احتفل الحقوقيون المغاربة هذه السنة باليوم العالمي لحقوق الإنسان وهم يجهلون لحد الآن مصير عدد من المختفين ومن المختطفين ، كما يجهلون جوانب كثيرة من الحقيقة حول اغتيال المناضل المهدي بنبركة ومسؤولية الدولة المغربية والفرنسية والأمريكية والموساد في هذه الجريمة الشنعاء كما يجهلون مصير الحسين المانوزي ومصير عبد الحق الرويسي وعدد آخر من المختفين لحد الآن.
وقد عرفت هذه السنة جملة من الانتهاكات والخروقات لاسيما الاختفاء القسري والاختطاف كشكل من أشكال القمع السياسي، حتى ولو تعلق الأمر بمحاربة الإرهاب ، ما دام لا مبرر إطلاقا للاختطاف والاختفاء القسري، ما دامت مثل هذه الممارسات تجعل الدولة تقترف ممارسات موصومة بالطبيعة الإجرامية عملا بالقوانين المغربية والمواثيق والعهود الدولية، في حين على الدولة احترام تلك القوانين وتكريسها وليس الدوس عليها مهما كان الأمر، ما دمنا نثوق للعيش في دولة الحق والقانون. كما أن بلادنا عرفت هذه السنة انتهاكات للحق في الحياة حيث فقد مواطنين حياتهما أثناء التحقيق معهما. ومهما يكن في الأمر، لابد من الإشارة أن الفرد وإن كان متهما فهو بريء إلى أن تثبت إدانته عبر محاكمة عادلة، كما أن حقه في السلامة الشخصية البدنية يجب أن يكون مضمونا في جميع الحالات ، فقضية حقوق الإنسان لن ولم تقبل الانتقائية لأنها حقوق مكفولة للجميع دون استثناء . وفي هذه السنة كذلك عرف المغرب تأسيس هيأة الإنصاف والمصالحة علا أن المنظمات الحقوقية المغربية سبق لها وأن رفعت مطلب تأسيس لجنة حقيقية مستقلة منذ المناظرة المنظمة منتصف نونبر 2001. إلا أن بعض الجمعيات الحقوقية المغربية البارزة تعتبر أنه لم يتم الاستجابة لمطالبها كحركة حقوقية وكعائلات مكلومة في اختفاء أبنائها وأزواجها، لأن اللجنة التي كانت تتوخاها هي لجنة الحقيقة تكشف عن مصير الضحايا ورد الاعتبار للأحياء والناجين ولعائلاتهم. وبذلك تعتبر تلك الجمعيات أن على هيئة الإنصاف والمصالحة المحدثة مؤخرا أن تأخذ بعين الاعتبار أولا وقبل كل شيء مطالب الضحايا وعائلاتهم والمجتمع الحقوقي وإلا فإنها ستصبح عديمة المصداقية . ويشك الكثير من الحقوقيين في هذا باعتبار أن هناك ضغوطات على الهيئة المحدثة يفرضها مسؤولون متورطون بشكل أو بآخر في الانتهاكات الجسيمة التي عرفتها البلاد لاسيما وأنهم ما زالوا يؤثرون في مسار الدولة. وبذلك يشك البعض في تمكن تلك الهيئة من الحفاظ على استقلاليتها حتى ولو كانت هي إرادة ورغبة بعض أعضائها ، وبالتالي فكيف يمكنها أن تتوصل إلى الكشف عن الحقيقة ، كل الحقيقة ولاشيء إلا الحقيقة؟