آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 2337 - 2008 / 7 / 9 - 06:11
المحور:
الادب والفن
ـ 12 ـ
جلسنا بصمت تام ورحنا نأكل الكعك مع البوظة.
رحت أفكر.
أكلت الكعكة المسماة نابليون، كعكة لذيذة جداً. على المرء أن يأكل أربعة قطع حتى يقول كفى.
فكرت بأن علي أن أكتب.
بعد قليل أكلت ثلاثة كعكات مغمسات بالكريمة والجوز واللوزمن نوع الأميرة, هذا بالرغم من إنني لا أحب هذا النوع.
لماذا يجب علي أن أكتب؟.
كنت أفضل صديق ليوران مع كاترينا وإيزابيل. أنهم أصدقاء رائعون، أذكياء وأنيقون. يتمنى الإنسان أن يكون مع أصدقائه دائماً. هل تدركون معنى كلامي يا أحبائي.
يوران شاب مميز, يعرف الكثير, يرسم, يكتب, يعمل على الكومبيوتر يستطيع أن يتدبرأمره في الكثير من المسائل, يصمت عندما يتحدث الأخرون.
كاترينا بالعكس من ذلك, لا تستطيع أن تصمت على الأطلاق, تجيب على كل الاسئلة المطروحة أمامنا سواء يخصها أو يخص غيرها وبسرعة, أشك أنها تستطيع أن تجلس على مقعد المرحاض ثوان عديدة. أنها فتاة جميلة وأنيقة وماكرة، كما أنها عنيدة ومشاكسة ولا تستسلم لأي أمر.
وماذا عنك يا إيزابيل؟
أكلتُ تورتة الفريز، هذا المفضل لدي، خمسة قطع.
إيزابيل جميلة جداً، لها ساعدان أسمران. جميع الشباب الذين قابلوها تواردت على خواطرهم الأقتران بها في يوم ما. على أية حال, بالرغم من إنني فكرت بها كزوجة, لكني ساتزوج من كاترينا. أه, سنرى ما يخبئه الزمن لنا, ما سيحدث في الأيام والأعوام القادمة.
ساتابع كلامي عن إيزابيل, على سبيل المثال إذا أرغمت على إداء دورأو مشهد في مسرحية ما أمام جمهور عريض يتكون من أكثر من مئتان فرد أو طلب منها أن تغني لهم أغنية يحبونها في هذه الحالة عليها أن تتحلى بالشجاعة والصبرورباطة الجأش دون خجل أو خوف. لكن إذا بدأت وصلتها الغنائية بناء على طلب الجمهورستقف بالتأكيد قليلاً تتأمل الناس وتبتسم وتتمايل بدلال وغنج إلى اليمين مرة وإلى الشمال مرة ثانية ثم تبدأ.. هكذا هي إيزابيل المغرورة.
أما عن وضعي؟. أنا فاشل في كل المجالات, لا أستطيع أن أفعل أي شيء له أهمية تذكر. لا أعرف شيئاً عن الكومبيوتر، لا أعرف الرسم، لا أستطيع الإجابة على الإسئلة السريعة المطروحة أمامي, لا الأن ولا في المستقبل. وإذا وقفت على الخشبة المسرح في مشهد ما أمام الجمهور، سأرتبك، لن أقول شيئاً, لن
أغني. بينما قلبي سيقرع بقوة بين دفتي صدري..
أنا لا شيء على الأطلاق.. أنا تافه.
أكلت تورتة الفواكه مع الجيل، قطعتين، بالرغم من إنني شبعان. كان طعمها لذيذاً وخاصة مع قطع اللوزعلى أطرافها. أربعة قطع كافية للمرء فيما إذا كان شبعاناً.
سأكتب مقالات مميزة ومشوقة, عميقة المعنى والروى. القارئ الحدق سيعرف ماذا وراء كلماتي. الورق الأبيض هومكاني, حياتي, مبتغاي وسعادتي في الدنيا, أعطوني حرفاً, بضعة حروف وخذوا غناءً, أعطوني بضعة حروف وخذوا أوركسترا عالمية شاملة!. أنتظروا مني أشياء كثيرة, نعم, أنا, أريد أن أقول لكم, لدي الكثير يجب أن يقال, أريد وأرغب, وأكتب..
أكلت التورتاة بالشوكولا, القليل منها ثقيل, ربما لأنها مغمسة بالكثيرمن الشوكولا الدسمة. مذاقها لذيذ وطيب في الفم. بالرغم من المغص الذي ألم بي من هذه التورتة, أكلت منها ثلاثة قطع ونصف. لقد دونّت ملاحظاتٍ كثيرة عن الكعكات الخمس التي أكلتهم.
لدي مقالتان جاهزتان، كنت قد كتبتهما فيما مضى من الزمن، لهذا أستطيع القول، إحداهما عن بائع السجق هانس والكتشب الذي سال في الشارع والأخرى عن جودة كعكات الفران كونتانت.
فكرت..
كيف سنديرالمطبعة وحدنا.. شعرت بالدواروالحزن أيضاً. قلت:
في الأسابيع الخمسة القادمة سيكون وقتنا كله في المطبعة. تابعت حديثي:
أنطلقنا بالجريدة من نقطة الصفر..
ببساطة كاملة أقول لكم يا أصدقائي بأن جريدتنا, جريدة الشباب, ستكون الأفضل في المدينة, لأنها نتاج الشباب والمستقبل, حيوية ونشيطة. الجرائد الآخرى عتيقة, عقول العاملين فيها هرمة, لا علاقة لهم في العصر وروح الشباب الجديد.
أومأت ايزابيل برأسها وعلامات الغثيان بادية على وجهها..
بعد لحظات, وضعت يديها على فمها، نهضت من مكانها وأسرعت إلى المرحاض.
الجزء الثاني
الجريدة انطلقت ب 1200 كرونة مخبأ ة في حذاء
ــ 1 ــ
طوت إيزابيل جدعها وأسندت يديها, وباعدت قدميها حول المرحاض, وتقيأت ثلاث مرات. نظر إليها الذئب قلقاً.
جلبنا كلب يوران معنا، أقصد الذئب، عائدون على دراجاتنا الهوائية إلى المطبعة. أنا أيضاً لدي حلم. حلمي أن يكون أصدقائي معي.
ـ حدث هذا لأنك شرهه، قالتها كاترينا لإيزابيل وأردفت:
ـ ما عدد القطع التي أكلتيها؟.
ـ سبعة. ردت إيزابيل بوهن، ربما ثمانية, لا أدري, لكن إذا أراد المرء أن يعد القطع, فإنه لايستطيع أن يأكل الكثير. لكن الأكل في العمل, في الجريدة، خطأ كبير, لا ينبغي أن أفعله مرة أخرى. ماذا أفعل؟
جلس يوران خلف الكومبيوتر وراح يلعب بالفأرة، رسم بطاقة زيارة. مددت عنقي إلى الأمام ورحت أقرأ:
إيزابيل بيرونا
البائع
الجريدة أكس أكس أكس
شارع المصانع, رونبي رقم /53/.
رقم التلفون: /283739/
أنها فكرة ذكية ورائعة.
عنوانها في المطبعة ورقم تلفون بيتها. لكنه ترك مساحة فارغة لأسم الجريدة لإننا لم نختارلها أسماً مناسباً إلى الأن.
بالنسبة لبطاقة الزيارة! إنه شيئ رائع ومقنع لإيزابيل، لأنها ستبيع جرائدنا, ستحملهم بين يديها وتسيرفي شوارع رونبي, حول مسابحها وفي أماكن توجد السواح والشباب لكي تبيع لهم. إنها تدور في المكان المناسب للبيع.
مما لا شك فيه أن حمل مئات الجرائد على كتف فتاة شابة مثل إيزابيل هو عمل مجهد. لكنها تستطيع اقتناء عربة صغيرة, تضعهم عليها وتجرهم. انتظري قليلاً, خطرت على بالي فكرة:
الكلب, الذئب يستطيع أن يجرالعربة المحملة بالجرائد التي طبعناها, نعم, إنها فكرة مذهلة يا شباب, سيقف الناس على الأرصفة مذهولون, ينظرون إلى المشهد الساحر, كلب يجر عربة محملة بالجرائد, سيقتربون منه, سيربتون على فروه, سيمازحونه, يداعبونه, سيشترون جرائدنا...
أنها فكرة رائعة ومثيرة للأهتمام! نملأ العربة ونترك الكلب يمشي خبباً إلى الهدف.
1ـ إيزابيل البائعة...
2ـ الحمولة ثقيلة, جرائد...
3ـ نحتاج إلى عربة صغيرة.
4ـ الكلب يستطيع جرها.
قفزوا في الهواء فرحاً وطربا لهذه الفكرة المذهلة:
كلب يجر وراءه عربة محملة بالجرائد...
بالطبع سيكون اسم جريدتنا مدوياً في المدينة!
أثناء البيع سيكون الذئب وراء العربة, يجرها. في هذه الحالة علينا أن نكتب ملاحظة مهمة للناس على قارمة في مقدمة العربة حتى لا يثيروا غضب الكلب:
أيها الناس.. ملاحظة مهمة...
يجب أخذ الحيطة والحذر, هذا ذئب حقيقي, عنيف, لا تقتربوا منه كثيراً, لا تربتوا على فروه, ربما الذئب يهيج ويهجم عليكم, حاولوا أن تبقوا في أماكنكم, بهدوء وسكينة حتى تأتيكم النجدة.
هذا المشهد سيثير فضول الناس, سيستغربون, سيسارعون للأقتراب من الكلب وإيزابيل والعربة ليشاهدوا منظراً غير مألوف, منظراً مثيراً للأهتمام.
ستبيع إيزابيل كل جريدة من جرائدنا بعشرة كرونات. يجب أن يكون موضوع المقالة الأولى عن ذئبنا والمقالة الثانية عن الذئاب!
ـ هل تعلم ما هو اسم جريدتنا؟ سألت يوران.
ـ لا.
ـ الذئب.
ـ تعنين ..؟ قالها.. وأشار إلى الكلب, وعلامات الفرح والاستغراب بادية على محياه.
الحقيقة لم أريوران بهذه السعادة من قبل.
ـ نعم، من الأن وصاعدا، سيكون اسمها الذئب, بدلاً من ذلك الاسم الشنيع, الاسم القديم.. بوف.
هزيوران رأسه وضحك بفرح وسرور.
ـ إنني أأ.. ت ت.. قيأ، إنني أتقيأ, صرخت إيزابيل بوجع، بينما الذئب يصيخ السمع, رافعاً أذنيه إلى الأعلى بأنزعاج وتذمر.
ـــــ 2 ـــــ
يوران كتب اسم الذئب على الصورة، ونسخها، ووضعها على كامل الصفحة في شاشة الكومبيوتر. طبعنا عشرون نسخة على الورق. كتبنا اسمه باللون الأزرق, بالأحرف الكبيرة على الورق المقوى, ثم قصصناها على شكل رزم جميلة لتصبح بطاقة زيارة.
بعد الحمام جلست إيزابيل على الكرسي مسترخية. كان يبدو عليها الصحة والعافية بالرغم من شحوبها. أعطيتها رزمة من بطاقات الزيارة وشرحت لها كيف يمكن للمرء أن يضع اسمه عليها.
ـ بعنا الجرائد, قالتها بفرح وسرور, لم يبق منهم شيئ يمكن التحدث عنه, حقيقة لم يبق!
ـ لكن, لا نستطيع أن نطبع الجرائد هنا, قالتها كاترينا بغضب واحتجاج وأضافت:
لا يمكن أن نطبعهم دون أن نسأل....
معها كل الحق. ليس من العدل أن نستخدم آلات الغيروأجهزتهم! لكننا فعلنا هذا من أجل أنقاذ برنهارد من ورطة كبيرة. لأن ليف لن يفغر له. لهذا فإن برنهارد مدين لنا بهذا المعروف, بهذا العمل الجليل الذي قمنا به, لأننا ساعدناه وأنقذنا عمل ليف.
ونستطيع دفع ثمن الورق الذي استخدمناه, حصلنا على/1200/ كرونة وهي موجودة في حذاء الرجل الصغير, ماكس ذي الستة أعوام.
ـ على كل حال, برنهارد رجل لطيف ودمث الأخلاق، علقت ايزابيل على ذلك وتابعت:
هذا ما تقوله مانويلا.
ـ سنجرب أن تكون جريدتنا مؤلفة من أربعة صفحات, سنطبعها على الورق الابيض..هم... / A2/ على ذلك النوع من الورق الذي يمكن أن يطوى, مع الأيام سنطورها لتصبح مثل الجريدة السويدية المشهورة التي أسمها/السريع/, برقة أوراقها وطباعتها الرائعة، لقد جربنا الأمروبعنا العديد من نسخها بعشرة كرونات. وفيما إذا لم تنفق في الأسواق سنضع بقية النقود التي حصلنا عليها في محفظة برنهارد, مبلغ كبير, منها ثلاثمائة كرونة للكنس والتنظيف أما الباقي فهي ألف ومئتان موجودة في حذاء الرجل الصغير, ماكس.
فجأة أحسسنا بصوت عالي جداً ينبح بالقرب منا, لدرجة أن خدود كاترينا تبقعت باللون الأحمرمن الخوف:
صوت الكلب, الذئب جائنا هادراً, قوياً. عوى مرتين وصمت. شعريوران بالسعادة والفخر, راح يحضن كلبه ويدمدم في سره باسمه القديم.. بوف.
كان الذئب لطيفاً طوال الوقت مع الجميع, لكن, لمجرد رؤيته ليوران حدث تحول غامض وغريب عليه. كما أن يوران بدأ عليه الأحباط في الفترة الأخيرة, لكنه انتعش وخرج من هذه الحالة عندما رأى كلبه.
أخذت ورقة كبيرة وبدأت أكتب عليها قائمة بالمقالات التي يجب أن توضع في الصفحة الرئيسية.
ـ سأخذه معي إلى المدرسة, وتابع يوران حديثه:
أنا مهتم كثيراً جداً بالذئب. المقالة الأولى ستتناول الحديث عنه, ما يتوجب على المرء أن يفعله فيما إذا هاجمه الذئب.
كتبت ذلك في أعلى الصفحة.
ـ لدي أصدقاء في إجازة، قالت كاترينا ذلك وأكملت حديثها: أرسلوا لي بالبريد الكتروني، أخبارهم, ما يفعلونه في هذه الأوقات.
ـ وماذا يقولون أيضاً.
ـ آه.. يقولون أن الشمس ساطعة في في مدينة هوكانس ومضجرة في يأفليه أوأنها حارة في جزر الكناري الواقعة على المحيط الاطلسي, منطقة التزلج على الماء في تلك الأماكن, يبدو إنها في غاية الجمال والغرابة.
ـ إنها غريبة إلى حد ما.. قالها يوران.
ـ أنا.. سأكتب عن المرء الذي يستطيع أن يحصل على عمل صيفي, عن الشاب اليافع, عنّا, عن دقتنا في إدارة مدخولنا المادي, قدرتنا على تسديد مدفوعاتنا.
أومأ الجميع رؤوسهم.. بينما تابعت كاترينا:
ـ سأبحث عن العمل مع أصدقائي خلال عطلة الصيف في هوكانس ويأفليه ولاس بالماس.
أنا أيضاً, سأبحث, رحت أكتبها في الزاوية العليا من الصفحة.
وسنجري أختباراً على كعك كونتانت.
ـ أنا.. أستطيع أن أكتب كيف يعمل الهيدروليك.. قالت إيزابيل ثم تابعت: على كل حال, مانويلا شرحت لنا عمل الآلة بالتفصيل, أنا أيضاً أستطيع القيام بذلك. في الحقيقة.. كتبت عن الزر أو مفتاح التشغيل الذي يجب على المرء أن يضغط عليه حتى تعمل هذه الآلة الجميلة. بالرغم من هذا يجب أن تتواجد صورة لها.
ـ عندي جارعنده آلة تصوير رقمية.
ـ هل يعرها لك!
شيئ رائع ومثيرأن نبدأ عملنا بشكل سليم وعملي, أن ننطلق من قاعدة حقيقية, أن نعمل بجدية. البعض يقدم فكرة ما أوأقتراحاً مفيداً, البعض الأخرينفذها, والأخرون يروجونها في السوق ويبيعونها, إنه شيئ جيد.
ـ يجب علينا أخذ الصورلكل الكعك, قالها يوران وأضاف: ونصورالأنواع الأخرى من المعجنات.
ـ لا.. نطبع خمسة صور! نطبع أفضل خمسة صوروننشرهم كإعلان, هكذا رددت إيزابيل.
ونطبع صورالكعك المغمس بالشوكولا كنموذج.
الأن كل واحد لديه منا لديه عمل يقوم به. نكتب, نرسم. عثرنا على الورق الذي سنطبع عليه. وشاركنا معنا في العمل بعض الحيوانات مثل الذئب.
نعم، نحن مثل مثل قطعان الذئاب التي تسيرعلى أثرالرائحة وراء غنيمتها, أنه لشيء رائع.
ـ ماذا أعمل, كما تعرفون أنا أيضاً كبير مثلكم.
ـ تستطيع حراسة النقود أيها الرجل الصغير, ماكس, لما لا, فالخزنة في حذائك يا صديقي.
حدق الرجل الصغيرملياً في حذائه وراح ينظر في وجه كاترينا بصمت.
أوف، كم نحن وقحون مع الرجل الصغير.
ـــ 3ــــ
استلقت إيزابيل على الأرض في بهوالمطبعة، أمسكت ورقة كبيرة وراحت تكتب. كان جميع العاملين في المطبعة منتظرين أشارة الأنطلاق ليقوم كل فرد بعمله.
فجأة بدأ الذئب يعوي.
ـ ماذا حدث. آه يا صغيري, أيها الذئب الرائع, ماذا لديك, إلى ماذا تحدق وتنظر.
كان هناك فأراً في داخل ماكينة الطباعة!
الذئب عوى.. بينما شوارب الفأرتهتزوترتجف من الخوف.
في الحال أغلقت إيزابيل غرفة الطعام على الذئب.
ـ أسرعوا! صرخت عليهم.
الفأر بقي جالساً. له عيناه جميلاتان.. شيء لا يصدق. آه.. كم هم عذبين عينيه.
ـ أنا مأسورة بهم.. قالت إيزابيل ومدت يديها له. لكن الفأرلم يرغب بالأسر. فضل التسلل والهرب تحت لفائف الآلات الطابعة.
ـ لن يبق لدينا جرائد.. قالتها ببحة حزينة. لن نستطع أن نطبع المزيد فيما لومكث الفأرهناك.
ـ جبن.. قال الرجل الصغير. ربما نستطيع أن نجره إلى الأمام بقطعة جبن صغيرة.
العمل في الصحف يحتاج إلى الانتظار.. هذا هو الشيء المهم.
الرجل الصغير ويوران ذهبوا إلى السوق واشتروا جبنة بسعر/39,50/. وضعنا كل الجبنة خارج لفائف آلات الطباعة.. وجلسنا ننتظر.
أنتظرنا نصف ساعة. الذئب كان يهدر من وراء الباب المغلق.
ـ أخرس.. يا ذئب! وإلا الفأرلن يجرؤ على الخروج من مكانه.. الكلب صمت تماماً.
وأخيراً تقدم الفأر.. فأر صغير.. وقطعة جبنة عملاقة.
بدأنا المطاردة لأسره.. من الأمام, من الخلف, فوق سطح الأرض. وأخيراً إلى أن صارفي الزاوية المحشورة, محجوزاً, توقف الفأرفي على الكرتونة, جريناه من تحت الجبنة المرمية على نفس الكرتونة إلى أن أمسكنا به.
ـ ماذا علينا فعله الأن؟
ـ لدينا عمل طويل.. طويل في الخارج.. أن نأخذه إلى الغابة ونطلق سراحه هناك.
إيزابيل وكاترينا والرجل الصغير غادروا المكان ومعهم الفأرالمأسور.
عندما عادوا قالوا: حفرنا حفرة صغيرة في الغابة ووضعنا الجبنة فيها.. بعدها.. أطلقنا سراح الفأربالقرب من أسفل الحفرة.
الفأر بقي منتظراً هناك.
أقر الرجل الصغير بأن الفأروالجبنة كانا في الحفرة ملفوفين بالظلام عندما غادروا المكان.
يجب أن نكتب مقالة طويلة عن هذا الحدث المهم, عن الفأروالجبنة, إنه خبرهائل ومثير للأهتمام.
جلس يوران وراء طاولة الكومبيوتر, بانت الصفحة الأولى, الصفحة الرئيسية للجريدة على صدرالشاشة. بجانب كلمة الذئب المكتوبة بالخط العريض مكان أبيض فارغ.
ــ هل تتذكرماذا كان بجانب زجاجات الشامبو أوشيء من هذا القبيل, قالها يوران.
ــ لا
ــ أتعلم! عندما استلقي في حوض الاستحمام/ البانيو/, أمسك كل ما يقع تحت يدي من أشياء يمكن أن تقرأ, على سبيل المثال, أقرأ دائماً الواجهة الأمامية للزجاجات, كالعطوروغيرها. في الحقيقة أستطيع أن أقرأ القليل باللغة الفيلندية، لهذا أقرأ كل ما هو على الزجاجة المكتوبة بالفيلندية.
ـ هل لك أن تفتح دورة لجريدتنا, حول قدرة الإنسان على تعلم اللغة الفيلندية في حوض الاستحمام.
ـ أستطيع ذلك, لكنك معتاد على قراءة الأشياء الجامدة, المصنعة كالشامبو.
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟