بات من المؤكد أن تتم صفقة تبادل الأسرى بين حزب الله و الكيان الصهيوني خلال عدة أيام . و ستشمل الصفقة تبادل جنود ، ربما أحياءاً و ربما امواتاً ، و ضابط استخبارات صهيوني مع أسرى عرب فلسطينيين و لبنانيين و سوريين و ليبي و ربما أردنيين . لن أناقش تفاصيل الصفقة فهذا الأمر أشبع تحليلاً و تمحيصاً من قبل وسائل الإعلام العربية و العالمية لكني سأتناول الموضوع من زاويتين .
أولاً - مرة أخرى يثبت لنا هذا الكيان أنه لا يفهم من اللغات سوى لغة القوة . فقد حاول أبو مازن ، تفاوضياً ، المستحيل للحصول على إطلاق سراح بعض الأسرى كي يحسن صورته قليلاً بالشارع الفلسطيني بعد حكاية فرضه في منصبه من قبل ل الأمريكان ، لكن دونما فائدة و حاول خلفه احمد قريع بدون جدوى . و ما عجز عنه أبو مازن بالطريق التفاوضي ، الذي كان سيعود بفوائد كثيرة على الكيان الصهيوني ، حيث كان سيفرض شروطه مقابل إطلاق سراح الأسرى ، أتمه حزب الله بالقوة و بدون شروط عدا عملية التبادل . و كأن ما يحدث تكرار مصغر لدرس جنوب لبنان و الانسحاب الصهيوني غير المشروط عام 2000 . و لا بد أن هناك بين إخواننا الفلسطينيين من يقرأ درس اليوم كما سبق و حدث عام 2000 عندما قارن الفلسطينيون بين ما أعطي لهم خلال عقد من التفاوض و بين ما حدث عن طريق المقاومة في جنوب لبنان فاستوعبوا الدرس سريعاً ، و وصل الطريق التفاوضي ، الذي اتبعته السلطة الفلسطينية ، إلى طريق مسدود فكانت الانتفاضة .
كما أن التبادل بهذه الطريقة و شموله أسرى عرب ، و بعضهم لدول تقيم معاهدات سلام مع الكيان الصهيوني فيه إحراج كبير لهذه الدول . لقد ظهر عجزها واضحاً عن فك أسر أبنائها بالطريق التفاوضي مقابل أن يتم ذلك بتبادل أسرى بين طرفين متكافئين و بدون معاهدات سلام .
النقطة الثانية : إن شمول التبادل لمعتقلين عرب و فلسطينيين يعيد طرح مركزية القضية الفلسطينية من جديد و يعرب هذه القضية بعد أن مضى عقد التسعينيات من القرن الماضي تحت شعار فصل المسارات و كف تدخل العرب في القضية الفلسطينية . و الآن يأتي حزب الله ، عبر عملية تبادل الأسرى ، ليطيح بكل هذه الترتيبات مذكراً القاصي و الداني أن قضية فلسطين قضية تخص العرب جميعاً و إن من حق كل عربي أن يتدخل بها .
إن الكيان الصهيوني كيان غاصب عدواني لا يقبل بأنصاف الحلول ، و هو مصر على تذكيرنا بهذه الحقائق دوماً. كما أن القضية الفلسطينية قضية عربية تخص حزب الله مثلما تخص حماس و الجهاد و فتح و تخص السوري و المغاربي مثلما هي تخص الفلسطيني . هذه هي دروس عملية تبادل الأسرى الخيرة