أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أشرف بيدس - حتي لا ننسي أطوار بهجت














المزيد.....

حتي لا ننسي أطوار بهجت


أشرف بيدس

الحوار المتمدن-العدد: 2350 - 2008 / 7 / 22 - 10:26
المحور: سيرة ذاتية
    


كان الشتاء قارسا، شديد البرودة، لا يحمل دفئا أو حميمية، تتلقفه الأيدي الآثمة في العراء، وتلقي به في ساحات القتال ليواجه مصيره، والريح تعصف في المكان، تصفر للنائمين أن يستيقظوا من هذا السبات الكهفي.. ينتبهون لذلك الصباح الجريح الذي يأتي علي ضحكات الصبايا، ونحيب العجائز، وأوجاع الرجال.. لا أحد يسمع.. لا أحد يفهم.. لا أحد يرى.. يتسع الشرخ في القلوب، وفي جدران الوطن القابع في السجون والمعتقلات.. يئن، يتأوي، يتألم، يتوجع، لا يسمع صوته غير السجان الأصم، والجلاد الأبكم، الناس عطشى ودجلة والفرات يتعانقان، يختلط الماء بالدماء، يرتفع دوي القنابل والتفجيرات، وتسري في الأجواء رائحة الدخان تحجب الرؤية وتزكم الأنوف، وتبدد الجمال بالقبح، والحياة بالموت، والأمل باليأس، ويمارس الطغاة والحواة هواياتهم في إفساد الحياة.
سقطت ورقة توت أخري بموت المذيعة العراقية أطوار بهجت مراسلة قناة العربية في بغداد وزميليها خالد الفلاحي وعدنان خير الله..
صرخت «أطوار» في الناس تحتمي بهم، لكن صوت القنابل، وهمس الخوف إحالا دون سماعها.. «أطوار» عراقية، شابة، شاعرة، لم تتجاوز بعد الثلاثين، كانت تتأهب لتزف، لكن الموت في أرض الرافدين أسرع من الامنيات، وأشد سطوة من غوايات الحياة، كانوا يريدونها هي فقط، نريد المراسلة، نريد المراسلة، هكذا كات مطلبهم.. ولا شيء غير «أطوار»، ربما لديها ما يخيفهم ويرعبهم، حاولوا أن يسكتوا صوتها لآخر مرة، حتي لا يفتضح أمرهم..
اغتالوها وزميليها لتكون القصيدة الأخيرة في الديوان الذي لم ينشر، هكذا تزف الصبايا في أوطاننا، يذهبن قسرا أو طواعية إلى قبورهن، وفي عيونهن كحل من تراب الأرض، مخضبة أثوابهن البيضاء بالدماء..
«أطوار» من أب سني وأم شيعية، وكانت تحمل علم العراق في قلادة ترتديها، لم تكن تحمل بارودا أو قنابل، لكنها بلا شك كانت تحمل الحقيقة. ويبدو أن الحقيقة في أوطاننا فضيلة عزيزة المنال، تكلف أصحابها حياتهم.
مازال مسلسل اغتيال الصحفيين مستمرا، فكل يوم يسقط واحد تلو الآخر في مشهد مؤلم، وهناك من يتربصون بالحقيقة لمنعها من الوصول للناس، يتلصصون عليها، وينقضون في قسوة كلما واتتهم الفرصة.. يريدون تكميم الأفواه، وطمس أي أثر لما يفعلونه.
أي ذنب اقترفته «أطوار» وزميلاها.. هل كانت خصما فيما يقتسمونه، أو أحد أطراف النزاع في المشكلة التي لا تنتهي ولا تحل؟
هل استوي العدل بموتها؟
إن اليد التي اغتالتها وضعت عراقيل جديدة في صحوة العراق.. إن فرض حظر التعايش الذي يمارس علي العراقيين؛ سنه وشيعة وأكرادا يسير في اتجاه الهاوية، وهناك الكثيرون ممن يريدون أن تصل الأمور إلى طرق مسدودة.
رحلت أطوار تاركة ساحة القتال لآخرين، فهي لم يفزعها الموت.. ربما كانت تشتهيه.. تحبو إليه، أو أن التجربة أغوتها بالبحث في أوراق البنفسج عن قصيدة جديدة.. اقتربت أكثر لتعرف المزيد من الأسرار المختبئة في نخيل العراق، فلم يمهلها القدر.. وسقطت لتطرح السؤال الصعب في الزمن الهش:
كم تساوي الحياة؟
وكم تساوي الحقيقة؟
عند سقوط أوراق التوت النضرة العفية، نغوض نحن في دهاليز الواقع المؤلم وسراديب التخلف والجهل، وأغلب الظن أننا سنحتاج سقوط أوراق كثيرة لتضىء لنا العتمة.
ولكن.. هل نملك ما يكفي من أوراق التوت؟
أم سننتظر حتي تكشف عن عوراتنا..
سيظل السؤال مرهونا بالأداء.. حتي ولو دفعت الصبايا ثمنا باهظا للإجابة!!





#أشرف_بيدس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البطاطا طريق للحرام
- الأسطي حسن أشهر عامل في السينما السينما المصرية
- أحمد السقا..فارس جيله
- الأمهات ستر الدنيا
- الناس اللي فوق والناس اللي تحت
- الانتظار المميت
- السقوط
- الفارس المهزوم
- الاعتداء الاخير
- الوهم
- الوشاح البنفسجي
- عيد ميلاد
- ترحال
- زهوة الالوان
- المسافة الوهمية
- طفولة
- القناع المزيف
- عبودية
- الرهان الخاسر
- كشف حساب


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أشرف بيدس - حتي لا ننسي أطوار بهجت