ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2346 - 2008 / 7 / 18 - 10:52
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
لم تتسع كاميرات التلفزة ، ولم تصدق شاشاتها صورة الرئيس السوري بشار الأسد ، يجوب أطراف قصر الاليزيه مشبكاً بيد نظيريه الفرنسي واللبناني ، فوجوده في باريس ودعوته لحضور قمة الاتحاد من أجل المتوسط ، كان المحور الأبرز الذي سلط عليه الإعلام أضواءه .
ما قيل في باريس على لسان ساركوزي - الأسد ، قليل جداً ، وما لم يقل أكثر ، لكن جرى التلميح إليه بالإشارات التي غدت الطريقة المثلى لتجنب الأضواء ، وكل ما من شأنه إفساد الفرحة السورية والامتنان الفرنسي الكبير على الخطوات السورية ، التي جاءت متأخرة بعد أن تعسر عليها فهم ما هو مطلوب منها فعله في لبنان .
فعلت سورية في لبنان ما لمح إليها فعله ، وكي لا نقول ما طلب منها ، وبقي عليها أن تفعل الكثير هنا وهناك ، فدورها طاف على السطح فجأة ، حينما أثنى ساركوزي عليه وعلى أهميته التاريخية ، وهذا الإثناء ما كان ليمر من دون شعور الأسد بالنشوة التي غمرت قلبه ، فأياً كان نظام الحكم ، تبقى سورية بموقعها الجغرافي من أهم محاور الصراع في المنطقة ، وأهمية موقعها ، تمنح السلطة الحاكمة حضوراً فاعلاً على مختلف الساحات الإقليمية والدولية ، وليست السلطة مَن يمنح بلدها الأهمية القصوى ، مثلما تفعل الآن دولة قطر .
خطوة الإعلان عن فتح السفارات بين لبنان وسورية ، وخطوة الغوص في مستنقع المفاوضات مع إسرائيل ، يستحيل أن تكون خطوات واقعية ، لو أنها واقعية لجرى بحثها وتنفيذها منذ زمن بعيد ، فهل هناك ما هو أهم من السلام في سورية ، وهل كانت سياسة المرحلة (ارتجالية) غير واقعية ، لنجد أنفسنا أمام واقعية حديثة الولادة في هذه المرحلة ؟.
فالواقعية في حقيقة الأمر شيء غائب في قواميس السياسة ، قد تكون انتقائية ، فإن وجدت على مستوى الأفراد ، من الصعب وجودها على مستوى الدول ، فما بالنا في الشرق الأوسط ، لو وجدت هذه الواقعية بالجزء اليسير منه ، لبرء هذا الشرق من كل علله وأورامه المزمنة .
هناك مخاتلة ومراوغة في المواقف أكثر منها واقعية ، فمن السخف الشديد فهم المراوغة بأنها واقعية ، فالوجه الحقيقي للواقعية السياسية وحتى الإنسانية ، هو الصدق مع النفس والآخر قبل أي شيء ، فأين نحن من ذلك ؟
لنا رجاء من الدول ، وخصوصاً العالمثالثية أنه عندما تعلن واقعيتها الجديدة ، أن لا تنظر وراءها طويلاً ، وألا تقول من أنا ، فالذاكرة لا زالت حية تعمل ، والمنطقة شاخت بشرورها ، بانتظار سقوطها المدوي في حفرة عجزها ، وليست طفلاً ينتظر من يغذيه ، وليتها كانت طفلاً (بريئاً ) .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟