|
موجبات تغيير أسعار الفائدة
اميل قسطندي خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2340 - 2008 / 7 / 12 - 11:31
المحور:
الادارة و الاقتصاد
عندما تقوم البنوك المركزية بتخفيض أسعار الفائدة (interest rates)فإن المراد من هذه السياسة النقدية (monetary policy) هو تحفيز الاقتراض بشكليه المعروفين. فالنوع الاول هو الاقتراض لأغراض الاستهلاك الخاص personal consumption)) وذلك للإنفاق الفردي أو الاسري او الاثنين معا. أما النوع الثاني من الاقتراض فهو الذي يتم استخدامه لأغراض استثمار الاعمال (business demand) كي يتسنى للشركات او المستثمرين الانفاق على المشاريع التوسعية او الاستثمارية (business investments or expansion projects). فاذا ما تم الاقتراض بالقدر اللازم وتوفرت السيولة المالية المطلوبة لتحريك عجلة الاقتصاد بفعل الطلب على السلع والخدمات وتفعيل البرامج الاستثمارية، فلا شك بأن ذلك سوف يؤدي بالنتيجة الى حزمة من الايجابيات الاقتصادية كزيادة نسبة النمو الاقتصادي (economic growth) ورفع معدل الناتج المحلي الاجمالي (GDP) وخلق فرص عمل جديدة للمواطنين، وبالتالي تحسين مستوى معيشتهم والتخفيف من حدة معدلات البطالة والفقر (unemployment and poverty). ولكن اذا ما أخذنا بعين الاعتبار ان خفض هامش الفائدة سوف يساهم كثيرا في تغذية التضخم (inflation)، وبالتالي رفع المستوى العام للاسعار(general level of prices) ، كأسعارالمواد والسلع الاولية (كالارز والذرة والفحم والاسمنت والبوتاس والبترول والزيوت والذهب والحديد والنحاس والفضة ... الخ) والسلع الغذائية والاستهلاكية والدواء والخدمات بكافة اشكالها، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تخفيض اسعار الفائدة يؤدي بالضرورة الى تحفيز استثمار الاعمال بالشكل الكافي الذي يضمن تشغيل العمالة بالكامل، اي الوصول بحالة تشغيل الطاقة الى أقصى حد (full capacity or full employment)؟ بحسب مبادئ العالم الاقتصادي المعروف جون مينارد كينز (John Maynard Keynes) فإن الجواب طبعا لا، اذ انه لا توجد هناك علاقة عكسية ايجابية مباشرة ووشيكة بين خفض معدلات الفائدة وبين زيادة نسبة استثمارات الاعمال، وخصوصا في الحالات التي يعاني فيها الاقتصاد من تباطؤ في النمو أو ركود أو كساد (economic recession/depression/slack). فواقع الامر انه في مثل هذه الحالات الاقتصاديه الرديئة فان كينز يعتقد بأن الخطط الاستثمارية للشركات عادة ما تتأثر بالتوقعات المستقبلية لمجمل النشاط الاقتصادي العام، وان معظم قياديّي عالم الاعمال (business leaders) يميلون الى التعامل مع أي وضع اقتصادي سيئ بنظرة متشائمة، الى الحد الذي يجعلهم لا يقدمون على الاقتراض من البنوك او الاقدام على اي مغامرة في حقل الاعمال (business venture)حتى وان كانت اسعار الفائدة في ادنى مستوياتها. اما اذا كان الاقتصاد في حالة جيدة بحيث لا يمكن القول معه بأنه يعاني من ركود او كساد او تباطوء او انكماش، فإن السياسة النقدية المتمثلة في عدم تخفيض اسعار الفائدة هي سياسة سليمة وحصيفة بكل المقاييس والمعايير، اذ انها تعمل على ابقاء العملة المحلية قوية، وبالتالي الحفاظ على الاستقرار النقدي للدولة، وتخلق حالة من التوازن في سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الرئيسة الاخرى، وتعمل ايضا على توفير السيولة المالية بشكل اكثر توازنا من شأنه ان يكبح عجلة الاقتصاد من الانزلاق في منعطفات نقدية/ مالية خطيرة كإضعاف العملة المحلية او انهيار في وضع السيولة المالية، كما انها تعمل على الحد من تفاقم الضغوط التضخمية التي قد تنتج عن سهولة الاقتراض والتوسع في الانفاق الاستهلاكي او الاستثماري او كليهما معا. اما اذا كان لا بد من تخفيض اسعار الفائدة، فإنه يمكن للبنوك المركزية ان تتخذ حزمة من الاجراءات الوقائية المضادة (counter preventive measures) وذلك لتشديد القيود المفروضة على الإقراض المصرفي او على حجم السيولة المالية المتاحة، كأن تقوم مثلا بزيادة معدلات الاحتياطيات الإلزامية للبنوك التجارية (reserve requirements)او اصدار سندات او اذونات خزينة (treasury bonds or notes) لهذه البنوك اما لارغامها على ابقاء قدر اكبر من اموالها في خزائنها او لتقليص كمية هذه الاموال، وذلك بهدف التقليل من حجم السيولة المالية الممكن تدفقها الى الاسواق من خلال منح قروض او اية تسهيلات بنكية اخرى للمستهلكين او الشركات. ويمكن للبنوك المركزية ايضا ان تقوم بشراء كميات معينة من العملات الصعبة التي ترتبط بها عملاتها المحلية وذلك بغية الحفاظ على قيمها من الانخفاض او الانهيار، الامر الذي من شانه ان يؤدي الى منع المزيد من التراكمات التضخمية او تصاعدات اكبر في المؤشرات الاقتصادية المهمة والحساسة كمؤشر اسعار المستهلكين (consumer price index) ومؤشر اسعار الصناعيين (producer price index).
#اميل_قسطندي_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القطاع الخاص ودوره في التنمية الوطنية
المزيد.....
-
الجزائر وموريتانيا توقعان على مذكرة تفاهم لاستكشاف وإنتاج ال
...
-
أسهم أوروبا عند ذروة قياسية بعد خفض الفائدة
-
رابطة الكُتاب الأردنيين في -يوبيلها- الذهبي.. ذاكرة موشومة ب
...
-
الليرة السورية تسجل 9900 أمام الدولار في السوق الموازية للمر
...
-
20 مليار دولار صادرات تركيا إلى أفريقيا العام الماضي
-
سعر جرام الذهب عيار 21 سعر الذهب اليوم في محلات الصاغة
-
تقارير أمريكية: الولايات المتحدة تتقهقر اقتصاديا أمام -بريكس
...
-
رئيس البرازيل: سنرد بالمثل إذا فرض ترامب رسوما جمركية
-
المغرب يطلق 20 مشروعا استثماريا بقيمة 1.7 مليار دولار
-
شركات صينية تبني سكة حديدية بملياري دولار تربط تنزانيا ببورو
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|