|
فضائية خدّام
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2356 - 2008 / 7 / 28 - 10:40
المحور:
الصحافة والاعلام
تزمع جبهة الخلاص الوطني، التي تضم السيد النائب السابق لرئيس الجمهورية عبد الحليم خدام، وحليفه الأبرز علي صدر الدين البيانوني، المرشد العام للفرع السوري من التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، إطلاق قناة فضائية جديدة تسمى قناة "سوريا الجديدة" في أوائل الشهر القادم( نقترح وللموضوعية واقترابا من الواقه تسميتها فضائية سوريا الجديدة لصاحبها عبد الحليم خدام وأبنائه وشركائه من الإخوان ووهابيي السعودية ولبنان). وقال القائمون عليها بأنها ستكون قناة لجميع السوريين، وبأنها ممولة كلياً بأموال سورية، ومن قبل رجال أعمال سوريين لم تسمهم تلك المصادر، التي سربت نبأ المحطة المنشودة( طبعاً هناك قسم كبير من التمويل هو من "حوت" مال وأعمال لبناني يحمل الجنسية السعودية تستحي من ذكره الجبهة، هذا والله أعلم). وللحقيقة فإن الفضاء السوري يتعطش لأي نوع من الإعلام الراقي القوي والمؤثر، والذي يخاطب وجدان وقلب وعقل الإنسان السوري، الذي لا ينطلي عليه أي شيء، ويكون على درجة عالية من المهنية والاحتراف والحياد والموضوعية التي وحدها يمكن أن تتماشى وتحدث اختراقاً في الشارع السوري نظراً لدرجة الوعي العالي والتعددية والثراء الفكري والإيديولوجي الذي يمور به الشارع السوري، وإن الدقة العالية متناهية الموضوعية في الطرح هي وحدها التي يمكن أن تحدث الاختراق المطلوب وتجد طريقها لقلب كل سوري وهذا ما تفتقر إليه جبهة الخلاص كجسم سياسي يقف وراء إطلاق هذه القناة وعجزت أن تمثل كامل الطيف السوري بعد ثلاثة أعوام على إنشائها، وكانت فئوية وجهوية وحزبوية شخصانية حتى الآن. وما رأيناه حتى اليوم من مقابلات ومن خطاب لخدام وجماعته الدينية، وأبواقه البائسة من صغار الكتاب والبلاشفة السابقين، الذين يعتقدون أن العقل السوري على تلك الدرجة من الهبل والسطحية، وانغمسوا في خطاب طائفي مخجل ومشين ووضيع، لا يبشر بالخير أبداً، ويستفز معظم السوريين باستثناء تلك "الفئة الباغية"، والجاهلة والتي تراهن على العامل الفئوي، وسيجهض هذا الخطاب والتوجه حتماً عمل هذه المحطة في مهدها وقبل أن ترى النور، ناهيك عن وقوف وثيقة تنظيم الإعلام العربي الذي أقره مجلس وزراء الإعلام العرب في تونس مؤخراً بالمرصاد لكل من يحاول "التطاول" بشكل سافر وغير مقبول على أي عضو من أعضاء الجامعة العربية، ولكم في تلفزيون المحور، إخواني الهوى والتوجه الذي تطاول على نظام مبارك، أسوة غير حسنة يا أولي الألباب لعلكم تتفكرون.
غير أن ما برز للسطح حتى الآن وتناقلته الأنباء والهمسات والألسن والثرثرات هو الصراعات والخلافات الحادة التي بدأت تظهر وتدب وتنتشر فيما بين بعض الجهات التي تشرف على هذه المحطة وتمولها، وتتجاذبها بين تيارات ليبرالية، إن أمكننا القول، وبين تيارات أصولية ترفض أن تكون إدارة المحطة بيد من اعتبرته من الكفرة و"النتنين" وله توجهات ليبرالية ويتبع للمحافظين الجدد كما ورد في أحد الاحتجاجات التي وصلتني مؤخراً. ورغبة البعض في تحويل هذه القناة إلى قناة أصولية على نمط المحطات السعودية، سيجعل قسماً كبيراً من الشارع السوري ينفر منها، ويعرض عنها، وباعتقادنا فإن المحطة لن تستطيع أن تكون إلا ذات توجه أصولي، لكي ترضي التيار العريض الذي يهيمن على جبهة الخلاص الوطني وتحركه، ومن هنا فإنها محكومة بالفشل سلفاً وتلقائياً. ولدينا أمثلة قريبة جداً، ومن الواقع، فقد تصدت إمبراطورية آل سعود الإعلامية ومعها محطات إعلامية بعينها للـ" النظام السوري"، وعزفت على أوتار الخلاص ذاتها التي يعزم خدام العزف عليها في مشروعه الجديد، وحاولت جاهدة شيطنة وأبلسة النظام، ورميه بكل رزية وفرية وبلية، ونحت نفس المنحى الذي تزمع محطة خدام أن تنحوه حسب ما يتكهن كثيرون، فماذا كانت النتيجة؟ لقد أعرض الشارع السوري بقضه وقضيضه عن هذه المحطات، التي فقدت جمهورها، وفقدت مصداقيتها، ناهيك عن الفشل الذريع الذي مني به المشروع الأمريكي ذاته. وأصبحت إطلالات خدام مناسبة للتندر والتهكم والاستهجان، ولن نتحدث هنا عن لا مشروعية تصدي خدام للفساد، بعد أن أصيب ببعض أعراض معارضة الاستبداد، كونه، وبرأي الشارع السوري، أحد رموزه المزمنين والتاريخيين. فلا إعلام بدون مصداقية، ولا مصداقية بدون أناس صادقين، ولهم سمعة طيبة وتاريخ نظيف. فهل ينجح خدام حيث فشل جورج بوش ورهطه من المحافظين الجدد، وحيث تستعد اليوم قناة الحرة الأمريكية، بقضها وقضيضها، لإغلاق نفسها بعد أن كانت رأس حربة الشرق أوسطية.
فضائية رفعت الأسد وأبنائه وآله وصحبه المعصومين الكرام، هي الأخرى نموذج للفشل الذريع والخيبة، والتي تمثل اليوم، أحد أبواق إمبراطورية آل سعود المتعددة، ولا تفتأ أن تبدأ بثها اليوم بمقتطفات نادرة وفذة للملك الوهابي، وهو يتأتئ بعربية مكسرة. ويملك هذه المحطة البائسة والبدائية،أيضاً أحد رموز الفساد والاستبداد والمافيات السورية المرعبة والتي تحولت إلى رمز للامهنية والتدخلات الشخصية ووكر للنصب والدجل على العاملين بها، وأكل حقوقهم، والتنكيل بهم، ويديرها صاحبها بشكل شخصي بالتلفون، كما كان يدير فصيلة باللواء الجبلي، واعتبار كوادرها مجرد عرفاء مجندين في سرية في مطار المزة أيام العز البائدة، ناهيك عن اجترارها لخطاب قومجي سلفي متخشب ستاليني عفن لم يعد مقبولاً ولا مهضوماً لعتاة الفاشيين القوميين كرادوفان كارازيتش أو راتكو ملاديتش. وهذه المحطة البائسة لا تجد اليوم من يتابعها في الشارع السوري الموجهة له، وعديمة التأثير، باستثناء اثنان أو ثلاثة من آل البيت القومي، وطبعاً من أصحاب المحطة، وأبنائهم الذي يستأنسون بإطلالتهم وأسمائهم المرعبة مع الملك الوهابي، الذي يقال بأنه يمول المحطة بشكل شخصي واكتفت من النضال القومي ببث تلك "الكركبة" اللغوية المضحكة للعاهل الجاهل الأمي. ( لا تزال المهلكة السعودية التي تموّل معظم فصائل المعارضة السورية وتعمل على تصدير الديمقراطية لسوريا- تصوروا- تقطع رؤوس الناس في الشوارع العامة، وتصلبهم وتجلدهم وترجمهم بالحجارة لأتفه الأسباب، وهذا ما لم تفعله أكثر أنظمة الحكم همجية، واستبداداً ووحشية وبربرية وانحطاطاً في التاريخ البشري، وطبعاً هذا لا يعني أي شيء لمن يتمولوا ويتكسبوا من هذه المملكة البربرية وعلى رأسهم رفعت وخدام).
لا يتوقع البتة لهذه المحطة، ومما رشح حتى الآن من توجهات لها، أن تجني أو تحقق أي قسط من النجاح، فمن فشل سياسياً وتنظيمياً خلال ثلاثة أعوام من العمل، وبمؤازرة فاعلة من إمبراطوريات إعلامية بترولية كبرى، وعواصم دولية فاعلة، لا يتوقع له أن يحدث أي اختراق إعلامي على الإطلاق، والأفضل لهذه الجهات، في هذه الحالة المستعصية وانعدام الأفق الاستراتيجي والسياسي والرؤية الوطنية الصادقة هذه، بث بعض أفلام الكارتون لتوم وجيري، وبرامج الطبخ للشيف رمزي، ومقالب غوار الطوشي، أما الفكر السياسي والحوار الجدي والراقي فاتركوه لأهله فهم الأولى والأدرى به، وعندها فقط، قد تجد من يتابعها بين الناس الباحثين عن صفاء الذهن والقلب والبعد عن الترهات والخرابيط ووجع الراس. والنصيحة كانت بجمل، واليوم ببلاش كرمال جبهة الخلاص.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحوار مع القردة والخنازير: فاقد الشيء لا يعطيه
-
التطبيع العربي العربي أولاً
-
نعم لاتحاد من أجل المتوسط
-
اعتقال البشير: ومن البترول ما قتل
-
العربان دوت كوم
-
حول تغطية أحداث سجن صيدنايا
-
غسان الإمام: والشياطين البترولية الخرساء
-
الحجاب كهوية عنصرية
-
سوريا:موضة الخادمات الآسيويات
-
تهنئة للإخوان السوريين
-
التّمثيلُ بالأحياءِ: ضرورةُ تجْريمِ ِأُمراءِ وأشياخِ الوهابي
...
-
الوهابيّة أم ِالنازيّة؟
-
أنقذوا السوريين من العنصرية والاستعباد
-
تَجْريمُ الفِكر القَوْمي
-
لا لعودة سوريا للصف العربي
-
برقية تعزية ومواساة
-
همجية الوهّابية
-
فرسان رفعت الأسد
-
نَسْفُ الثقافةِ العربية
-
خبر عاجل: اختفاء معارض سوري
المزيد.....
-
ماذا نعرف عن صاروخ -أوريشنيك- الذي استخدمته روسيا لأول مرة ف
...
-
زنازين في الطريق إلى القصر الرئاسي بالسنغال
-
-خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
-
الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
-
ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات
...
-
إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار
...
-
قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
-
دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح
...
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|