عراقي يتألم العراق يتألم

عبد العالي الحراك

الحوار المتمدن-العدد: 2355 - 2008 / 7 / 27 - 11:15
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

وصلتني رسالة قبل ايام ,عبر بريدي الالكتروني ,من اخ عراقي مخلص ,وهو يتألم على وطننا العراق وعلى ابناء شعبنا ,الذين يعانون معاناة شديدة . يعاني هذا الاخ الاحباط , من ضعف نشاط الاحزاب السياسية الوطنية واليسارية خاصة ,وعدم قدرتها على مواجهة حالة الانحداروالتدهورالتي يعيشها الانسان العراقي ,في ظل التخلف والطائفية والنقص في كل شيء. شكرا لك ايها الاخ على الثقة التي عاملتني بها وما اكتب.. اعتذرعن ذكراسمك الان ,لأنك تعرضت للجميع بما يخدش السمعة والكرامة دون دليل . اتمنى الهدوء ومراجعة النفس ,فسوف تجد المخلصين وهم كثر, فليس انت فقط الذي يعاني بسبب حسك الوطني المرهف , بل هناك الكثيرون.. ان تشبذك بارض الوطن دليل على شيمتك وغيرتك عليه ,ولابد ان تبحث عن من هو من طينتك واعتقد بأنهم موجودون.
هل تعتقد ايها االاخ العزيز انك العراقي الوحيد الذي يتألم؟ العراق يتألم.. بشره ..حيواناته ..نباته ..نخله ..مياهه .. هواؤه وحجره.. اطفاله قبل كباره .. شبابه قبل شيوخه .. نساؤه قبل رجاله وبناته قبل نسائه. كل هذا الالم في العراق ,والامل موجود ,ولابد من مقاومة الحزن واليأس.. لا بد من بناء الذات والمجتمع على اساس الوطنية.. اذا كنت قد عايشت احداث العام 63 وتألمت على مقتل الزعيم عبد الكريم قاسم وخسارة الثورة ,فهذا يعني انك وطني ويساري مخلص. واذا استقلت من الحزب بعد الاحتلال بسبب اعتراضك على مشاركته في العملية السياسية ,فهذا يعني انك شيوعي ,لا تريد ان تكون الا شيوعيا, ولكن لابد ن تتحرك بين الناس وتبحث عن شيوعيين اخرين مثلك لتتوحدوا. لقد ألمتني رسالتك التي بعثتها لي قبل ايام والتي تشرح لي فيها عن معاناتك , التي هي معاناتي ومعاناة جميع العراقيين المخلصين ,بأستثناء اولئك الذين ارتضوا لأنفسهم مهادنة الاحتلال اوالتعاون معه اوالارتماء في احضانه. ليس مقبول الحزن الدائم وليس مقبول اليأس , كما لا يجوزاتهام الجميع بانهم يخطئون وطنيا وبدرجات متفاوتة , رغم ان بعضهم يعتز بالعملية السياسية وهي عملية ما زالت قائمة ومبنية على اسس طائفية وتقودها احزاب طائفية وقومية ,وليس لهذه القوى الوطنية من تأثير يذكربأتجاه تصحيحها , الا اذا تبنت النضال الحقيقي في سبيل الديمقراطية وليست العملية السياسية التي تخفي احزابها الرئيسية عدائها للديمقراطية . صحيح ان الجو قاتم في العراق والظلام يسود والرمادية تتحرك بأنتهازية. اذا كنت تقول بان جميع الاحزاب الجديدة التي ظهرت اخيرا في العراق ,ترتبط بهذه الجهة او تلك , وتستلم اموال من هنا وهناك فهذه مصيبة كبرى, تضاف الى مصيبة احزابنا (الكبيرة) التي تخلت بمجموعها عن قضية النضال والعمل الدؤؤب في سبيل تحريرالعراق من الاحتلال وتخليصه من الظلام , فاشتركت في العملية السياسية معتقدة بانها البديل الوحيد الممكن لملأ الفراغ الوطني وعدم الانحيازمع الارهاب , مع العلم بان الفراغ الذي تتحدث عنه تملؤه احزاب الاسلام السياسي والاحزاب القومية الكردية, وليس لها أي القوى الوطنية أي تأثير ايجابي يذكر . انا اضع علامات استفهام امام الاحزاب اليسارية العراقية الجديدة ,التي تتأخر في توحيد جهودها ,والتي لا تطرح برامجها السياسية ولا برامج واهداف لقاآتها مع بعضها البعض. والا ماذا يعني بقاؤها منعزلة عن بعضها ,وهي مازالت صغيرة محدودة الفعل والحركة؟ الا اذا كانت مستفيدة من عزلتها , او وجود عوائق كبيرة تحول دون ذلك .عليها أذن والحالة هذه ان توضح وتكشف وتعلن .. وان تبحث عن افضل الطرق في التمويل الذاتي , دون مد اليد الى ما يولد الشبهة وقد يؤكد التهمة. هل تستطيع ايها الاخ العزيز, وانا لا اشك في اخلاصك , ان تلتقي بمن اتهمتهم وان تناقشهم وتطرح عليهم الاسئلة الوطنية الحقيقية وتسمع منهم الجواب المباشر, حتى يكون اتهامك لهم من عدمه مؤكدا؟ لأن الشك في الاخرين او تعميم بعض المواقف الشخصية المنحرفة على الجميع, يعتبراساءة الى مبدأ الوطنية والمواطنة , التي لا يمكن ان تزول عن جميع الاحزاب والكتل والشخصيات الوطنية. فالعراق بلاد الوطنيين المخلصين , ولا يمكن ان يشوههم جميعا موقف سيء هنا او هناك .اشد على يديك ايها الاخ العزيز وادعوك الى فتح صفحة جديدة من الامل.. فانت شيوعي, والشيوعي الحقيقي لا يعرف اليأس ,ومهما قصفت دارك من قبل الامريكان ومن قبل الميليشيات, فانت ما زلت حيا والحياة بالنسبة لك تعني الامل والتفاؤل . فكن متفائلا وابحث عن وطني وشيوعي اخر وهكذا واحدا واحدا .. الى ان تصبحوا وطنيين وشيوعيين كثر واقوياء متعاضدين. دمت اخا عزيزا . عبد العالي الحراك
26-7-2008

#عبد_العالي_الحراك (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات