|
هل الله واحد ؟! 1 /2
صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 2345 - 2008 / 7 / 17 - 11:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
غالبية البشر يتمنون لو أن الله - لو كان موجودا - يخبرهم لماذا خلقهم ؟ ولماذا لم يستشرهم قبل خلقهم . ويتجادلون كثيرا ويتعاركون وربما يتحاربون حول وحدانيته من عدم وحدانيته ! وكل الناس لا يعلمون متي بالضبط سوف يميتهم الاله الذي يؤمنون بوجوده . ولا باية كيفية .. ولكنهم يهتمون ويتجادلون حول : هل هو واله واحد بلا شركاء ؟ أم له شركاء ؟ وكأن المسألة لها ثمة فارق بالنسبة لقضيتهم التي هي عدم معرفة لماذا خلقوا ولماذا سيموتون ومتي سيموتون وكيف سيموتون ؟؟؟!! بينما الذي سيفعل بهم كل ذلك هو الله – ان كان موجودا – وسواء كان الله واحدا .. ام كان له أقارب وشركاء فالحال والنتيجة بالنسبة لهم واحدة بلا فرق !!!!
وهؤلاء الناس لعلهم هم الذين لا يهتمون كثيرا بأمر حاكم يسرق وطنهم ويسجنهم ويكمم افواههم ويفقرهم ويجعلهم غرباء مرضي فقراء في بلدهم أو يورثهم لابنه - أو لأخيه - من بعده !.. ويهتمون أكثر اما بكرة القدم أو بأحدث المطربات والمقارنة بينهن ..أو ينشغلون أكثر بقتل بعضهم البعض وحرق المعابد وخطف البنات بسبب اختلاف الأديان ..! أي أنهم يلهون انفسهم ويخدعون ذاتهم عما هو في صميم ما يخصهم . بما هو هامشي بالنسبة لصالحهم وما يعنيهم ... !
سواء كان الله واحدا أم كان الله 13 الها مع بعضهم البعض .. أم كان الله 1000 . شركاء أم صحاب أم أقارب . معا .. ان كان هذا لن يفيدكم في معرفة كيف سيكون الغد بالنسبة لكم . ولا ماذا يخبيء لكم الزمن ، ولا متي ستموتون ، ولا كيف ستكون الموتة التي ستموتونها كريمة أم مهينة ، مريحة أم مؤلمة .. فما أهمية ان نعرف ان كان الله واحدا أو 4500 الها ؟؟!! ليكن الله كما يكون .. وكما يحلو له أن يكون ..
كان في نيتي الكتابة عن هذا الموضوع فيما بعد و ليس الآن .. ولكن يوم السبت الماضي بينما كنت أقضي يوما في جو عائلي بدعوة من قاريء صديق وشقيقه . وهما من القراء العلمانيين القليلين الذين نكتفي بصداقتهم . كانوا مجموعة بعائلاتهم . والجو في ذاك اليوم كان ربيعا جميلا وحول حمام سباحة وبين حديقة صغيرة وزهورها الجميلة قضينا بضع ساعات في جو من الأخوة والصداقة لم تخلو من نقاش مع السمر . والاستماع لبعض الأغاني المصرية لعبد الحليم حافظ .
وقد فوجئت بأحدهم وبمجرد دخوله وقبل أن يكمل مصافحة المجموعة يبادرني بالسؤال – يبدو أن كان يخشي نسيانه - : - كنت عاوز أسألك . عن رأيك في ان الله واحد .. ما رأيك ؟ وهذا ما دعاني للكتابة في هذا الموضوع قبل الوقت ..
الاسلاميون – والعرب مخترعو الاسلام – يرون أنفسهم : أمة التوحيد .. وقد وصل الي حد الغناء لذلك – كما في اغنية للمطرب الديني الراحل " محمد الكحلاوي " : يا أمة التوحيد في كل فج بعيد .. الخ . والشاعر المسلم الباكستاني يقول في قصيدته التي غنتها أم كلثوم بعنوان " حديث الروح " مناجيا الله : من قام يهتف باسم ذاتك قبلنا *** من قام يدعو الواحد القهار ؟ ويبدو أن مصريين . يرغبون في انتزاع هذا السبق والشرف من العرب – وكأنه أول معجزة من معجزات العالم ، أو هو – أي التوحيد- هو الاكتشاف الأول لقارة أمريكا ! ، أو هو أول اشارة قديمة الي مفاتيح نظرية النسبية لاينشتاين ، أو نظرية الفمتو ثانية للدكتور زويل ! أو التوحيد هو أول اكتشاف للميكروسكوب الذي بفضله عرفت الفيروسات والميكروبات المسببة لأخطر الأمراض ! – اذ يقولون ان اخناتون – الفرعون والداعية الديني والحكيم المصري هو أول صاحب دعوة للتوحيد ..
ونسي هؤلاء أن عملية توحيد الاديان والآلهة في اله واحد علي يد اخناتون قد جلبت لمصر دمار وحرب أهلية وانقسام الدولة الي دولتين وعاصمتين – عاصمة في طيبة - الأقصر الآن – والأخري في تل العمارنة – تتبع ملوي بشرق النيل .- محافظة المنيا -
وأن المعارك وسفك الدماء التي حدثت بجزيرة العرب لتوحيد الاديان والاله علي يد محمد . فاقت ما حدث بمصر علي يد اخناتون .. بسبب التوحيد !
بينما كانت مصر قبل دعوة اخناتون التوحيدية مملوءة بأديان متعددة وآلهة متنوعة والناس يعيشون معا في سلام رغم تعدد الأديان تماما كما يحدث بكل الدول المتحضرة في يومنا هذا .. وكذلك قبل دعوة محمد . لتوحيد الاديان في دين واحد . واله . كانت الكعبة تضم آلهة مختلفة بجوار بعضها البعض والناس يعيشون معا وكل يعبد ما يشاء . في تسامح وسلام . تماما كما يحدث في دول العالم المتمدينة الآن . كل الاديان ومعابدها وكهنتها قائمون . والكل يعيشون في سلام – عدا بعض نزعات الشر من دين واحد شرير - الدين المحمداوي - . . وهي نزعات تلجمها الدول المتحضرة وتقمع اطلالاتها الارهابية القميئة من حين لآخر- .
والدين التوحيدي أو دين التوحيد يعير ويستنكر ما يقوله دين الاله ذي الثلاثة اقانيم . بأنه هكذا يكون دين شرك ..! ويسارع دين الأقانيم الثلاثة بالنفي عن نفسه تهمة الشرك – كون ان الله ليس واحدا – ويؤكد أتباعه علي أن الله عندهم واحد وينفون الشرك عن انفسهم . كما لو كان عارا أو فضيحة ...!
ومن أهم وأوائل سور قرآن محمد " قل هو الله احد " حيث يؤكد في تلك السورة علي أن الله أحد ، فرد صمد ، لم يلد ولم يلده احد ولم يكن له كفوا أحد ( مقطوع من شجرة – كما القول الشعبي الدارج علي من لا يعرفون له أهل ! - .. أو شجرة قائمة بنفسها لا فروع لها مقطوعة ولا موصولة ) ..!
ومنذ صغري كنت أسمع العامة يقولن ويؤكدون علي أن الله واحد . ولا يمكن أن يكون له ابن أو شريك لأن السفينة التي لها قبطانان . تتعرض للغرق بسبب اختلافهما ..!
وكان الآلهة لو تعددوا لابد وأن تكون عقولهم واخلاقهم مثل عقول وأخلاق البشر ..! ولا يمكن أن يكونوا أرق وأعقل وأكمل والطف . بحيث يقودون سفينة الكون بحب ووئام بينهم وسلام . دون تعريضها للغرق ..!
وعن نفسي : كل تلك الاقاويل والشد والجذب والجدل الطويل القديم حول كون الله واحد أم معه شركاء .. هذا موضوع يثير لدي مزيج من الضحك والدهشة .. الي هذا الحد نفعل بعقولنا ..؟! ماذا يعنيني وماذا يفيدني من كون الاله واحد .. أو هو ثلاثة أم ثلاثون الها معا ؟! مادامت الشمس يطلعها الاله او الآلهة في ميعادها وتغرب في ميعادها ، وما دام المطر يسقط ، وما دامت الأرض تنبت وطالما أن الأنهار والبحار لا تجف .. وما دام نسيم الدنيا يسري مثلما تعودنا أن يسري .. فلا باس من أن يكون الله واحدا أو ثلاثين الها معا أو ثلاثة آلاف وخمسمائة الها معا – مثلا - .. المهم أن يضبطوا لنا هذه الأشياء – ان ضبطوها حقا ..- ورغم أن هذا واجبهم ، طالما أنهم خلقوا الدنيا أو هم مسئولون معا عنها . ولكن لا بأس من ان نشكرهم . علي حسن تأدية عملهم – ان احسنوه .. ليكن الله كما يحب وكما يشتهي أن يكون .. الها واحدا .. أو ثلاثة آلاف وخمسمائة الها ... فهذا ما لن يضرنا في كل الحالات ، ولا يمكننا منعه ولا نستطيع المساعدة فيه بشيء .. لتكن مشيئته . وعلينا أن نبارك مع كل تمنياتنا له بالتوفيق ... والي الحلقة الثانية ..
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منوعات - 3
-
رؤساء العصابات ورؤساء الجمهوريات
-
منوعات - 2
-
مؤتمر حوار الأديان باسبانيا . يوليو 2008
-
منوعات
-
تقسيم مصر بسبب الدين و ببركة الضباط الحاكمين!
-
يتامي العراق والخجل البعثي المفقود
-
ليبراليون يساندون الارهاب . ألا يدرون? - 4
-
ليبراليون يساندون الارهاب . ألا يدرون ؟! - 3
-
ليبراليون يساندون الارهاب . الا يدرون ؟! - 2
-
الحرب الدينية الأهلية جارية بمصر !
-
العلمانية في شعر أحمد شوقي - 8
-
العلمانية في شعر أحمد شوقي - 7
-
العلمانية في شعر أحمد شوقي - 6
-
العلمانية في شعر أحمد شوقي - 5
-
العلمانية في شعر أحمد شوقي - 4
-
العلمانية في شعر أحمد شوقي - 3
-
العلمانية في شعر أحمد شوقي - 2
-
فقح الحجازيون وصأصا المصريون
-
العلمانية في شعر أحمد شوقي - 1
المزيد.....
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|