|
الاجتهاد حق لكل إنسان
رمضان عبد الرحمن علي
الحوار المتمدن-العدد: 2360 - 2008 / 8 / 1 - 04:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الاجتهاد حق لكل إنسان وإن جميع المسلمين أمام القرآن هم مجتهدون، ولا أحد يجزم غير ذلك، من علماء وغير علماء، الجميع يبحث عن الحق الذي ليس فيه ريب، أو شك، وأعتقد أن هذا الحق الذي ليس فيه ريب لا وجود له إلا في كتاب الله، يقول تعالى: ((قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً)) سورة الإسراء آية 88.
وهنا تدل هذه الآية الكريمة على أنه لو اجتمع الإنس والجن المؤمنين وغير المؤمنين لن يأتوا بمثل هذا القرآن من حيث اليقين والمضمون، ولا يستطيعون أن يأتوا بجملة وإن أي إنسان يتحدث في أي موضوع أو يكتب أي بحث ولكي يكون صادق يستند ويستشهد بآيات الله التي لا شك فيها ولا ريب، ولا عبث، وإن العبث والعداء لا يأتي إلا إذا تركت الناس كلام الله عز وجل، وهذا ما وضحه القرآن الكريم إلى الناس كافة، يقول تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ{102} وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ{103})) سورة آل عمران الآيات (102 + 103).
ونلاحظ من قول الله عز وجل في هذه الآيات إذا تدخل البشر في شرع الله لا بد أن يختلفوا، ويصبح بينهم عداء، حتى لو أنفقت ما في الأرض لكي تؤلف بين الناس لا يستطيع أحد أن يفعل ذلك، ولكن المولى عز وجل هو القادر على ذلك، هذا هو القصد من نعمة القرآن، وقوله تعالى: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ)) سورة إبراهيم آية 28.
فحين تترك الناس نعمة القرآن لا بد أن يعيشوا في نقمة كما هو الآن وفي داخل المجتمعات الإسلامية من تعدد المذاهب التي لا ترى الآخر إلا أنه على خطأ في أغلبية المذاهب، وبالرغم من أن أغلبية المذاهب يعتقدون أنها لا تعبر عن دين الله، وإنما تعبر عن آراء وأصحاب تلك المذاهب، ولذلك أصبح بينهم عداء أكثر مما هو بين المسلمين وبين غير المسلمين، وقد يقول قائل ماذا عن أهل القرآن، سوف أقول نحن لم نطلق على أنفسنا هذا الاسم، وإنما من أطلقوا علينا هذا الاسم أجهزة أمن الدولة ومشايخ الأزهر، الرافضين الاجتهاد والبحث والنقاش عن طريق الحوار، هم من أطلقوا علينا القرآنيين، أو بالقول أن هؤلاء أهل القرآن لا يؤمنون إلا بالقرآن، فكان هذا شرف لنا أن نتهم بذلك، وإن هؤلاء مشايخ الأزهر لا هم لهم لا في الدين ولا بغيره إلا بأنفسهم، حتى لا يتأثروا اجتماعياً، فعلى الناس أن تعلم ذلك قبل فوات الأوان، وهل هناك شرف أكثر من أن يتهم الإنسان أنه متمسك بكلام الله؟!.. وأننا لسنا جماعة أو تنظيم ولم يفكر أحد منا في طموحات سياسية ولا اقتصادية، ونتعامل مع الجميع بكل احترام، وإنما نجتهد ونبحث في كتاب الله عز وجل، وهذا من حق أي إنسان، كما اجتهد الذين من قبل، وسواء أصبنا أو أخطأنا هي اجتهادات بشرية، وإن جميع اجتهادات البشر لا تعبر دين الله، وما يعبر عن دين الله هو كلام الله عز وجل، لأنه من لدن حكيم خبير، أي يعلم ما بداخل الناس إذا لم يتمسكوا بدين الله، إما أن تكونوا أخوة في الله أو تصبحوا أعداء لبعضكم البعض، أيهما أفضل لنا جميعاً؟!.. فماذا لو اجتمع علماء المسلمين في أغلبية المذاهب والتيارات الفكرية دون مكابرة إذا كانوا مهتمين بمصير الشعوب قبل أن يزداد العداء بين المسلمين، ولنحتكم إلى كتاب الله عز وجل، والآية الكريمة تقول، يقول تعالى: ((وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) سورة الأنفال آية 63.
أي بدون القرآن سوف تصبحون أعداء، وأكبر دليل على ذلك ما يحدث في فلسطين ولبنان والعراق وغيرها من الدول العربية والإسلامية، هل له علاقة بالإسلام أم أنهم بتلك الأعمال والأفعال سبقوا عصر الجاهلية بكثير؟!.. ثم ألم يشتاق المسلمين أن يكونوا أخوة بالفعل كما ذكر القرآن، ألم يشتاقوا أن يصلحوا بين بعضهم البعض بلغة القرآن والحوار؟.. ألم يشتاق المسلمين أن يصبحوا حزب واحد ومذهب واحد؟!.. ألم يشتاقوا أن يتحدثوا بكتاب واحد ودستور واحد؟!.. كما قال المولى عز وجل: ((وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)) سورة الضحى آية 11.
أي نعمة القرآن، التي لو أنزلت على الجبال لخضعت وخشعت من خشية الله، يقول تعالى: ((لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) سورة الحشر آية 21.
فلا بد أن نعلم جميعاً أنه لا أخوة حقيقية إلا بالقرآن ولغة وشرع القرآن، وغير ذلك الواقع الذي نعيش فيه يحكم إلى أي حد وصلنا، فلا سبيل إلى توحيد المسلمين على مذهب واحد وشرع واحد إلا إذا اعترفنا بأخطائنا، وهذا ما جاء به القرآن وحذر منه أن لا يختلفوا حتى لا يتفرقوا ويصبحوا مذاهب مختلفة، يقول تعالى: ((وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) سورة آل عمران آية 105.
وأعتقد أن الآيات التي ذكرتها في هذه المقالة البسيطة كافية لكي نعيد النظر في كل شيء، ولكي نعلم هل المسلمين أخوة أم أعداء، وقبل أن يتسرع أحد ويقول نعم أن المسلمين أخوة، سوف أقول له فلماذا وصلنا إلى هذا الكم؟!.. وإنما من الممكن أن نكون أخوة في الإنسانية، أي أخوة في الصنف، كما قال تعالى: ((وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ .........)) سورة هود آية 84.
أي أخاهم في الإنسانية وليس في الديانة، حتى أن المنافقين في عصر الرسول جاءتهم من الله الفرصة إذا أخلصوا إلى الله واعتصموا بدين الله فأولئك يعتبرهم الله مع المؤمنين، قال تعالى: ((إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً)) سورة النساء آية 146.
وقوله تعالى عن الاعتصام بدين الله: ((فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً)) سورة النساء آية 175.
أي لا أخوة إلا إذا اعتصمنا بدين الله جميعاً، وسؤال في منتهى البساطة، لو كان المسلمين أخوة في هذا العصر كما يقولون، ما رأينا الفقر والجوع متفشي في بلاد المسلمين إلى هذا الحد، فهل هذه هي الأخوة؟!... أم العداء؟!... وأيضاً لو كانوا أخوة ما أتت المساعدات والمنح من الغرب لبعض الدول الإسلامية، ثم ترى دول إسلامية أخرى تهدر مليارات في السفه ونقد آخر في بلاد المسلمين عن تحرك الأفراد من وإلى هذه الدول التي تزعم بأنهم أشقاء أو أخوة في الإسلام كما يقولون، ثم تفاجأ هؤلاء الأشخاص بخيبة أمل وسوء المعاملة ودون استثناء، هذا النظام لا تراه إلا في دول تقول (دول إسلامية) وأعتقد هم بتلك الأفعال أقرب إلى العداء أكثر مما يدعون بأنهم أخوة.
رمضان عبد الرحمن علي
#رمضان_عبد_الرحمن_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أين دور الأمم المتحدة من محاكمة المستبدين؟
-
القول الثابت
-
كما قال عالم الفضاء
-
في تعداد المحرومين
-
الوطنيون والأعداء
-
بالعبث والغباء يقتلون النساء
-
فساد الأشخاص لا يعني فساد الحريات..
-
اضطهاد المصلحين يسبب جوع وفقر الملايين
-
مات جاهل للحقيقة
-
لكل عصر أدواته
-
الانترنت وطنين الدبابير
-
الأم وأولاد الجيران
-
لن نتقدم بدون حرية
-
أحياناً يظلم الإنسان نفسه
-
اليهود والمسلمين والثقافة المغلوطة
-
المواطن العربي وارتفاع الأسعار
-
عدد سكان العالم
-
حلم أتمنى أن يتحقق
-
الصراع العربي الإسرائيلي
-
القانون والعالم
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|