طارق قديس
الحوار المتمدن-العدد: 2351 - 2008 / 7 / 23 - 10:40
المحور:
المجتمع المدني
مع أن الزمن كفيلٌ بدمل الجروح وتطهير الذاكرة من الأحزان – كما يقول الناس - إلا أن ذاكرة مسلمي البوسنة وكرواتها ما تزال مثقلة بالمآسي والصور الدامية منذ عام 1992، حتى إنه من شدتها لتكاد تلك الصور أن تكون جزءاً من نسيج الدماغ لدى كل واحد منهم، وليكاد اسم رادوفان كرازيتش، زعيم صرب البوسنة إبان الحرب البوسنية علامة لا تُنسى من تاريخ منطقة البقان بكل ما تحمله من مرارة وألم.
إلا أن صعوبة النسيان لم تمنع أبناء البوسنة من النزول إلى شوارع العاصمة البوسنية سراييفو للاحتفال بنبأ اعتقال الزعيم السابق بعد أن أُعلن الخبر رسمياً فجر يوم الثالاثاء الموافق 22/07/2008.
إن اعتقال الزعيم البوسني السابق رغم ما يحمل في طيه من أنباء سارة للبوسنيين عموماً فإنه يحمل في طيه كذلك مؤشراً خطيراً على مدى هشاهة القيادة في الجمهورية الصربية، وقد أصبحت تابعة بالكامل للإملاءات الأمريكية، حتى إنها غدت قادرة على اعتقال أبنائها إرضاءً للولايات المتحدة الأمريكية، وتقديمهم للآخرين حتى يثبتوا ولاءهم لهم.
ولعل اعتقال الزعيم المتقاعد والذي اختفى طويلاً هرباً من تهمة الإبادة الجماعية، والذي رحبت به شخصيات عديدة في الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموماً، جاء كهدية من السماء ليدعم من موقف صربيا في الاتحاد الأوروبي ، أملاً بالحصول على أكبر امتيازات ممكنة في المدى القريب، خاصة بعد مثوله في المستقبل القريب أمام محكمة جرائم الحرب التي سبقه إليها سلوبودان مليسوفيتش في الماضي.
ولعنا على قدر ما نأمل بأن يساهم القبض على الزعيم الصربي بحافلة في بلغراد في إدخال الفرحة إلى قلوب الشعب البوسني ، فإننا نأمل أيضاً بأن تعود الإرادة السياسية الحرة إلى القيادة الصربية ، والتي غدت رهينة في يد السياسة الأمريكية حتى وإن كانت إرادة الشعب الصربي هي عكس ما تقوم به قيادته الحالية.
#طارق_قديس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟