أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمد عبعوب - حتى لا يتحول الأمازيغ الى حصان طروادة















المزيد.....

حتى لا يتحول الأمازيغ الى حصان طروادة


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 2345 - 2008 / 7 / 17 - 11:02
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


أخذت المسألة الأمازيغية منحا خطيراً لدى بعض منظّريها والكتّاب الذين يتبنون منهجاً انعزالياً انفصالياً عن المكون العام لمنطقة المغرب العربي الكبير، حيث برزت خلال السنوات الأخيرة أصوات متطرفة مسكونة بروح الكراهية للعروبة كهوية حضارية، تخلط بتعمّد بين هذه الهوية وسلوك أنظمة تمارس اضطهادها على كل مكونات هذا المجتمع و لا تفرق في ذلك بين عرق وآخر أو ثقافة وأخرى..

إن الدعوة لإحياء الثقافة والهوية الامازيغة لهذا المكون المهم من مكونات مجتمعنا المغاربي يعد مطلبا شرعيا يجب أن يحضى بدعم ورعاية دول المنطقة وجماهيرها خاصة، وألا يسمح للانتهازيين و المتسلقين والباحثين عن الزعامة بتغيير مساره وتجييره لخدمة أهداف وأجندة معادية لوحدة وترابط مجتمعاتنا..

وما أشرت إليه في بداية المقال عن الأصوات النشاز، هي تلك الأصوات التي تحاول اليوم تشويه هذه المطالب و إلباسها لبوسا عنصرياً قائماً على الكراهية والحقد على العرب، ووصل الأمر ببعضهم الى حد الاستقواء بقوى خارجية (زيارة مجموعة امازيغية تدعي الوصاية على الامازيغ مؤخرا البرلمان والمفوضية الاوروبية والدعوة لتدويل هذه القضية) فيما ذهب البعض الآخر الى حد الدعوة للتحالف مع اسرائيل ضد العرب، لتصور المسألة وكأنها قضية صراع بين العرب والأمازيغ، وليس صراعا ضد منظومة سياسية مستبدة تصادر حريات كل المجتمع عربه وأما زيغه..

إنه من العبث والمغالطة أن تحمَّل الثقافة العربية والعرب مسؤولية اضمحلال الثقافة الأمازيغية وجمودها وهجرها من قبل أهلها ، ومن التجني على العروبة أيضا تصوير الأمازيغية على أنها ضحية للثقافة العربية التي دخلت الى المنطقة مع الإسلام، فلم تورد لنا كتب التاريخ ـ إلا فيما ندرـ أخباراً عن منع اللغة أو التقاليد الامازيغية من قبل أية دولة حكمت المنطقة بعد دخولها في ظل الدولة الإسلامية؛ وما تم من اعتناق للعربية وتقاليدها وثقافتها بين الأمازيغ جرى كله بقناعة ورغبة الأهالي الذين وجدوا في هذه الثقافة الوافدة عليهم ما يلبي تطلعاتهم ويعبر عن مشاعرهم ويربطهم بالتطور الحضاري في العالم.. كما يرصد لنا التاريخ وتؤكد الوقائع أن العربية لم تصادر أياً من الثقافات التي امتزجت بها بل إنها تلاقحت معها وأخذت منها وأعطتها، وفي الحالة الأمازيغية يشهد النتاج الحضاري والثقافي والفكري لهذه المكون وكذلك حالة التعايش و الامتزاج والانصهار الحضاري والاجتماعي بين العرب والأمازيغ عبر التاريخ على ذلك، وإذا استثنيا عامل الدين فإنه يمكننا القول إنه لولا الثقافات الأمازيغية والفارسية وغيرها من الثقافات الأخرى التي امتزجت بالعربية ، لولاها لما كانت الحضارة والثقافة العربية لتصل إلى أصقاع الأرض وتتحول من لغة وثقافة قبيلة إلى لغة وثقافة إنسانية تستوعب كل ثقافات العالم..

إذا كان الله ـ عز وجل ـ قد خص العرب والعربية بالإسلام وحمَّلهم مسؤولية نشره بين شعوب الأرض ، وهو ما نجحوا فيه بمساعدة الشعوب التي اعتنقت هذا الدين واتخذت العربية لسانا لها ومنها الأمازيغ ، فإن ذلك لا يجب أن نتخذه ذريعة لإدانة هويَّةٍ حضاريةٍ عالميةٍ كان للأمازيغ وغيرهم دورٌ محوريٌ في بلورتها ونشرها في العالم.. كما أن الهوية الحضارية العربية التي اكتسبتها هذه المنطقة على مدى قرون لا يجب أن يُساءَ استخدامها وتحويلها إلى أداة قمع ومصادرة لأية هوية ثقافية أو حضارية تعيش ضمن المكون العام للمنطقة ويتطلع أهلها لتفعيلها من جديد .. فالأمازيغية مُكوَّن أساسيٌ لا تكتمل صورة المنطقة إلا بوجوده وتميُّزه، شريطة ألا يكون قائماً على الكراهية والرفض لأية ثقافة أو حضارة أو عرق من مكونات المنطقة..

فعلى الأمازيغ الذين يتحلون بوعي متقدم ونظرة بعيدة لمستقبلهم، الانتباه إلى هذه الأصوات النشاز التي تحاول تحويل الأمازيغ إلى "حصان طروادة" بالاستحواذ على هذه القضية واستغلالها لتحقيق مصالح شخصية ضيقة، وخدمة مخططات خارجية معروفة بنواياها الهدامة والتخريبية التي تستهدف وحدة وتماسك مجتمعنا واوضح مثال لهذه الاصوات النشاز الوفد الامازيغي الذي زار مقر المفوضية الاوربية باسم الكونغرس الامازيغي قبل ايام عارضا على الاتحاد التدخل لتدويل هذه القضية كخطوة اولى لنشر الفوضى في كل المنطقة..

إن الأصوات الأمازيغية المتطرفة والتي تتبنى خطاباً عنصرياً ينضح بالكراهية للعرب والعربية وتستعدي محيطها العربي، تشكل في الواقع خطراً كبيراً على الأمازيغ ومطالبهم الثقافية وعلى مستقبل التعايش في المنطقة، وتؤسس لمرحلة من الاضطراب والتطاحن الذي لن يكون فيه رابح سوى القوى الأجنبية التي تعمل على إبقائنا رهناً للتخلف والفقر والتطاحن والصراع العرقي والمذهبي والطائفي، ولنا فيما يجري في العراق أوضح مثال..

إن ما تحتاجه منطقة الشمال الأفريقي اليوم ليس نبش الماضي وبعث الفتن ومحاكمة التاريخ، بل تحتاج وبشدة إلى تصحيح الواقع المعاش والتطلع إلى مستقبل أفضل وتجاوز كل مرارات الماضي لبناء المستقبل الذي يحتاج لكل ثانية من وقتنا وكل حبة عرق وكل تفكيرنا، لا أن نثير الفتن التي ستشدنا إلى الخلف ويجعلنا ندور في حلقة مفرغة.


إن المرحلة التي نمرُّ بها اليوم تتطلب منا التآزر والتوحد عرباً وأمازيغ ونبذ الفرقة و تجاوز الانتماءات العرقية والمذهبية والطائفية والدينية ، لإجهاض مشاريع البلقنة التي تستهدف منطقتنا، وإلحاق الهزيمة بالمنظومة السياسية التي تصادر أصواتنا وتقمع تطلعاتنا نحو الحرية والعدالة والتقدم والتنمية.. وأمام هذه التحديات يجب علينا اليوم أن نكرس كل وقتنا وجهدنا وامكاناتنا لبناء قاعدة معرفية وعلمية واقتصادية وطنية تمكننا من إنجاز مشروع الدولة الوطنية الكبرى التي تعترف بكل مكونات هذه المجتمعات وثقافاتها وخصوصياتها وتقدس الإنسان المواطن دون النظر إلى هويته الثقافية أو الدينية أو العرقية، وتجذر روح التسامح والمحبة والتعاون بين أفراد المجتمع .. ولنا في تجربة أوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية خير مثال يجب أن نحتذي به حيث تجاوز الأوروبيون كل خلافاتهم ومراراتهم التي خلفتها الحروب رغم الدماء التي سالت فيها والتي لم تجف بعد، وقرروا بناء المستقبل الذي ينعمون اليوم في ظله الوارف..



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وما هي مصلحة العراق في مصافحة الإرهابي باراك؟!!
- الاتفاقية الامريكية الامريكية
- إسرائيل تتحصن داخل الاتحاد الأوروبي.. ماذا يفعل العرب؟!
- محكمة الحريري مدخل لتوسيع حزام النار في المنطقة..
- احب العراق.. آكو حد يعوف العراق!!!
- (وإذا ابتليتم فاستتروا..)
- الموسيقى هوية انسانية
- الحرية لآمنة منى
- ايها الفلسطينيون الزموا بيوتكم حتى يغادرها
- الحوار الاسلامي المسيحي : التسامح والحوار هو الطريق الى مستق ...
- الحوار الاسلامي المسيحي : التسامح والحوار هو الطريق لمستقبل ...
- هل المرأة انسان حقيقي!!!
- عندما يتحول الايمان الى عصاب
- دفاعا عن العربية


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمد عبعوب - حتى لا يتحول الأمازيغ الى حصان طروادة