أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - دانيال تانورو - أثمان المنتجات الزراعية المستعرة، والوقود الزراعي، و الرأسمالية الخالصة-. هل نحن ازاء انعطاف؟














المزيد.....

أثمان المنتجات الزراعية المستعرة، والوقود الزراعي، و الرأسمالية الخالصة-. هل نحن ازاء انعطاف؟


دانيال تانورو

الحوار المتمدن-العدد: 2348 - 2008 / 7 / 20 - 10:52
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


ليس استعار أثمان المنتجات الغذائية أمرا عرضيا. فهو مترتب بشكل أساسي عن العلاقات بين الصناعة والزراعة الرأسماليتين التي سبق لماركس ان أوضحها في كتاب الرأسمال بقوله :" من طبيعة الأشياء أن المواد النباتية والحيوانية التي يخضع نموها وإنتاجها لبعض القوانين العضوية ويرتبط بآجال طبيعية محددة لا يمكن زيادتها فجأة بنفس قدر زيادة الآلات مثلا التي يمكن إعادة إنتاجها( ما لم تتغير الظروف الطبيعية) بسرعة في بلد متطور صناعيا. إنه من الممكن إذن، وحتى من الحتمي،(...)ان يتجاوز إنتاج وزيادة قسم الرأسمال الثابت المتمثل في رأسمال قار ( آلات، الخ) بشكل كبير قسم الرأسمال المتمثل في مواد أولية، على نحو يجعل الطلب على هذه يرتفع بسرعة اكبر، مؤديا إلى ارتفاع الأسعار".

التهافت على المحروقات الزراعية

ُيفاقم التهافت على المحروقات الزراعية هذا التناقض إلى أعلى درجة، ويفتح هذا مساحة كبيرة للمضاربين، الذين ُيفاقم نشاطهم بالمقابل ارتفاع الأسعار. يمكن،على صعيد التحليل، ان نستنتج من ذلك ان المحروقات الزراعية تشكل الحلقة الأضعف بامتياز في الرد الرأسمالي على التحدي الطاقي- المناخي. فهدا الرد، المتبلور بتحسس، تحت ضغط اللوبيات الصناعية المتنافسة، ينيخ بثق متطلباته على الزراعة من كافة الجوانب: لا يتوجب على هذه أن تؤمن غداء البشرية وحسب، بل ان تمتص أيضا الكاربون، وتضمن سير السيارات، وتنتج الكهرباء والحرارة، وتحمي التنوع الإحيائي والمناظر الطبيعية، وتمد بمواد البناء و البلاستيك المتحلل بالأجسام الحية biodégradable ... جلي ان هذا مستحيل. فليس بوسع الكتلة الحيوية أن تقوم بكل شيء في الآن ذاته بتلبية متطلبات النمو التي يمليها الرأسمال في كل مجال. يمكن تأجيل الاستحقاقات، وإرجاء المشكل بكل صنوف الوسائل ( التي لها بالمقابل آثار ضارة إلى هذا الحد أو ذاك)، لكن يستحيل القفز عن هذا الواقع المرير: ثمة حدود ولا بد من الاختيار.

من سيختار؟ وكيف؟ وبحسب ماذا؟

انه السؤال الأساسي، لأن ملء مخازن وقود الشاحنات والطائرات التي تنقل البضائع نحو الطلب الموسر أهم من تغذية أناس فارغي محفظة النقود بقدر فراغ معدتهم. من زاوية علاقة الكلفة بالإرباح لا مطعن في الأمر. ومن زاوية النظر الاجتماعية الأمر غير مقبول. يترتب عن ذلك أن الوقود الزراعي، علاوة على إبرازه الطابع المنظومي المتزايد لأزمة الرأسمالية، يوضح رهانا مجتمعيا، وحتى حضاريا، يمكن تلخيصه ببساطة: بفعل منطقه الملازم سيحاول النظام الرأسمالي، بوجه التحدي المناخي-الطاقي، ان يحل مشكل تربيع الدائرة الإنتاجية بهجوم حاد على شروط وجود ملايين الناس، وحتى ضد هذا الوجود ذاته. ومنذئذ يشكل قول إن نمط الإنتاج هذا لم يعد حاملا لأي مشروع إنساني قولا ضئيلا، فهو يراكم إمكانات همجية غير مسبوقة.

يمكن قلب الاتجاه، وتفادي الكارثة المناخية- الرأسمالية التي يجري تحضيرها، ورسم بديل جدير بهذا الاسم. لكن نقطة الانطلاق التي لا غنى عنها متمثلة في فهم ان نمط الإنتاج والتوزيع والاستهلاك الرأسمالي ( وليس " سلوك الناس")هو فعلا أم المشاكل. هذا النمط غير قابل للاحتمال وتوضح الطرفية الراهنة ذلك ايما توضيح : ففي سياق مطبوع بتقلص الموارد من المحروقات و بما تفرض الحالة المناخية من تخل في المدى القريب جدا عن المحروقات الاحفورية، يستحيل ببساطة مواصلة إنتاج سلع كمالية بتدفق متوتر على صعيد عالمي، بتعويض ميل معدل الربح إلى الانخفاض بفيض إنتاج- استهلاك منتجات تهرم بسرعة اكبر فأكبر، و وتعويض خفض حصة الأجور بزيادة استهلاك الكماليات. لا يمكن لهذا السيناريو الإنتاجوي المعولم والمتزايد تفاوتا إلا ان يفضي إلى تركيب أزمات بيئية واجتماعية بالغة الحجم. و لا غنى، لتفاديها، من اتخاذ تدابير تكسر منطق التراكم الرأسمالي وتعيد الاعتبار للمبادرة العمومية و تعيد توزيع الثروات على نحو جذري بالشمال كما بالجنوب.

البعد الاجتماعي والبعد البيئي: معركة واحدة

لكل مصيبة ، في هذا السياق، عوض: بجرها الأسعار الزراعية خلف أسعار البترول، تبرز السياسة الليبرالية-الإنتاجوية المجنونة بجلاء أن البعد الاجتماعي والبعد البيئي لا يشكلان سوى معركة كونية واحدة. لم يعد ممكنا الاعتراض على انخفاض مداخيل العمل دون تشهير بالتهافت على المحروقات الزراعية. من الآن فصاعدا بات الدفاع عن شروط حياة الأجراء يستتبع الاعتراض في الآن ذاته على السياسة المناخية، والطاقية، والزراعية للرأسمالية المعولمة. لا يسير احدهما دون الآخر.. إننا إزاء انعطاف. ليس الأمر بأي وجه حادثة سير، فهذا الانعطاف مترتب عن تطور مركب للصناعة والزراعة الرأسماليتين كان ماركس قد أدرك جيدا ديناميته حين كتب يقول:" تعمل الصناعة الكبيرة والزراعة الكبيرة المستغلة صناعيا في نفس الاتجاه. كانتا في الأصل تتمايزان لأن الأولى تدمر أكثر العمل، وبالتالي قوة الإنسان الطبيعية، والأخرى تدمر بشكل مباشر أكثر قوة الأرض الطبيعية. لكنهما تنتهيان، بتطورهما، بمد اليد إلى بعضهما: ينتهي النظام الصناعي بالقرية أيضا إلى إنهاك العمال، وتمد الصناعة والتجارة، من جهتهما، الزراعة بوسيلة إنهاك الأرض". هذا ما وصلنا إليه. ولاستعارة عبارة ميشال هوسون، نقول إننا دخلنا بالكامل "رأسمالية خالصة" كما وضع نموذجها ماركس. ولن يكون الرد غير " اشتراكية بيئية خالصة" تدمج المطالب الاجتماعية والبيئية في منظور تحرري واحد. لكن يجب ان تنغرس هذه الاشتراكية البيئية في النضالات الاجتماعية الملموسة. و بهذا الصدد، ربما يفتح الوضع الراهن، بما يميزه من تركيب التوترات حول القدرة الشرائية، والطاقة، والمناخ وحول الموارد الغذائية، إمكانات غير مستغلة كفاية لإدخال المسائل البيئية في نضالات الأجراء، في المنظمات النقابية، لا بصفتها مسائل موازية بل كمسائل اجتماعية مباشرة. وإن قام اليسار الراديكالي بدور أهم على هذا الصعيد، فسيتعزز بما هو حامل لبديل مجتمعي شامل.

المصدر: موقع الرابطة الشيوعية الثورية – بلجيكا

تعريب: جريدة المناضل-ة






#دانيال_تانورو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البديل المناهض للرأسمالية


المزيد.....




- مغردون يتساءلون: ما الهدف وراء بث التسجيل الصوتي المنسوب للر ...
- جمال عبد الناصر.. تسجيل صوتي لمكالمة بينه وبين القذافي حول ا ...
- بيان الحزب الشيوعي العراقي: لتبقَ راية الأول من أيار خفاقة.. ...
- تسجيل صوتي لعبد الناصر يثير جدلاً حول مواقفه من الصراع العرب ...
- نداء حزب النهج الديمقراطي العمالي للطبقة العاملة المغربية بم ...
- دلالات إستمرار الحراك الشعبي اليمني وزيادة وتيرته لمواجهة ال ...
- -عاصفة في مصر-.. الإعلام العبري يعلق على تسريب صوت جمال عبد ...
- مكتبة الإسكندرية تصدر بيانا بعد تسريب حديث صوتي بين عبد النا ...
- زعيم الشيوعيين الأميركيين.. ترامب يروّج لأفكار استعمارية وخط ...
- وجهة نظر طبقية حول التحولات السياسية في سوريا


المزيد.....

- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - دانيال تانورو - أثمان المنتجات الزراعية المستعرة، والوقود الزراعي، و الرأسمالية الخالصة-. هل نحن ازاء انعطاف؟