أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر الناصري - هل العراق دولة إسلامية أم علمانية..؟















المزيد.....


هل العراق دولة إسلامية أم علمانية..؟


شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 2348 - 2008 / 7 / 20 - 10:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كلما اقترب موعد انتخابات مهما كان مستواها ، نيابية أو بلدية أو مجالس المحافظات ، تزايد توجه تيارات وأحزاب الإسلام السياسي برموزها وشخصياتها ومرجعياتها المختلفة لختم الدولة والمجتمع العراقي بختم الإسلام وان لا حكم يصلح لحكم هذا البلد إلا حكم الإسلام السياسي بأحزابه المختلفة. فالحكم العلماني فشل في ترسيخ حكم عادل ، كما يدعي هؤلاء مستندين إلى فترة الحكم البعثي الفاشي. وكأن هذا النظام ما فشل و أنهار وسقط إلا لكونه علماني. أن تصاعد نغمة العداء للتيار العلماني ليس بالجديد على أحزاب الإسلام السياسي ، بل أن هذا العداء هو إحدى ركائز وجود هذه الأحزاب وأداة بيدها لتعميق وتشديد حدة الرجعية الثقافية والدينية والسياسية في المجتمع العراقي وتعزيز كل النعرات الطائفية والعشائرية التي تشوه الواقع الثقافي والاجتماعي وتزيد من تقييد الحريات والحقوق الفردية والمدنية. أو بما يمكنها من إيجاد البيئة المناسبة التي تتمكن من الانتعاش فيها. بعض من أحزاب الإسلام السياسي الشيعي تأسست من أجل أن تكون في مواجهة الأحزاب العلمانية والشيوعية كحال حزب الدعوة الحاكم الآن في العراق، مستندا ،أي هذا الحزب إلى كل الإرث الديني الأصولي والرجعي الذي يصور العلمانية على أنها الطريق الأقصر الذي يوصل معتنقها إلى جهنم و بئس المصير ، مثلما تمكن من الاستفادة القصوى من الفتوى التي أعلنت أن الشيوعية كفر والحاد حتى يثبت وجوده.
ربما تكون العمليات العسكرية التي قامت بها قوات الحكومة العراقية وقوات الاحتلال الأمريكي ضد المليشيات المسلحة في مدينة البصرة قد تمكنت من فرض تراجع على هذه المليشيات وقلصت حدة توحشها وهمجيتها ودمويتها وتدخلاتها السافرة والبشعة في حياة أهالي المدينة المذكورة ، لكن ما حدث انه قد أعاد إلى الواجهة صراع تيار العلمانية و المدنية، ضد الإسلام السياسي بتسلطه وحكومته وأحزابه ومليشياته .إذ أن النتيجة الأولى التي توضحت بعد تلك العمليات العسكرية أن أهالي المدينة قد عبروا عن توجهاتهم المدنية الرافضة لأي سلطة تستند إلى الموروث الديني أو للشريعة الإسلامية و تمارس استلاب حرية وكرامة وإرادة الإنسان وتتدخل في أبسط رغباته ، بذريعة التجاوز على المحرمات وانتهاك الأعراف الشرعية. إن ّ توجهات سكان مدينة البصرة هذه قد دفعت بالكثير من الشخصيات السياسية الرسمية أو الدينية لتبيان مواقفها المدافعة عن أسس الدولة الإسلامية في حالة من الارتباك والتخبط المفضوح. لا بل أن البعض منهم سرعان ما أتخذ من إيران بكل وحشية نظامها القمعي والدكتاتوري وبعض من دول الجوار العراقي نماذج يحتذى بها من أجل مقاومة أي مظاهر مدنية أو أي ممارسة للحريات الشخصية المشروعة. إن بعض الارتباك والتناقض الذي نشير إليه يكمن في تصريحات أحد أعضاء البرلمان العراقي عن الائتلاف الموحد الذي جمع الشريعة والديمقراطية في خانة واحدة وقال إن مظاهر شرب الخمر في البصرة هو تجاوز على الديمقراطية والشريعة الإسلامية وخرق للدستور العراقي ( لم يقل هذا الشخص إن المخدرات المستوردة من إيران أو تهريب النفط وقتل النساء مخالف لديمقراطيته أو شريعته...). ولعل عضو البرلمان هذا يريد أن يعطي أهالي البصرة درسا في حقانية الدستور وشرعية ما تضمنه من بنود وفقرات ما كتبت إلا من أجل تحقيق مكاسب القوى السياسية التي ساهمت في كتابته وهي قوى قومية وطائفية متعصبة لا يعنيها من كل ما حدث في العراق سوى تحقيق مصالحها الحزبية الضيقة وان كان ذلك على حساب مكانة الدولة وأضعافها وإقصاء وتهميش كل من لا يشاركها مطامحها ومظلوميتها. هو دستور ديمقراطي ويستند إلى الشريعة الإسلامية وثوابتها في نفس الوقت !!!!. من المؤكد أن من يعرف حجم التناقضات التي تحكم الدستور العراقي الحالي سيدرك ، أن ليس ثمة تناقض ظاهر للعيان في عالمنا المعاصر قدر التناقض ما بين الشريعة الإسلامية بأحكامها وقوانينها المنافية لأبسط التطلعات الإنسانية من جهة وبين الديمقراطية كمبدأ ومنهاج حياة وكنظام حكم ينتشر في الكثير من دول العالم المتحضر من جهة أخرى .
على الرغم من كل المحاولات التي تقوم بها قوى الإسلام السياسي الشيعي من أجل جر العراقيين خلفها بشتى الوسائل ، إلا أن ما يحدث هو ابتعاد العراقيين عن هذه الأحزاب ونبذهم واستهجانهم لسياساتها وممارساتها الطائفية المقيتة وتلمسهم لمدى تبعيتها السياسية وسعيها المحموم نحو تشديد وهج الطائفية . أن الحفلات والموسيقى حرام ومنافية للشريعة وثوابتها، تناول المشروبات الروحية حرام وخرق للعادات والموروث الديني السائد في المجتمع !!!!! ، السفور حرام ومن تكشف شعرها، تعد فاسقة يقع عليها الحد. لم تكتفي أحزاب الإسلام السياسي بكل هذا أو بما تقوم به من تجييش للبسطاء من الناس أثناء المناسبات الدينية كعاشوراء ، وما تبعها من مناسبات ، ولادة أمام ما أو وفاة آخر أو غيبة من ترتجى عودته ، بل ، أنها جعلت من الدين وفروضه والتعاليم الطائفية هاجسا يخيم على حياة الناس الذين أصبحت حياتهم تسير نحو المزيد من السوداوية والاستلاب في ظل سطوة التحليل والتحريم الذي أمتد لكل مفاصل الحياة . ثمة الكثير من التصريحات والممارسات والمواقف التي تعزز المساعي الحثيثة التي تقوم بها قوى الإسلام السياسي الشيعي لأسلمة المجتمع ، فإذا كانت بعض الممارسات المدنية لأهالي البصرة قد أرعبت خطباء المساجد المرتبطة بالأحزاب الحاكمة وجعلهم لا يتوانون عن إطلاق حملات التهديد والوعيد ضد أصحاب المحلات الموسيقية أو ضد باعة المشروبات الروحية وأنهم مجرمون يجب معاقبتهم ، الحفلات حرام وسائق التاكسي الذي يفتح المذياع هو (عونا للشيطان) ومن يستأجرهم فانه (يعاون الإثم والعدوان) ....... فيما يجب منع السافرات من ركوب سيارات الأجرة. وأن (المطربين مجرمون). هذه التحديدات ليست من اختراعاتنا بل هي من خطبة لأحد الخطباء المعتمدين لدى حزب الفضيلة في مدينة البصرة أطلقها بعد حملة فرض القانون في مدينة البصرة. لم يتوقف أمر الادعاء بان العراق بلد أسلامي أو محاربة التوجهات المدنية والعلمانية أي كان مصدرها على عضو ما في البرلمان أو خطيب جامع ما، بل تعداه إلى مواقف لوزير التربية الذي منع توزيع منشورات على طلبة المدارس تحث على السلام ونبذ العنف بدعوى أنها تصدر عن مراكز علمانية. في حين أصبح درس التربية الإسلامية من أكثر الدروس أثارة للنعرات الطائفية والتعصب فالأطفال الصغار يجب أن يحفظوا مسلسل مقاتل آل البيت ومن هم أعدائهم أو الذين قاتلوهم وحفظ حكاية كسر ضلع فاطمة ابنة محمد...... وما يعقبها من أحداث حتى يتحول الأطفال الصغار إلى مشاريع دائمة للتعصب والتحشيد الطائفي. في حين أن الوزير المذكور هو من أبرز دعاة الطائفية ويعد وبلا أدنى شك إحدى الكوارث التي حلت على التربية والتعليم في العراق.
الإعلام الرسمي لدولة ما هو المعبر الحقيقي عن توجهاتها وطبيعة نظامها السياسي القائم. وإذا ما نظرنا إلى شبكة الإعلام العراقي التي هي الشبكة الإعلامية الرسمية في العراق فأننا لا نخطيء في فهم التوجهات الدينية والطائفية التي تسعى الحكومة العراقية لفرضها. فالشبكة المذكورة ذات توجه طائفي واحد من الصعب أن يتم إخفائه.
في ظل كل هذه التوجهات والممارسات الطائفية أو الدينية فان ثمة ما يسر حقا ويعرض أحزاب الإسلام السياسي إلى مأزق حقيقي يدفعها نحو مزيد من التراجع وفقدان الشعبية بفعل تحطم أوهام الكثير من العراقيين الذين راهنوا على هذه القوى وعلى ما يمكن إن تحققه لهم نتيجة اللصوصية السافرة والفساد والإهمال الذي تشهده المدن العراقية المختلفة. ما يسر حقا أن الكثير من منظمات المجتمع المدني ومراكز الدراسات والأبحاث قد أجرت العديد من الاستطلاعات والاستفتاءات بين أوساط واسعة من العراقيين ومن مختلف التوجهات والأعمار ومن مختلف الفئات الاجتماعية حول شكل وطبيعة النظام السياسي الأصلح لحكم العراق ، وهل أن الدولة الدينية أو الدولة العلمانية يمكنها أن تكون ممثلة للعراقيين وقادرة على إدارة شؤون البلاد. نسب كبيرة من هذه الاستبيانات أكدت رغبة العراقيين بفصل الدين عن الدولة وضرورة قيام حكم علماني قادر على تحقيق العدالة بين أبناء البلد ورفض حكم الدولة الدينية . إن تشبث حزب المجلس الأعلى بزعامة عبد العزيز الحكيم بصورة السيستاني واتخاذها كشعار لحملاته الانتخابية ، رغم كل التحذيرات أو القرارات الحكومية، أنما هو دليل واضح لمدى الإفلاس الذي يعانيه هذا الحزب ومن هم على شاكلته، إذ أفلست كل ممارساتهم البشعة في كسب ولاء العراقيين ولم يتبقى لهم سوى الوسائل الرجعية الواهمة أو المخادعة التي يمكنها أن تزيد من أوهام بسطاء الناس.
ليس أمام التيارات العلمانية واليسارية والشيوعية سوى تعميق حالة النفور من أحزاب الإسلام السياسي التي تسود بين أوساط واسعة من العراقيين والعمل على الارتقاء بمطالبهم بالعيش بحرية وكرامة دون قيود دينية أو طائفية أو تقاليد اجتماعية عشائرية متخلفة. إنهاء الاحتلال والدفاع عن مصالح الشعب العراقي ضد أي قيود ومعاهدات يسعى المحتل الأمريكي لربط العراق بها، فصل الدين عن الدولة وتعزيز الحريات والحقوق الفردية والمدنية، تعزيز مكانة المرأة سياسيا واجتماعيا والدفاع عن حقوقها وحرياتها ، محاربة الفساد والرجعية الدينية والسياسية ، هي الأولويات التي يفترض أن تعمل القوى اليسارية والعلمانية والشيوعية من أجل تحقيقها ، فيما يمكنها الاستفادة من تجربة أهالي البصرة حين أعلوا من شأن اليساريين والشيوعيين والعلمانيين بعد حملة فرض القانون التي جرت في مدينتهم إذ قالوا أنهم الأفضل و الأشرف بابتعادهم عن الفساد وباقترابهم من مشاعر الناس والدفاع عن مصالحهم.




#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طالباني وباراك و الاشتراكية الدولية
- عن الأسود والحملان في عراق جلال الدين الصغير
- إلى متى الصمت عن مآسي النساء في البصرة؟
- حرائق الطائفية في العراق...الجزء الثاني
- حرائق الطائفية في العراق...الجزء الاول
- المصالحة والتعايش ...أستغاثة الافكار من سطوة الاسلحة
- من يحكم من... النزعات الانسانية أم التعصب القومي؟؟؟؟
- التمدد الانساني في مواجهة الجموح الشوفيني
- المرأة العراقية...موافقة فجواز فمحرم...!!!
- في الذكرى الاولى للاءات كمال سبتي الاربع
- آفاق الانهيار...على شرف الذكرى الرابعة لأحتلال العراق
- شذى حسون... الق وأمنيات
- الى عبد الرزاق سكر ,,,,حين تجاهلوك فقد تجاهلوا كيف يكون الاب ...
- كركوك ....بحثا في الحلول العصية
- حوار التقريب ...حوار الكراهية
- عادل عبد المهدي وقرار الاحتلال الاحمق
- هزائم التيار القومي العروبي ما بين عواء الذيب وردح البكري
- عن الأعدام وصدام حسين وذاكرتي
- معنا رغم الغياب
- العراق ...من- نعال أبو تحسين- الى - قندرة المشهداني ....


المزيد.....




- سرايا القدس تنشر مشاهد للأسيرين -جادي موزيس- و-أربيل يهود- ق ...
- قائد الثورة الاسلامية يزور مرقد الإمام الخميني (ره)
- خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز ...
- القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام ...
- البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين ...
- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر الناصري - هل العراق دولة إسلامية أم علمانية..؟