أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مصطفى عنترة - المجتمع المدني -ينتفض-ضد اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية















المزيد.....

المجتمع المدني -ينتفض-ضد اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية


مصطفى عنترة

الحوار المتمدن-العدد: 727 - 2004 / 1 / 28 - 06:32
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


 تجري الاستعدادات لتوقيع اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، ويتابع الرأي العام الوطني باهتمام وقلق الترتيبات الجارية بين الطرفين في غياب معرفة بمضامين هذه الاتفاقية، حيث يبقى علمه في هذا الإطار محدودا، وتبقى النتائج السلبية التي حصدتها بعض الدول (جنوب إفريقيا على سبيل المثال) بد انخراطها في تجارب مماثلة أكثر الأشياء علوقا في ذهنه وإثارة لتوجساته ومخاوفه وفي هذا السياق شهدنا مؤخرا حركة هامة في صفوف مكونات المجتمع المدني بما فيها مهنيو الصحة، الجمعيات الحقوقية والثقافية، الجمعيات المهتمة بالطفولة وكذا الجمعيات الأمازيغية والنقابة الوطنية للصحافة المغربية. وقد شكلت جميعها إطارا للتكتل أطلق عليه اسم "الائتلاف المغربي من أجل الحق في الولوج إلى العلاج والحصول على الأدوية" بمشاركة تحالف الفنانين المغاربة من أجل الدفاع عن التعددية الثقافية.
وقد كلف الملك محمد السادس الطيب الفاسي الفهري الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية إلى جانبه فيصل العرايشي المديرالعام للتلفزة المغربية  لإدارة هذا الملف، ذلك أن هذا الأخير اختار نخبة من الأطر العالية المنتمية لقطاعات متعددة، وقد قام الطرفان المغربي والأمريكي بسلسلة من المفاوضات الماراطونية قد تتوج بالتوقيع على الاتفاقية في أواخر أبريل المقبل خاصة في مجالي الصحة والأدوية المستنسخة والمجال الثقافي.
ويجد قلق هذا التكتل المدني تبريره في كون انعكاسات اتفاق التبادل الحر بين المملكة المغربية ونظيرتها الولايات المتحدة الأمريكية تصيب عدة قطاعات في طليعتها القطاع الصحي، وذلك من خلال تضييقه المرتقب على الصناعة المحلية للأدوية المستنسخة، إذ لا يراعي في مقتضياته مصالح هذه البلدان وأهداف الصحة العمومية فيها. ولعل تجارب دولية سابقة في هذا الإطار ـ كانت فيها أمريكا طرفا ـ تحمل ما يكفي من الدروس والعبر.
فالحق في الولوج إلى العلاج والوصول إلى الأدوية ستتم مصادرته، مما سيضطر  المواطن حينها إلى اقتناء الأدوية بنفس الثمن الذي تباع به في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا، وستكون نتيجة ذلك أن تكلفة العلاج ستثقل كاهل المواطن المغربي نظرا إلى التضييق الذي سيمارس على صناعة الأدوية المستنسخة نتيجة المنافسة الشرسة في ظل وضع محلي سمته الأساسية الضعف المزري والمتزايد للقدرة الشرائية لعموم المواطنين. والأدهى من ذلك أن تحكم الشركات المتعددة الجنسية في سوق الأدوية بالمغرب سيدفع بالعديد من المؤسسات المحلية إلى إغلاق أبوابها وبالتـــالي إلى تشريد أطرها ومستخدميها ..
ومعلوم بأن التكتل المدني المغربي قام بعدة خطوات للتحسيس بمخاطر هذه الاتفاقية وبالانعكاسات السلبية التي يمكن أن تترتب عنها، إذ عقد  على سبيل الذكر لقاءات مع مجموعة من المسؤولين الرسميين، كما نظم ندوة صحافية يوم الثلاثاء 20 يناير 2004 بفضاء المركب الثقافي سيدي بليوط بالدارالبيضاء، وأحدث لجنة للمتابعة ضمت ممثلين عن الهيآت المدنية التالية: الجمعية المغربية لمحاربة السيدا، النقابة الوطنية للصحافة، المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، المرصد المغربي للسجون، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، ونقابتا الصحة التابعتان للاتحاد العام للشغالين بالمغرب والكونفدرالية الديمقراطية للشغل فضلا عن تحالف الفنانين المغاربة من أجل التعددية الثقافية. كما يعتزم التكتل المذكور تنظيم وقفة احتجاجية أمام مبنى البرلمان، وذلك يوم الأربعاء 28-1-2004 ابتداء من الساعة السابعة مساء.
 ومن المتوقع أن يتبنى هذا الائتلاف المدني أشكال احتجاجية متقدمة في حالة عدم إنصات واستجابة الحكومة المغربية لمطالبه المتمثلة أساسا في الدفاع عن حق المغاربة في الولوج إلى العلاج والحصول على الأدوية بأثمنة تناسب قدرتهم الشرائية المتدهورة، وفي خلق ظروف جيدة ومحفزة لتوسيع التأمين على الصحة والتغطية الصحية الإجبارية التي خاضت النقابات العمالية الشعبية نضالات مريرة قصد فرضها، وكذلك في حماية ثقافتنا المتعددة الأبعاد.
ولعل الصورة السلبية التي ترسخت عن الأمريكان في المخيال الجماعي للمغاربة قد تساعد هذا الائتلاف المدني على إيجاد المناخ المناسب للضغط على الدوائر الرسمية التي لازالت تتكتم على مضامين هذه الاتفاقية التي يبذل المغرب جهودا مضنية مقدما التنازل تلو الآخر قصد كسب رهان التوقيع عليها. فالصورة التي انعكست عن أصدقاء جورج بوش في الشرق الأوسط خاصة في العراق وفلسطين والتي جعلت دائرة الرفض تتسع لكل ما يأتي من بلاد العم سام، قد تساعد على مضاعفة أعداد المحتجين، مما سيسمح بالتالي باللجوء إلى أشكال متقدمة للتعبير عن الرفض والسخط الشعبيين.
إن مشروع الولايات المتحدة، الذي تتجسد ملامحه البارزة في رغبتها المحمومة في الهيمنة على سوق صناعة الأدوية بالمغرب وجعله بوابة لاجتياح القارة السمراء، يحمل في طياته مفارقة عجيبة ذات طبيعة قانونية وسياسية، ذلك أن هذا التوجه يضرب في الصميم قانون التغطية الصحية، كما أنه يتعارض بشكل سافر مع ثقافة حقوق الإنسان التي تطبل لها الولايات المتحدة الأمريكية في مختلف المحافل الدولية و ترفعها  كشعار مركزي في علاقاتها الدولية والتي يعد الحق في العلاج أحد أهم مظاهرها.
الأكيد أن القطاع الثقافي، هو الآخر، لن يسلم من الضرر في حالة التوقيع على مثل هذه الاتفاقية لأن الأمريكان ببساطة يعتبرون الثقافة بضاعة مثل سائر السلع الأخرى، إذ من شأن التفاوض أن يتجاوز هذا القطاع الحيوي والحساس.
فالصناعة الثقافية ببلادنا لازالت فتية، وهشاشتها لا يمكن أن تسمح لها بالوقوف في وجه أي تدخل أجنبي، ذلك أنها لم تمتلك بعد المقومات الضرورية التي يمكن أن تشكل بالنسبة إليها حصنا منيعا تحتمي داخله من كل خطر خارجي. ولعل ما عاشته فرنسا في بداية عقد التسعينات من القرن الماضي من هيمنة للثقافة الأمريكية على منتوجاتها السمعية البصرية، يؤكد قوة الأمريكان في هذا المجال، وهو ما جعل الفرنسيين بالرغم من صلابة عودهم يشعرون بخطر يهدد ثقافتهم، مما حملهم على المسارعة إلى التصدي لهذا الهجوم ضمن ما سمي بـ"الاستثناء الثقافي" آنذاك، حيث نهضت الانتلجنسيا الفرنسية لتدافع بكل ثقلها وباعها الطويل عن الثقافة الفرنسية، مع الإشارة في هذا الباب إلى أن هذه المبادرة عرفت مشاركة فرانسوا ميتران، الرئيس الفرنسي آنذاك، الذي قام بتحركات حملت بين تلافيفها أبعادا ودلالات رمزية هامة.
مما لا شك فيه أن الاتفاقية تتضمن جوانبا إيجابية قد تساعد المغرب على الانخراط أكثر في الاقتصاد الغربي العالمي كما يمكن أن تساعده على فتح منافذ جديدة لتسويق صادراته، ودفعه أكثر إلى تأهيل نسيجه الاقتصادي.. خاصة وأن المغرب اختاره اقتصاديا هذا التوجه المنفتح على الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا.
لكن إذا كانت الدولة المغربية تراهن بحق على هذه الاتفاقية لتطوير اقتصادها، وهذا ما يظهر، فإنه ينبغي استحضار الهوة السحيقة والبون الشاسع، على المستوى الاجتماعي، بين البلدين بكل قوة في التفاوض الجاري بشأن مضامين ومقتضيات هذه الاتفاقية، بمعنى أن الدور الاجتماعي للدولة يجب أن يكون حاضرا في هذه العملية، كما أن البعد التشاوري يجب هو الآخر في استراتيجية الدولة، وذلك من خلال  مد جسور التواصل بينها وبين المجتمع المدني وخاصة مهنيي القطاع بوصفهم قوة اقتراحية مادامت هذه الأطراف تعبر بحق عن نبض الشارع المغربي، فهذا المنحى هو السبيل إلى تحصين الجبهة الداخلية لكون المعطى الاجتماعي يشكل عامل استقرار خاصة بالنسبة إلى المغرب ما بعد 16 ماي، إضافة إلى أن استحضار الهوية الثقافية للمغرب في المفاوضات يعد مسألة حيوية لا مندوحة عنها، لأن الأمر يتعلق بموروث ثقافي إنساني وبحضارة أمة بكاملها وإلا فسنسقط في بحر الذوبان والانفصام الثقافي خاصة وأن الزمن الراهن أصبح زمن الثقافة والتبادل الثقافي بامتياز.



#مصطفى_عنترة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الباحث علي صدقي ازايكو،عضو المجلس الاداري للمعهد الملكي للثق ...
- المــــوت البطيء للأحــزاب السياسية بالمغرب!؟
- الباحث والناشط الأمازيغي خالد المنصوري يتحدث عن واقع الحركة ...
- المغرب الحقوقي في طريقه نحو المصالحة مع نفسه
- وهم القضاء على الرشوة بالمغرب!!
- اليسار المغربي في رحلة جديدة لبحث عن جمع شتاته
- الباحث أحمد بوكوس يتحدث عن تأهيل و دسترة الأمازيغية، المعهد ...
- الصحافي والمحلل السياسي خالد الجامعي يتحدث عن التغييرات التي ...
- مستشارو الملك محمد السادس وسؤال حدود الاختصاص
- السوسيون- يكتسحون المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالمغرب ! ...
- اتساع دائرة القلق من جراء هيمنة الحكم على القرارت السياسية ا ...
- بعد أربع سنوات على إقالة ادريس البصري- الرجل القوي زمن الحسن ...
- بعد مرورسنتين على الخطاب التاريخي لأجدير بخنيفرة إدماج الأما ...


المزيد.....




- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...
- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - مصطفى عنترة - المجتمع المدني -ينتفض-ضد اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية