أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام محمد - كيف سيكون الاسلام بلا معجزات؟














المزيد.....


كيف سيكون الاسلام بلا معجزات؟


هشام محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2352 - 2008 / 7 / 24 - 04:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كلما طالت المسافة بين الأحياء والأموات، كلما تكاثف ضباب الأساطير وتوارت شمس العقل. وكلما بعدنا عن موتانا من السلف الصالح خطوات، كلما بدت أحجامهم من بعيد كبيرة بدلاً من أن تكون صغيرة، وهاماتهم طويلة بدلاً من أن تكون قصيرة. مات النبي محمد دون أن تمن عليه السماء بأي معجزة فيزيائية يبدد بها ظلمة الكفر في قلوب قومه، ويضيئها بنور الإسلام. الح عليه قومه في مكة بالطلب حتى جفت حلوقهم بأن يصنع ولو معجزة يتمية، حتى كانت مطراً من حجارة تنهال فوق رؤوسهم، فلم يرجع إليهم إلا بمعجزة بلاغية، لا هي بشعر ولا هي بنثر، لها حلاوة، وعليها طلاوة، أعلاها مثمر، واسفلها مغدق، كما ينسب إلى سيد قريش ورأس الكفر أمية بن خلف.
التحق النبي بالرفيق الأعلى متأثراً بلحم الشاة المسمومة تاركاً لنا معجزته الوحيدة، مشتتة ما بين آيات مخبئوة في الصدور، وأخرى منقوشة على ذاكرة العظام والنخيل. وبعد انطواء مئات السنين بدأت تتشكل في رحم القرون معجزات نبوية، تغذيها لوعة الأحفاد على سيدهم الفقيد. معجزات لو رأتها قريش ساعة لما تكبد محمد مشقة الدعوة ثلاثة عشر سنة عجاف.
معجزات محمدية تتناطح في غرابتها وقوتها ومهابتها مع المعجزات الموسوية والعيسوية وباقي أنبياء بني اسرائيل. لم يكتف الخلف بالقرآن كدليل لا يرقاه الشك حول نبوة محمد حتى لو ملأ صراخهم وزبدهم الكون بشأن عظمة القرآن واعجازه. ماذا ينقص النبي العربي – هكذا ربما كانوا يتساءلون – عن اخوته ممن بعثهم الله لبني اسرائيل؟ لماذا تلتهم عصا موسى المتعددة الوظائف حبال سحرة فرعون وتمزق جسد البحر إلى نصفين بينما لا يحضى حفيد عدنان بشيء مثل هذا الابهار السينمائي؟ لماذا كان المسيح ابن مريم قادراً على احياء الموتى وشفاء الأكمة والأبرص والأعمى فيما يعجز ابن آمنة عن احياء لو نملة؟
إذا، فلنجعل الماء يتدفق من بين أصابعه الكريمة، ولنجعل الغزال والذئب يكلامانه ويكلمهما، ولنجعل الأشجار تمشي إليه وتشتبك أغصانها على عورته، ولنجعل جذع الشجرة يبكي فراقه ولا يهدأ انينه إلا بعد أن يعانقه النبي، ولنجعل بوله النبوي شفاء للبدن من كل ضر، ولنجعل بصاق أبي القاسم غراءً يلحم أيادي وأقدام أصحابه المقطوعة، ولنجعل ما تشاء وتشتهي. قليل من الخيال وكثير من الحب كفيل يا صاحبي بخلق معجزات مدهشة ومفحمة ومسكتة تجعل الفرقان (احد أسماء القرآن) يتصبب أمامها عرقاً من الخجل.
هل جاء النبي محمد بمعجزات؟ الإجابة بلا، ولا كبيرة بحجم المعجزات الكرتونية. إلا أنه حب الخلف الذي يصنع "المعجزة" وينسبها للسلف. حب جارف ومتدفق تصقله قساوة غياب الأب، وتعمقه الآم الهزائم، وتذكيه انكسارات الذات الجريحة، فيغدو في آخر الأمر نياشين وأوسمة نعلقها على صدور من نحب ونجل. أليس صحيحاً أننا نرى فيمن نحب كل شيء جميل؟ أليست الأم ترى ابنها الأفضل من بين الأبناء؟ أليس الطفل الصغير يرى أباه الأقوى من بين الأباء؟
ثم تعال وانظر إلى الإطار الزماني والمكاني حيث دارت تلك المعجزات العجائبية، جلها أو كلها وقعت في المدينة وليس في مكة. ما الداعي للمعجزة بعد أن جفت الأقلام وطويت الصحف وصارت كلمة محمد هي العليا وكلمة خصومه هي السفلى؟ ما قيمة تلك المعجزات مادامت الناس قد أسلمت طوعاً أو خوفاً؟ أما كان من الأولى أن تتبرع السماء بمعجزة منذ بواكير الدعوة حتى تنزع فتيل الشك من رؤوس قومه، وتلين بها قلوبهم، وتختصر بها مسافات الألم والتعب التي سار فيها النبي واتباعه المستضعفين؟
وإذا قفزنا فوق شوك الأسئلة المشروعة، اصطدمنا باشكالية أخرى وهي خصوصية المعجزة بدلاً من عموميتها. بكلمات أخرى، المعجزات المنسوبة للنبي ما عاصرها الناس كافة، وما عاشها أهل المدينة عامة، حتى تزيل الغشاوة من على أعين الكافرين والمنافقين واليهود، وتزيد من في قلبه إيمان إيماناً. معجزات أوصلها البعض إلى ثلاث الآف، ومع هذا فإن أحداً لم يراها ولم يحدث بها إلا صحابي واحد كما شأن أحاديث الآحاد المشكوك في مصداقيتها والتي تمثل جل الأحاديث النبوية الشريفة (!)
هل يملك عقلك البشري الصغير الحق في التشكيك في ومساءلة معجزات النبي واصحابه الباهرة، وبطولاتهم الخالدة، ومواقفهم المشرفة، وأقوالهم المؤثرة حتى لو بدت ساذجة للعيان أو منافية للحقائق أو مخالفة للعقل والبرهان؟ طبعاً لا يمكنك إلا التصديق والقبول، ولو ظاهرياً، بما يخلع عليهم من أمجاد، وما يسكب على رؤوسهم من طيب، وإلا جزت رقبتك، جزاءً لك وعبرة لغيرك. من المحزن أن اسلام المرء يسبح فوق طبقات متراكمة من الأساطير والخرافة حتى لو تذرع المسلم بالعقل في اكتشاف الطريق إلى الله. ولو كان المسلم حقاً متسلحاً بالعقل لما كان بحاجة إلى خلق المعجزة تلو المعجزة حتى يجد سبباً في التسليم بنبوة محمد ووحدانية الله. اتساءل هنا: ماذا لو ذابت طبقات الخرافة في عقل المسلم...ماذا سيبقى من الإسلام؟!







#هشام_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذباب ينهش لحم شاهين
- ملتحون ولكن لصوص
- رحلة في عقل وهابي


المزيد.....




- الجنة الدولية للصليب الاحمر تتسلم الاسير الاسرائيلي كيث سيغا ...
- الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
- الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي ...
- إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع ...
- بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران ...
- 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- 40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
- حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام محمد - كيف سيكون الاسلام بلا معجزات؟