|
اين اليسار الكوردستاني في الوضع الراهن
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2334 - 2008 / 7 / 6 - 10:53
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ان ما سار عليه اليسار في تأريخه بعد الحرب العالمية الثانية لحين انفكاك الاتحاد السوفيتي و سيطرة القطب الواحد ، من حيث ما كان عليه من وحدة الاتجاه الفكري و النظرة الاحادية الضيقة الافق الى الحياة داخل الادلجة السياسية ، وكا ن يرتكز على بعد واحد لتحليل و تفسير الحياة مما انتج انظمة شمولية عديدة و ابرزَ اتجاهات فكرية غير متجانسة و هي ما ادت الى تعدد الانشقاقات او نشر الخوف و كبت الحريات و ظهور الدكتاتوريات في العالم. نقطة التحول و المحطة الهامة و الحاسمة لتحول الفكر اليساري تعود الى الثمانينات و التسعينات القرن الماضي مما ادى الى تغيير في البرامج و مراجعة الذات و الاعتدال في الفهم و العمل و ابعاد النظرة و الفكر الاحادي و هضم التعددية و قبول الاخر و التسامح و تبني الديموقراطية ، مما واجه الصعوبات و العوائق و التحديات و لكن قاوم و عاد بنفسه الى مواقع القوة في السياسة العالمية في كثير من بقاع العالم . اما الساحة السياسية الكوردستانية، فان تجربة اليسار كانت تعتمد على النقاط المشتركة بين الاتجاهات الثورية و اغلبها ذات اتجاهات قومية او وطنية قبل ان تكون طبقية، و كانت تحمل شعارات ثورية حسب ما يعتمده الحزب او الحركة و ليس كضرورة تاريخية لمرحلة النضال كما شاهدنا الماركسيين في الستينات و السبعينات بما فيهم من الشخصيات الثقافية السياسية الكوردية و كانوا معتلين مناصب عليا في الاحزاب اليسارية في المنطقة الى ان تغيرت الاوضاع و انبثق اليسار الكوردستاني منهم ومن غيرهم ، و اثرت التغيرات العالمية على اليسار دون ان يراجع نفسه و يتوائم مع المتغيرات فظل في مؤخرة الركب للمسيرة السياسية، او بقي على حاله نتيجة بعض من مواقفه السياسية و الفكرية. ان النقطة الفاصلة بين الحقبة القديمة و الحديثة في كوردستان العراق هي انتفاضة اذار عام1991 و تغيرت الاوضاع كليا من الثابت الى المتغير و ظهور ظروف دولية و داخلية مؤاتية للانفتاح السياسي و تطبيق الديموقراطية، و هذا الواقع اتاح الفرصة امام الشخصيات و التيارات و الاحزاب و المنظمات اليسارية العديدة لاثبات و جودها على الساحة و خير دليل هو قوة شورى اليساريين و سيطرتهم على الواقع السياسي بعد الانتفاضة مباشرة في اقليم كوردستان العراق و لمدة غير قليلة لحين سيطرة الاحزاب الثورية القومية الوطنية بفعل الامر الواقع، الا ان الاخطاء التي ارتكبت نتيجة اتخاذ خطوات تراجعية و تحالف البعض مع الافكار التقليدية او تطبيق بعض الاخر الافكار الخيالية البعيدة عن الواقع كليا ادت بها الى ان تكون حركة ضيقة الافق و متقوقعة داخل نفسها دون اي عمل او انتاج يُذكر بدلا من ان تكون ذو اعمال جماهيرية مستغلة الموقف لصالحها من كافة النواحي و تكون محرٍكة لتيارات اجتماعية ثقافية واسعة، وكان هذا التراجع الخطير من الاسباب المباشرة لفتح النوافذ و الابواب امام الاحزاب الدينية المعتدلة و المتطرفة لاشغال الفراغ السياسي الثقافي و نشر ايديولوجية سياسية جديدة دينية مستغلة للظروف الاجتماعية و الاقتصادية للانتشار كالنار في الهشيم و الاخذ بزامام الامور في بعض المناطق في كثير من الاحيان . كما هو الحال للظروف الموضوعية الدولية كانت التسعينات فترة متنقلة بدون الهوية و لا الانتماء و عدم تحقيق امال و امنيات الحداثة في العالم اجمع كان من اهم اسباب عدم ثبوت الواقع على وضعية معينة، و الواقع الفوضوي المتنقل ابعد عن الساحة السياسية الكوردستانية الحركات اليسارية المتطرفة و المعتدلة ايضا ، في الوقت الذي اعتبر المرحلة متنقلة و كان على اليسار ايجاد مخرج فكري واقعي لازم واعادة صياغة المفاهيم و الافكار مواكبة لعصر المتغيرات و سيطرة التطورات التكنولوجية و الاتصالات ،عندما فرض الواقع العديد من التغيرات و كان على اليسار التعامل معها لابعاد الافكار الرجعية الاصولية من الساحة الاجتماعية السياسية و الاحلال محلها الا انه للاسف ابعد نفسه عن الساحة للاسباب المعروفة . السؤال هو ما الدور لليسار الكوردستاني في واقع كوردستان العراق اليوم وما الدور الذي يجب عليه ان يلعبه لمصلحة الطبقة العاملة و المعدومة و الكادحة التي تناضل من اجلها من خلال قارءة الواقع الثقافي الاجتماعي للمجتمع الكوردستاني و العمل على ابعاد النقاط الفكرية التي يمكن ان يستغلها المضللون و المتطرفون في البنية الاخلاقية للمجتمع و يؤثرون به على المجتمع و يؤدي الى ابعادهم عن مضامين الافكار و العقائد التي تفيدهم من دون ان يعلموا . بعد مرور اكثر من ثمانية عشر عاما من الانتفاضة واختلاط الكثير من المعادلات و ظهور المؤثرات السلبية للراسمالية على حياة المجتمع و تلمٌسها بشكل واضح ، على اليسار الكوردستاني بافراده و تياراته و حركاته و من ضمنهم الاحزاب المتحالفة مع القوى الاخرى من اجل مصالح حزبية و شخصية ضيقة فقط، ان يتحدوا و يجدوا الطريقة المناسبة لارشاد المجتمع الكوردستاني و يكونوا طليعيين للطبقة المعدومة الكادحة بعقل و عمل و فكر جديد بعيدا عن التعصب و الافكار الاحادية الجانب و انما عن طريق التعددية و الانفتاح و الاعتدال و قراءة الواقع من كافة جوانبه و عدم الخوض في بعض الافكار الفلسفية مؤقتا التي تضرٌ به في الواقع الاجتماعي الثقافي الكوردستاني الحالي و يمكن ان تستغل هذه الافكار من قبل قوى اصحاب الافكار المتحجرة للاضرار به مستغلين مستوى ثقافة الشعب الكوردستاني في تضليلهم ، و عندئذ يكون لليسار الكوردستاني هوية واقعية و يعيد ثقله الى الساحة و يبدا الخطوة الصحيحة الاولى للنضال العصري. ان اهم المسارات السلبية الرئيسية الواقعية الواضحة للعيان الذي يمكن النضال من اجل تصحيحها من قبل جميع الاطياف و الطبقات هو عدم المساواة و انعدام الخدمات العامة للشعب و الفساد المستشري و اتساع البون الشاسع بين الفقير و الغني و استغلال المعدومين و التحزب الضيق و استاثار بالسلطة من اجل المصالح الحزبية و الشخصية الضيقة و انعدام العدالة الاجتماعية و وضع القيود على الحريات العامة و التعبير عن الراي . العمل على ايجاد الضغوطات اللازمة من اجل تحقيق اصلاح في هذه المسارات الهامة من اولويات اليساريين في الوضع الراهن، فايجاد الوسائل العلمية و العملية الواقعية المتعددة الاوجه و البعيدة عن الافكار الخيالية و بالتعاون و تنسيق الجميع هو الهدف العام الرئيسي لنضال اليوم، و هذا ما يجعل تجمع الطبقات و الفئات المتضررة عفويا حول من يجد لهم بصيص امل لتحقيق تلك الاهداف و هي نبيلة بالطبع و تفيد الجميع، و بالتقدم خطوة واحدة تقترب الطبقات خطوة و بتحقيق هدف يُسهًل ايجاد طريق تحقيق اهداف اخرى لان هذه المسارات متشابكة مع بعضها بشكل يمكن ان يؤثر اي ضغط على اي مسار مباشرة الضغط على المسارات الاخرى العالقة معها في الظرف الكوردستاني الراهن. اهم وسيلة لتجميع اليساريين الواقعيين هو الانفتاح و التعاون و التنسيق المشترك من دون الخوض في الجوانب الفلسفية الخلافية في هذا الوقت لان الواقع يفرض التعددية و تقبٌل الاخر و تبنٍي الديموقراطية و عدم التعنت على راي او فكر و اتجاه واحد و عدم انكار الاخر و هذا ما عمل عليه اليساريين في الدول الغربية و اجروا تغيرات جذرية في بنيتهم بما يتلائم مع الواقع العالمي الجديد و به عادوا الى الساحة السياسية اقوياء و ظهر ثقلهم في العمليات الانتخابية و استلموا السلطة في كثير من البلدان ، و اليسارين الكوردستانيين لهم باع طويل في النضال و يمكنهم ان يتعايشو مع ابناء الشعب الذي اكثريته يحمل في كينونته و لو عفويا افكارا و مفاهيم يسارية في مسيرة حياته، و الشعارات الرئيسية الواقعية لنضال اليوم يجب ان يكون النضال من اجل مجتمع مدني علماني ديموقراطي لضمان الحرية والشيء الكثير من المساواة والعدالة الاجتماعية للجميع .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق و ثقافة الخوف
-
الجوع يفتت وحدة الارض و يمزق اوصال الشعب
-
من يفوز في مرحلة مابعد الراسمالية
-
رسالة الى المراة العراقية
-
سلطة اقليم كوردستان العراق تلغي دور الشعب
-
تدويل القضايا العراقية لمصلحة مَن؟
-
كيفية اعتماد المعايير الاساسية لمقترحات ديميستورا
-
دغدغة سورية لقهقهة اسرائيلية
-
قراءة سريعة لمفاوضات الكورد مع الحكومات المركزية العراقية
-
اهم القضايا التي تحتاج الى التحليل و الحل
-
هل حقا استقر الوضع في العراق ؟
-
الاهتمام بمجاهدي خلق من تناقضات السياسة الامريكية
-
المسؤولية الاخلاقية للسياسي المبدئي
-
لماذا سيطرت الاصولية بعد سقوط الدكتاتور في العراق؟
-
هل يولٍد الفقر الغضب ضد الراسمالية لينتج عصر المساواة؟
-
هل تحديد نسبة النساء في الانتخابات(الكوتا) من مصلحتهن؟
-
الدبلوماسية العراقية و كيفية انقاذها في نهاية المطاف
-
كيف يُمحى الارهاب في العراق؟
-
ملامح السياسة الامريكية المستقبلية في العراق
-
آليات ترسيخ المجتمع المدني في العراق
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|