ماري تيريز كرياكي
الحوار المتمدن-العدد: 2336 - 2008 / 7 / 8 - 11:14
المحور:
حقوق الانسان
للحيطان آذان، قولي ما تريدين، همساً! جارنا خطُّه حلو، ويمكنه في أي لحظة أن يكتب عنّا تقرير يذهب بنا وراء الشمس.
خوف يؤدي بنا إلى خلق القيود وتقييد أنفسنا بها، قيود تقضي علينا، رغم أن التحرر منها بسيط، ودفع الثمن أمر لا بد منه للحصول على أي شيء، فما بالكم بحريتنا.
خوفنا يؤثر على عقلنا وجسمنا، بحيث تضعف إرادتنا وتتأثر سلوكياتنات ولا يعود بمقدورنا مواجهة التزاماتنا تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين، فنُصاب بحالة من الشلل والعجز عن حل مشاكلنا ، ونصبح مهزومين من الداخل.
فنحن نخاف كل ما يحيط بنا، المجتمع والحكومة والمخابرات والمسؤولين والنمامين والشكاكين وكُتاب التقارير، وكذلك غرف التحقيق.
ويرافقنا الخوف من طفولتنا إلى قبرنا ونقع فريسته .
ونحن نعرف أنه عندما يصبح الخوف حالة دائمة في حياتنا فإنه يتحول إلى مرض جسدي ونفسي. هذا، إضافة إلى أننا نتوارث ثقافة الخوف في مجتمعاتنا المغلقة والمقموعة بحيث وصلنا إلى مرحلة التدجين، فالكل يخاف من الكل، ونقوم نحن بدورنا بتوريث هذه الثقافة لأجيالنا القادمة.
فنحن نقوم بتخويف أطفالنا المشاكسين بالشرطة، ونقوم بتخويف الآخرين بالأشخاص الذين نعرفهم في سلك المخابرات أو الشرطة أو الدولة. ومجرد التفكير بغرف التحقيق في الفروع الأمنية يصيبنا بخوف وهلع رهيبين. فنحن نتحدث هنا عن الانتهاكات التي تمتهن كرامة الانسان وحقوقه. فالخوف أصبح في منطقتنا ثقافة، وتستغله الأنظمة الديكتاتورية للسيطرة على مجتمعاتها مسخّرة كل إمكانياتها كالقوانين والسلطة الرابعة وعمليات غسل الأدمغة بحيث تتمكن هذه الأنظمة من السيطرة على الناس، وتقوم بمنعهم من التعبير عن أنفسهم. فليس هناك أحزاب ولا منظمات أهلية ولا معارضة، ورويداً رويداً تقضي الأنظمة الديكتاتورية على كل زعامة تتبدى في المجتمع ولا يبقى زعامة غير زعامة النظام القائم. والتهم جاهزة لكل من تسول له نفسه الاعتراض.
عاودتني هذه الهواجس المكررة حين عرفت ما وقع للمساجين السياسين المعتقلين في سجن صيدنايا في سورية. لكن بالرغم من هذه الصورة القاتمة، هناك بصيص أمل في زمن لا يمكن فيه لأي كان حجب المعلومات ولا الخبرات المتراكمة لتجارب الشعوب الأخرى. التي تمكنت من تجاوز محنها وبناء مجتمعاتها الديمقراطية. والأمثلة كثيرة من آسيا إلى أمريكا اللاتينية.
#ماري_تيريز_كرياكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟