تابعتُ باهتمامٍ وتقديرٍ وإعجابٍ ، ما نشــرته يوميةُ " المدى " البغدادية ، من قوائمَ بالجهات والأشخاص ، ذواتِ الإنتفاع من تبديد صدام حسين ثروةَ البلدِ البترولية ، لصالح مبرريه والمنافحين عنه في أرجاء شتى من عالمنا العجيب.
كما تابعتُ ردودَ الأفعال في بلدانٍ كثيرةٍ نشِـطَ المبررون والمنافحون فيها ، مـمّـا يشكل خدمةً حقيقيةً لتبيان الحقائق ، والهزءِ بالمزايدات التي تستغلُّ براءةَ الناس ، وبراءةَ تطلُّـعاتها ، من أجل أن يحقق هذا السياسيُّ أو ذاك مبتغاه الرخيصَ ، وهو ماديٌّ أساســاً .
واليومَ ، صباحاً ، سعدتُ ، وانتشيتُ ، لأن " المدى " ذاتها سوف تنشــر قوائمَ بالعملاء السياسيين والصحافيين
لأبشع دراكيولا ( مصّـاصِ دمٍ ) في التاريخ ، وأعني صدّام حسين …
جميلٌ جداً أن تسدي الصحيفةُ هذه الخدمةَ لتساعدَ الناسَ في القطيعةِ مع ماضٍ شــائنٍ ، ولتقول لهم إن رشــوة الحقيقة غير ممكنة ، حتى في أعقدِ الأحوال …
أقولُ إن "الـمدى " ساعدت الناسَ في نفضِ عبءِ الماضي ، وفضحه ، باعتبارها " يساريةً ليبرالية " حسبَ ما تقوله التعريفاتُ الغربية ، لكنّ مساعدتَـها الناسَ سوف تكون مرموقةً أيضاً ، حين تتناولُ الحاضرَ …
الماضي ، يُـعتبَــرُ مقبوراً الآن .
أمّـا الحاضرُ ، حاضرُ الإستعمار والإحتلال ، فلسوفَ يُـقبَــرُ أيضاً .
ألا يمكنُ لـ " المدى " أن تضطلعَ مبكِّــراً ، وقبل َ فواتِ الأوانِ ، بنشــر قوائمَ للعملاء الحاليين فــي
" مجلس المحكومين " و " الوزراء" والإدارات الأخرى ، والصحافة الصفراء … إلخ ؟
أليسَ من مهمّات الصحافة الحرة أن تنشر كم هي المبالغ ُ التي تقاضاها عدنان الباججي ، وأحمد الجلبي ، وإياد علاوي ، والمئاتُ من أمثال هؤلاء ؟
أعتقدُ أن نشر المعلومات هذه ليس في غاية التعقيد ، وليس فيه شيءٌ من الدراما ، أو حتى السبقُ الصحافيّ …
المعلومات متاحةٌ ، ولربما تباهى بها أصحابُــها .
إذاً ، فلنقُــلْ كم قبضوا ، ومـمّـن ، ولماذا ؟
هذا الأمرُ سوف يساعدنا في قراءة حاضرنا الفاجع ، كي نقبره في يومٍ ما ، مثل ما ساعدتنا " المدى " في قبر ماضٍ
ليس أكثرَ منه فجيعةً .
لندن 29/1/2004