|
أرض الجهل وبذرة الخوف تُثمر العنصرية
إبتهال بليبل
الحوار المتمدن-العدد: 2345 - 2008 / 7 / 17 - 11:09
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يوماً قالها أوسكار بيد رسون ( العنصرية كالسرطان في الوجود البشري مرض ينتشر بين العلاقات الإنسانية ويأكل نسيج الإنسانية نفسها ).. كلما حاولت التفكير في جميع الإضرار التي جرت في البلدان العربية وخاصة الإسلامية ، أتذكر صديقةً لي كانت ، تَتبع الديانة المسيحية ، ومن أفضل صديقاتي ، وكيف أنها يوماُ اتصلت بي وقامت بشتمي وسب الدين الإسلامي ، في حالة هستيرية مؤثرة يصاحبها البكاء والصراخ ، حقيقة ً حاولت معرفة سبب ذلك ، لكنها أغلقت الهاتف دون أمل في معاودة الاتصال بها ، وبعد ثلاث أشهر من هذا الموقف ، وعن طريق الصدفة التقيت بزميلة كانت ترافقنا باستمرار ، واستفسرت منها عن أخبارها وأخبار صديقتي المسيحية ، وعرفتُ منها أنه نتيجة الأحداث الأخيرة التي حصلت في بلدي من قتل وتهجير ، قامت جماعة مسلحة بقتل أخوتها الثلاث وحرق منزلهم ، ومن شدة وجعها وحزنها ، أيقنت أن هذه الجماعة هم يتبعون الدين الإسلامي وينادون بتطبيق تعاليمهُ ومعنى هذا أن كل من في الإسلام هو مجرمين وقتله .... وعندما يتعلق الأمر بالعنصرية ، يولد الجهل عادةً ٌمن الحقد والخوف ، وتتولد العنصرية في الشعب الذي لايفهم مغزى الثقافات والأجناس والأديان ، حيث لو كان هذا الشعب على دراية كاملة ومعرفة تامة بهذه الأمور لما ظهرت مشاعر الكراهية تجاهها ، لأنه سوف يفكر ويتصرف بطريقة مختلفة جداُ ، كثير من العنصريين في واقتنا الحاضر لايفرقون بين المسلمين ، والسبب في ذلك لأنهم لايعرفون أي شيء عن الأديان ، وإذا كانوا يعرفون شيئاً عن الأديان أو شخص ينتمي إلى الدين الإسلامي مثلاُ ربما هذا الأمر يخفف ميلهُ نحو العنصرية ، ولو أن الجميع قد أطلعوا على الديانات المختلفة ، لكان هناك الكثير من الأمور التي تقلل السلوك العنصري .. وبعداً عن الأديان ، فأن هناك مسألة الأقليات العرقية أو ( العرق ) ، فكتب التأريخ قد امتلأت بمسلات تسرد لنا الطرق الهمجية والوحشية لعنصرية العرق ، يعيشون في بلد واحد ويحمل كل منهم للأخر حقد وكراهية ، بفعل اختلاف العرق فتتولد العنصرية وتتفاقم ، وأكيد بالدرجة الأولى يرجع ذلك إلى الجهل وانتشاره ... العنصرية لايمكن أن تنشط وتنمو دون أن يكون هناك جهل ، حيث أن الجهل يولد الخوف وبذلك تبدأ العنصرية بالنهوض وخاصة في المجتمعات العربية والإسلامية ، ولا سيما في الوقت الحاضر ، فهي مخيفة لدرجة انتعاش العنصرية بالدماء ، وهذا ماتعايشنا معهُ خلال الحرب في العراق ولبنان وأيضا في كثير من الدول العربية التي بدأت تأخذ الأمور وتطبق قراراتها على مواطن واحد أسوةً ببلدهُ أو موطنهُ الذي هجرهُ ، ماهذا إلا هو جهل بواقع الأمور والخوف منهُ فتلجأ إلى محاصرتهُ بعنصرية شرسة بدون مساواة ، لان من أهم الظروف التي تعزز العنصرية هي عدم المساواة ، حيث أن المساواة بين المرأة والرجل وبين الأديان والثقافات والعرق ، ممكن أن يستبعد العنصرية من الظهور ، ولو تفحصنا في واقع العنصرية التي ظهرت أخيراً بين صفوف الشعب الواحد من ناحية الدين والعرق والثقافات ، نجدها ُوٌلدت سخرية لجميع جاليات هذا الشعب المنتشرين في كل بلدان العالم ، كما أن شكاوي العنصرية والحط من الكرامة لمناهضة التمييز قد زادت خلال العام الماضي بشكل ملحوظ ، حيث تضمنت هذه الشكاوي الاعتداءات اللفظية والبدنية وإساءة المعاملة ، وخير مثال لدينا ، هو ارتداء الحجاب للمرأة المسلمة في الدول التي تنهج ديانات غير الديانة الإسلامية ، ونحن نعلم أن ارتداء الحجاب للمسلمة واضح الأهداف ، لكن بشاعة الأمر يكون في النظرالى مستوى العداء تجاه المسلمين في وسائل الأعلام بصورة مستمرة ويومية تقريباُ ، مما ولد جهل بحقيقة الأمور وان هذه الإنسانة تمارس حقها الطبيعي في حرية الاختيار ، بأن ترتدي الحجاب ، لكن العالم ينظر إليها وهي مرتدية الحجاب على أنها من جماعة الإرهابيين الذين يعثون في الأرض جوراً وجرماً ، والذين يحاولون تدنيس قداسية الدين الإسلامي ، وبالتالي هذا الأمر ولد الخوف فكانت النتيجة إساءة التعامل ومحاولة عزل هذه المجموعات بذنب لا دخل لهم فيه ، وفي إطار قانون مكافحة التمييز ، من غير المشروع التمييز ضد أي شخص على أساس العرق ، أو للتحريض على الكراهية من خلال القوانين العامة ضد شخص أو الأشخاص على أساس العرق ، أو الدين ، كما أن العنصرية هي طاعون ينتشر فينا ، وجب علينا التخلص منهُ وهذا طبعاُ لايكون ألا بالمحبة والتسامح وتطبيق تعاليم الدين الإسلامي بصورة صحيحة ، ولو تذكرنا أهم أمر نادى جبريل فيه لرسولنا الكريم هو أنه لا فرق بين أسود وابيض ولا فرق بين حر وعبد ، فنرى ديننا يحدثنا على المساواة وعدم التفرقة ، والعنصرية هي شكل من أشكال الكراهية والعنصريين هم أول ضحايا العنصرية ، أما بالنسبة للتنوع في اللون والدين والثقافة ، فهو من الأمور الرائعة ، والتنوع يولد الإبداع والمستقبل الزاهر ، وبايلوجياً لا يوجد اختلاف بين البشر ، ونحن جميعاُ خلقنا من نوع واحد ، العنصرية (مثل أي شر من الشرور الاجتماعية الأخرى الكبيرة في مجتمعنا) تحتاج إلى مكافحتها من خلال الجمع بين التعليم والقيادة الشعب. و العنصرية اليوم مهملة في اللائحة لفشل العديد من تأدية دوره في المسؤوليات الاجتماعية والاخلاقيه ، كما أن حرية التعبير في الصحافة واجبة ، أذ لا ينبغي أن تفسر على حرية تشجيع أو التحريض على الكراهية العنصرية أو التمييز أو العنف ، وفي الوقت نفسه ، فان الجهود الرامية إلى مكافحة العنصرية وسياسة الإكراه وما يتصل بذلك من تعصب ، وجب أقامة توازن فيها مع الحاجة إلى حماية حرية التعبير. خطاب الكراهية في الصحافة ، و مواقع الكراهية على الانترنت ، هي أساليب تشجع وتنمي العنصرية ، و أن أفضل طريقة هي التصدي لها ولكن ليس عن طريق تعزيز الرقابة على حرية الوصول إلى المعلومات ، التي تتعرض لتلك الأفكار ما كانت عليه، كما أن الحماية والتعزيز حق أساسي من حقوق الإنسان إلى التماس وتلقي ونقل المعلومات والأفكار. والأكثر إثارة للقلق هو ظاهرة حديثة الظهور التي حدثت في أسوأ شكل من أشكال الرقابة -- العنف الجسدي ضد الصحفيين. الترهيب والاختطاف والسجن والتعذيب والقتل من الصحفيين ، إن حرية وتعدديه الصحافة المستقلة هو أمر أساسي لمجتمع ديمقراطي ، وأفضل الأسلحة لمكافحة العنصرية والهيمنة ، وحرية التعبير وحرية الصحافة. كوسيلة لتحويل الأقوال إلى أفعال. أذن وجب على الجميع العمل معا من اجل تحقيق الحرية والتضامن ، وهذا الأمر الذي لايمكن أن يتم بدون وجود صحافه حرة.
#إبتهال_بليبل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حروب بقوانين لعبة الشطرنج ..
-
(2)تعاليم الدين الجديد بلسان ( أبو المنصب )
-
العراق هو الموت والحياة والحياة فيها الموت والقيود
-
(1)تعاليم الدين الجديد بلسان ( أبو المنصب )
-
الجزء الثالث / قبعة الدين للمرأة .. سلسلة تقاليد سياسية محلي
...
-
الجزء الثاني / قبعة الدين للمرأة ، لتقاليد سياسية محلية
-
قبعة الدين للمرأة ، سلسلة لتقاليد سياسية محلية
-
الدكتورة نادية (( روح أنثى ملوكية )) ، تعقيباً على مقالة الك
...
-
تَصفيات بوجوه أخرى
-
- مفاهيم خفية- مع أوضد ؟؟
-
البطالة والفقر والتنمية الاجتماعية
-
الشر رديف الحياة
-
على ذمة الراوي
-
مجرد أسماء ...
-
أمراة مفخخة بالحزن
-
رجل ميت ...
-
الغموض النووي
-
غٌل القيود ، لبئر النساء في جدران الظلام ..
-
مرآة الوهم وأزمة الانسان واغترابهُ....
-
من قصص الشعوب ....أسطورة أسلحة الدمار الشامل
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|