أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أيمن رفعت - كُلُّنًا مُضطهَدون















المزيد.....

كُلُّنًا مُضطهَدون


أيمن رفعت
كاتب

(Ayman Refaat)


الحوار المتمدن-العدد: 2334 - 2008 / 7 / 6 - 10:47
المحور: المجتمع المدني
    


أولا : ما سبب العنف الطائفي فى مصر ؟
من أهم أسس المنهج العلمى ألا تدرس الظاهرة موضوع دراستك بمعزل عن سياقها العام . وإذا أردنا دراسة العنف الطائفي فى مصر فيجب ألا نعزله عن بقية صور العنف فى المجتمع المصري ، مثل العنف الأسري الذى يبدأ مع أول مشكلة تسكت عنها الألسنة لترتفع فوقها الأيدي ، والعنف فى المدارس سواء أكان بين المعلم وطلابه أو بين الطلاب وزملائهم ، والعنف الذي يمارسه رجال الشرطة بشكل روتيني ، والعنف الواضح حتى في قيادة السيارات . وبذلك سنخرج بأول نتيجة ، وهى : إن العنف أصبح ظاهرة عامة فى المجتمع المصري فى السنوات الأخيرة ، وهو ليس قاصرا على العلاقة بين الطوائف الدينية المختلفة . ولذلك فإنني أعتقد أن سبب العنف الطائفي فى مصر هو نفسه سبب الصور الأخرى للعنف ، فما سبب العنف الطائفى فى مصر ؟ ثمة ثلاث إجابات مختلفة لهذا السؤال :
1- وجود جماعات وأفراد فى كلا الطائفتين المسلمة والمسيحية يبثون الكراهية للطائفة الأخرى بمختلف المنابر . ولكني أرى أن هذا ليس سببا للعنف الطائفي ، وإنما أحد مظاهره . والحقيقة أن هذا العنف متبادل رغم أن كل طرف يدعي أنه من طرف واحد ، وإن قلَّت عدد الاعتداءات المسيحية عن عدد الاعتداءات المسلمة ، فذلك لقلة نسبتهم فى المجتمع عن نسبة المسلمين ، ولسبب آخر يُحسد عليه المسيحيون ، وهو أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي المؤسسة الوحيدة فى مصر التي لا يُعين رئيسها بقرار من أمن الدولة ، لدرجة أن السادات فى قمة غطرسته وصدامه مع البابا شنودة لم يستطع حبسه أو عزله ، بينما حبس الشيخ كشك والشيخ المحلاوي وقال عنه مقولته الشهيرة : ( مرمي فى السجن زى الكلب ) . ولذلك فإن للبابا شنودة استقلاليته ، ومرجعيته الموثوق بها من قِبَلِ مسيحيي مصر ، واحترامه من قِبل كل المسلمين المصريين ( ربما يحترمونه أكثر من بعض أقباط المهجر الذين يهاجمونه الآن ) ، لذلك فإن الكل كان يتطلع إليه عندما تحدث مثل هذه الفتن ، والرجل دائما يدعو أبناء طائفته للصبر علي المكاره ، وعدم الانفعال حفاظا علي الوحدة الوطنية ( ولكنه للأسف كلما وقعت فتنة فى الفترة الأخيرة اعتزل الناس معتكفا للعبادة فى وادي النطرون ) ، بينما يفتقد المسلمون فى مصر مرجعية دينية رسمية موثوق بها طالما ظل شيخ الأزهر ومفتى الديار المصرية ورئيس جامعة الأزهر مُعَيَّنون بقرار من أمن الدولة .
2- تقاعس الدولة وأجهزتها الأمنية عن أداء دورها تجاه الاعتداءات الطائفية على الأقباط ، سواء رجع ذلك إلى عدم الكفاءة أو إلى تواطؤ من عناصر داخل تلك الأجهزة موالية للتيارات الفاشية بالمجتمع . وأنا فى الحقيقة يدهشنى أصحاب هذا الرأي لأن الشرطة المصرية لا تؤدي أى دور إلا حماية الحاكم فقط . وإذا قامت أية مشاجرة - حتى بين أبناء الدين الواحد - فلن تتدخل الشرطة عملا بمبدأ ( أن هؤلاء صيع ويجب أن نتركهم يُخَلِّصون على بعض ) ، ثم تتدخل بعد انتهاء المشاجرة للقبض على من بقى حيا وإحصاء الضحايا والخسائر ، وهى لا تضطهد الأقباط فقط بل كل المصريين ، والأقباط جزء المصريين لذلك عليهم أن يتحملوا جزءا من الاضطهاد عملا بمبدأ المساواة فى المواطنة . ولكي أوضح ما أقصد سأروي موقفا شخصيا تعرضت له . دخلت قسم شرطة سيدي جابر بالإسكندرية لأبلغ عن سرقة سيارتي ، وكنت أظن أن القسم سينقلب رأسا على عقب ، فلقد سرقت سيارة بأكلمها فى وضح النهار فى منطقة من أرقى مناطق الإسكندرية ، لكني فوجئت بمدى التجاهل وسوء المعاملة ، فقد كان على أن أنتظر السيد ضابط المباحث حتى يعود من جولاته على التجمعات الانتخابية ، وحتى ينتهي - بعد عودته - من اتصالاته بالسادة ضباط أمن الدولة ليعطيهم التقارير عما شاهد . ولم يقف الأمر عند حد طول الانتظار ، بل أنه عاملني كمتهم ، فأخذ بطاقتى لمدة يوم كامل وأجبرني على الجلوس داخل سيارة البوكس ( كما يجلس المتهمون أو المخبرون ) لكي أطلعه على المكان الذى تركت فيه سيارتي قبل سرقتها ، ورفض أن أركب جواره أو أستوقف تاكسيا . وإلى الآن لا أعرف لماذا تمت معاملتي بهذا الشكل علما أننى لست مسيحيا . ثم شاء القدر أن أدخل نفس القسم مع شخص أمريكى ( مسيحي ) للإبلاغ عن فقد جواز سفره ، وفوجئت بنفسى أجلس فى مكتب مأمور القسم الذي يسألنا بنفسه إن كنا نريد شايا أو قهوة ، كما قام رئيس مباحث القسم بكتابة المحضر بنفسه .
3- شعور المتدين بإهانة دينه . ولاختبار صحة هذه الإجابة سأقارن بين ثلاثة مواقف تعرض فيها المتدين لهذا الشعور :
- الموقف الأول فى الولايات المتحدة الأمريكية ، خلال إحدى جولات " باراك أوباما " المرشح للرئاسة الأمريكية عندما رفض التقاط صورة له وخلفه بنات محجبات ، وعلى الفور قامت قناة ( سى إن إن ) بعمل لقاءات متعددة مع محلليين سياسيين من مختلف الاتجاهات السياسية والدينية ، وكان واضحا شعور المسلمين في أمريكا بإهانة دينهم ، بل إن بعضهم هدد بالتراجع عن تأييد أوباما لأنه فى حال فوزه سيكون رئيسا لكل الأمريكان بما فيهم المسلمون . لكن الملاحظ أن أحدا لم يهدد أوباما بالقتل ، ولم تخرج مظاهرات تقذف مندوبيه بالطوب . لماذا ؟ لأن اعتراضهم وصل لهدفه ، بل أنه أجبر أوباما بعد ساعات قليلة على الاعتذار ، وفى اليوم التالى حرص على التقاط صور له مع فتيات محجبات ، وانتهى الأمر .
- الموقف الثاني فى مصر ، عندما رأى المسيحيون أن إسلام وفاء قسطنطين حدث مدبر لإهانة دينهم ، فتظاهروا داخل كاتدرائية العباسية واعتدوا على رجال الشرطة عندما حاولوا منعهم من الخروج من الكاتدرائية .
- الموقف الثالث فى مصر أيضا ، عندما رأى المسلمون في المسرحية التي عرضت داخل كنيسة مارجرجس بمحرم بك بالإسكندرية إهانة لدينهم ، فتجمعوا حول الكنيسة واعتدوا عليها .
فلماذا يلجأ المتدينون فى مصر إلى العنف عند الشعور بإهانة دينهم ؟ هل السبب هو دينهم ؟
لا أعتقد أن الدين المسيحي هو السبب ، فالمسيح يقول فى الإنجيل : " من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر " .
ولا أعتقد كذلك أن الدين الإسلامي هو السبب ، لأن القرآن لم يشرع القتال للمسلمين إلا إذا بدأهم به العدو ، بل وينهاهم عن أن يكونوا هم البادئون بالاعتداء ، " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلوكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " .
ولو كان الدين سبب العنف ، فلماذا لم يلجأ إليه المسلمون فى أمريكا عند شعورهم بإهانة دينهم بينما يلجأ له المسلمون والمسيحيون فى مصر عند شعورهم بنفس الشعور ؟
أعتقد لأنهم لا يجدون منافذ التعبير التي تنقل صوتهم ، وتفتح جراحهم ليخرج منها الصديد عندما تفتح حوارا حرا لمناقشة مثل هذه الإهانات ، ولكن للأسف فإن منافذ التعبير فى مصر اقتصرت على ثلاثة منافذ :
- منافذ حكومية لا تتحدث إلا عن فخامة الرئيس .
- منافذ خاصة تنشغل بالصراع بين تامر حسنى وعمرو دياب .
- منافذ طائفية تساهم بشكل كبير فى تغذية الفتنة الطائفية .
ولعل السبب الرئيسى فى هذا الوضع هو غياب الديمقراطية التي تقوم على مؤسسات المجتمع المدنى ، وتفسح المجال للجمعيات الأهلية لتقوم بدورها في التعبير عن الشارع ، عندئذ يكون لكل طائفة من يمثلها تمثيلا حقيقا ويطالب بحقوقها ويعبر عن غضبها بشكل سلمي فعال ، وهذا هو سبب قوة الأحزاب والمنظمات الأهلية فى الغرب ، أنها تمثل قاعدة عريضة يحسب لها حساب . أما المصري إذا أهين فليس أمامه إلا أن يضرب رأسه فى الحائط ؛ فليس له عضو مجلس نيابي يمثله ، ولا حزب يدافع عنه ، ولا حتى رجل دين يثق فى مرجعيته . وبالتالي سوف يشعر بالغربة داخل وطنه ، ويفقد انتماءه الى البلد ، ويوجه انتماءه نحو جماعته الصغيرة ( الدينية أو القروية أو الكروية ) ويتعصب لها . وعندما يشعر بإهانة دينه لا ينتظر رد فعل الازهر أو دار الإفتاء .
نستخلص من هذا كله أن السبب الرئيسى للعنف الطائفي فى مصر هو غياب الديقراطية ، وليس أدل على ذلك من أن العنف الطائفي لم يظهر فى مصر قبل ثورة يوليو ( التي قضت على الديمقراطية المصرية وأقامت حكما عسكريا ثم بوليسيا ) رغم أن المجتمع المصري كان يضم ثلاث طوائف دينية مختلفة ( مسلمة ومسيحية ويهودية ) .

ثانيا : لماذا يزداد العنف الطائفي فى مصر ؟
إذا كان غياب الديمقراطية هو السبب الرئيسي وراء العنف الطائفي فى مصر فلماذا لم يظهر هذا العنف منذ قيام ثورة يوليو وظل مكتوما حتى أواخر حكم السادات ؟ لأن السبب الرئيسى لأي ظاهرة يكون كفيلا بخلقها حتى تأتي مجموعة عوامل مساعدة تهيأ لهذه الظاهرة أن تندلع ، ولعل من أهم عوامل اندلاع ظاهرة العنف الطائفي فى مصر ما يلى :
1- ضعف الدولة الحالية في مصر بسبب فقدانها لشرعيتها فى الداخل وعجز قادتها الذين شاخوا فوق مقاعدهم ( إنهم عاجزون حتى عن ممارسة مزيد من القمع ) وتعرضهم لضغوط عالمية كبرى ، مما جعلها تتحول من البقرة الضاحكة ( كما كنا نسمي رأس هذه الدولة ) إلى البقرة التى وقعت ، كما يقول المثل الشعبي ( إذا وقعت البقرة كثُرت سكاكينها ) ، فلقد وقعت دولتنا ورفع كل منا سكينه على رقبتها ، لا ليقتلها بل ليساومها على مطالبه ، وهي للأسف مطالب طائفية أو فئوية . فمن هذه المطالب الطائفية :
- الأقباط : وأنا أتفهم – بل وأطالب معهم – مطالبهم بشأن تدريس التاريخ القبطي فى المدارس كجزء من تاريخ مصر ، وأن نكف عن عادتنا فى تزوير التاريخ . بل إننى أعتقد أن هذا مطلب وطني لا يخص الأقباط وحدهم . كما أفهم مطالبهم الأخرى بشأن حرية بناء الكنائس وترميمها . لكن تزعجنى حقا مطالب مايكل منير الأمريكى من أصل مصري ( ولا أقول المصري الحاصل على الجنسية الأمريكية ) بتخصيص دوائر انتخابية لا يرشح فيها سوى الأقباط ، فهل هذه هي الديمقراطية ؟ هل مصر مثل أمريكا التي مازالت حتى الآن مقسمة إلى مناطق للبيض وآخرى للسود ؟ هل مصر مثل أمريكا التي لم تعط السود حق التصويت فى انتخاباتها إلا فى ستينيات القرن العشرين ( ومع ذلك نصفها بأنها أعرق ديمقراطيات العالم ) ؟ بالطبع لا لأن المجلس النيابى فى مصر منذ إنشائه أول مرة فى ستينيات القرن التاسع عشر كان يضم نوابا مسلمين وأقباطا . كما أزعجني تصريحه بعد لقائه بجمال مبارك أن سيؤيد أي رئيس يخلف مبارك الأب إذا كان سيعطي الأقباط حقوقهم كاملة ، في إشارة إلى صفقة بينه وبين مبارك الابن على تأييده ودعمه ( خصوصا لدى الإدارة الأمريكية التي يحتاجها جمال ليرث مصر ) مقابل منح الأقباط مزيدا من الحقوق . كما أزعجني تأييد الأقباط لقانون الإرهاب الذي تريد الحكومة المصرية سنه بحجة أن أعرق الدول الديمقراطية طبقته بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر لحماية ديقراطيتها من الإرهابيين ، دون أن يسألوا أنفسهم : لماذا ستطبقه مصر ؟ ( فأى قانون تحتاجه مصر وهى محكومة منذ ما يزيد على نصف قرن بقانون الطوارئ ؟ ) ولحماية ماذا إذا كانت مصر دولة غير ديمقراطية ؟ ولحماية من إذا كانت الدولة لا تحمى إلا حاكمها ؟ ( لماذا يظن الأقباط أن هذا القانون سيحميهم رغم أن ضربات الإرهاب أصابت المصريين كلهم ولم تقتصر على الأقباط وحدهم ، بل إن معظم ضحايا الهجمات الإرهابية على مصر كانوا مسلمين ؟ ) وكيف ستطبقه ؟ ( هل يثق المصريون فى رجال الشرطة الذين سيطبقون هذا القانون من أجل المزيد من إحكام قبضتهم على البلد ؟ ) . كما أزعجني مطالبة الأقباط للإعلام المصري بالشفافية فى نقل أخبار الفتنة الطائفية ، ولم يطالبوه بالشفافية فى كل الأحوال . فلماذا يتقوقع الأقباط على أنفسهم لهذه الدرجة ؟
- النوبيون : وأنا – وغيري كثيرون - بالفعل أحترم النوبيين وثقافتهم لا كمتحف بل كحياة تُمارس أخلاق تُسلك ، ولكنى دهشت عندما رأيت صديقى الأديب الرائع " حجاج حسن أدول " فى قناة العربية فى برنامجها السياسي ( نقطة نظام ) وليس فى برنامجها الثقافي ( روافد ) ، والذي أدهشنى أكثر أننى عرفته عن قرب لفترة من الزمن فى ندوات ومقاهي الإسكندرية بل وفي بيته . ومع ذلك لم أسمع منه من قبل ما سمعته منه على قناة العربية وما أقرأه له على الإنترنت الآن ، فقد سمعته من قبل يتحدث عن تضرر النوبيين من جراء الأخطاء التى وقعت فيها الدولة أثناء تهجيرهم لبناء السد العالي على أرض قراهم ، وحرصه على جمع التراث النوبي خوفا من اندثاره ، لكني لم أسمعه أبدا يتحدث عن اضطهاد مصري ضد النوبيين ، أو عن مقارنة الشتات النوبي فى محافظات مصر بالشتات الفلسطيني ، أو عن مطالبه التي من أهمها : عودة النوبيين إلى موطنهم مثلما أعادت الدولة المصرية مهجري قناة السويس إلى مدينتهم – أن تكون اللغة النوبية لغة ثانية في مصر – محاكمة المسؤولين الذين أجرموا بحق الشعب النوبي أمام محاكم دولية . وأنا أود أن أذكره بأن أحدا فى مصر لم يعترض على حكم السادات بسبب لون بشرته الأسود ، بينما أمريكا الآن مقلوبة رأسا على عقب لأن أحد المرشحين لرئاستها أسود ، وقد وصلته خطابات تهديد بالقتل من جماعات البيض المتعصبين . وأسأله : هل إذا حملتُ أمتعتى وتوجهت إلى منطقة النوبة لأقيم فيها سيمنعنى المسئولون فى مصر ؟ وإذا كانت الإجابة بـ ( لا ) فلماذا ينتظر النوبيون الدولة كى تعيدهم إلى أرضهم ؟ أما إذا كانت الإجابة بـ ( نعم ) فإنها ليست مشكلة النوبيين وحدهم بل مشكلة كل المصريين . وكذلك بالنسبة لتغيير أسماء القرى النوبية إلى أسماء نوبية فإنها قضية كل المصريين الذين يجب أن يقفوا ضد تزوير التاريخ بكل أشكاله . أما حديثه عن عدم وجود مذيعة أو مذيع أسود فى مصر فالرد واضح ، أنه لا يستطيع أى مصري مهما كان لونه أو دينه أو مؤهلاته أن يعمل مذيعا فى التليفزيون الرسمي المصري بدون ( واسطة كبيرة جدا ) . وأخيرا أود أن أهمس فى أذنه : أنا حزين جدا منذ قرأت مقولتك عن اضطهاد مصر للنوبيين ، حزين لأننى بالفعل أحبك ، رغم أنني مصري ، ورغم أن بشرتي ليست سمراء !
- الإخوان : وكلنا يعرف أنهم يساومون الدولة للإفراج عن معتقليهم وإفساح المجال لهم فى النقابات والمجالس النيابية ، وأخشى ما أخشاه أن يكون المقابل سكوتهم عن توريث الوطن .
ولكنى أقول لهؤلاء : إذا نجحت مساوماتكم وورث آل مبارك مصر فلن يغفر لكم التاريخ !
أما المطالب الفئوية التي ظهرت فجأة منذ سقوط عصا سليمان من يد الدولة المصرية ، فإنها مطالب تتعجب كيف سكت الشعب عنها لمدة تزيد على نصف قرن ، فمعظمها مطالب بخصوص أوضاع غير طبيعية رسختها ثورة يوليو ، مثل :
- مطالب القضاة باستقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية .
- مطالب أساتذة الجامعة بانتخاب عمداء الكليات ورؤساء الجامعات ومجلس إدارة ناديهم ، وإنهاء دورالأمن في الجامعة .
- مطالب الصحفيين بإطلاق حرية إصدار الصحف ، وإلغاء القوانين التي تبيح حبس الصحفي فى جرائم النشر ، وتطبيق قوانين الخصصة على وسائل الإعلام الحكومية لإلغاء دور الدولة فى الإعلام .
- مطالب عمال شركات العام بتحسين رواتبهم وعلاواتهم بما يوازي حالة التضخم فى الاقتصاد المصري .
- مطالب سكان المناطق العشوائية بحقهم في شرب مياه غير ملوثة فيما أطلق عليه مظاهرات العطش .
لعلها الوحيدة حركة كفاية التي لها مطالب عامة لمصر كلها ، ومن اللافت للنظر أن أول منسق عام لها كان قبطيا ( جورج إسحاق ) أستطاع يخرج من شرنقته ليتحدث باسم مصر كلها ، فالتف المصريون حوله بجميع طوائفهم وتياراتهم .
ولعل هذه المطالب الفئوية قد تتكل يوما ما ، لتشكل مطالب عامة تحاول أن توقف انحدار مصر إلى الحضيض فى الوقت الذي يتقدم فيه غيرنا .
وليس أدل على أن ضعف الدول هو من أهم العوامل المساعدة على اندلاع العنف الطائفي من تتبع هذه الحقب التاريخية :
- الحقبة الناصرية : لم يظهر فيها عنف طائفي بسبب قوة الدولة وقيامها بمشروع وطنى وحّد كل طوائف الشعب حوله .
- الحقبة الساداتية : لم يظهر العنف الطائفى إلا فى النصف الثاني من هذه الحقبة ، بعد انتهاء مشروع التحرير الوطنى ، وبدء ترهل الدولة .
- الحقبة المباركية : بدأت بمحاولة خلق مشروع وطنى ، فتخبطت بين محاربة الفساد والإفراج عن المعتقلين السياسيين وإعادة مصر إلى حظيرة العرب وسد ديون مصر ، ولكن بعد فشل كل هذه المشاريع لعدم جدية الدولة فيها ، لم تفلح أية ديكورات أو مساحيق فى إخفاء عجز الدولة ، ولذلك عاد العنف الطائفي يطل بوجهه القبيح .
2- أطفال الشوارع المشردون : نعم ، إنني أعتقد إن العامل الثاني من عوامل اندلاع العنف الطائفي فى مصر هم أطفال الشوارع المشردون ، وهذا ليس هروبا من الأسباب الحقيقية ، فالكل يعرف أنهم قنبلة موقوتة فى مصر ، وأن خروجهم من شرنقتهم سيمثل كارثة تحرق اليابس والأخضر ، وأنا مقتنع أنهم قد بدأوا الخروج ، فمن الذي شهر السيوف ورفع السنج وقطع الطرق وألقى البنزين على النار المشتعلة فى محرم بك عام 2005 والعصافرة عام 2006 والمحلة 2008 ( رغم أن أحداث المحلة ليست طائفية ) ؟ يجمع كل شهود العيان أنهم رجال غرباء لم يرهم أحد من قبل فى هذه المناطق ، وأن ( شكلهم وحش ) . إنهم يخرجون كيأجوج مأجوج بين فترة وأخرى لينتقموا من هذا المجتمع الذي تجاهلهم ، وليحكموا الشارع لساعات ، ثم يعودون إلى مخابئهم ، ولكنهم يتحينون الفرصة المناسبة كلما وقعت مظاهرات أو اعتصامات أو اعتراضات أو اعتداءات أو مشاحنات ليستتروا بها . والويل لنا جميعا من خروجهم الكبير .





#أيمن_رفعت (هاشتاغ)       Ayman_Refaat#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أزمة الفيلة بين ملاوي وزامبيا.. نزاع بين حماية الحياة البرية ...
- عميد الأسرى الفلسطينيين: عيدنا الحقيقي هو عيد التحرير الكامل ...
- هيئة شئون الأسرى: المعتقلون بسجون الاحتلال لم يكونوا على علم ...
- آلاف اليمنيين يتظاهرون ضد الإبادة الإسرائيلية بغزة عقب صلاة ...
- اعتقال لبنانيين مشتبه في إطلاقهم صواريخ نحو إسرائيل
- الأقليات والعقوبات.. ما هي حظوظ حكومة الشرع في تجاوز تحديات ...
- هيئة الأسرى: الاحتلال لم يبلغ الأسرى بأن اليوم أول أيام عيد ...
- تواصل عمليات الإغاثة في ميانمار وهزات ارتدادية في ماندالاي
- كارثة إنسانية في ميانمار: ارتفاع عدد ضحايا الزلزال إلى 1700 ...
- منظمة حقوقية: الحوثيون اختطفوا 75 شخصا بتهمة التخابر مع أمري ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أيمن رفعت - كُلُّنًا مُضطهَدون