أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - أوزجان يشار - مخلوقات تهدد المرافق الصناعية















المزيد.....

مخلوقات تهدد المرافق الصناعية


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 2354 - 2008 / 7 / 26 - 03:46
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


كانت حادثة اختراق اسراب من اسماك الميد و ابو سيف الصغيرة شبكات الحماية الخاصة بمياة التبريد في التسعينات حدث غريب و مدهش للعاملين في قطاع صناعة البتروكيماويات في مدينة الجبيل بالمملكة العربية السعودية , فقد تسربت أسراب الاسماك و بسرعة عبر انابيب مياة التبريد و وصلت سريعاً إلى المؤثرات الحرارية و مضخات المياة و تسببت في توقف الانتاج في مصانع سابك بمدينة الجبيل الصناعية, و كانت تلك الحادثة الأولى التي جعلتني ابحث عن مدى تأثير المخلوقات الصغيرة على سلامة الأنتاج و الصناعة و التكنولوجيا.
غالباً ما تكون فرق التنظيف معتادة على المهام الصعبة. لكن حين نزل عمال الصيانة في شركة " كهرباء ساو باولو " إلى باطن المعمل الكهرومائي العملاق " سرجيو موتا " الواقع على ضفاف نهر بارانا بداية هذا عام 1998 , لم يستطيعوا تصديق ما رأوه أو بالأحرى ما اشتموه. ففي مشهد أشبه بالكابوس , كانت حيوانات المحار المتعفنة منتشرة في كل مكان . وكان هذا هو الخبر السار . و مخلوق"ليموبرنا فورتوني"- المعروف باسم "بلح البحر الذهبي" - كان هو الوحش الصغير . و إذا لم تتم مراقبة بلح البحر السريع التكاثر , لأنه يسد بسرعة أنابيب التبريد ويسبب أرتفاع درجات الحرارة في التربينات, الذي يؤدي إلى إقفال المعمل. ومعمل سرجيو موتا مفخرة على صعيد معامل الطاقة في المنطقة ؛ فهو يؤمن الكهرباء لستة من أصل كل عشرة قاطنين في ساو باولو. والطريقة الوحيدة لمحاربة هذه المخلوقات تتمثل في تصريف التربينات وإزالة بلح البحر بخراطيم المياه و المعاول. يقول المهندس المسؤول عن العمال لويس تادو دو فريتاس : " نقلنا عربات منه وكانت الرائحة نتنة لا تحتمل " .
لكن الرائحة هي آخر ما يقلقهم . فبلح البحر الذهبي , وأصله من آسيا , هو من الأحياء الغازية . وحين وصلت هذه المخلوقات الغازية إلى البرازيل أواخر تسعينات القرن الماضي , لم يقلق أحد بشأن هذا الحيوان التافه ذي الصدفتين . فحجمه ربع حجم الخمسين سنت الأمريكية ولا يمكنه حتى السباحة . لكن ليموبرنا فورتوني حيوان لاصق و متشبث . فعندما يتم سحب هذا الحيوان في صوابير صهاريج سفن الشحن , يتكاثر بلح البحر الذهبي على متن الرحلات البحرية الطويلة ثم يتم قذفها في موانئ في النصف الآخر من الكرة الأرضية . وهناك , تصبح الرحلة إلى البرية بالنسبة إلى هذا الحيوان سهلة للغاية . فهو يعلق كالبرنقيل على أنابيب السفن ومن هناك تنتقل إلى البرازيل والأرجنتين وباراغواي وأوغواي . وتنتشر هذه الكائنات الحية بحيث تخنق السلسلة الغذائية البحرية في البحيرات والأنهر والمستنقعات : وقد تميت السمك جوعا وتسد أنابيب المياه ومعامل تكرير مياه الصرف الصحي . ويحذر علماء البيئة من أنه إذا لم يتم التصدي لهذا الحيوان , فإن هذا الوباء المحصور سينتقل إلى بانتانال , وهي محمية مستنقعات البرازيل التي تعج بالحياة , ويؤدي ذلك في النهاية إلى القضاء على الفسيفساء الهشة للنباتات والعصافير والسمك في حوض نهر الأمازون .
ولطالما ساعدت الرياح والطقس والمحيطات على تنقل الكائنات الحية من مكان إلى آخر على الكرة الأرضية . لكن في السنوات الأخيرة , زادت التجارة العالمية والسفر من حدة هذه المشكلة لاسيما في عرض البحار . فقد تضاعفت سفن الشحن في المحيطات بنسبة 10 أضعاف في السنوات الـ 50 الأخيرة بحسب سجلات الشحن العالمية و 90 بالمائة من سلع العالم تشحن اليوم عبر المحيطات .
وحجم الشحن ليس المشكلة بقدر ما هو تغيير الصابورة . وللمحافظة على التوازن ,اعتادت السفن التي تمخر عباب البحر ملء عنبر السفينة بالصخور أو الرمل أو الفولاذ . لكن في السنوات الأخيرة , استعاضت السفن عن هذه المعدات بمياه البحر . وراحت تبلع ثقل التوازن من المياه في ميناء ما وتقذف به في الميناء التالي . وهذا ما يجعل كل سفينة شبيهة بحصان طروادة أحيائي مع أكثر من 7000 كائن غاز مخبأ في 11 بليون طن من المياه الصابورة كل يوم . وكل تسعة أسابيع , يتم إطلاق غاز أحيائي بحري جديد . والمنظمة البحرية الدولية التي تراقب المحيطات تعتبر الغزاة الوافدين مع السفن " من أخطر التهديدات لصحة محيطات العالم " .
كما أن التبادل العالمي لأجناس النباتات والحيوانات هو سيف ذو حدين , إذا يستطيع سد نقص غذائي في العالم ( بطاطا الأنديز ) أو القضاء على موطن بيئي بأكمله ( النمس الهندي الهند الشرقية ) . ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بما سيحصل حين يستقر نوع من المخلوقات في مكان ما على الأرض . لكن إذا تمكن كائن غريب من النجاة في موئل جديد , فإنه سيبقى فيه للأبد . ويقول تشارلز غريفيث , وهو عالم حيوان في جامعة كيب تاون : " حين تتمكن من النجاة , تبدأ مشكلاتك " . وقد تمكن جنس جرئ هو بلح البحر البلطيقي المخطط الذي ظهر في البحيرات الكبرى في الولايات المتحدة في تسعينات القرن الماضي وانتشر حتى بلغ دلتا نهر الميسيسيبي من التسبب بأضرار بقيمة 3.1 بليون دولار لقطاعي صيد السمك والسياحة . أما القناديل المهدبة وهي مخلوقات شبيهة بالهلام فقد انتقلت من الساحل الشرقي للقارة الأمريكية إلى البحر الأسود في ثمانينات القرن الماضي , فالتهمت كل العوالق الحيوانية التي كانت تغذي أجناس سمك لا تحصى ولا تعد , مما أدى إلى انهيار قطاع صيد السمك . ومنذ ذاك تم نقل هذا المخلوق إلى البحر قزوين حيث هدد وجود السمك الحفش والمخزون العالمي من الكافيار . ويقول عالم الأحياء ديفيد بيمنتال من جامعة كورنيل الذي درس وقع الحيوانات الضارية على المخزون الغذائي : " الحشرات و الكائنات الغريبة مسؤولة عن انقراض 40 بالمائة من النباتات والحيوانات في العالم . وتعتبر الأجناس الغازية من أخطر المشكلات التي يجب على البيئة العالمية مواجهتها" .
ويعد التحكم في الأحياء الغازية البحرية من المهمات شبه مستحيلة . فمعظم المخلوقات قادرة على تجاوز أشد مراقبة للحدود . وقد أبرزت دراسة أجرتها الأكاديمية القومية للعلوم في الولايات المتحدة بداية عام 2002 أن 13.000 مرض تصيب النباتات ترصد كل سنة في مرافئ الولايات المتحدة مع أن يتم مسح 2 بالمائة فقط من سفن الشحن والبضائع الوافدة . وتتفاقم المشكلة أكثر في البلدان البحرية في العالم النامي . وتفتخر البرازيل بشاطئ يمتد على طول 8.00 كيلومتر فيما لدى الهند 12 ميناء شحن عملاقا مع 5.000 سفينة ترسو في مومباي وحدها كل سنة . وقد وضع البلدان فرق عمل حكومية معينة بمراقبة صابورة المياه - كما أطلقت البرازيل في شهر أبريل الماضي حملة قومية لصد بلح البحر الذهبي - بسبب كل الأضواء العالمية كل الأضواء العالمية المسلطة عليها . وقد تمكن البرازيليون من التركيز عليها من خلال إضافة مواد كيميائية مثل الكلورين إلى المياه في المعامل الكهرومائية مما يحول دون تمسك بلح البحر بالأنابيب وبالتالي فرك التربينات لتنظيفها . لكن هذا عمل مكلف ويستلزم الكثير من الوقت و يسيء إلى نوعية المياه .
و رغم أن جميع البلدان تتفق على وجود خطر , فإنه ليس هناك إجماع حول الطريقة لردعه . فإذا غيرت السفن مياه الصوابير في عرض البحار , حيث لا تستطيع الأجناس الشاطئية النجاة , سيسفر ذلك عن تأجيلات مكلفة ومخاطر إضافية . وقد أعدت شركة النفط البرازيلية " بيتروباس " نظاما واعدا يسمح للسفن بتفريغ صهاريج الصوابير وتعبئتها تدريجيا على طول الرحلة مع أن الشاحنين لا يزالون يدرسون الموضوع . من جهتهم يقوم المسؤولون البحريون في شتى أنحاء العالم بدراسة جميع المشكلات من الأشعة فوق البنفسجية وصولا إلى الأوزون ومرورا بمعالجة مياه الصوابير لكن كل هذه التجارب لم تنطلق بعد .
لن تتمكن التكنولوجيا وحدها من التغلب على الأحياء الغزاة . وسيتطلب أي حل دائم تعاونا بين الدول ذات جغرافيه بحرية . وقد تمت صياغة اتفاقية دولية للحد من مياه الصنابير لكن لن تصبح قانونا ما لم توقع عليها 30 دولة . وفيما تكون صحة القنوات المائية على المحك , فليس هناك خيار آخر سوى التوقيع . كما أن الحلول البديلة مقرفة فعلا .

* أوزجان يشار
[email protected]




#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -العفريت والمحيط- من مذكرات الكاتب التركي -عزيز نيسين-
- يا جملي الصغير
- الديك و الشادوف
- رؤية جاك ديريدا
- نوايا تقمص الشخصيات
- الحمى و الخوخ الأخضر
- فضلات المدن و التعامل معها
- و مضات من حياة ديكنز
- الكأس الأخير
- رهاب الحديث امام الجمهور
- يا سكان الأرض اتحدوا..!
- بيئة العمل و المخاطر المهنية
- ثائر ليبرالي ام مصلح اجتماعي
- الكلور الحارس الغادر
- لحم البشر و آداب المائدة
- الغيرة بين شارلوت وياسمين
- توم هانكس مبدع يمتطي الصعاب
- المياه محور الصراع القادم
- القرآن وماكينة الخياطة
- ومضات من حياة فولتير


المزيد.....




- التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف ...
- جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا ...
- قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل ...
- مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي ...
- مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار ...
- السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
- ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال ...
- واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي ...
- هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
- تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - أوزجان يشار - مخلوقات تهدد المرافق الصناعية