أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - فاطمه قاسم - اطفالنا ذوي الاحتياجات الخاصة بين ظلم المجتمع وعجز القوانين















المزيد.....

اطفالنا ذوي الاحتياجات الخاصة بين ظلم المجتمع وعجز القوانين


فاطمه قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2354 - 2008 / 7 / 26 - 10:50
المحور: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة
    


هناك أسباب عديدة تحدث على امتداد الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس , ينتج عنها إعاقات مختلفة عند الأطفال, مثل نقص الأكسجين عند الولادة , أو الولادة المبكرة , أو تكثيف الصفات الوراثية السلبية في زواج الأقارب , أو الحوادث التي تقع في فترة الحمل فتتأثر بها الأجنة أو الحوادث التي يتعرض لها الأطفال الصغار سواء نتيجة السلوك المجتمعي أو بسبب الاحتلال أو تأثير إدمان الوالدين على أنواع خطيرة من المخدرات , أو فقدان الرعاية الصحية الضرورية للأطفال في مواعيدها المحددة مثل التطعيم الثلاثي .....الخ والنتيجة لكل ذلك أن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس تزيد فيه هذه الشريحة من الأطفال الذين يعانون من إعاقات مختلفة , مثل الإعاقات الحركية , أو الشلل الدماغي , أو فقدان البصر , أو فقدان السمع والنطق , وهم الذين اصطلح العالم على تسميتهم بذوي الاحتياجات الخاصة , والذين صدرت لصالحهم وثائق و قوانين على المستوى الدولي وعلى المستوى الوطني , تحمي حقهم في الحياة , والتعليم , والعمل , حيث قطعت الكثير من البلدان وخاصة في البلدان المتقدمة أشواطا بعيدة جدا في مساعدتهم ورفع الظلم المجحف عنهم وعملوا على دمجهم بالكامل في النسيج الاجتماعي ,بل إن بعض ذوي الاحتياجات الخاصة من كل الفئات وصلوا إلى حد أن يكونوا إعلاميين ومشاهير لامعين جدا , مثل الموسيقار الألماني العالمي " بتهوفن "الفاقد للسمع وسنفونياته الأشهر في عالم الموسيقى , والبريطاني ستيفن هوكنج أشهر فيزيائي في العالم بعد انشطاين , وهو مؤلف كتاب A brief history of teine الذي يبسط فيه علوم الكون والفضاء , ولا ننسى المصري العربي الدكتور طه حسين الذي أثارت مؤلفاته عن أبي العلاء المعري وعن الشعر الجاهلي صخبا هائلا في الأوساط العلمية والأكاديمية وداخل المؤسسات الدينية على امتداد القرن الماضي , وظلت أثارها وتداعياتها مستمرة حتى يومنا هذا .
ولكن غير هؤلاء المشاهير وأمثالهم , هناك الملايين يعيشون على كوكبنا من ذوي الاحتياجات الخاصة , الذين يعاني الواحد منهم إحدى الإعاقات الحركية أو السمعية أو البصرية أو غيرها , ورغم ذلك فهم يجدون المكان اللائق بآدميتهم في كثير من بلدان العالم , ويعتبرون جزءا عضويا من نسيج مجتمعاتهم , ومن الدورة الإنتاجية في تلك المجتمعات , بينما هناك الملايين أيضا الذين يحرمون من حقوقهم في بلاد كثيرة , من بينها مع الأسف الشديد, بلادنا فلسطين , إما لظلم المجتمع , وتدني مستوى هيئاته الوطنية والأهلية , أو بسبب قصور القوانين التي تشمل هذه الشريحة بالرعاية , وعدم القدرة على متابعة هذه القوانين حين صدورها بضرورة الالتزام بالتنفيذ .
اسمحوا لي في هذه المساهمة السريعة أن أحدثكم عن شريحة هامة جدا من ذوي الاحتياجات الخاصة , وهي الشريحة التي تعاني من الإعاقة السمعية والنطق , التي يطلق عليها شريحة الصم والبكم والذين تميل اتجاهات كثيرة في العالم إلى اعتبارهم " أقلية لغوية " حيث هؤلاء وهبهم الله سبحانه وتعالى القدرة على التفاهم مع بعضهم ومع الأخريين بلغة الإشارة التي لها قواعد شبه دولية , كما أنهم في العادة يوصفون بحدة الذكاء , وبالقدرة على اكتساب المهارات , واستخدام وسائل متعددة للتعبير عن أنفسهم بتعبير وجوههم , وحركات أيديهم وأجسامهم , وبالكتابة السريعة , وبالرسوم السريعة أحيانا .
تربطني بهذه الشريحة "الصم والبكم " علاقة قوية تمتد إلى سنوات , حيث شاءت إرادة السماء أن يكون احد أبنائي ممن ينتمون إلى هذه الشريحة , وبفضل الله ورعايته , فان التلف في أعصابه السمعية لم يكن كاملا , وهو لديه قدرة بسيطة على السمع والكلام , وهذا جعلني على صلة قوية بهذه الشريحة في مراحل عمرية مختلفة , وفي بيئات مختلفة , وهيئات ومؤسسات أهلية متعددة المستويات , ولكن الصدمة القاسية كانت في الأراضي الفلسطينية , حيث أن هذه الشريحة لا توجد لهم مدارس تتابعهم بعد إتمام مرحلة الدراسة الإعدادية , ولا توجد برامج اذماج لهم في المدارس الرسمية , ولا قوانين تفرض عملية الدمج , وبالتالي فانه لايوجد برامج تأهيل للمجتمع سواء داخل المدارس أو في الجامعات أو في هيئات المجتمع بصفة عامة , لتأهيل أفراد المجتمع للتعامل مع هذه الشريحة , مثلما يحدث في عدد كبير من دول العالم , حيث هناك قوانين نافذة تفرض هذا الإدماج في مراحل التعليم المختلفة بما في ذلك التعليم الجامعي وما بعد الجامعي , وبرامج تأهيل للأسر والعلاقات والهيئات الاجتماعية والهيئات المدرسية والجامعية لكيفية التعامل مع هذه الشريحة , كان يتدرب المدرسون في المدارس والجامعات على إلقاء محاضراتهم دون أن تغيب وجوههم عن الدارسين الذين قد يكون بينهم دارسا ينتمي إلى هذه الشريحة التي تستوعب لغة الشفاه , أو أن يتدرب المعلمون أو المدرسون في الجامعات والمدارس الاستعانة بميكرفونات صغيرة تكون مربوطة بنظام أل FM موصولة بسماعات صغيرة يستعين بها هؤلاء الدارسين , بالإضافة إلى القوانين التي تزودهم بإشارات خاصة للمرور تفرض على السائقين بوضع نموذجا في سياراتهم التي يقودونها في الشوارع يتعامل بموجبها كافة السائقين ورجال المرور , إضافة إلى عمليات التأهيل المجتمعي , والقوانين النافذة , وخلق ثقافة متعاونة تكون بمثابة تأهيل مجتمع صديق للصم .
ومن خلال متابعاتي لسنوات مع هذه الشريحة في قطاع غزة على وجه التحديد , ومن خلال التواصل مع العديد من المدارس والجمعيات والمؤسسات الأهلية التي تعمل في هذا الحقل , لرعاية هذه الشريحة التي يتزايد عددها بشكل ملحوظ , وقد تجد أن خمسة أو ستة أشقاء وشقيقات في عائلة واحدة يعانون من هذه الإعاقة , وكم هي كبيرة معاناة تلك العائلة والعبء الذي تتحمله العائلات التي يعاني عدد من أبنائها من هذه الإعاقة .
إن المشكلة الجوهرية تكمن أولا وقبل كل شيء تدني الثقافة المجتمعية السائدة , حيث غالبا ما يتسم هؤلاء المصابين بهذه الإعاقة بحسن الصورة , وشدة الذكاء وحضور البديهة , وسرعة الاستجابة , ولكن البيئة المحيطة تظل على موقفها السلبي ,غير المتعاون , بل المؤذي في كثير من الأحيان , وكثير من الأهل , ولأسباب تتعلق بضيق ذات اليد , أو بعض العادات الدميمة , أو الإحباط نتيجة عدم وجود من يساعدهم,سرعان ما ييأسون ومن ثم يهملون هؤلاء الأبناء , وفي البيئات الفقيرة والمزدحمة , يتعرض كل ذوي الاحتياجات الخاصة إلى ايذاءات نفسية وجسدية قد تصل إلى مستويات خطيرة, ونظرا لأنهم يكونون في العادة اقل قدرة على التعبير عن النفس , فان رواياتهم يتم تجاهلها , ونتيجة لاستعصاء التفهم والتعاطف فان الكثيرين من هذه الشريحة يصبحون سريعي الانفعال , وذات ردود عنيفة ومستفزه بل عميقة إلى الحد التي تصل بهم إلى العدوانية والانفصال النفسي عن المجتمع .
وبما إن المشكلة تكمن في المجتمع أصلا , وفي السلوك الاجتماعي , وفي الثقافة الاجتماعية السائدة , فانه يلزم الكثير مما يجب أن تضطلع به الهيئة الاجتماعية الفلسطينية سواء على المستوى الرسمي , ونعني بذلك الحكومة ومؤسساتها التعليمية والإعلامية والقانونية , أو على مستوى الهيئات الأهلية كان

أولا : نشر ثقافة مجتمعية متعاونة على أوسع نطاق , للتعريف بهذه الشرائح , وقدراتها , ونبذ المفاهيم الخاطئة , مستخدمين بذلك كل وسائل التوعية المرئية , والمسموعة , والمرئية , حيث يعتقد البعض أن الزواج بشاب أو فتاة صماء ينتج عنه إنجاب أولاد يحملون نفس الإعاقة , وهذا اعتقاد ليس له أي أساس علمي إلا في حالات لها علاقة بالوراثة , وهناك المئات من الأمثلة على خطا وجهل الكثير من الاعتقادات الشائعة .

ثانيا: فتح مدارس خاصة بهذه الشريحة للتعلم الثانوي العام لتأهيلهم للتعليم الجامعي, والاستفادة من الثورة العلمية وخاصة في مجالات الاتصالات وثورة التكنولوجيا التي يوجد فيها موقع لهؤلاء الذين وهبهم الله حدة الذكاء.

ثالثا : إصدار قوانين ملزمة للمدارس الخاصة , والحكومية بدمج نسبة من هؤلاء في صفوفها , لان هذه هي الخطوة العملية الرئيسية اللازمة لإحداث القبول المطلوب , ولا بد من رعاية واعية لعملية الإدماج , فلقد كانت هناك صعوبات في قبول ذوي الإعاقات الأخرى , ولكن هذه الصعوبات تناقصت بالتدريج حتى انتهت بشكل نهائي , مثل إدماج فاقدي البصر , أو ذوي الإعاقات الحركية , أو إدماج ذوي اللون المختلف , أو الإناث في الجامعات في البدايات , ونفس البداية يجب أن تحدث مع هذه الشريحة من فاقدي النطق والسمع , اللذين يمتلكون العديد من السمات والميزات الإضافية ,

رابعا :إعمال القوانين الصادرة ومتابعة تنفيذها والتي تقضي باستيعاب نسبة من هؤلاء في مواقع العمل الحكومي والخاص حسب مهاراتهم وخبراتهم وتحصيلهم العلمي وخاصة في المعامل والمختبرات ومكاتب الحاسوب والبنوك والصيدليات والمستشفيات والعديد من مواقع العمل الأخرى .

خامسا :قيادة حملات توعية مكثفة , سواء بإدخال موضوعات تعريف عن هذه الشرائح في المناهج التعليمية ابتدءا من التعليم الأساسي , أو إدارة الندوات والحلقات البحثية والدراسية , والأعمال الدرامية , أو برامج الإذاعة والتلفاز , وجعل هذه الشريحة حاضرة في تفاصيل حياتنا ومفرداتها بشكل مستمر ..
سادسا: تشجيع المدارس والجامعات ومواقع العمل التي تنجح في إدماج النسبة الأعلى من هذه الشريحة, ورصد الجوائز الأدبية والعينية والمادية, واعتبار عمليات الإدماج الواسعة نوعا من التفوق الوطني والحضاري ونموذجا للوعي الديني والرقي الأخلاقي.

سابعا: رصد أنواع متعددة من التشجيع المادي والمعنوي والتبني للمتفوقين من هذه الشريحة, وجعلهم نماذج يحتذي بها للطموح والتغلب على صعوبات الإعاقة مهما كانت كبيرة.

إنني أهيب بالحكومة , وبكل مؤسسات السلطة الوطنية , وبكل مؤسسات العمل الأهلي على امتداد الأرض الفلسطينية , أن تنجح في هذا التحدي , وان تجعل اسم فلسطين ينهض عاليا بهذا التحدي الحضاري , فان حلمنا الوطني كبير جدا , وان الشعب الذي يصمم على التحرر والخلاص من الاحتلال , لا يمكن أن يقف عاجزا أو غير مبالي إزاء شريحة منه ابتلاها الله بهذا النوع من الإعاقات , لأنه سبحانه وتعالى إنما يمتحننا إن كنا نستطيع أن نشكره على نعمة وهبنا إياها , وأخذها من بعضنا وهل نحن بمستوى أن نكون أياديه الرحيمة التي اختارها , كي تفتح أبواب الأمل
أتمنى من الله واصلي له أن تصل رسالتي إلى من يجب أن تصل لهم.





#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرورة اسمها القوة
- قرارخارج السياق
- الحوار الوطني رؤية عملية
- الحوار الفلسطيني ماذا ينتظر؟
- اختبار كبير اسمه التهدئة
- مثلث اليأس في الذكرى الاولى للانقسام
- افتراض التشابه افتراض الاختلاف
- دعوة ابو مازن والوقت الحاسم
- وحش اسمه الفراغ
- اسرائيل نيران تحت الرجل السياسي
- غزة وسباق الحلول
- كم نحن حمقى
- صلح في لبنان أم سلام في المنطقة
- حوار الدوحة امل كبير وخوف اكبر
- المقاومة وزمن الانزلاق الى الهاوية
- الأنفاق بوابة للحياة ومختنق للموت
- حقوق المراة بين حضور الواقع وهروب الاعتراف
- صديق ومسافة
- مقلى الفلافل محطة وقود !
- الاقوياء دائما يكذبون


المزيد.....




- 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
- كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت ...
- خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال ...
- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...
- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...
- كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا ...
- أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه ...


المزيد.....

- الإعاقة والاتحاد السوفياتي: التقدم والتراجع / كيث روزينثال
- اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة / الأمم المتحدة
- المعوقون في العراق -1- / لطيف الحبيب
- التوافق النفسي الاجتماعي لدى التلاميذ الماعقين جسمياً / مصطفى ساهي
- ثمتلات الجسد عند الفتاة المعاقة جسديا:دراسة استطلاعية للمنتم ... / شكري عبدالديم
- كتاب - تاملاتي الفكرية كانسان معاق / المهدي مالك
- فرص العمل وطاقات التوحدي اليافع / لطيف الحبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - فاطمه قاسم - اطفالنا ذوي الاحتياجات الخاصة بين ظلم المجتمع وعجز القوانين