أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إبتهال بليبل - تجارالموت المجاني














المزيد.....

تجارالموت المجاني


إبتهال بليبل

الحوار المتمدن-العدد: 2355 - 2008 / 7 / 27 - 01:41
المحور: حقوق الانسان
    


شعرت بقرف مشوب بالذل والمهانة والقهر ، عندما قرأت تحقيق للكاتب ماجد البلداوي في أحدى المجلات ، عن الاسلوب المبتكر لكسب المال الحرام .. تجارة الجثث ، ليطرح علينا الكاتب سؤلاً في واجهة الصفحة يقول فيه لنا ( ماذا تعرف عن تجارة الاموات ؟؟) ..
طالعت التحقيق وقرأت كلماتهُ الثقيلة ، وشاهدتُ الصور الأليمة ، لكني أيضاً فكرت بحزن ! إن هذا السؤال الذي طرحهُ لنا ( ماذا تعرف عن تجارة الموت ؟ ) لايمكن طرحهُ – للأسف الا على الأحياء ، ولكن ماذا لو أستطعنا طرحهُ على أحد الذين لم يعيشوا حياتهم وأنما ماتوا وهم في أوج شبابهم ، وما أكثرهم في عالمنا العراقي ؟؟
وتدفقت في قلبي صور عشرات بل مئات الاموات وأن أحد لم يسألهم ، ماذا تعرفون عن تجارة الموت ؟ ومن قتلكم ؟ وكيف عشتم موتكم ؟ وهل تم التجارة بكم ؟
أتخيل الان أني أحاور أحدهم بعد أن أخرجوه ، هؤلاء الخنازير من قبره ، أو حملوه من بين الجثث في حدث أنفجاري ، ساأطرح عليه الاسئلة نفسها ، ولا أعلم صراحة مع من أتحدث من الاموات ، فلا داعي لأحد أن يسألني من هو ؟"؟ ..
وسيحدثني كيف عاش موتهُ وكيف أنهُ مات عشرات المرأت بعد موتتهُ الاولى عند الانفجار ...
قال لي ، سأحكي لكِ قصة الظلم الذي أحاط بجسدي وأنا ميت في عراق المقدسات ، الذي عانقت فيه أعناق الرجال مشانق الاذلال ، وعاث بااجسادهم تُجار الموت ..
حكايا تجعل من الجدران الصٌماء البشعة صحف نور ولوحات غاضبة ، مثلث فصل من فصول الوجع المغٌيب لشعبنا في العراق ..
نعم ، وربي ... تتضاءل الكلمات أمام كلمات هذا الجسد الميت ، وتتكٌسر أسٌنة الأقلام أمام أقلام الزنازين ... كيف لا !! وهي كلمات شامخة كرؤوس الجبال ، عميقة كقاع البحار ...
ولو عُدنا الى موضوع الكاتب ماجد البلداوي وكيف يسرد لنا اليوم عن ظاهرة جديدة لتجار الموت والدمار ، بعد ان أنتشرت فرق الموت والخطف والقتل والتسليب وقطع الطريق بحق الأنسان العراقي وأزهاق روحهُ بأبشع الوسائل ، متناسين أبسط المشاعر الانسانية في قتل النفس التي حرم الله قتلها ألا بالحق ..
أنهم تجار الموت المجاني .. أو تجار الجثث .. فقد أدت الظروف التي يعيشها العراقيون والبغداديون بالخصوص الى أختراع أساليب جديدة ، حيث أعتاد العراقيون أن يصحو صباحاً على أصوات الانفجارات ودوي السيارات المفخخة التي تستهدف أرواح العراقيين دون أن تفرق بينهم ، ولكن الشيء الجديد الذي ظهر موخراً مايسمى ( بتجارة الموتى ) أو ( المتاجرة بالجثث ) وتقوم بهذه التجارة عصابات متخصصة ومحترفة في إداء مهنتها في جمع الجثث التي تخلفها الانفجارات فيهرع هؤلاء التجار الى أماكن الانفجار ليس لأسعاف المصابين أو محاولة إنقاذ مايمكن أنقاذه وأنما لسرقة أكبر عدد ممكن من الجثث ، وأخفاءها في أماكن سرية ليقوموا فيما بعد ببيعها لذوي الضحايا أو أقرباءهم ، وبأسعار باهضة أذ يترواح سعر الجثة الواحدة مابين 3-5 آلاف دولار ليزيدوا الضحية وذويها إيلاما.
وتشير المعلومات أن تجار بيع الجثث يفضولون الضحايا التي تمتلك مستمسكات تدل على هويتهم او هواتف نقاله لكي يتسنى لهم الاتصال بذويهم والتعرف على ضحاياهم ، هذا كان عن الكاتب في محور تحقيقه ُ ..
ولنعود الان الى ذلك الميت لنحاوره عن حقيقة حياتهُ بعد الموت ..
يقول لي هذا الميت بداَ : لقد شاهدت جثث الشهداء ، تلك الاجساد الغضٌة بالشباب ، وقد أمسوا فريسة الذئاب والخنازير ، حيث لا تسمع لهم صوت ولا حركة ، وكنت غير مصدق لما ارى ! لقد طحتني الصدمة ، فتارة أغمض عيني لان المشهد يفُت القلب ، وأخرى أمسح دموعي وأعاود النظر بذهول ..
نعم أختاه .. أنهم وجوه من حُكم العُصابة اللانسانية التي جثمت على صدر عراقنا الحبيب .. وحوش ذات قلوب مقفلة ، عشعش فيها الظلام والحقد الاسود ، بل هؤلاء أبشع من الوحوش ! فالوحوش تترٌفع حينما تشبع ، ولا تَفتُك حتى تجوع ..
وأن الطغاة على مر التاريخ لا يرتاحون للصالحين الواعين ، فتراهم يذوقوهم سوء العذاب بينما يرفُل الهمج الرعاع في النعيم ... أجسادنا تساقطت فوق بعضها تباعاً كأوراق الخريف ..كانوا جاهزين ، وعنوانهم الرئيسي ، جمع أكبر عدد ممكن من المصابين في الانفجار ، لتحقيق ربح أكبر ، يقتلونا حتى ونحن أموات ، ماأعجزهم حين يقتلون ، والقتل كٌل مايستطيعون .. وهكذا انتهى خصام الوحوش ببيع أجسادنا الممزقة ، الى أهالينا ، ليستلموا بدورهم أوراق ( خضراء ) تنبىء بقتلنا ..
كلمات نطقتها أجسادهم الميته ، وكأنهم لا يريدون أن يكتب التأريخ حفنة من اللصوص والقتلة .. التاريخ تكتبهُ الشعوب بدماء أبنائها ..
وبينما كان هذا الجسد الميت يزرع قبلاته على تراب أرض العراق ، ويلثم الكلمات بحرارة وبهدوء ، والدموع غزيرة طافحة ... قرأت على ملامحهُ عبارة مفادها ( هل من فاعل خير يقرأ كلماتي ) ..
طردت الهاجس عن ذهني وتابعت النظر اليهِ ، واذا بالذهول قد عٌم كل ملامح وجهُه ، وطلب مني الرحيل الى مثواه فقد أعياه الموقف ...
شهداءنا في سجلاتهم مجرد أرقام ، ولكنهم عندنا مشاعل نور ، ورفاق درب .
وعن قول الكاتب في نهاية تحقيقهُ ، أن هذه الاعمال لا تمثل إلا حالة الانهيار الكامل في جسد المجتمع العراقي لتكمل الصورة القاتمة والمرعبة من يوميات هذا الشعب المنكوب ، أنها صورة قاتمة نتمنى أن تختفي من المشهد العراقي الى الابد والى الابد .
أقولها ربما هي حواسم من نوع جديد حواسم جثث أبناءنا ...
ألا يكفيكم أنهُ جثة هامدة ، أليس له حرمة ، ألا تتذكرون قول أن الضرب في الميت حرام ، ساذجة أنا وغبية عندما أذكر خنازير لا يمدون للانسانية أي انتماء ، كان الله في عون من في العراق ، كان الله في عون أهل هؤلاء الضحايا، وكان الله في عوننا للخلاص ...





#إبتهال_بليبل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاختراق المر للحزن العراقي
- قرارات إيجابية وتطبيقها سلبي
- مسلسل سنوات الضياع وتأثيره على الديمقراطية
- الجات مكان لا سقف لهُ
- شبح غلاء الاسعار .....يُعمق ثلاثية ( الفقر والمرض والجهل )
- ليلة من ليالينا ...
- تزوير بزي رسمي
- التأريخ قوة لايميزها الشعب
- أرض الجهل وبذرة الخوف تُثمر العنصرية
- حروب بقوانين لعبة الشطرنج ..
- (2)تعاليم الدين الجديد بلسان ( أبو المنصب )
- العراق هو الموت والحياة والحياة فيها الموت والقيود
- (1)تعاليم الدين الجديد بلسان ( أبو المنصب )
- الجزء الثالث / قبعة الدين للمرأة .. سلسلة تقاليد سياسية محلي ...
- الجزء الثاني / قبعة الدين للمرأة ، لتقاليد سياسية محلية
- قبعة الدين للمرأة ، سلسلة لتقاليد سياسية محلية
- الدكتورة نادية (( روح أنثى ملوكية )) ، تعقيباً على مقالة الك ...
- تَصفيات بوجوه أخرى
- - مفاهيم خفية- مع أوضد ؟؟
- البطالة والفقر والتنمية الاجتماعية


المزيد.....




- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...
- ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها ...
- العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إبتهال بليبل - تجارالموت المجاني