رسول عبد الحق
الحوار المتمدن-العدد: 2346 - 2008 / 7 / 18 - 09:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أذا سألنا سؤال ما هي المواد التي يجب أن يحتويها دستور أية دولة لكي تصبح أسلامية ؟
وقبل الإجابة يجب التنويه إلى خطأين شائعين جدا من قبل الأعم الأغلب من المسلمين وخاصة الفقهاء والمشايخ والباحثين في الشؤون السلامية لاسيما ما يسمى (بفقهاء الشريعة ) وهما :
1. المناداة بان( دستور الدولة هو القران) ,(لان دستور الدولة هو القران) ,وهذا خطأ فضيع وشنيع وشائع ذلك لان القران لا يحتوي على أي تشريع مطلقا ,بينما أي دستور وكل الدساتير تحتوي على التشريع .
2. المناداة بتطبيق الشريعة الإسلامية , وهذا الخطاء يدل على التقليدية و ألصنميه وعصمة التراث ,ذلك لان الشريعة الإسلامية لا تحتوي على أحكام بل تحتوي على حدود ,فالأحكام حدية عينية والإسلام حدودي (أي فيه حد أدنى وحد أعلى وبين الحدين يمكن وضع عشرات بل مئات الأحكام لمختلف الحالات بما يتفق مع الزمان والمكان للمنظومة المعرفية للمجتمع ودرجة نضجه وتطوره) فلا يوجد في الإسلام حكم حدي ألا في حالة الفاحشة العلنية (الزنا العلني بالوطء الكامل أمام لا يقل عن أربعة شهود شاهدوا تمام عملية الوطء بشكل كامل وواضح وصريح وبشروط عالية على درجة عالية من الدقة والضبط ) .
فلكي تصبح أية دولة كانت دولة أسلامية يجب أن يحتوي دستورها على عقيدة التوحيد ويمكن التعبير عن عقيدة التوحيد في الدستور بما يلي :
1.لا يوجد شيء اسمه الشريعة الإسلامية ,ولكن يوجد شيء اسمه حدود الله التي وردت في آيات أم الكتاب أو التشريع الإسلامي هو تشريع أنساني ضمن حدود الله أي تشريع ألاهي باجتهاد أنساني ضمن الحدود الإلهية ,فلا يجوز صدور أي تشريع في هذه الدولة فيه تجاوز لحد من حدود الله وإلا فهو تشريع باطل ,وان صاحب الحق الوحيد في وضع حدود تشريعية دائمة وثابتة أو وضع تشريع حدي لا يتغير هو الله وحده لا شريك له ,أما كل نص تشريعي حدودي أو حدي يضعه الإنسان فهو بحد ذاته متغير وقابل للإلغاء والميل عنه (الحنف عنه ) ويجب أن يخضع للأعراف ودرجة التطور العلمي والتاريخي للمجتمع بما لا يتعارض مع حدود الله مع ضمان فقرة قابليته على التغير والإلغاء لمعالجة الحالات التي تفرزها حركية المجتمع وتناقضاته الداخلية وأيضا لمعالجة حالات علاقة المجتمع مع غيره من المجتمعات ,وعليه يجب أن يتضمن إصدار أي تشريع في الدولة بندا يحدد مدة صلاحيته أو يتضمن الإشارة إلى وجوب أعادة النظر فيه وحسب المقتضيات الظرفية .
2.أن العلاقات الأخلاقية في المجتمع لكي يكون مجتمعا إسلاميا يجب أن تكون تلك العلاقات الأخلاقية مبنية على الفرقان العام أو الوصايا (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .....وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
...وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ....الأنعام 151-152-153),والدولة ملزمة وملتزمة بوضع منهج تربوي للأجيال مبني على الفرقان مع توفير السياقات والآليات والوسائل القانونية والتنفيذية والإعلامية وغيرها ,وفي البندين 1-2 تكمن عقيدة توحيد الإلوهية أو عقيدة التوحيد .
3.تكفل الدولة للناس ممارسة الحد الأدنى من العبادات للمسلمين وغيرهم ولا يمكن أن يصدر تشريع يمنع الناس من ممارسة العبادات ,وكذلك لا يمكن صدور تشريع يجبر الناس على ممارسة العبادات ,ولا يمكن للدولة أن تقوم بالتشجيع على ترك العبادات ,
ذلك لان العبادات ليست موقفا سياسيا أو تشريعيا .
4.بما أن التشريع الإسلامي تشريع حنيف (خاضع للاجتهاد والتغيير والتطوير )فهو يحتاج إلى بينات مادية .
5.يجب أن تقوم بنية الدولة على التعددية وحرية التعبير عن الرأي ,فيمكن طرح عدة اجتهادات لمشكلة معينة وكلها ضمن حدود الله تعالى تنسجم انسجاما كاملا مع قوانين الطبيعة وفطرة الناس .
#رسول_عبد_الحق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟