|
إبادة الصابئة وإبادة أقليات دارفور- ياأسود ياأبيض!
مثنى حميد مجيد
الحوار المتمدن-العدد: 2355 - 2008 / 7 / 27 - 10:59
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
كصابئي مندائي تتعرض أقليته العراقية العريقة والقديمة إلى جريمة الإبادة التامة ، إذ لم يتبق من الصابئة غير بضعة الاف أقل من عدد أصابع اليد الواحدة ، أشعر أن ثمة جريمة صمت أخرى ، جريمة سكوت على هذه الجريمة البشعة من الإبادة الجماعية التي توصل حتمآ مرتكبيها والمسؤولين عنها إلى المحكمة الجنائية الدولية .ولذلك أطرح التساؤلات التالية أمام أنظار هيأة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب الدينية في العراق وخاصة رئيسها الدكتور كاظم حبيب لعلها تكون مفيدة في تبديد الصمت وتوضيح الصورة وبالتالي صياغة الموقف الصحيح والعملي للإعلان عن الجريمة ، جريمة إبادة الصابئة ، وتشخيص المجرمين والمحرضين عليها والساكتين ، تحت أي شعار أو ذريعة ، ليس عن إدانتها فحسب بل حث وتوجية ضحاياها إلى الأساليب والطرق القانونية لتبليغ السلطات القانونية العراقية منها أو المحكمة الجنائية الدولية كي تضع المجرم عند حده وردعه ومعاقبتة وإحقاق العدالة بحقه. هذه التساؤلات أطرحها أمام الدكتور كاظم حبيب وكل من يعتبر إن الصمت على الجريمة وعدم تشخيص مرتكبيها وفاعليها هو مشاركة غير مباشرة فيها. وأقول أولآ لماذا تنال مجموعات الفور ، والمساليت والزغاوة ، في دارفور كل هذا الإهتمام من الرأي العام العالمي والعراقي بما في ذلك إهتمام الدكتور كاظم حبيب والذي تكلل بتوجيه تهمة الإبادة الجماعية للدكتاتور البشير من المحكمة الدولية وهي ، أي تلك الأقليات ، تستحق ذلك الإهتمام بالطبع في حين لا ينال الصابئة الذين يتعرضون إلى الإبادة الجماعية الكاملة والشاملة نفس هذا الإهتمام ؟ ويلاحظ هنا إني لم أشر إلى الإبادة الجماعية التي تتعرض لها الأقليات الأخرى المسيحية والأيزيدية لا تهوينآ لما تتعرض له من جريمة إبادة أو إهمالآ مني بل لأن إبادة الصابئة هي جريمة تكاد تكون متكاملة وتامة بحق شعب كامل يتم إجتثاثه فعليآ وبشكل تام من أرض ابائه وأجداده .هذا الشعب الصابئي لا يرتبط بأي جهة أو منظمة دينية أو قومية أو دولة تدافع عنه أو ترفع شكواه باستثناء تنظيمات الخيرين والوطنيين ومنهم الدكتور كاظم حبيب وهيأة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب الدينية في العراق.وهنا أستشهد بما إستشهد به الدكتور كاظم ساخرآ من الأنظمة العربية التي تنادت وأجتمعت لنجدة الدكتاتور البشير.
ـ علينا ,نحن في الدول العربية , أن نتذكر أبيات الشعر التي تسخر ممن يحاسب قاتل واحد , رغم صواب المحاسبة , ولكنه لا يحاسب من يقتل شعباً كاملاً كشعب دار فور: قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر ـ
ترى هل هناك وجهة ـ نظرـ أخرى إزاء جريمة الإبادة الجماعية الكاملة بحق الصابئة هي السبب وراء هذا الصمت بحقهم ؟ إذا عرف السبب بطل العجب كما يقال.هل هناك فرق وتباين بين جريمة جماعية وأخرى بحق هذا الشعب أو ذاك ؟ لا شك إننا نتفق أن هناك جريمة إبادة جماعية كاملة بحق الصابئة وهذا أمر لا يمكن نكرانه إلا من قبل من يعتبر الصابئة غير نظيفين دينيآ أي ـ نجسين ـ لوجود إشكالات وإجتهادات كونهم من أهل الكتاب أم لا ولذلك فهم يستحقون الإبادة أو في أحسن الأحوال ليس مهمآ أو مقلقآ للعالم أو السماء أن يبادوا أو لا يبادوا .لكن مع ذلك نتفق أن هناك جريمة إبادة ، إبادة شاملة ، إجتثاث فئة إجتماعية ، شعب صغير قديم وهذا يكفي لطرح الموضوع والإعلان عنه عراقيآ وعالميآ فإذا كانت هناك جريمة فهناك أيضآ مجرم.لا بد من وجود مجرم لكل جريمة ، مجرم أو مجموعة من المجرمين. إذن لماذا كل هذا الصمت المطبق بحق جريمة إبادة هؤلاء الناس ؟ لماذا نرفع عقيرتنا وندبج المقالات ضد الديكتاتور البشير وإبادة قبائل الفور ، والمساليت والزغاوة ولا نفعل ذلك بحق من يمارسون نفس هذا العمل الإجرامي مع الصابئة بل أكثر قسوة منه فتلك القبائل مازالت رغم كل الماسي التي مرت بها تعيش في وطنها دارفور وتحافظ على وجودها أما الصابئة فيتعرضون إلى خطر الإبادة التامة والشاملة من وطنهم الذي عاشوا فيه منذ عصر فجر السلالات. فأين علماء الأنثروبولوجيا ودعاة حقوق الحيوان قبل الإنسان الذين يؤرقهم إنقراض صنف معين من الحيوانات من هذه الجريمة البشعة التي يجري السكوت عنها والمتعلقة بإنقراض أقدم مجموعة بشرية عاشت على ضفاف وادي الرافدين منذ الاف السنين. هل لأن تبعات الإعلان عن هذه الجريمة ، والتحقيق فيها ، وتشخيص المسؤوين عنها ، مهما كان صنفهم ولونهم وسلطانهم يقع في باب إلحاق الضرر بالعملية السياسية المزعومة.سلام ياسلام على العملية السياسية إذن.سلام ياسلام على مجرمي العراق إذن ، سلام ياسلام إذا كانوا حقآ يمتلكون كل هذا التأثير والنفوذ ليس فقط على خزائن العراق بل على خزائن السماء والطبيعة والعدالة والحق والقانون بحيث أن إبادة شعب وإجتثاثه بشكل كامل هي مسألة ثانوية ومؤجلة في أحسن الأحوال مراعاة لهم وإنحناء للعملية السياسية التي تتضرر بمجرد الإشارة إليهم أو تشخيصهم. من المؤكد أن البعض سيتهمني بالوقوف ضد العملية السياسية والإنحياز للإرهاب فأغلبية الكتاب والساسة العراقيين يفكرون بطريقة عادل إمام في مسرحية ، شاهد ماشافشي حاجة ، ياأسود ياأبيض!.فأنت واحد من إثنين أما مع العملية السياسية أو ضدها ، مع أمريكا المحررة أو ضدها ، مع قادة الطوائف وذيول الأنظمة العربية وإيران أو ضدهم ياأسود ياأبيض!.ولذلك عليك أن تسكت ضد جريمة كاملة وإبادة شاملة بحق طائفة صغيرة لا حول لها ولاقوة.ولهؤلاء أقول ياسادة أنا مع العملية السياسية ، مع الديمقرطية ، لكن لكل جريمة مجرم ومسؤول عنها.مثلآ جريمة جسر الأئمة الجماعية البشعة من يتحمل مسؤوليتها وإمكانية منع وقوعها ؟حين أقول أن الجعفري ونوري المالكي وموفق الربيعي يتحملون هذه المسؤولية.حين أسأل عن مصير اللجنة التحقيقية التي شكلت لإستقصاء أسبابها وما توصلت له أكون قد مارست الفعل الديمقراطي ولا يعني قولي هذا إني ضد العملية السياسية فالعملية السياسية ليست من بنات عدنان الدليمي أو هادي العامري أو عمار أو مثنى الضاري أو هذا أو ذاك من الأفراد بل هي ملك للشعب والقانون والعدالة. حتى بعض قادة اليسار سيتهمك بالتطرف وعدم الموضوعية وسيرددون في أسماعك مقولاتهم بضرورة العمل على تطوير العملية السياسية وتحقيق الديمقراطية لكافة الشعب العراقي كسبيل وحيد لإقرار حقوق الأقليات أي أن تنتظر وتتحلى بالصبر حتى يأتيك الربيع وإلا فأنت ياأسود ياأبيض.وحتى بعض المحسوبين على قيادة الصابئة من الذيليين والمنتفعين بالام الطائفة الصابئية وأصحاب الرواتب المجزية سينتدبون أنفسهم لكيل التهم الرخيصة ضدك لإخراسك أو تشويهك.ياأسود ياأبيض!. إذن فالصمت الذي يمارس لإخفاء جريمة إبادة وإجتثاث الصابئة لا يشمل فقط قوة الإحتلال وقادة الطوائف الحاكمة والتنظيمات الإسلامية المتطرفة والإرهابية المرتبطة بهم بل يشمل أيضآ حتى بعض قادة اليسار الذين يفكرون بطريقة يأسود يأبيض أحادية بيروقراطية ترفض المبادرة ولا تستمع إلا للذيلي والتابع والنفعي أما الرأي الذي يمس الضمير الإنساني والقيم العليا للعدالة فهو رأي مؤجل وعلى صاحبه أن ينتظر حتى يأتيه الربيع. بعض قادة اليسار لا يختلفون في نظرتهم لأبناء الأقليات عن نظرة الإسلامي الإصولي فهم أبناء ذمة وشريحة ثانوية من الشعب وفق ذلك المنظار الستاليني البيروقراطي المتعالي ولذلك مازالت أساليبهم في التعامل مع شؤون الأقليات الصغيرة التي تعاني من إضطهاد مزدوج متخلفة وتفقدهم نفوذهم تدريجيآ في أوساط هذه الأقليات لأنها أساليب تعتمد على شل مبادرة القوى المؤثرة في تلك الأقليات وإطلاق طاقتها في كسب الرأي العام العالمي والحقوقي ليس فقط القضيتها بل لصالح كل الشعب العراقي والعملية السياسية وبدلآ من ذلك تنتقي الذيلي والتابع والمستعد للتسيير الالي والبيروقراطي من قبل هؤلاء القادة ومثل ما يتعامل هؤلاء مع الأقليات يتعاملون مع قضية المرأة على مستوى المبادرة تجاه الرأي العام العالمي.إن إدارة شؤون الأقليات والتعامل معها من قبل هؤلاء القادة وقضية حقوق المرأة هي من الأسباب العميقة لأزمة قوى اليسار في العراق والتي يتحدث بشأنها الجميع لأنها أصلآ ترتبط في جذورها بالنمط المنحرف والإستبدادي للتفكير الستاليني. وما المشاحنات والجدالات غير المجدية الجارية في أوساط أبناء الأقليات العراقية إلا إنعكاس للمشاحنات الجارية في الوسط اليساري وصدى لهيمنة هذا النمط من التفكير الستاليني التكفيري لدى بعض قادة ـ اليسار ـ في العراق والذي يؤثر التشرذم إلى درجة الإنحطاط على أن يستمع إلى لغة العصر المنحازة إلى الإنسان كقيمة عليا .أما أن تتم إبادة طائفة مسالمة كالصابئة أغلب أبنائها وبناتها ينحازون وينتمون إلى اليسار إبادة كاملة على مرأى ومسمع الجميع بإسم الديمقراطية والعملية السياسية وحقوق الإنسان وبإتفاق التكفيريين جميعآ من اليمين و ـ اليسار ـ فهذا ليس فقط من مهازل عصرنا المؤلمة فحسب ولا يمكن فقط نسبته أو عده ضمن جرائم التطرف الديني والإرهاب الذي نعلق على مشجبه كافة خطايانا بشكل بيزنطي بل هو جريمة ذات بعد ستاليني أيضآ. قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب آمن مسألة فيها نظرـ. نعم هذا النظر المنحرف بالضبط ، هذا النظر الإجرامي ، هو ما يتفق عليه التكفيريون ويجتمعون عليه من اليمين و ـ اليسار ـ في الصمت والتستر على جريمة شاملة وبشعة كجريمة إبادة طائفة الصابئة المندائيين . ------------------ عن جريمة إبادة الصابئة المندائيين يمكن الإطلاع على مقالة الاستاذ فائز الحيدر على هذا الرابط. http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=142012
#مثنى_حميد_مجيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كارين بويه ، قصائد مترجمة
-
ثلاث قصائد للشاعرة السويدية كارين بويه
-
تأملات في الحياة السويدية ، مايا نيبلوم تعمل وترقص وهي في ال
...
-
ترنيمة لمهد البعث
-
بعث جثث جثث بعث
-
نصائح مفيدة للذهاب إلى الجنة
-
كي لا ينام الضمير ويشخر
-
فينومينولوجيا منخري عزة الدوري وهادي العامري
-
هل ينبغي للحقيقة أن تعتمر العمامة ؟
-
ضرورة الميزان في الرد على وفاء سلطان
-
عن الدور التخريبي لوفاء سلطان في الوسط العلماني واليساري
-
عن الام المسيح وهرمجدون بوش والدكتورة وفاء سلطان
-
إعتذار للأخ صائب خليل على إنتقادي لمقارنته وفاء سلطان بعدنان
...
-
نشيد حزقيل قوجمان
-
باقة ورد ، ومقترحات ، وأعتذار للحوار المتمدن
-
رسالة إلى صديق حافي
-
الأصالة والبساطة في معرض الفنانة فائزة عدنان دبش
-
الى متى يتحكم السرسرية بمصير الشعب العراقي
-
حكاية الحمار والعلم
-
الشاعرة السويدية كارين بويا ، قصائد مترجمة
المزيد.....
-
أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق-
...
-
لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا
...
-
ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب
...
-
شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
-
لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم
...
-
السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما
...
-
الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي
...
-
ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
-
لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|