أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ساطع راجي - ظروف الاستبداد














المزيد.....

ظروف الاستبداد


ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2345 - 2008 / 7 / 17 - 11:03
المحور: حقوق الانسان
    


من الصعب توجيه تهمة الاستبداد الى شخص معين خاصة في الاجواء التي تتطلب كثيرا من الحزم والصرامة والقرارات السريعة، لكن من حق الانسان العراقي أن يكون مستفزا تجاه بوادر وعلامات وظروف الاستبداد مهما كانت ضئيلة بعدما عانى عقودا طويلة من سياسة التسلط الفردي المبرقعة بأستار واهية من الشعارات الكاذبة والاهداف المستحيلة، وبعيدا عن التغلغل في النفس البشرية وقوانينها التي تحرض الفرد أحيانا على فرض أرائه وإستلاب إرادة الاخرين ممن هم حوله أو يشاركونه في المسؤولية والمواطنة، بعيدا عن كل هذا لابد للمجتمع من آن لآخر أن يعاود مراجعة السلوكيات العامة لمؤسسة السلطة ويضع درجات للخطر تحذر مسبقا من تمادي السلطات التنفيذية أو إستفحال سلطتها بما يساعدها على تجاوز الدستور والقوانين والتقاليد الديمقراطية، لكن ما هي الظروف الموضوعية التي تسمح للإستبداد بالظهور في مجتمع معاصر له مؤسساته ودستوره؟.
يعتبر تضخم الهاجس الامني أهم الظروف المشجعة لتنامي الاستبداد السياسي، حيث تتضاءل قيمة الحرية والالتزام بالقانون عندما يعيش المجتمع تحت التهديد اليومي بالقتل والابادة ويتحول كل من يتصدى لهذا التهديد الى بطل وطني أو قومي محاط بهالة من السمو والقوة التي تمنع من توجيه أي نقد إليه أو حتى التفكير بمناقشة قراراته، ولهذا يلجأ الطغاة دائما الى تضخيم حجم التهديد الامني الذي يتعرض له المجتمع وعبر هذه الوسيلة لا يحمي الطاغية نفسه من سهام النقد فقط بل إنه يمد يده الى جميع مؤسسات الدولة ليسيطر عليها مباشرة والاهم إنه يتجه الى تنمية المؤسسات الامنية المرتبطة به مباشرة وربما يزيد من عددها وبوجود حالة الخوف يمكن لهذه المؤسسات أن تعمل بعيدا عن كل رادع قانوني ما دامت تحظى بدعم الشعب الخائف فضلا عن توسيع رقعة التحزب والقرابات والعشائرية في داخل المؤسسة الامنية بحجج الثقة والولاء، طبعا هناك هواجس أمنية حقيقية وأخرى مصطنعة وثالثة يتم تضخيمها لكنها تمثل فرصة للسياسي المستبد لفرض سلطته وفي مقدمة أدواته عسكرة المجتمع خاصة إذا كان الاقتصاد بيد الدولة.
يعرف دعاة الديمقراطية إن وجود إقتصاد حر هو من أول مقومات الديمقراطية الحقيقية، وعدا ذلك فإن أي ديمقراطية لن تكون إلا مجموعة من المؤسسات والممارسات الخاوية القابلة للتقويض والانهدام في أية لحظة وهنا تبرز معضلة الدولة الريعية التي يعتمد إقتصادها على واردات الثروات الطبيعية التي توزع على الشعب بشكل مباشر أو غير مباشر وبذلك ترتبط حياة الانسان بالدولة وربما بسبب هذه العلاقة أراد الطغاة في العصر الحديث التمسك بالشعارات والاسماء الاشتراكية التي تبرر سيطرة الحكومة على الاقتصاد وتضخيم القطاع العام والسماح بالبطالة المقنعة، ليبدو المجتمع وكأنه يعيش على هبات السلطة وليس من كدح يديه، والنتيجة إن النظام الاستبدادي ينمي مجتمعا كسولا وقانعا، يتراوح نشاطه الاقتصادي بين الاجهزة الامنية أو البطالة المقنعة في دوائر الدولة وشركات القطاع العام الخاسرة، وفي هذا المجال تظهر سياسة الهبات التي توزعها السلطة من المال العام على شرائح معينة في أوقات متباينة ليبدو الحاكم المستبد وكأنه يتعاطف مع هذه الشريحة ويفضلها على غيرها في حين إنه يتصرف بالمال العام لأغراض دعائية شخصية، وهو بذلك يثير حرص شرائح أخرى على التقرب منه والتودد إليه لكسب دعمه وهباته حتى يتم الاستحواذ على الجميع وإسكاتهم في المستقبل.
في جانب آخر يمثل ضعف المعارضة السياسية وتخبطها مصدرا مهما لإنعاش المناخ الاستبدادي، فالسياسي المعارض الضعيف والمتخبط يدفع بمواطنيه الى التمسك بالحكومة القائمة مهما كان مستوى إحترامها للحريات السياسية وإلتزامها بالدستور والقانون، ويزداد الامر سوءا حين تضعف وتتهاوى المؤسسة الرقابية والتشريعية أما بسبب الانشغال بالمصالح الشخصية أو الوقوع تحت تأثير السلطة التنفيذية، أو إنعدام التقاليد السياسية الديمقراطية وضمور هاجس الحرية عند ممثلي الشعب.
وتمثل الثقافة الشعبية مصدرا مهما لتحديد هوية وشكل النظام السياسي القادر على النجاح في إدارة المجتمع، فعندما يتجه العقل الجمعي الى البحث عن فرد منقذ يتم تسليم الدولة له وإيكال المجتمع لتصرفه هنا يكون الظرف الاقوى للإستبداد قد تحقق، خاصة عندما تعضد الثقافة الموروثة هذا التوجه.
الظروف المشجعة للإستبداد كثيرة ومتنوعة ويمكن الاستفادة من إحصائها عبر وضع مدرج لقياس تنامي الاستبداد السياسي في المجتمع ليتم التعرف على مستوى الخطر المحدق قبل وقوعه، وبذلك تتم تنمية هاجس الحرية في مؤسسات الدولة والمجتمع ليكون هذا الهاجس موازيا لهاجسي الامن والفقر.



#ساطع_راجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تغيير مفاجئ
- مفاتيح كركوك
- صراع الرموز
- دفاع ضعيف
- لغم مكشوف
- موسم الحصاد
- تقييم سلطة المحافظات
- تعطيل الديمقراطية
- تجميد العملية السياسية
- الاتفاقية ...شذرات وأوهام
- الآخرون في العراق
- تكاليف الترميم
- فشل المعارضة
- موت بسبب الكتمان
- دولة..دولتان...دولة
- محاصصة مبتكرة
- إمكانية ترميم الحكومة
- المقامة اللبنانية عراقيا
- هل إقتربت الحرب؟
- وقود رخيص جدا


المزيد.....




- غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
- 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
- كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت ...
- خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال ...
- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...
- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ساطع راجي - ظروف الاستبداد