مصطفى العوزي
الحوار المتمدن-العدد: 2338 - 2008 / 7 / 10 - 07:17
المحور:
المجتمع المدني
في روايته المعنونة برجال في الشمس حاول الكاتب الفلسطيني الكبير غسان كنفاني رسم صورة واضحة عن الهجرة السرية التي ميزت فترة ما بعد نكبة 1984 ، حيث اختار الكثير من المواطنين الفلسطينيين الهجرة نحو الكويت كبلد يتوفر على ما لا يتوفر في أرضهم المقموعة تحت جبروت الاحتلال الصهيوني ، رجال في الشمس هم أصدقاء ثلاثة ماتوا داخل خزان ماء يوجد بسيارة تكفل صاحبها بتهربهم إلى الكويت سريا مقابل أجر معين تم الاتفاق عليه ، و السبب المباشر للموت هنا هو الاختناق داخل الخزان الشبيه بالفرن الحامي ، حيث كانت السيارة تمخر رمال الصحراء في اتجاه الكويت ، غير أن صاحب السيارة يرى في النهاية أن موت الثلاثة كان بسبب أنهم لم يطرقوا جدران الخزان المغلق عليهم عندما اشتدا عليهم الحال ، طبعا هذا التعليل عادة ما يقدم عندما لا يجد الجاني تعليلا حقيقيا لفعلته ، و ما أكثر مثل هذه التعليلات هنا في بلدنا و التي يمطرنا بها المسئولون على اختلاف مراكز عملهم ، فعندما تفحم عدد كبير من العمال داخل معمل للنسيج بالدار البيضاء كان السبب هو أن نوافذ المصنع كانت مغلقة بشبابيك من حديد ، يعني كالخزان المغلق ، مع تغييب تام للأسباب الحقيقية المؤدية لمثل هذه المأساة ، و نفس الشيء عندما تمرد سكان سيدي افني على حالة التهميش التي عانوا و يعانون منها، فالتبريرات كانت عبارة عن تبريرات مستهلكة ، كعدم الطرق على جدار الخزان ، إن مثل هذه التعليلات هي التي يقال عنها حجب الشمس بالغربال ، فالحقيقة ظاهرة ، و لن يستطيع أحد منا إخفائها بمثل هذه التعليلات ، المغرب اليوم مقبل على أكثر من سكتة قلبية ، فقد يكون مقبلا على حالة من الانهيار النفسي أو أكثر ، أعرف أنه هناك من سيقول أننا عدميون و متشائمون ، و من يقول ذلك هو أصلا عدمي ، أما نحن فأكثر حيوية و تفاؤل ، ولولا هذا التفاؤل لما قررنا مناقشة مثل هذه المواضع ، و لمن يقول أننا عدميون أحيله على كثرة الاحتجاجات التي تعيشها البلاد و على غلاء الأسعار و على ارتفاع وثيرة الآفات الاجتماعية ، ثم لينظر هل سيغير تفاؤله هذا شيأ من ذلك .
#مصطفى_العوزي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟