطني وتحشيد آلاف الجنود ورجال الشرطة وباقي المؤسسات الأمنية وبدلاً من إحيائها بهذه الطريقة واستعمال الزناجيل واللطم والزحف على الركاب أن تُحيا المناسبات مثلما كنا في السابق وقبل انقلاب 17 تموز البعثي بشكل عقلاني ومعقول بعيداً عن الهرج والمرج والفوضى والسير على الأقدام مئات الكيلومترات المدعومة بشكل ملفت للنظر من قبل بعض الفضائيات ذو التوجه الطائفي التحريضي، وعلى ما نتذكر فقد كان إحياء المناسبات ليس له ارتباط بالبدع الجديدة المستوردة من الخارج ولا نعرف متى يتعظ المسؤولين وقيادات الأحزاب السياسية الدينية والمواطنين أن هذه الاحتفالات والزيارات محاطة بمخاطر الإرهابيين والمتصيدين من المليشيات التابعة لدول أخرى وهي تهدف بالأساس إلى قتل اكبر عدداً بدون أي رادع ضمير إلا اللهم حبهم للقتل والتدمير والتخريب واستمرار الاضطراب الأمني وخلق حالة من الخوف والرعب بين المواطنين. منذ سقوط النظام بدأت هذه التوجهات الغريبة عن تقاليدنا وعاداتنا تزداد يوماً بعد آخر وفي البداية كنا نجدها شبه طبيعية بسبب منع النظام السابق مثل هذه المظاهر منعاً باتاً وأنها موجة من التحدي والانطلاق من قمقم المنع الذي كان يحرم على المواطنين إحيائها حتى بطريقة عقلانية لكن بعد مرور السنين نجد أن استغلال هذه المناسبات استغلالاً سياسياً ليس حباً بالمناسبة بقدر تخدير المواطنين ودفعهم بالضد من مصالحهم واستغلال المناسبات بدون التفكير بهم والحفاظ على حياتهم كما نلاحظ أن هناك قوى خارجية وبمساعدة قوى داخلية تشجع هذه المظاهر وتصرف أموالاً طائلة من اجل تضخيمها لاستنساخ عادات وتقاليد بعيدة عن تقاليدنا وعادتنا على الرغم من عشرات التوصيات من المراجع الدينية العراقية التي تؤكد عدم استخدام الممارسات المذكورة آنفاً باعتبارها مخالفة للدين الإسلامي وهي شعائر ليس لها أية صلة بالتعاليم الإسلامية فضلاً عن إنها وفي الظروف الراهنة تشكل خطراً حقيقياً على حياة المواطنين الذين يُدفعون من بعض القوى الطائفية باتجاه إبراز العضلات واعتماد مظاهر الكثرة التي يحاول البعض تجيرها لصالحه وأهدافه السياسية ومما يؤسف له أن إبراز العضلات على حساب حياة المواطنين عبارة عن استغلال مرفوض وهو بالضد من التوجهات الساعية لإنهاء الصراع غير المبدئي والاستمرار على نهج المحاصصة والإخلال بالتوازن السياسي المطلوب في هذه المرحلة فضلاً عن السعي من اجل خروج الجيوش الأجنبية من البلاد، وتبقى المطالبة بضرورة السعي لرفع وعي المواطنين بنوعية إحياء المناسبات والابتعاد عن الفوضى والتهريج والاستغلال الإعلامي من قبل بعض القوى المشاركة في العملية السياسية وهي مهمات تقع على عاتق الأحزاب والتجمعات السياسية الدينية إذا كان هدفها خير العراق وكذلك الأحزاب الوطنية الديمقراطية الساعية إلى دولة ديمقراطية مستقلة.
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مساء الخير يا منديلا الحلم عسير
-
التصويت السري مخالف للدستور وليس التصويت
-
الانتخاتبات الأخيرة لنقابة الصحافيين العراقيين
-
تطور الأزمة وتصدّع العلاقات والفيلم الإيراني
-
الحكمة في برامج التأهيل
-
التغيير حالة ذاتية وموضوعية في 14 تموز 1958
-
لن تكون المرأة إمعة بدون حقوق إنسانية
-
العودة إلى حنين الخلاص
-
خلط الأوراق في انتخابات مجالس المحافظات في العراق
-
الاتهام بالتدخل هو تدخل في شؤون العراق
-
بالقرب من خاصرة الجنّة
-
البرنامج الذي سرقت من خلاله أموال العراق
-
الهدف من اللعبة الدموية
-
الاتفاقية الطويلة الأمد حلم أمريكي قديم
-
مسودة قانون العمل الجديد وطموحات الطبقة العاملة العراقية
-
متى تتفهم الدول العربية أن ديون العراق سببها النظام السابق؟
-
حتى تولد بغداد كعشتار الحبّ
-
الانتخابات الأمريكية القادمة ما بين التكتيك والاستراتيجي
-
الرئيس الإيراني على طريقة - لا تفكر لها مدبر - بالظهور**
-
الوكالة الدولية ومخاطر برامج الإسلحة الإسرائيلية والإيرانية
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|