خالد عبد القادر احمد
الحوار المتمدن-العدد: 2355 - 2008 / 7 / 27 - 01:46
المحور:
القضية الفلسطينية
ليس من العدل او الحق , لوم الشعب الفـلسطينيين على موقفه السلبي الراهن من السلطة الفـلسطينية , و م ت ف , ومن الفصائل والتنظيمات والاحزاب وهو على حق في ذلك, فهو يعتبرها , المسئولة مسئولية مباشرة عن تردي الوضع الفـلسطيني الى درجة تهديد مصيره النهائي , ومن يرى في تقييمه للوضع الفـلسطيني غير ذلك فهو المخطيء حقيقة ,
بالطبع ليس من المسئولية المباشرة للشعب الفـلسطيني ان يقوم باجراء الدراسات النظرية السياسية التي تقف خلف حصول هذا الخلل ولا تمحيص التبريرات التي تقدم لتعليل ما يحصل او محاولة تصبير الشعب الفـلسطيني على معاناته اليومية , وان كان ذلك من مسئولية الشريحة النظرية السياسية ( عقل الشعب ) وهي ايضا , للاسف لا تحاول التصدي بصورة علمية لهذا الامر باعتباره مهمة وطنية موضوعية مستقلة عن الحالة الانقسامية التي تعصف بشعبنا وانجرت اليها وانصبغت بصبغتها الشريحة النظرية السياسية الفـلسطينية لتزيد طين الانقسام الداخلي بللا بماء التبرير النظري السياسي الاخلاقي , لذلك نرى من مهمتنا :
• اولا الترفع عن الانخراط بالحالة الانقسامية , والاقرار بحقيقة وجود اعاقة في مسارحركة الانجاز الوطني الفـلسطيني , لا يمكن ان يكون طرفا من الحالة الانقسامية هو المسئول لوحده فحسب عنها , بل لا بد من الاقرار بمسئولية جناحي الحالة الانقسمامية عنها ـ
• ثانيا الاقرار باولوية الولاء الوطني ووظيفية الولاءات الاخرى , في مختلف المجالات , في خدمة الانجاز الوطني وعدم توظيف الولاء الوطني من اجل خدمة اولوية الولاءات الاخرى , خطية وتنظيميا كما يحدث الان
• مراجعة البنية الخطية الراهنة للتنظيمات والفصائل وتصويبها خطيا وتنظيميا وعلاقات بما يخدم النقطتين المذكورتين سابقا واعتبار الثلاث نقاط المعددة هنا منطـلقا لبدء عملية تغيير وطنية جوهرية لصالح عملية التحرر الفـلسطينية
جوهر المشكلة في الوضع الفلسطني:
برز مطلب البديل الثوري الفلسطيني منذ تبلور المؤشرات الاولى للاعاقة الفلسطينية على عدم القدرة على الاستجابة العلمية لاحتياجات وشروط يسر عملية الانجاز الوطني والحفاظ عليه وذلك في سبعينات القرن الماضي , واخذت محاولات تحقيقه صورة الحركة الانفصالية او الزيادة في عدد الفصائل والتنظيمات , لكنها جميعا انطلقت من المدرسة الفكريةالفـلسطينية الكلاسيكية , التي تحدها صراعات المقولة الدينية والمقولة القومية العربية والمقولة اليسارية, وهي المدارس الاساس في بنية التنظيمات والفصائل وكان تبنيها لمقولة الخصوصية الفلسطينية هو تبني ثانوي امام التزامها الاقوى بالمدارس الكلاسيكية الدينية والقومية العربية واليسارية , وتعاملت مع مقولة الخصوصية الفلسطينية باعتبارها ستارا يشرع للمبادرة الشعبية الوطنية الفـلسطينية ويخرق شرعية النظام وقمعه وعلاقته الاستغلالية بالمجتمع الفـلسطيني من موقعه الاحتلالي وهي الانظمة التي بقيت ولا تزال تعتمد خط المواجهة الكلاسيكي , لذلك لا نزال نلاحظ استمرار القيد الكلاسيكي في التعامل مع المقولة الفلسطينية التي كانت في جانبها الاستقلالي تسند تحقق الانجاز الوطني الفلسطيني وتقف خلفه إلا انها في وضع تقييدها بالخط الاممي الديني والقومي العربي واليساري تقف عاجزة عن حمايته , فلم يجري محاولة لتفجير القدرات الكفاحية التي تتيحها مقولة الخصوصية الفلسطينية عبر كفاح نظري سياسي ( ذاتيا ) إلا بمقدار ما كان هذا التطوير دفاعا عن حرية حركة التنظيم البرجوازي الفـلسيني في صورة فصائل الكفاح المسلح , اما كاستنتاج لقراءة علمية لحقيقة وواقعية المسار التاريخي فلم يحدث ذلك , والمحاولة الاكثر تطورا بهذا الصدد لهذا الامر كانت بتاثير من حزب العمال الشيوعي المصري والتي انتجت حزب العمال الشيوعي الفلسطيني , حكم عليها بالاعدام توقيتها المتأخر وعدم تخلي قيادة الحزب عن ثدي مقولة القومية العربية الواحدة وعدم القدرة على تفسير العلاقات في ( معتقلات التشرد ) وكيفية النمو المشوه للبرجوازية الفلسطينية وعدم وضوح موقع مركزية برنامج النضال وكيفية توظيف البرامج الفرعية في الساحات لخدمة برنامج مركزي
ان هذه المشكلة الفلسطينية تواكب تاريخ النضال الفلسطيني منذ ما قبل الهزيمة الفلسطينية عام 1948 وهي مستمرة حتى اللحظة وقد ان الاوان للتخلص منها والذي لا يمكن له ان يتم الا بتحقق الشروط التي قدمناها حول مساهمة الشريحة النظرية السياسية الـفلسطينية الجادة بالموضوع
الصورة الراهنة لمشكلة قديمة
ان الصراع بين الاممي والوطني لم يحسم في الوضع الفـلسطيني بل لا يزال يتفاقم حاملا كل تخريب وقد انتهى الى حالة انقسامية تعمدت بالدم وانتهت الى انشقاق جغرافي سياسي وانقسام في الشرعية الفلسطينية , وموقعا سلبيا في الصراع العالمي والاقليمي , اما المسئول عن الوضع الذي وصل اليه الحال الفلسطيني فهو مسئولية طرفي الانقسام وليس مسئولية احدهما فحسب , الى جانب تحمل الفصائل الاخرى مسئولية موقفها السلبي والذي يصل عند البعض حد الانتهازية . وعلى الاخص اليسار الذي تقع على عاتقه بصورة رئيسية مسئولية التخلي عن مهمة الكفاح النظري بهذا الصدد:
ان الصورة الخلافية الراهنة في الوضع الفـلسطيني تتمحور في نقطتين رئيسيتين , كان يجب رؤية ضرورة تكاملهما لتصبحا بذاتهما انجازا وطنيا متميزا وفي نفس الوقت اساسا لبنية تراكمية في الانجاز
• النقطة الاولى علاقة العمل العسكري بالعمل الدبلوماسي , حيث نجد ان كل جناح من الحالة الانقسامية يتبنى احد المجالين ويرفض توظيف المجال الاخر , مما يؤدي لعملية عزل بين الانتاج والتوظيف , فيصبح العمل العسكري مطلبا لذاته طالما عزل عن التوظيف السياسي الدبلوماسي له , كذلك تصاب العملية التفاوضية كعملية سياسية دبلوماسية بالعجز اذا استمر استنادها الى ميزان قوى مختل لصالح العدو بل تصبح العملية التفاوضية اما مجال تصلب ارادي عنادي جمودي لا يستند الى فاعلية تسنده او تتحول الى طريق يسلكها العدو في الحصول على تنازلات يعيد توظيفها في انهاك المتفاوضين كما يحدث الان
• النقطة الثانية ان كلا الجناحين الانقسامي لا يستند الى قوة الاسناد الجماهيرية الفـلسطينية بصورة رئيسية بل يستند الى قوى خارجية, حيث الجانب التفاوضي يستند الى الى اتجاه مراكز القوى العالمية ورغبتها في تحجيم الكيان الصهيوني لمصالحها الخاصة , في حين يستند جناح العمل العسكري الى حالة صراع اطراف اقليمية مع الكيان الصهيوني وتحالفه العالمي ايضا بسبب مصالحها الخاصة وهو صراع اقليمي عالمي ( مؤقت)
• النقطة الثالثة ان كلا الجناحين لا يتخذ لا من المراكزالعالمية ولا الاطراف الاقليمية نهجا وطنيا استقلاليا يبلور مجالا للجمع بين العمل العسكري والعمل الدبلوماسي والاستناد الى القوة الـفـلسطينية في نفس الوقت حيث لا يرى ناحية العداء الاقليمية المؤسسة على مشاركتها في تنفيذ قرار التقسيم وعملها من اجل استعادة مكتسباته , وايضا عدم رؤيتها لاختلاف محتوى التحالف العالمي الصهيوني الذي كان مطلقا خلال الحرب الباردة واصبح الان مشروطا بعدانتهائها حيث يرفض الاتجاه العالمي احتفاظ اسرائيل بمكتسبات حرب حزيران عام 1967 وان لا يزال يؤكد ضمانه لبقاء وامن الكيان الصهيوني
الصور الخطابية للخطين
تتبلور الصور الخطية لخطاب الخطين في صورتين:
• الاولى وهي الصورة الخطابية للخط الديني , هي صورة تجريد الفـلسطينيين من حق التصرف بفـلسطين كملكية وطن باعتبار ان فـلسطين هي ( وقف) اسلامي, ليس للفـلسطينيين بها من حق اعلى من حق المستاجر بالمأجوراوالحائز بالحيازة , حيث من الواضح وهذه الصورة انه لا يصبح من حق مركز القرار السياسي الـفلسطيني حق التفاوض حول فـلسطين وتضييق هامش المناورة والتاكتيك وهو الامر الذي لا يمنع فقط حق التفاوض بل يمنع ايضا حق الوحدة الا عبر التنازل عن نهج التفاوض , لذلك يصبح اللجوء للسلاح والعمل العسكري في ظل اختلال ميزان القوى , وانعدام وجود نهج ( تحرير) في العمل الهسكري الراهن وبقاءه في نطاق الطابع ( الازعاجي ) عملا لذات العمل العسكري لا للتحرير
• الثانية وهي الصورة الخطابية لمقولة القومية العربية الواحدة والتي ترى في فـلسطين جزءا من الوطن العربي الكبير وقضية فـلسطين جزءا من قضية الصراع العربي ....الخ حيث تنتفي استقلالية القرار الفـلسطيني وتصبح جزءا من مركزية القرار العربي , ولكن ماذا نرى حين نقابل هذه المقولة بحالة انعدام لوجود مركز قرار عربي وتعددية المراكز والقرارات والاتجاهات انها ببساطة فرض لحالة انتظارية فرضت علينا قبل عام 1965 ورقضها الشعب الفـلسطيني وتجاوزها بانطلاقة الثورة الفلسطينية لكنه للاسف تجري محاولة استعادتها وفرضها علينا وتجد لها في الواقع الـفلسطيني استجابة بدءا ب م ت ف / مرورا بنهج السلطة وانتهاءا بنهج الفصائل والشارع
المدخل للتغيير
يتضح من الصورة السابقة ان المدخل الرئيسي لعملية التغيير في الواقع الفلسطيني تبدأ من حالة ادراك :
• الطبيعة الموضوعية القومية الفـلسطينية المستقلة عن القوميات الاخرى في المنطقة وان التشابهات هي عامل مساعد يمكن له في المستقبل ان يلعب دورا مؤثرا في تحقيق وحدة للمنطقة الناطقة باللغة العربية غير ان الوقت الراهن والمنظور لا يشير الى امكانية تحقيق هذا الوضع ولا يجب بالتالي السماح بربط القرار الفـلسطيني بحالة انتظارية لتضامن ( عربي ) , ان التاسيس الدستوري لهذا الامر وهيكلة الادارة والقانون فـلسطينيا على هذا الاساس واعتماد الشرعية الفـلسطينية ومصالحها استنادا الى هذه الحقيقة والممارسة على اساسها يصبح صمام امن الصوابية البرنامجية الفـلسطينية
• رؤية الطابع القومي لسياسات الاطراف غير الفـلسطينية اساسا لوعينا بحركتها وتاكتيكها السياسي وكجوهر لعلاقتنا بها , والتاكد ان مدى احتياج مصلحتها القومية هو شرط علاقتها بنا وباعداءنا وليس هناك من مشاعر تعاطف حسية في الموضوع
• الاستجابة لاحتياجات النضال الفـلسطيني تبعا لمصلحتنا القومية الخاصة والثقة ان النقطتين سابقتي الذكر سوف تعملان لمصلحتنا وليس ضدها
#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟