|
وندعيك وطناً ...
حسن حاتم المذكور
الحوار المتمدن-العدد: 2349 - 2008 / 7 / 21 - 10:26
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ايهـا الوطـن الذي نـدعيك ... مـن كتب غربتنـا عنـك وفيك ...؟ واحلامـاً بـاض عليهـا الصبــر ... كأي شيخـوخــة ’ تتعثـر فـي سعالـها ... اشبعتنـا تدجينـاً وبيعـاً ... بضـاعـة تصفعهـا اسعـار الدلالين فـي بـزارات العمليـة السياسية ... مـن كتب علينا نخسـرك كعكـة تشفطهـا السنة الأطماع وقـداختلط نزيفهـا باللـعـاب ’ وبعـد التخمــة تتبـول علـى بقاياهـا .. ثـم تتقـيء شهواتهـا علـى اسرتنـا الوطنيـة ... بغـداد تبحث عـن بكارتهـا ...فـي مواخيـر المليشيات ... الحكومية والأهليـة ومتـعددة الجنسيات ’ ونحن علاسون نفتعـل ادوار العـزة والكرامة . يـا وطـن النهرين الرئيسيين والمذهبين الرئيسيين والقوميتين الرئيسيتين والحزبين الرئيسيين وكذلك الضفتين والشارعين والعشيرتين والمتشظـي في وحـدة وطنيـة مصابـة بـفـقـر الوحـدة وعاهـة الأنشطار’ ايهـا المسروق والغائب عـن عيون اهلـه...نكرهه حبـاً ونهجـره شوقـاً ونتغرغـر فـي اسمـه كالمجانين وقـد تقطعت خيـوط الود بيننـا وبينـه مـن طـرف واحـد . نخافك ايهـا الذي تدعينـا وندعيك ونكـره خوفنـا فيك وغربتنـا عنك وفيك مثلمـا نكـره الحب الذي لا يثمـر عشقـاً والأدعـاء مـن طـرف اللسـان . تسألنـا الشوارع البعيـدة : ان كان لنـا وطنـاً يـومـاً ... ؟ ـــ على مـا نعتقـد ’ اجبناهـا . ــ لا اعتقـد ... انكـم مجـرد عراقيون متطرفون فـي اوهامكــم . هـل خلعتنـا مـن بين احضانـك ام هربنـا منـك محققـاً تنتـزع مـن قلوبنا عواطفهـا ... ؟ لا نتذكر سوى اننا نكره العـودة اليك مثلما نكـره رائحـة الكراهيـة والأحقاد وعفـونـة روائح بارود الأخلاق المتفجـرة ومنظـر بشاعات الفتنـة المستوردة . فـي مكتبـه الذي استورثـه تـواً ’ شاهـدنـا عيـون سعادتـه تفترس لحمـاً طريـاً لفتـاة فقـدت ذاتهـا واشياءهـا الأخـرى عنـد ابواب مكتب سيادتـه ولعابـه يسيـل اصفـراً كالقيـح على لحيتـه التـي جعلهـا خلط الأصباغ بلـون التبـن ... يشرعـن لهـا شروطـه واليتيمـة لا تملك شروطـاً ’ لقد فقدتهـا عندمـا نـزعت اسمال صباهـا ’ سوى ارتجافـة شفتيهـا ينشـدن : حجـي مـد ايـدك وخـذ ظلـت عليـك هـو مـن الباب للمحراب مبيوك الوطـن هـذا وكتـك .. انـه حصتك بين اديك حجـي مـد ايـدك وخـذ .... صـاحب المكرمات والمواعظ ... منتصبـاً بكاملـه ’ ينصب ويرفـع ويـرجـر ويجلـد المفردات عن ظهـر قلب ’ يتأمـل طفلاً بـاع كـلـيـتــه قبـل عامين ليشتري شفـاء والديـه ’ واخيـراً عاد يتيمـاً مكبلاً بشروط الجــوع ... وسيداً يفتـح مكاتبـاً لأعمـال الخيـر فـي اسواق الأرامـل لمـن يرغب ترقيـع شيخوختـه المتهتكـة فـي العراق الجديد ... وروزخونـاً كان يستدين اجـرة غرفتـه فـي المهجـر ’ فأصبـح ـــ وفـي العراق الجديد ايضـاً ــ يؤجـر الناس حـزبـاً للأصلاح الوطنـي !!!! ... وفيك ايهـا الوطن شاهـدت عراقيـاً يصبـغ حـذاء شقيقــه فـي المذهب والقوميـة والعشيرة والحـزب . لبسنا فيك ثـوب اللامعنى وحملناه ارثـاً وطنيـاً مرقعـاً بمفردات طفولـة كانت ’ لكنهـا فقدت صلاحيتهـا ذكـريات لا تستحق الأجترار بعـد ان تعـرت عـن اسمال الفـرح . بعـد اربعين عامـاً ’ عدنـا اليك نبحث عـن صرختنا الأولى ودمعتـنا وابتسامتنا وافراح امـهاتنا ’ سلمنـا على عمتـنا نخلـة الدار’ رشقتنـا بدموعهـا ... انهـا لا تأتمـن مـن عـاد متأخراً ’ فحملنـا على اكتاف الجرح ذنوبـاً اقترفناهـا بأسمك ... عـدت كغيري الى غربتي حيث امراءة لا تفهمنـي وحبـاً لا يعشقنـي ووحشـة سأمت غربتـي وصبـراً مـات فيـه الصبـر’ وحيث مقبـرة دفنـا فيها اعـز الأصدقاء... سألوني عنك ’ ان كنت لا زالت تستحق عشقهم المقبور ... ؟ كذبت عليهـم وعنـد محراب مآساتهـم انشـدت ( مـوطنـي ... الجلال والجمال والبهـاء ... وعالياً ترفرف ... وحمـل جمـال ... ) . ايهـا الذي تشبـه الوطـن ’ ابحث فيك عـن فسحـة انصف فيهـا بقايـا دقات قلبي كـي ابسقهـا امنـه مطمئنـة فـي حفـرة اسمييهـا وطنـاً ’ فوجدتك مزاداً محجوزاً للديدان ’ تزدحـم فيك ’ تتـدافع وتتحاصص فـي فـورة افتـراس علـى جسدك الذي كان وطنـاً . ما كنـا فيك يومـاً كمـا ينبغي ان نكون ’ كانت طفولتنـا تقاتـل الجوع فـي شوارع المـدن المكتضـة بالبطرانين ’ يرعفون فـي وجوهنـا الفاظـاً مهينـة ــ شروكيـة ’ معـدان , واولاد شوارع ــ ثـم ياخـذنـا الغروب مثقلين بالأنكسارات الـى مقابـر الأحيـاء فـي الشاكريـة والميـزرة وخلف السدة وشطيـط وخان حجـي محسـن ’ وفـي صبانـا نفـذت الأقدار مـا كان مكتوب على الجبين اقـامـة جبريـة خلف السدة والنهايـة والسلمان والأمـن والفضيليـة وابو غريب واوكار الأجهزة المختصـة وغير المختصـة وفـي كـل سجونك الممتـدة مـن شمال غربتـك الى جنوبهـا . كان اوغاد الشذوذ العروبـي ممـن رضعوا روائــح روث العقائـد العفلقيـة ’ يحتفلون في عرسهـم على بغـداد منـذ ( 45 ) عامـاً ’ ثـم استورثوهـم ’ رقصـة الدمار على صـدر تمـوز الوطـن ’ يواصلون افتراسنـا ويشربون دمـاءنـا فـي حفلـة المـوت الجماعـي وليلـك يسخـر مـن استغاثـة اوجاعـنـا ولـم تحترم ادميتنـا كسجنـاء ندفـع ضريبـة عشقنـا اليـك . ايهـا الذي نسميك وطنـاً وندعيك مكابرة لـم تكرمنـا فـي قبـر انفـرادي فيـه خصوصيـة سيئآتنـا وحسناتنـا كمـا تفعـل الأوطان ويرغبـاه منـكــر ونكيــر ’ رميتنـا فـي حفـر مكتضـة بالأخرين يتشاجرون مـع بعضهـم ’ هـذه جمجمتـي وتلك اطرافك ... وهنـاك مـن يتقاسـم الأضلاع ’ وبجانبنـا طفلـة تتوسـد طفولتهـا لعبـة سألت عـن امهـا ’ وبدون اكتراث اجبناهـا : بأمكانك ان تبحثي عنها فـي مقبـرة جماعيـة اخـرى ’ توسدت لعبتهـا وانشأدت ( لعـيـون الـوطـن مـغـدوره انـام الليــل ) . وجدنـا انفسنـا مهجرين عنك او مهاجرين فيك وان لـم يسعفنـا الحظ فتصطادنـا شرطي بكـل مـا للسذاجـة والرعـونـة تستنطـق فينـا حتـى النـوايـا ’ ومـع الملايين تتسكـع اشواقنـا وعشقنـا عنـد منافـذ ازمنـة يحرسهـا المـوت المليشياتـي والمتبقـي مـن المراسيـم الجمهوريـة ... ومـن بعيـد نشاهـد بغـداد مسحوبـة مـن جدائلهـا لأحتفاليـة عـرس جـديد ’ تراقـص حزنهـا فـي احضان فصلــة جـديدة للقـردة . مـن انت ولمـن ايهـا الذي ندعيك وطنـاً ... ؟ ايهـا المصنوع مـن عناد الذين لا يملكون فيك وطنـاً ويصرون على انهـم يملكوك مـن طـرف واحــد . اسمـح لي ايهـا الذي ادعيك واعشقك واتمناك ان اكرهك لمـرة واحـدة عندمـا تكون نهـايـة غربتـي وحشـة تمتص فيهـا تلال الثلـج ما تبقـى مـن ملـح الجنوب فـي جسدي ويخنق البرد والضباب حـزن الجنوب فـي صراخ روحـي ’ واشعر ان ثمـة وطـن قـد مـات بين اضلاعـي ’ وان شعاراتي وهتافاتي واناشيدي الوطنيـة والقوميـة والأمميـة والحزبيـة والعشائريـة كآخـر خيط بيني وبين الذي اسميـه وطنـاً قـد سقطت نهايـة مفجعـة فـي حفـرتي مـن دون ان تدعيك ثانيـة . 20 / 07 / 2008 [email protected]
#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جميعهم الا انا !!!
-
ما مر الصبح تموز ... ؟
-
اقليات ام مكونات ... ؟
-
عراق : نريده وطناً للجميع ...
-
14 / تموز ... عيدنا الوطني .
-
ثقافة الخوف من الآخر ...
-
السيد المالكي : رفقاً بميسان ...
-
بين زمنين ...
-
وللمثقفين مواقفهم الوطنية ...
-
بين اجراءات المالكي و همجية المليشيات ...
-
مؤتمر ام مطبخ للتحاصص ...
-
مستقلون من اجل العراق ...
-
الكورد الفيلية: شعار في عيون الثقافة الوطنية . 4
-
الكورد الفيلية : شعار في عيون الثقافة الوطنية 3
-
الكورد الفيلية : شعار في عيون الثقافة الوطنية ...
-
الكورد الفيليين : شعار في عيون الثقافة الوطنية .
-
الكرد الفيلية : سيرة معبدة بالشرف ..
-
من دم المطران رحو : تولد المحبة .
-
اليسار القديم في الواقع الجديد ...
-
راجمات ثقافية ...
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|