|
طريق اليسار - العدد الخامس: حزيران 2008
تجمع اليسار الماركسي في سورية
الحوار المتمدن-العدد: 2332 - 2008 / 7 / 4 - 10:35
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
جريدة سياسية يصدرها تجمع اليسار الماركسي في سوريا /تيم/
العدد الخامس: حزيران 2008
محتويات العدد: 1- افتتاحية العدد: بقلم هيئة التحرير ص 1 2- ليبراليتان: محمد سيد رصاص ص5 3- النفط وحكومة التجّار: منصور الأتاسي ص 7 4- مخاطر المفاوضات السورية-الإسرائيلية في السياقات الإقليمية والدولية الراهنة: نايف سلّوم ص 9 5- المجتمع السوري تحت خط الفقر : معتز حيسو ص 11 6- أحداث ”المحلّة الكبرى“، معطيات واقع جديد: جلال مسدّي ص 14 7- مذكرات طفيلي: عمران كيالي ص16 8- الاتفاق اللبناني في الدوحة.. ومنظومة الأمن الإقليمية: سمير العيطة ص 17 9- جنون في أسواق النفط: أمبرتو ماركيز ص 19
افتتاحية :
اتفاقية الدوحة؛ إلى الأمام.. إلى الأسفل! حين ضغطت الموالاة على الزناد بإصدارها القرارين الشهيرين لحكومة السنيورة، كانت تراهن كما يبدو على أحد احتمالين، فإمّا أن ترد المعارضة بتحركات سياسية وإعلامية وشعبية، يمكن التعامل معها بالأدوات المناسبة، بما فيها إطلاق النار على المتظاهرين، وهو ما سبق وجرى مراراً، بما يسمح بالسيطرة على تلك التحركات بل وتوظيفها في اللعبة الجارية، أو أن تقوم المعارضة برد فعل عسكري محدود تتم مواجهته بقوى الميليشيات التي كانت قيد الإعداد والتسليح منذ زمن، بما يرسم صورة حرب أهلية تبرر طلب تدخل عسكري خارجي موعود، وفي الحالتين تكون بداية النهاية للمقاومة وسلاحها، وهو الهدف الأعلى للسياسة الأميركية في لبنان، في هذه المرحلة. لكن الرهانين سقطا، وحساب الحقل لم يطابق حساب البيدر، فقد جاء رد المعارضة واسعا وحاسما، بقوة وتنظيم حزب الله أساساً، وتمت السيطرة على طريق المطار والمرفأ وكافة مقرّات ومكاتب حركة المستقبل والتقدمي الاشتراكي في بيروت الغربية. وصودرت أسلحة وأوقف مسلحون، وكانت العملية من السرعة والحسم بحيث أن أهمّ زعماء الموالاة احتجزوا في بيوتهم قبل أن تتاح لهم فرصة للهرب أو الانتقال. وجرى كل هذا خلال خمس عشرة ساعة، أعقبتها السيطرة على الجبل كتحصيل حاصل، وكما تكشفت الميليشيات الجديدة عن بناء كرتوني، كذلك تأكدّ للواهمين جميعاً أن تصريحات الدعم والتأييد اليومية، من بوش و رايس وسائر الطاقم الأميركي، لم تكن أكثر من كذب وخداع لم يكن له أي ظل على الأرض في لحظة الحقيقة. ورغم محاولات بعض الموالاة تحريض الجيش على التدخل، والتهديد بدفع ضباط منه للاستقالة إذا لم يفعل، فقد تمسّك بالحياد، وهو ما برره قائده محقّاً بدواعي حفظ الوحدة الوطنية، إذ لو تدخل الجيش لانقسم وتفتت، وانهارت معه آخر ركيزة متماسكة لوحدة الدولة اللبنانية وسلطتها. لكن ومع قناعتنا العميقة أن استخدام السلاح بالداخل ، حتى ولو كان في وضعية الدفاع السياسي عن النفس ضد المشروع الأميركي الهجومي، فإنه خطأ قد يدفع للانزلاق إلى الحرب الأهلية التي هي أسوأ ما يمكن أن يبتلي به شعب من الشعوب، حيث يخرج الجميع منها خاسرون، كما أنها تضعف شرعية المقاومة بإبعادها عن هدفها الرئيسي. بالمحصّلة، أسقط وهم الموالاة وحلفها الإقليمي والدولي تماما، وتأكدت هذه الأطراف أنّ هزيمة سياسية أكيدة قد لحقت بها، وأنّ ثمّة واقعاً جديداً أقيم على الأرض، ولابدّ من التعامل معه بأقصى سرعة لتقليل الخسائر إلى أقصى حدّ ممكن. ******* شكلت قطر الوسيط المقبول والمناسب لكل الأطراف المحلية والعربية والإقليمية والدولية، فعلاقاتها المتميّزة مع الجميع، من أمريكا إلى إسرائيل إلى إيران إلى سوريا والسعودية ومصر والقوى اللبنانية جميعا، تؤهلها للعب هذا الدور، وخلال أقل من أسبوع تمّ توقيع اتفاق الدوحة الذي عبّر عن ميزان القوى الجديدة، فكرّس كافة مطالب المعارضة التي جرى تجاهلها ورفضها تحت عشرات الذرائع، طيلة أكثر من عامين: حكومة وحدة وطنية بثلث ضامن، انتخاب رئيس للجمهورية، وقانون انتخابات جديد، وطويت تماماً فكرة التدويل التي دعت إليها الموالاة والسعودية صراحة قبل أيّام، وطوي كذلك كل نقاش حول سلاح المقاومة وشرعيّته، وبات المطروح هو معالجة هذه المسألة في إطار وضع إستراتيجية دفاعية للبنان، تجمع الجيش والمقاومة معاً في صيغة تبحث لاحقاً في موعد غير منظور، هكذا تكرّس انتصار تكتيكي مهم لمبدأ المقاومة المسلحة ضد الكيان الصهيوني في لبنان، وحصن سياسي بإقرار الثلث الضامن في الحكومة، ووجهت ضربة قوية بالنتيجة للمسعى الأمريكي-الإسرائيلي، مع مستتبعاته العربية، لإنهاء حركة المقاومة في لبنان عبر تجريدها من سلاحها أو وضعه تحت سيطرة الحلفاء المحليين. أمّا على المستوى الاجتماعي السياسي فالنتائج تبدو أقلّ إشراقا بكثير، بل تبدو في الحقيقة معلّقة ومهدّدة بمضاعفات يمكن أن تكون خطرة في مستقبل غير بعيد: أوّلاً، فلأنّ لبنان كيان سياسي مريض تكوينيّاً بمرض الطائفية السياسية، كما ركّبته أمّه الحنون فرنسا، فإنّ أي انتصار لفكرة أو مشروع تتبناه قوّة سياسية ذات تركيب طائفي في مواجهة قوّة أخرى ذات تركيب طائفي بدورها، ومهما كان ذلك المشروع محقّاً أو عادلاً، سيجعله سهل الالتباس إلى حدّ بعيد بالصراع الطائفي، وبحكم التركيبة السياسية المنحطّة والمتخلّفة للقوى اللبنانية السائدة، فإن الطرف الخاسر سيتمترس على الفور خلف أسوار طائفته، مصوّرا هزيمة مشروعه وكأنّها هزيمة لها وليس لمشروعه فحسب، ويجري هذا رغم أنّ جمهور هذه الطائفة لا يقلّ وطنية وحماساً ضدّ الكيان الصهيوني عن أيّ جمهور آخر من الشعب اللبناني، وهذا ما تفعله قيادات تيار المستقبل، باندفاع أهوج للتجييش الطائفي حولها وضدّ حزب الله وأمل و "المشروع الإيراني" ! ثانياً، إنّ سلاح حزب الله الذي حمل على عاتقه مهمّة وطنية تاريخية حقق فيها انتصارات بالغة الأهمية ضد إسرائيل، هو سلاح وطني لا يجرؤ أحد على مهاجمته صراحة من زاوية هذه الخاصّية بالذات (لذلك كانت محاولات تقييده ونزعه تأخذ عناوين مراوغة ومخادعة لإخفاء وجهها المعادي لمبدأ المقاومة المسلّحة ضد إسرائيل). لكن هذا السلاح بالذات، ما إن يتّجه إلى الداخل اللبناني، حتّى يتلبّس إلى حدّ بعيد مع السلاح الطائفي، بحكم تركيبة وأيديولوجيا حامليه، حتى ولو كان ينفّذ مهمّة هي أبعد ما تكون عن المهام والمصالح الطائفية، مما يسهّل كثيراً مهمة أعدائه في اتهامه بتنفيذ مشروع طائفي، والتجييش للرد عليه بصورة طائفية بالمحصّلة، وهو ما يجري فعليّاً. ثالثاً، ولأنّ لبنان كيان ضعيف لا يمكن لأي قوة فيه أن تقف على قدميها في مشروع سياسي ما، دون دعم واحتضان من حليف عربي أو إقليمي أو دولي، فإن أي نجاح أو انتصار لها سيقرأ على أنّه نجاح انتصار للقوّة التي تدعمها وتحضنها، هنا يبدو انتصار المعارضة اللبنانية، وحزب الله عمودها الفقري القوي، انتصارا لحلفائه الإقليميين (النظامان الإيراني والسوري)، مما يزيد من قلق قوى وتيارات تتخوف من تعاظم الدور والنفوذ الإيراني في المنطقة العربية، وسواء كان هذا القلق محقّا أمّ غير محقّ، فهو موجود، ويغذيه الطابع الديني و الأيديولوجا الدينية للنّظام الإيراني (نظام ولاية الفقيه)، كما تغذّيه الدعاية الأميركية- الإسرائيلية المدعومة من قبل ما يسمى محور "الاعتدال العربي"، والتي تهدف إلى تأجيج الشحن القومي العربي، والطائفي السنّي ضد إيران ونظامها، (قالت تسيبي ليفني بكل وقاحة لمستمعيها العرب في قطر: إنّ العدو هو إيران وليس إسرائيل!) بالنتيجة، فإنّ أقل ما يؤدّي إليه هذا، بلبلة بعض الشارع اللبناني والعربي، وشحن البعض الآخر بالشكوك حول حزب الله ومقاومته ووطنيته، ومرة أخرى، فمهما تكن القوى التي تخضع لمثل تلك التأثيرات محدودة، فهي موجودة، ويجري العمل الدؤوب لتوسيعها وتجييشها ضدّ المقاومة في لبنان، من قبل الأمريكان والسعوديين وحلفائهم. رابعاً، وأسوأ من كل ما سبق وأكثره ضرراً على مستقبل لبنان ووحدة شعبه، قانون الانتخابات التي اتفق على اعتماده من قبل جميع أطراف اتفاق الدوحة دون استثناء، والمعروف بقانون 1960- مع طبعة منه أكثر طائفية - وهو قانون رجعي متخلف بامتياز، حتّى بالمقارنة مع قانون الطائف، إذ لا يسمح فعليّاً إلا للوجوه التقليدية والرموز الطائفية بالوصول إلى البرلمان اللبناني. وليس ما هو أكثر إدانة لكافة فرقاء الدوحة دون استثناء من استحضارهم لهذا القانون، دون أن يكلف أحدهم نفسه عناء التحفظ أو محاولة التعديل، لا على الحدود الجغرافية البالغة الضيق للدائرة الانتخابية (القضاء) والتي لا تترك لغير الزعامات المحلّية والطائفية أي فرصة للفوز، ولا على نظام احتساب الأصوات، حيث لم يتلفّظ أي منهم بكلمة (النسبية)! نظام كهذا يغرق لبنان أكثر في انقساماته الطائفية المتخلّفة ويغلق الأبواب تماماً في وجه كل قوى المجتمع المستنيرة الطامحة إلى تعزيز وحدة الشعب والبلد، علمانية كانت أم قومية أم شيوعية، هذا في حين أنّ أكثر ما يحتاجه لبنان اليوم للخروج من دوامة تكوينه السياسي المريض والهش، هو نظام انتخابي يجعل منه كلّه دائرة انتخابية واحدة، تحتسب الأصوات فيها كلها معاً، وتوزّع المقاعد البرلمانية وفق مبدأ النسبية.. إذ في هذه الحالة فقط، يصير البرلمان ممثلا لقوى المجتمع اللبناني حقّاً، بكلّ أطيافها واتجاهاتها، ويفتح أبواب مستقبل مختلف لا يكون ولي الأمر فيه إقطاع سياسي متوارث، ولا فقيه ولا مفتي ولا بطرك... بل الشعب اللبناني بكافة أطيافه، عبر ممثليه الاجتماعيين الفعليين. حصيلة الصراع في لبنان وحتى اليوم، هي المسألة الوطنية، مواجهة إسرائيل والمشروع الأميركي: خطوات إلى الأمام، وهي في المسألة الاجتماعية-السياسية: خطوات إلى الأسفل.. وهي أيضاً في مسائل الديمقراطية والدولة ونظام الحكم :المزيد من الطائفية، ولأنّ المحصّلة هي هكذا، فإنّ الصراع مستمرّ ولم يحسم، وفرص عودة التوتر والانفجارات إلى لبنان وفيرة. ويبدو أنّ كل الأطراف اللبنانية (والعربية الإقليمية والدولية معاً) ستتابع الحشد والتعبئة والشحن بكل الوسائل من مواقعها . ”الدوحة اللبنانية“ أكثر جاهزية من قبل لإشعال الفتن الطائفية وتعميق التفتت في المنطقة، ريثما تتكشف الانتخابات الأميركية المنتظرة عن طبيعة الإدارة المقبلة، وما سترسمه من سياسات تجاه لبنان، والمنطقة عموماً. فإذا نجح المرشّح الجمهوري الذي يمثّل استمراراً لبوش والمحافظين الجدد، فسيجد الأرض اللبنانية أكثر جاهزية من قبل لإشعال الفتن الطائفية وتعميق التفتت في المنطقة العربية.! هيئة التحرير فلنناضل مع الطبقات الشعبية وجماهير الكادحين في سبيل: 1- رفع الأجور والرواتب بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار 2- تحسين مستوى الخدمات المقدمة للطبقات الكادحة وجماهير الشعب 3- الدعوة والمبادرة لتشكيل لجان شعبية مستقلة لمراقبة الأسعار
تجمع اليسار الماركسي في سوريا (تيم) : هو إطار سياسي مفتوح للأحزاب والمجموعات والأفراد الذين يتبنون الماركسية (عند بعضهم) والماركسية-اللينينيّة (عند بعضهم الآخر ) منهجاً في التحليل والممارسة، ويوافقون على الوثائق التأسيسية لهذا التجمع ” [”الوثيقة التأسيسية للتجمّع“ 20/ نيسان/أبريل 2007 ] الموقعون على الوثيقة: 1- حزب العمل الشيوعي في سوريا 2- الحزب اليساري الكردي في سوريا 3- هيئة الشيوعيين السوريين 4-التجمع الماركسي -الديمقراطي في سوريا 5- الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي إضافة إلى (عبد العزيز الخير، سلامة كيله؛ مستقلون ). وقد انضم مؤخراً إلى التجمع نذير جزماتي ورفاقه (الحزب الشيوعي تحت التأسيس) المحرر
ليبراليتان محمد سيد رصاص بعد انهيار الدولة العثمانية وإلغاء أتاتورك للخلافة، انتشرت بشكل لافت الأفكار الغربية في العالم العربي، وبخاصة الليبرالية منها عبر مفكرين مثل أحمد لطفي السيد وطه حسين، لتمتد بتأثيرها إلى مفكرين إسلاميين، مثل علي عبد الرازق، الذي حاول تقديم نظرية جديدة حول "الحكم في الإسلام"، وأخيه مصطفى الذي تولى مشيخة الأزهر، وصولاً إلى أحمد أمين. كان هذا المشهد الفكري الجديد مبنياً على حضور الغرب، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً إلى ديار العرب، وما ولده من استتباعات في البنية الاجتماعية المحلية. في هذا الإطار، لم يكن انتشار الفكر الغربي ناتجاً فقط عن ذلك الحضور، وإنما أساساً عن نشوء طبقات وفئات اجتماعية جديدة تولدت عن عملية الغزو الغربي للمنطقة وما أنتجته من انقلابات وتغييرات اقتصادية واجتماعية في البنى المحلية الاجتماعية، شملت نشوء بنى إدارية جديدة، وأخرى تعليمية، ومن ثم فضاء ثقافي جديد رأت نفسها فيه الفئات المتعلمة الحديثة، ومن تدرج في الإدارة الاستعمارية، إضافة إلى البرجوازية الناشئة عن التحولات الاقتصادية التي أنتجها انتقال المجتمعات العربية، بفعل ذلك العامل الخارجي، من نمط إنتاج ما قبل رأسمالي إلى آخر متجاوز له نحو الرأسمالية. ربما يعبر انتقال طه حسين من الأزهر إلى الجامعات الفرنسية عن ذلك التحول، متمثلاً في ”سيرة حياة“، إلا أن أفكاره تعطي بعداً رمزياً أبعد، من نفيه لشرقية مصر معتبراً أن دائرتها الحضارية هي الغرب في انطلاق من نظرته بأن مدنية مصر تنتمي إلى فلسفة الإغريق وفنهم وشرائع روما وتنظيمها السياسي، إلى دعوته المصريين إلى أن يصبحوا "أوروبيين في كل شيء قابلين ما في ذلك من حسنات وسيئات" ("مستقبل الثقافة في مصر")، من أجل وصل ما انقطع "مع الإمبراطورية الإسلامية التي يعتبر أن مصر قد "استعادت شخصيتها القديمة" منها مع الطولونيين... ماتت تلك الليبرالية في 23 يوليو 1952 على مذبح حرب فلسطين وعدم حل المسألة الزراعية، مع ما صاحب قيام إسرائيل وموت الأحزاب الليبرالية (الوفد والأحرار الدستوريون في مصر، الحزب الوطني وحزب الشعب في سوريا، الخ...) من انتعاش للفكر القومي، الذي كان متأثراً بنزعات معادية للفكر الليبرالي أتته من اليمين (الفاشية والنازية) واليسار (البلشفية)، وصولاً إلى هزيمة حزيران 1967 التي كانت صدمتها مولدة لبداية "صحوة" الفكر الإسلامي الأصولي، بعيداً عن أي ملامح اشتراكية ليبرالية كانت قد لوحظت عند مفكري الخمسينيات، حتى من كان منهم أخوانياً ، مثل الشيخ مصطفى السباعي. لم تستفق الليبرالية من جديد عند العرب إلا في عام 1989 وتحولاته المتمثلة في سقوط المعسكر الشرقي ومن ثم الاتحاد السوفياتي: كان أتباع موسكو القدماء (إلا من بقي على ستالينيته)، وماركسيون وشيوعيون خالفوا موسكو في السياسة دون الفكر، هم وقود وعناصر هذه الاستفاقة، عندما تحولوا، من دون أي مرحلة انتقالية فكرية ومن دون تقديم أي كشف حساب عن وعيهم السابق أو مسوغات فكرية للانتقال إلى الفكر الجديد ، وهو ما يحصل في أي بلد يعيش حياة فكرية وثقافية متقدمة ومحترمة، من ميخائيل سوسلوف إلى جون ستيوارت ميل، فيما حاول بعضهم تقديم مرجعية لأفكاره الجديدة عبر محاولة تأويل مفكرين ماركسيين، كانوا يمزجون في فكرهم بين الماركسية والليبرالية مثل ياسين الحافظ المتأثر بـ عبد الله العروي، لمصلحة علمانية متطرفة تأخذ منحى ليبرالياً، فكرياً، مع وراثة كل عناصر التطرف اليساري القديم ضد رجال الدين والفكر الديني. لم تستند هذه الليبرالية إلى طبقات وفئات اجتماعية محددة، ولا عبرت عن تحول اقتصادي- اجتماعي في البنية المجتمعية العربية، وإنما كانت مستندة إلى انهيار مركز عالمي ولد كثيراً من الأيتام الفكريين والسياسيين، ليقوموا، حفاظاً على دور ثقافي ـ سياسي، باستبدال فكر بفكر نقيض مع الحفاظ على طريقة تفكيرهم السابقة ولو عبر استبدال المصطلحات (التقدم ـ الحداثة، الطليعة ـ التنوير، الاشتراكية ـ العلمانية، الخ..)، إضافة إلى إمساكهم بشعار الديموقراطية، الذين كانوا، حتى اكتشافهم له مع بيريسترويكا غورباتشوف، من ألد أعدائه الفكريين والسياسيين. أعطى انهيار سلطة الحزب الواحد، في الكتلة السوفياتية ،الخلفية المشهدية لهذه التحولات، إلا أن هؤلاء المتحولين لم يعطوا فكراً منسجماً، حتى على صعيد سياق الفكر الليبرالي من حيث أن معظمهم لم يعِ ضرورة التلازم بين الديموقراطية، بجانبها السياسي ـ الدستوري، وبين المحتوى الاقتصادي متمثلاً في اقتصاد السوق، ولا قدموا جديداً للفكر العربي، كما علي عبد الرازق وطه حسين، فيما كان تطرفهم الجديد ضد الدين نسخة كاريكاتورية عن تلك الموروثة عن اليسار ولكن من دون العمق الفلسفي لنقد اليسار للدين الموروث من فيورباخ وشتراوس، إلى درجة تجعلهم يظنون بأن نقد رجال الدين وأفكارهم هو المعادل لنقد الفكر الديني. أظهر سقوط بغداد فكراً التحاقياً بالمركب الأميركي عند هؤلاء الليبراليين الجدد، في استعادة مشهدية، عبر تأييدهم للدبابة الأميركية الغازية لبغداد، لمواقفهم المنظرة والمؤيدة لدخول تلك الدبابة السوفياتية إلى كابول، عبرت ـ أي هذه الاستعادة ـ عن استمرارهم في طريقة تفكيرهم القديمة التي لا تراهن على العوامل المجتمعية المحلية لبناء السياسة، وإنما على مركز عالمي يريدون عبره استحداث تغييرات وأدوار في السياسة المحلية. ربما كان (الماركسي الهيغليّ) عبد الله العروي، في كتابه "العرب والفكر التاريخي" (1973)، عندما دعا العرب إلى ضرورة استيعاب مكتسبات الليبرالية، في وضعية المتكلم المنفرد في الصحراء وسط طغيان كل ما هو معادٍ لليبرالية عند أنصار السوفيات والقوميين والإسلاميين. من الواضح الآن أن هناك اتجاهاً مجتمعياً، متأثراً بالجو العالمي الجديد، نحو ليبرالية اقتصادية جديدة في العالم العربي، يدفع باتجاهها أغنياء أنظمة (ما بعد 23 يوليو)، ورجال الأعمال، والمتعلمون، والتقنيون، وكل من يمكن وضعه تحت مصطلح (الفئات الوسطى)، إلا أن المؤكد، أكثر، أن هؤلاء لا يمكن أن يعبر عنهم شيوعيٌ سابق متلبْرل حديثاً، ربما حتى لم يسمع بجون ستيوارت ميل أو قرأ شيئاً من كتبه، بل ستأتي تعبيراتهم من داخلهم، عبر مثقفين ومفكرين وأحزاب سيفرزهم ذلك الوسط الاجتماعي؟....
النفط وحكومة التجار منصور الأتاسي
لم يحدث أن تأمن إجماع وطني كامل كما تأمن في الموقف من رفع الدعم الحكومي عن أسعار المحروقات0 فقد رفضت كل الأحزاب السياسية المعارضة والجبهة وجميع النقابات العمالية والمهنية وكل الاقتصاديين الوطنيين، رفض كل هؤلاء رفع الدعم عن النفط , وعكس الإعلام بشكل واضح وكبير مخاطر رفع الدعم وانعكاساته على شرائح واسعة تمثل غالبية سكان بلادنا في حوار واسع وجدي! ولم يسبق أن قدمت الجهات المختلفة بدائل عديدة قادرة على تأمين الموارد اللازمة لتغطية العجز الحاصل عن ارتفاع أسعار النفط العالمية كما جرى في الحوار الفعال الهادف إلى استمرار دعم المحروقات وعدم تأثر الحكومة بزيادة أسعار النفط العالمية0 فغالبية الجهات قدمت بدائل مبررة علميا واقتصاديا في جهد سياسي ونظري لم يسبق له مثيل يؤكد مواقف الباحثين الوطنية ومعرفتهم بالمخاطر الكبيرة التي سيتعرض لها شعبنا من جراء زيادة أسعار النفط! ولم يسبق أن أدارت حكومة ظهرها لهذا الإجماع الوطني كما فعلت حكومتنا العتيدة فهي لم تبال بالإجماع الوطني وهي أيضا لم تناقش البدائل المقترحة، فقد أصرت على رفع الدعم غير مبالية بالنتائج لهذا القرار وغير مهتمة أصلا بهذه النتائج! فقد أعلنت الحكومة أنها غير قادرة على إيقاف الفساد أو الحد منه , وغير قادرة على إيقاف التهريب أو الحد منه، وهذه كلها بدائل تغطي العجز الناجم عن زيادات أسعار النفط العالمية, بالإضافة لإجراءات أخرى أقترحها الباحثون, ولكن الحكومة تعرف أن تدخلها لإيقاف هذه الموبقات التي تفتك بمجتمعنا يعني الحد من تراكم الثروة عند الأثرياء الجدد التي تكونت ثروتهم أصلا من اقتصاد الظل أي الفساد والتهريب والاحتكار .. وأصبحوا نافذين وأكبر من الحكومة نفسها.! والتصدي لهذه الموبقات يعني إيقاف الانفتاح الاقتصادي وتعميم سياسة السوق الرأسمالية، أي يتناقض مع مجمل سياسة الحكومة، لذلك تناقضت هذه الحكومة مع الطروحات الوطنية الجادة وأدارت ظهرها لها0 ولم تكتف بذلك بل حاولت امتصاص النقمة عندما اعتمدت سياسة إعلامية تضليلية قبل رفع الدعم فقد أعلنت: أن رفع الدعم عن المحروقات وزيادة أسعارها لن يؤثر في زيادة أسعار النقل بكل أشكاله وهي ستتخذ إجراءات محددة معروفة لديها لاستمرار أسعار النقل كما كانت في السابق وأن رفع الدعم لن يؤثر على الفلاحين فهي أيضا ستتدخل وستقدم التسهيلات اللازمة لتأمين الثروة الزراعية بشقيها النباتي والحيواني. وهي لم تصدق في كلا الإعلانين, فقد زادت أسعار النقل من 80 إلى 100 % وأحاط وضع كارثي بالفلاحين سيؤثر على الثروة الحيوانية والزراعية0 ومجمل الإنتاج الزراعي وسينعكس وهو بدأ ينعكس فعلا على فقراء الفلاحين الذين نزح قسم كبير منهم وخصوصا من المناطق الشرقية- الجزيرة ودير الزور والرقة إلى أطراف المدن الكبرى وخصوصا دمشق حيث تشاهد ألوف الخيم حوالي دمشق يعمل سكانها المهاجرون من هذه المناطق في جمع القمامة0 والقسم الأفقر من تأمين غذائه من بقايا القمامة0 وبالإضافة إلى النتائج الكارثية لارتفاع أسعار النفط ، بدأ التراجع المفجع في الإنتاج الزراعي والتي بدأت مؤشراته تظهر منذ سنوات فقد تراجع إنتاج الحبوب من 5.2 مليون طن عام 2000 إلى 1.5 مليون طن عام 2007 وتراجع إنتاج القطن من 1.350 مليون طن عام 2000 إلى 250 ألف طن عام 2007 .. وهكذا كان مصير بقية المحاصيل الزراعية. وإذا كان الجفاف قد ساهم بنسبة من التراجع، وكان على الدولة أن تبني مشاريع مائية تساعد في التخفيف من نسبة الجفاف الكارثية الذي يحذر منه الباحثون منذ سنوات طويلة, وأن تستطيع استثمار المشاريع المائية التي تنجزها بدلا من أن تكون استعراضية ثم تتحول إلى مشكلة مثل إعادة إحياء نهر قويق بحلب الذي على أهميته تحول إلى مشكلة بيئية تحدثت عنها الصحافة بكلفة 1.200 مليار ومائتي مليون ليرة سورية.. وإذا كان الجفاف كما ذكرنا قد ساهم في نسبة من تراجع الإنتاج الزراعي، فإن انسحاب الدولة من تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي وتركها للتجار قد أدى إلى ارتفاع هائل في أسعارها خفف كثيرا من هامش الربح المتروك للفلاح والذي كان يشجعه على الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني. ويذبح القطيع في هذه الأيام دون أي تدخل من الدولة التي من المفروض أن تؤمن وبسرعة الأعلاف التي تعوض مربيي المواشي عن المراعي القاحلة بفعل الجفاف بهدف الحفاظ على الثروة الحيوانية التي تشكل في حال تطوير إنتاجيتها إحدى روافد القطع الأجنبي, فغنم العواس مطلوب عالميا وبأسعار جيدة0 وأيضا فإن الحكومة تبيع القطن لخارج البلاد بسعر أقل مما تبيعه للمصنعين مما يفقد الخزينة موردا هاما. فلو شجعت الدولة صناعة الغزول لأمنت ضعف ثمن القطن الذي يباع خام دون تصنيع، ولأمنت أكثر من مئة ألف فرصة عمل لعمال سوريين هم بأمس الحاجة إليها وهذا يتطلب تشجيع الصناعة السورية عن طريق تخفيض أسعار القطن للمصنعيين، وتشجيع بناء معامل لغزل ولحلج وتصنيع الأقطان .. ففي مصر مثلا تبيع الدولة القطن للمصنعين المحليين بنصف سعره العالمي لتشجيع الصناعة ولتأمين قطع أجنبي يساوي ضعف القطع لو باعت القطن خاماً، وتؤمن العمل لنسبة كبيرة من العمال. هذه كلها يخسرها الوطن وعماله. وفي الصناعة تعمد الدولة على عدم تجديد الآلات لمعامل القطاع العام مما يضعف من إنتاجية المعامل ويزيد من تكلفة المنتج ويخفف من قدرته على التنافس في السوق الوطنية التي أصبحت مفتوحة للبضائع المختلفة التي غزته وبأسعار منافسة جدا فآلات ومعدات معمل الأصبغة بحمص مثلا هي أقدم آلات في العالم وهي موجودة دون تجديد منذ بناء المعمل. وبنيت بجانبه العديد من المعامل المماثلة الخاصة تملك أفضل الآلات. ويطلب من العاملين تأمين إنتاجية عالية بنوعية ممتازة أي يطلب منهم المستحيل! وتتراجع إنتاجية معمل الأسمدة بشكل مأساوي وتعكس الصحافة مطالب ألوف عمال وشركات القطاع العام الذين لم يستلموا رواتبهم منذ شهرين وثلاثة. بهدف الضغط الذي يجبرهم هم ونقاباتهم لخصخصة وتأجير مؤسساتهم حين تضع أمامهم ثنائية الجوع أو الخصخصة. إذا كانت زيادة أسعار النفط قد ساهمت في زيادة تكلفة الإنتاج الزراعي والصناعي والنقل .. وكل مناحي الحياة ، وإذا أدت السياسة الزراعية للحكومة إلى تراجع كارثي في مجال الإنتاج الزراعي، وإذا كانت مؤسسات القطاع الصناعي مخسرة في جزء كبير منها، وإذا كانت الصناعات الوطنية الرئيسية تتراجع في القطاع الخاص أيضا، وإذا كانت الخدمات الرئيسية من مياه وكهرباء وطرق تتراجع، فمن يستفيد من سياسة الحكومة ؟! إنهم التجار الذين يستفيدون من كل ما ذكرنا فهم يحتكرون الاستيراد والتصدير وقطاع الاتصالات وقطاع الخدمات . وأصبحت أسماؤهم معروفة للجميع، ففي كل محافظة كبش منهم أو لنقل غول يتزعمهم كبيرهم وشركاتهم التجارية تجني المليارات سنويا ويربح المتوسطون منهم مئات ألوف الليرات السورية يوميا. وتتشكل طبقة جديدة مترفة ستهيمن قريبا ، وهي بدأت تهيمن على القرار السياسي وعبر هيمنتها على الثروة الوطنية. وبالمقابل يزداد فقر أكثرية السوريين وتسحق الطبقة العاملة وجماهير الفلاحين, وتحطم الفئات الوسطى ويتم استبدالها بطبقة وسطى أخرى تنسجم ومصالح التجار. ويهاجر الصناعيون إلى بلاد تحترم الصناعة.. وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فإن مزيدا من الإفقار سيحصل، وإن وضعا اقتصاديا واجتماعيا كارثيا سيظهر في سورية.. وبسبب منع الحكومة لأي نشاط سياسي وطني ولأي تحرك احتجاجي عمالي أو فلاحي، فإن الاحتجاج سيأخذ أشكالا مختلفة ستزيد من تأزم الوضع الوطني العام. وحتى تتهيأ القوى السياسية القادرة على النهوض بالنشاط السياسي العام المؤثر فإن الوضع سيزداد سوءا وهذا يتطلب منا أن نزيد من فعاليتنا ومن وحدتنا ومن التزامنا الحقيقي بمصالح كادحي بلادنا وبالنضال من أجل الديمقراطية التي تسهل نشاط الكادحين وتزيد من فعاليتهم.
مخاطر المفاوضات السورية - الإسرائيلية في السياقات الإقليمية والدولية الراهنة نايف سلّوم
الجولان جزء غال من القطر السوري ، وإعادته إلى السيادة السورية أمر حيوي وهام . لكن المخاطر تظهر في حالة كهذه: أن يعاد الجولان من جهة ليتسلل المشروع الأميركي الصهيوني الشرق أوسطي الجديد إلى كامل المنطقة من الجهة الأخرى ، عازلاً إيران وممهداً لها بضربة عسكرية ومفككاً المقاومات العربية في فلسطين ولبنان والعراق. إن حالة كهذه لا تشكل السياق المواتي على المستويين الإقليمي والدولي . لقد تم التنبه إلى هذه المسألة من قبل السوريين، عندما جرى التأكيد على أن انجاز أي تسوية مع إسرائيل غير مرتبط بفك العلاقة الإستراتيجية مع إيران ، تماماً كما أن تسوية إسرائيلية مع سوريا لا تعني فك ارتباط الكيان الصهيوني بالولايات المتحدة كحليف استراتيجي . لقد كان هذا الكلام أساسياً للإفلات من السياقات غير المواتية. في السياقات غير المواتية على المستويين الإقليمي والدولي يفقد الجولان دوره كرافعة لنضال أكثر ديمومة وأكثر إستراتيجية؛ هو النضال ضد المشروع الأميركي الصهيوني الذي كان احتلال فلسطين ومن ثم الجولان من نتائجه المأساوية. فعودة صحراء سيناء لم تنه الصراع العربي الصهيوني ، ولم تحبط الغزو الأميركي المباشر الجديد للمنطقة العربية. كذلك الأمر فإن استعادة الجولان في سياق الغزو الأميركي الجديد للمنطقة لن يمنع تحقق الجانب السياسي من المشروع الأميركي؛ وهو إعادة إنتاج النظم العربية الحاكمة والمسيطرة كنظم كولونيالية- طائفية ، وقد يكون الهدف الإسرائيلي الأميركي محاولة تحييد سوريا لفتح الباب واسعاً أمام تحقق المشروع الأميركي الصهيوني للشرق الأوسط، ذلك لأن سوريا تشكل أحد المعرقلات الأساسية أمام اندفاعه الهائج. إن "الحصار" الذي تعاني منه سوريا وإيران ومعهما المقاومة العربية في فلسطين ولبنان والعراق هو "حصار" تقوم به نظم عربية ملحقة بالمشروع الأميركي الصهيوني. و هذه النظم جزء عضوي من الأدوات الإقليمية لهذا المشروع. والنظم هذه ليست بالشرعية وليس لها مستقبل بالمعنى الاستراتيجي والشعبي . يجب ألا تقود استعادة الجولان في هذه الشروط وفي هذه السياقات إلى خسارة الموقف السوري، بالتالي خسارة المنطقة العربية لأحد روافع العمل المقاوم في وجه الغزو الأميركي الجديد ، وألا تعني هذه الاستعادة فتح الطريق معبداً أمام المشروع الأميركي للشرق الأوسط "الكبير والجديد" لقد جربت الولايات المتحدة الأميركية اللعب على محور التسوية الفلسطينية –الإسرائيلية عبر إلحاق السلطة الفلسطينية بها ، فلم تجن سوى مزيد من القوة والثبات لحركة حماس والجهاد وللمقاومة الفلسطينية عموماً . ودعمت بشكل سافر السلطة اللبنانية القائمة ولم تجن سوى المزيد من القوة لمعارضيها اللبنانيين . والآن تحاول اللعب على الحلقة السورية. وهي تهدف من كل ذلك إلى إضعاف إيران ودحرها كداعمة للمقاومة العربية بجميع أشكالها. إسرائيل ترنو إلى إيران وتمسك الجولان بيدها، وعلى المفاوض السوري أن يرمق الجولان بطرف العين وأن يمعن النظر في المشروع الأميركي الصهيوني للشرق الأوسط . إن فكرة "تقليل الحاجة السورية إلى إيران" المطروحة إسرائيلياً هي فكرة خبيثة ومفخخة الهدف منها ليس إضعاف إيران ولا تقوية سوريا لتخف حاجتها إلى إيران ، بل الهدف الأساسي هو الاستيلاء الأميركي الإمبريالي على الشرق الأوسط واستعباد شعوبه ونهب خيراته ، وعذراً إذا كنا قد استعملنا لفظة "النهب" التقليدية ! إننا نقول مع أحد الصحفيين الفطنين: "إن قوة موقع سوريا المعرقل للمشروع الأميركي للشرق الأوسط هي في ترابط الملفات لا في تقطيع أوصالها". لقد جاء اتفاق القوى اللبنانية المتصارعة (اتفاق الدوحة) نتيجة طبيعية لخسارة الإمبريالية الأميركية وحلفائها المحليين والإقليميين جولة الصراع الأولى ، لكن الحرب الأميركية العدوانية على المنطقة ما تزال مستمرة وإن بأشكال تأخذ أحياناً نغمة التسوية والمصالحة . و إذا كانت المفاوضات الحالية غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل هي تكتيك سوري لكسب الوقت ولكسب "الشرعية الدولية" حتى نهاية ولاية بوش فهذا أمر آخر ليس في نيتنا مناقشته أو المضاربة عليه. لكننا نريد التنويه إلى مسألة باتت ملحة في الفكر السياسي العربي عامة والسوري خاصة؛ وهي فكرة التناقض الرئيسي وما يترتب عليه من شكل انطلاقة التحليل السياسي لوضع بعينه . نحن نقول أن المشروع الأميركي للشرق الأوسط هو أساس كل تحليل، أي على كل تحليل سياسي أن ينطلق من هنا ، وهذا يعني أن تشخيص وضع النظام السوري يأتي من هذا الموقع . هكذا ومن هذا الموقع يأخذ النظام السوري طابعاً مزدوجاً: الأول ، النظام لذاته (أي في علاقته مع الآخر المسيطر)؛ هذا الموقع هو موقع المعرقل للمشروع الأميركي؛ هو موقعه في الصراع ضد المشروع الأميركي للشرق الأوسط ، ونحن نثمّن هذا الموقع أو البعد لجهة التناقض المسيطر في التحليل . والثاني، طبيعة النظام في ذاته؛ أي طبيعة النظام الاجتماعية أو طبيعته الداخلية بالذات وهي طبيعة رخوة بما يتعلق باحتياجات ومتطلبات البعد الأول الذي هو مواجهة المشروع الأميركي ، ذلك أن النظام يميل أكثر فأكثر تحت وقع الضغط الإمبريالي المستمر باتجاه الليبرالية الجديدة والمشروع الخاص ، بالتالي يأخذ من الناحية الطبقية سمة رأسمالية تميل للاندماج بالاقتصاد العالمي الرأسمالي، ويميل أكثر لأن يكون ملحقاً بهذا النظام العالمي . إن الابتعاد أكثر فأكثر وإن يكن ببطء عن السياسات الشعبية تجعل البعد الأول للنظام؛ أي موقعه في الصراع ضد المشروع الأميركي في حالة تراخي. على قوى اليسار الماركسي في سوريا أن تعمل باستمرار لتعزيز البعد الأول وذلك عبر نقد طبيعة النظام والضغط السياسي والمطلبي باتجاه تعزيز الميول الشعبية التي باتت ضعيفة . نعم ، ننتقد بقوة البعد الثاني وذلك بعكس أحزاب "الجبهة الوطنية التقدمية" في سوريا من الشيوعيين الرسميين الذي ثمنوا البعد المعرقل للمشروع الأميركي، لكنهم سكتوا عن التحولات في طبيعة النظام الاجتماعية وعن ميله المتنامي باتجاه الاندماج بالنظام الإمبريالي الرأسمالي . يسود في التحليل السياسي السوري عيب شائع مفاده: الانطلاق في التحليل السياسي ودوماً ومهما كانت المسألة من النظام باتجاه الأبعاد الأخرى ، وهذا باعتقادي أمر خاطئ تماماً . وهذا العيب هو ما يجعل من السياسة المعارضة في سورية مجموعة من ردات الفعل السلبية تجاه حركة النظام وتكتيكاته، فإذا اتجه النظام شرقاً كان الغرب هو الصواب، وإذا غرّب النظام كان الشرق هو المطلوب من وجهة النظر المعارضة . لقد ظهر هذا العيب في التفكير السياسي للمعارضة السورية خاصة في إعلان دمشق ، وكأنه نزعة ثأرية تجاه النظام . وهي مميتة لكل عمل سياسي فعال ديمقراطي- وطني.
المجتمع السوري تحت خط الفقر معتز حيسو
من الضروري بداية التأكيد على أن الممارسة الفكرية ، وتحديداً الفكر السياسي يجب أن لا يخضع للرغبات والتمنيات في منطقه التحليلي للواقع الاجتماعي المحدَّد. بمعنى آخر، تتحدد موضوعية الفكر السياسي النظري بمدى تجسيده للواقع العيانيّ المشخص بأشكال نظرية مجردة في سياق من الممارسة النظرية الهادفة إلى تحليل الواقع الموضوعي وإدراكه علمياً ، والتعبير عن تناقضاته مفاهيمياً ، لتكون آليات الممارسة السياسية تعبيراً ملموساً عن الواقع الملموس المحدّد والمعيّن وفق منهجية نظرية علمية . لم يعد خافياً بأن الميول الليبرالية المشوهة للسياسات الاقتصادية الراهنة تقود إلى مزيد من التناقضات الاجتماعية والاقتصادية ، وتتعمق هذه السياسات من خلال السياسات الإعلامية الرسمية التي تساهم في إخفاء الأسباب المحددة للميول الاقتصادية و التناقضات الاجتماعية الناجمة عنها. وقد ساهمت السياسات الاقتصادية القائمة على تحرير الأسواق والأسعار بأشكال تتنافى مع السياسات الاقتصادية التنموية في تزايد حدة الاستقطاب الاجتماعي ، مما أدى إلى انقسام المجتمع السوري إلى ( غالبية تحت خط الفقر ، وأقلية ثرية تسيطر على الميول الاقتصادية و التوجهات السياسية ) . لقد نوهنا سابقاً وفي أكثر من بحث بأن الاقتصاد والمجتمع السوري سوف يقعان في أزمة بنيوية من الصعب تجاوزها نتيجة للسياسات الاقتصادية المتبعة، لذلك أكدنا مراراً على ضرورة دور الدولة التنموي في ضبط التحولات الاقتصادية ، وضرورة إطلاق الحريات السياسية والنقابية والمدنية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية . لكن وكما هو ملاحظ بأن من يحدد السياسات الاقتصادية لا تعنيه المصالح الوطنية للمجتمع السوري الذي عانى و يعاني من تزايد حدة التناقضات الاجتماعية الناتجة عن السياسات الاقتصادية التي تمثل مصالح نخب سياسية واقتصادية محددة . إن قرار رفع سعر المازوت الحر - من ( 7،10 – إلى 25 ليرة سورية ) أي بمعدل بلغ ( 350 % ) وجرة الغاز من ( 145 إلى 250 ليرة سورية أي بنسبة 77% ) والمازوت المدعوم من ( 7،10) إلى (9 ليرات سورية ) - يشكل لحظة تحول في السياسية الاقتصادية ، لكونه يتناقض بشكل صريح مع المصالح الشعبية لغالبية أبناء المجتمع السوري والمصالح الوطنية عموماً ، ذلك لأن تأثيراته السلبية سوف تطال كافة المستويات الاجتماعية ، ويأتي في مقدمتها : 1ــ تزايد حدة التباينات و التناقضات الاجتماعية وزيادة معدلات الفقر والحرمان . 2 ــ انخفاض القدرة الشرائية للمواطن . ويأتي هذا في سياق انخفاض قيمة العملة الوطنية . 3 ــ ارتفاع أسعار كافة السلع الاستهلاكية والمواد الأساسية والغذائية بالدرجة الأولى . 4 ــ ارتفاع أجور النقل بمعدلات تتراوح بين 50 % و 100 % . 5 ــ ازدياد معدلات التضخم النقدي المترافق مع تراجع معدلات التوظيف الاستثماري . 6 ــ ارتفاع تكاليف الإنتاج السلعي ( الصناعي والزراعي ) . 7 ــ انخفاض مستوى المعيشة لغالبية المواطنين لدرجة يصعب فيها تأمين المستلزمات الأساسية ، وبالتالي العجز عن إعادة القوة الإنتاجية للفرد . 8 ــ إن رفع سعر المازوت سوف ينعكس سلباً وبشكل مباشر على معدلات ربح المزارعين أولاً ، وعلى الأمن الغذائي ثانياً نتيجة لانعدام قدرة المزارع على الاستمرار في ري محاصيله الزراعية لعدم امتلاكه السيولة النقدية ، مما يعني تضمين حقوله كمراعي للمواشي وتحديداً ( ( القمح والقطن اللذان يشكلان عماد الصناعات الغذائية والنسيجية محلياً )) ، وهذا يعني أن المزارع سوف يعاني من أزمة لا يمكن الخروج منها إلا عبر سياسية اقتصادية جديدة تتحمل فيها الدولة كامل مسؤولياتها ، وإلا سيعاني المجتمع السوري عموماً من أزمة غذائية بدأت ملامحها المستقبلية تتضح في اللحظة الراهنة . 9 ــ انعدام القدرة التنافسية للصناعات الوطنية
نتيجة لارتفاع التكاليف الإنتاجية ( ارتفاع أسعار المواد الأولية ووسائل النقل والأجور.. ) وتتجسد الخطورة في هذا المستوى من خلال تمكين وتعميق اقتصاد السوق الحر ، مما يعني مزيداً من الأزمات الاقتصادية جراء تبعية الاقتصاد الوطني و انفتاحه على الخارج. ومما يعني أيضاً دمار الصناعة الوطنية ذات التكاليف الإنتاجية المرتفعة والجودة المنخفضة نسبياً ، أمام الغزو السلعي الأجنبي الرخيص والعالي الجودة والممتلك للقدرة التنافسية. 10 ـــ انخفاض وتراجع مستوى الاستثمارات الوطنية والأجنبية نتيجة لارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض القدرة الشرائية ، هذا إضافة إلى أن أشكال الاستثمار الراهنة تعاني جملة من التناقضات والإشكاليات السلبية التي تم تناولها في أبحاث سابقة ( تحول رأس المال إلى أسواق المضاربة والتجارة العقارية والصناعات التجميعية وصناعات اللمسة الأخيرة ... ) . 11 ـ تفاقم أزمة السكن نتيجة للارتفاع الكبير على أسعار مواد البناء (ارتفاع أسعار العقارات وأجورها) ، مما يساهم في تزايد الأزمات الاجتماعية في أوساط الشباب ( التخلي عن فكرة الزواج ــ تزايد معدلات العنوسة ــ التحلل الأخلاقي .. ) . بالتأكيد توجد نتائج سلبية أخرى لم نأت على ذكرها ومن الممكن أن تتوضح في سياق النص . أما فيما يتعلق بالتراجع اليومي لمستويات المعيشة للمواطن السوري فإن الزيادة الاسمية التي أقرتها الحكومة وفق النصين التشريعيين ( 24 ـ 25 ) بمقدار 25 % على الراتب المقطوع زادت الوضع المعاشي تعقيداً وساهمت برفع معدلات التضخم . ويمكننا تأكيد ذلك من خلال رصد الارتفاع المتكرر للأسعار، و الذي بلغت معدلاته وفقاً للتقديرات الرسمية ( 60 % ــ 70 % ) بينما تشير الدلائل الواقعية ومن خلال الرصد الميداني لحركة الأسعار إلى أكثر من ذلك لتصل وفق بعض التقديرات إلى حدود ( 100 % ) على الكتلة السلعية بشكل عام . وهذا يعني بداهة واعتماداً على التقديرات الرسمية بأن القدرة الشرائية للعاملين في الدولة وبعد حساب الزيادة الأخيرة تراجعت بمعدل ( 45% ــ 55% ) 55%) ، أما فيما يخص باقي الفئات الشعبية فإن أوضاعهم المعيشية ستصل حد المجاعة ، مما يعني بأن الزيادة على الراتب المقطوع يجب أن لا تقل عن ( 100 % ) مع المحافظة على ثبات الأسعار، وتحديداً المشتقات النفطية ومن الواضح بأن الزيادة بشكلها الحالي سوف تساهم في تعميق الفوارق الطبقية لذلك كان من الأجدى أن يحدّد إضافة إلى الزيادة بالنسبة المئوية على الراتب مبلغ محدد ( على شاكلة الزيادة التي أصدرت في عام 2006 ). من دون إهمال الأوضاع المعيشة لباقي الفئات الاجتماعية للحفاظ على الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي ، وكان من المجدي أيضاً العمل على أساس سلم أجور متحرك يتلاءم مع حركة الأسعار (ربط الأجور بالأسعار ) . أما وبعد أن تقررت الزيادة بشكلها الحالي ، وبعد أن رفعت أسعار المشتقات النفطية ( المازوت ـ الغاز ) فإن الأمن الغذائي للمجتمع السوري عموماً، والاستقرار الاجتماعي باتا مهددين بشكل واضح. ومن المرجح في ظل تراجع الدولة عن دورها الاجتماعي ، وفي ظل تغييب المنظمات المدنية والقوى السياسية واحتواء النقابات وتحجيم دورها المطلبي و تحويلها إلى أدوات لخدمة السياسات الرسمية ، أن تترك الفئات الاجتماعية المسحوقة لمواجهة رأس المال الحر بأشكال معزولة ومنفردة نتيجة لغياب الحريات السياسية وبالتالي غياب دور القوى السياسية ، وهذا يعني في أبسط المدلولات الاجتماعية ونتيجة للأزمة المتفاقمة ( الاقتصادية والسياسية ) بأن المجتمع عموماً يسير باتجاهات يمكن تحديدها أولياً على الشكل التالي : ــ نتيجة للأزمة المادية الخانقة والمتزايدة التي يعاني وسيعاني منها المواطن ، ونتيجة لتزايد الضغوط السياسية يمكن أن تتولد احتجاجات ميدانية وفي أفضل الأحوال تشكّل حالات سياسية عفوية ..... لكن السيطرة السياسية بأشكالها الراهنة تقلل من إمكانية تعمق هذا الاحتمال . ــ من المرجح أن تزداد معدلات الجريمة بأشكالها المتعددة لتلبية الحاجات الأساسية . ـ ومن الممكن أيضاً أن يزداد التحلل والتفكك الاجتماعي والانحلال الأخلاقي مما يهدد تماسك البنى الاجتماعية وينبئ بمزيد من الكوارث الاجتماعية نتيجة للفقر الذي وصل حدود المجاعة في كثير من الأوساط الاجتماعية .
ومن خلال ما أوردناه فإن على مؤسسات الدولة المعنية العمل للحد من تزايد الأزمات الاجتماعية ، من خلال استعادة دورها الاجتماعي والتنموي و محاربة الفساد المتفاقم والحد من هدر الثروات الوطنية ومكافحة التهرب الضريبي واعتماد سياسات اقتصادية تنموية اجتماعية / شعبية ، و إطلاق حرية العمل السياسي و النقابي لضمان حرية التعبير عن مصالح الفئات الشعبية في سياق مواجهتها للسياسات الاقتصادية الليبرالية . أما وأن الواقع السياسي والاقتصادي يميل إلى مزيد من التأزم في ظل سياسات اقتصادية تتناقض مع المصالح الاجتماعية ، فإن هذا يعني تفاقم الأزمة المركبة على كافة المستويات وبأشكال متعددة، وهذا يفترض التأكيد على أهمية وضرورة تفعيل كافة أشكال الممارسة السياسية ببعدها الطبقي والديمقراطي الوطني للحد من تزايد الأزمة الراهنة المرشحة للتفاقم بأشكال تجليات مختلفة ومتباينة ، لذلك فإن على القوى السياسية و المدنية الالتقاء على برنامج عمل وطني ديمقراطي يحمي المجتمع من التفكك والتحلل ويمكّنه من مواجهة التحديات والأخطار الداخلية والخارجية ، وإذا لم تبادر القوى السياسية واليسارية تحديداً إلى القيام بدورها في مواجهة الأزمة الراهنة ونتائجها المستقبلية فمن الممكن أن تؤول المتغيرات إلى : 1 ـ تفتت البنى الاجتماعية في سياق تشكّل تجمعات مذهبية وعرقية وطائفية عشائرية ... 2 ـ تخلع البنى الاجتماعية والمؤسسات المدنية، وتزايد التحلل الاجتماعي والقيمي ( تزايد معدلات الجريمة والفساد والدعارة ) تلبية للحاجات الأساسية و حفاظاً على الوجود والبقاء البيولوجي . 13 / 5 / 2008 [email protected]
عرض تطورات أسعار المازوت في سوريا بالليرة السورية نقلاً عن جريدة الوطن في عددها(383) : ( 1970- 0،12// 1974-0،15// 1975-0،12// 1976- 0،15// 1978- 0،20// 1978- 0،25// 1980- 0،50 // 1981-0،90// 1982- 1// 1985-1،5// 1991-2،75//1992-3،85//1994-6،1// 2002-7،1// 2008- 25// ) . أحداث المحلة الكبرى، معطيات واقع جديد ! جلال مسدّي
تزامنا مع احتفالات الشعب في مصر بعيد ميلاد ”القائد التاريخي العظيم“ محمد حسني مبارك, توعدت جهات معارضة متنوعة بإضراب عام جديد يعيد إلى الأذهان الإضراب العمالي و المظاهرات التي اجتاحت مواقع مختلفة من مصر يوم الأحد 6 نيسان التي لم تنته تداعياتها بعد وكانت في رأي الكثيرين التحرك العمالي و الشعبي الأهم منذ عقود . في طليعة الحركة العمالية يقف عما ل مصنع الغزل و النسيج في ”المحلة الكبرى“ ، والذين يخوضون في السنة الأخيرة سلسلة من الإضرابات لتحسين ظروف عملهم و أجورهم . إصرار العمال على تنفيذ الإضرابات فاق كل التوقعات . فقد واجهت الجماهير المنتفضة قوات الأمن التي سعت من خلال تواجدها المكثف إلى دب الرعب في صفوف العمال . وكان من ضحايا تلك الأيام التاريخية ثلاثة شهداء ومئات الجرحى والمعتقلين . جاءت الدعوة للإضراب على خلفية أزمة الخبز و غلاء المعيشة التي يعاني منها الشعب المصري كله . وتظهر الطبقة العاملة اليوم كقوة اجتماعية فعالة ذات أجندة مستقلة ، مع أنها لا تزال غير مؤطرة في حركة واحدة ، ولا تطرح بعد بديلاً سياسياً جاهزاً. الطبقة العاملة تقدم بديلاً ديمقراطياً عمالياً جديداً لحزب السلطة التابعة لأمريكا من جهة ، وللحركة الإسلامية التي تجر الشعب للعزلة و التخلف من جهة أخرى . مصادر الأزمة لطالما كان نظام مبارك الذي ورث توجهه الليبرالي عن انقلاب السادات عام 1971 ، لطالما كان قادراً على توفير نوع من الاستقرار الاقتصادي بواسطة نسبة النمو العالية التي أتت مع الاستثمارات الأجنبية. كانت الطبقة العاملة وجماهير الشعب محيّدة واقتصر الصراع على نمط السلطة السياسية بين أنصار أمريكا وبين أنصار الأخوان المسلمين، المعارضة السياسية الأقوى حالياً. ولكن الأزمة الاقتصادية العالمية تجعل الحاجات الأساسية للشعب مهددة ، الأمر الذي يمكن أن يخلط الأوراق في الساحة المصرية وفق ترتيب آخر. النضالات العمالية في العامين الماضيين تشير إلى ظهور أجندة اجتماعية جديدة بعيداً عن مؤسسات السلطة وعن موقف الأخوان المسلمين في آن واحد. أشارت إحدى الصحف المصرية في أيلول 2007 إلى قيام عمال ”المحلة الكبرى“ إبان إضرابهم ذلك الشهر بطرد رئيس النقابة الموالي للنظام بعد اتهامه بالتواطؤ مع الإدارة على سلب حقوقهم. كما رفض العمال المضربون استقبال المهندس سعد الحسيني عضو مجلس الشعب عن جماعة الأخوان المسلمين، ذلك لعدم تحركه بشكل جدي منذ انتفاضتهم الأولى في ديسمبر2006 إضافة إلى موقف جماعة الأخوان المسلمين من اللجنة التنسيقية للأحزاب و القوى السياسية بالمحلة الرافض للتضامن مع العمال . موقف الأخوان الأحدث من أحداث 6/4 كان الانضمام إلى جوقة النظام التي لا ترى في المضربين سوى جماعة من "البلطجية والرعاع" مما يؤشر إلى بداية افتراق مصالح العمال الطبقية عن أحد ممثلي مصر التقليديين ثقافيا وسياسياً ؛ "الأخوان" . موقف الحياد الذي اتخذه الأخوان المسلمون تجاه التحرك الجديد يكشف عجزهم عن تقديم حلول اقتصادية للأزمة الحالية ،وليس هذا وحسب، بل ليست للحركات الإسلامية مشكلة مبدئية مع النظام الرأسمالي الذي يسبب الأزمات و الفقر، بل تتعايش معه كما هو الحال في دول إسلامية مختلفة . إفلاس النظام السياسي المصري يبقى لذلك دون رد حقيقي من جانب الأخوان مما يؤكد حالة الفراغ السياسي و يبرز الدور الهام الذي من الممكن أن تلعبه الطبقة العاملة في صياغة البديل الديمقراطي الجديد . نضالات الشرائح العمالية والمهنية المختلفة، تعيد للأذهان الطاقات الكامنة في الطبقة العاملة المصرية وتطرح على بساط البحث أجندة اجتماعية تقدمية . الحركات العمالية الجديدة لم تتبلور بعد إلى تيار نقابي وسياسي موحد . لكنها تشير إلى طرح أجندة اجتماعية جديدة ‘ ولذلك يجب إدراك أهميتها الكبرى ليس فقط على نطاق مصر بل في العالم العربي بأسره ، فقد كانت مصر رائدة في قيادة الحركة القومية العربية إبان حكم عبد الناصر ، وأصبحت في السنوات الأخيرة رمزاً للتراجع وفقدت مكانتها الإقليمية كرأس حربة في الصراع العربي الإسرائيلي حركة العمال الجديدة تحمل في طياتها القدرة على بناء البديل للخروج من الطريق المسدود الذي وصلته الشعوب العربية إزاء الصراع العبثي بين أتباع أمريكا و أتباع الحركات الإسلامية . عن تكتيك التحرك عاصفة التكييف الهيكلي و الخصخصة التي ضربت الأوضاع العمالية في مصر أزالت معها الكثير من الأوهام التي سيطرت على الحركة العمالية على مدى عقود واتخذت هذه الحركة طريقة الإضراب للمطالبة بحقوقها وليس الاعتصام وقادت الطبقة العاملة بنجاح 650 إضراباً خلال 9أشهر وهو ما يعني استخدام العمال للضغط الاقتصادي وموقعهم في علاقات الإنتاج ويفتح إمكانية أكبر لاكتشاف الطبقة العاملة لنفسها و ثقلها الاقتصادي و السياسي . استبدال الطبقة العاملة سلاح الاعتصام بسلاح الإضراب في الاحتجاج خطوة كبيرة في وعي الطبقة العاملة الجماعي . ولكن ليس هذا هو التطور الوحيد الذي ظهر في الحركة العمالية, فديمومة فترات الإضرابات نسبياً كانت ظاهرة ملموسة في الإضرابات الأخيرة فغالباً لم يكن الاعتصام أو الإضراب العمالي يستمر سوى يوم واحد أو اثنين ثم ينتهي بتدخل الأمن و فضه بالقوة . الإضرابات الأخيرة شهدت تغيراً واضحاَ، فإضراب المحلة الأول استمر ثلاثة أيام وانتهى بتنفيذ مطالب العمال دون تدخل عنيف من جانب الأمن, الإضرابات التي تلت استمرت لأيام و أسابيع أيضاً . طوال مدة الإضراب خلق أمرين هامين: الأول هو توسع تأثير الإضراب وأصداءه الإعلامية والذي كان غير متوفر في الإضرابات القصيرة و التي ما أن تعلم بها وسائل الإعلام والقوى المهتمة بالحركة العمالية حتى تكون قد انتهت. الأمر الثاني و الأهم هو أن طول مدة الإضراب يخلق تنظيماً داخلياً للحياة العمالية في الإضراب فوجود ألاف العمال في نفس المكان لأيام متتالية يفرض توفير آليات للإعاشة وتنظيم الحياة الداخلية وتقسيم واسع لنطاق التكتيك بينهم مثل التفاوض ، حماية المنشأة و توفير الطعام و التناوب على التواجد في الإضراب ..... مما أدى إلى تطور الإمكانيات التنظيمية للحركة العمالية سريعاً بازدياد مدة الإضراب ، وعي السلطات لهذه الخطورة الناشئة هو في اعتقادنا ما دفعها إلى التصعيد الأمني قتلاً و اعتقالاً.... ونحن في التجمع الماركسي- الديمقراطي في سوريا لا نرى في التجربة الحكومية المصرية في معالجة اقتصادها الليبرالي المشوه سوى نموذج و مرآة للسياسات الاقتصادية السورية التي تنتهجها الحكومة الحالية . صحيح أ ن الوضع العام في سورية يختلف في شرطه الداخلي من حيث الواقع الديموغرافي وأنماط الاقتصاد و توزع الثروة والموقع الجغرافي عن الوضع في مصر, إلا أن التقاطعات كثيرة نظرا للأفق المسدود تاريخيا الذي تقدمه السياسات الليبرالية في البلدان الطرفية ضمن الشرط الإمبريالي المعاصر. وهو الأمر الحاسم الذي يعيد ترتيب الشرط الداخلي المتخلف و يحكمه. وقد بدأ المواطن السوري فعلا بتحسس خطورة هذه السياسات من خلال تراجع قدرته الشرائية و التي وصلت حد المساس بحاجاته الأساسية. هذه الحاجات التي تعمل الحكومة بشكل دائب على خصخصتها ودعم محتكريها من أرباب التجارة . ولا تتعاطى مع الأحوال الاقتصادية المتدهورة الناتجة عن تطبيق هذه السياسات إلا بمسميات وهمية كاقتصاد "السوق الاجتماعي". حيث لم يعد خافياً الطبيعة الليبرالية المتوحشة لهذه السياسات وطابعها الكارثي على مستقبل الشعب السوري. مرحلة جديدة إذا للحركة العمالية في مصر تعيد من خلالها الطبقة العاملة اكتشاف نفسها و إمكانياتها و تطورها و تضع نفسها كمعطى رئيسي على خارطة الأزمة السياسية في مصر, ويبقى على المناضلين الثوريين مهمة التفاعل الخلاق مع الحركة العمالية والتعلم منها و البناء البرنامجي من خلالها. أهميتها الكبرى ليس فقط على نطاق مصر، بل في العالم العربي بأسره ، فقد كانت مصر رائدة في قيادة الحركة القومية العربية إبان حكم عبد الناصر، وأصبحت في السنوات الأخيرة رمزاً للتراجع وفقدت مكانتها الإقليمية كرأس حربة في الصراع العربي الإسرائيلي. حركة العمال الجديدة تحمل في طياتها القدرة على بناء البديل للخروج من الطريق المسدود الذي وصلته الشعوب العربية إزاء الصراع العبثي بين أتباع أمريكا و أتباع الحركات الإسلامية . عن تكتيك التحرك عاصفة التكييف الهيكلي و الخصخصة التي ضربت الأوضاع العمالية في مصر أزالت معها الكثير من الأوهام التي سيطرت على الحركة العمالية على مدى عقود واتخذت هذه الحركة طريقة الإضراب للمطالبة بحقوقها وليس الاعتصام وقادت الطبقة العاملة بنجاح 650 إضراباً خلال 9 أشهر وهو ما يعني استخدام العمال للضغط الاقتصادي وموقعهم في علاقات الإنتاج ويفتح إمكانية أكبر لاكتشاف الطبقة العاملة لنفسها و ثقلها الاقتصادي و السياسي . استبدال الطبقة العاملة سلاح الإضراب بسلاح الاعتصام في الاحتجاج خطوة كبيرة في وعي الطبقة العاملة الجماعي . ولكن ليس هذا هو التطور الوحيد الذي ظهر في الحركة العمالية, فديمومة فترات الإضرابات نسبياً كانت ظاهرة ملموسة في الإضرابات الأخيرة فغالباً لم يكن الاعتصام أو الإضراب العمالي يستمر سوى يوم واحد أو اثنين ثم ينتهي بتدخل الأمن و فضه بالقوة . الإضرابات الأخيرة شهدت تغيراً واضحاَ، فإضراب المحلة الأول استمر ثلاثة أيام وانتهى بتنفيذ مطالب العمال دون تدخل عنيف من جانب الأمن, الإضرابات التي تلت استمرت لأيام و أسابيع أيضاً . طوال مدة الإضراب خلق أمرين هامين: الأول هو توسع تأثير الإضراب وأصدائه الإعلامية والذي كان غير متوفر في الإضرابات القصيرة و التي ما أن تعلم بها وسائل الإعلام والقوى المهتمة بالحركة العمالية حتى تكون قد انتهت. الأمر الثاني و الأهم هو أن طول مدة الإضراب يخلق تنظيماً داخلياً للحياة العمالية في الإضراب فوجود ألاف العمال في نفس المكان لأيام متتالية يفرض توفير آليات للإعاشة وتنظيم الحياة الداخلية وتقسيم واسع لنطاق التكتيك بينهم مثل التفاوض، حماية المنشأة و توفير الطعام و التناوب على التواجد في الإضراب ... مما أدى إلى تطور الإمكانيات التنظيمية للحركة العمالية. سريعاً بازدياد مدة الإضراب، وعي السلطات لهذه الخطورة الناشئة هو في اعتقادنا ما دفعها إلى التصعيد الأمني قتلاً و اعتقالاً.... ونحن في التجمع الماركسي- الديمقراطي في سوريا لا نرى في التجربة الحكومية المصرية في معالجة اقتصادها الليبرالي المشوه سوى نموذج و مرآة للسياسات الاقتصادية السورية التي تنتهجها الحكومة الحالية . صحيح أ ن الوضع العام في سورية يختلف في شرطه الداخلي من حيث الواقع الديموغرافي وأنماط الاقتصاد و توزع الثروة والموقع الجغرافي عن الوضع في مصر, إلا أن التقاطعات كثيرة نظرا للأفق المسدود تاريخيا الذي تقدمه السياسات الليبرالية الجديدة في البلدان الطرفية ضمن الشرط الإمبريالي المعاصر. وهو الأمر الحاسم الذي يعيد ترتيب الشرط الداخلي المتخلف و يحكمه. وقد بدأ المواطن السوري فعلا بتحسس خطورة هذه السياسات من خلال تراجع قدرته الشرائية و التي وصلت حد المساس بحاجاته الأساسية. هذه الحاجات التي تعمل الحكومة بشكل دائب على خصخصتها ودعم محتكريها من أرباب التجارة . ولا تتعاطى مع الأحوال الاقتصادية المتدهورة الناتجة عن تطبيق هذه السياسات إلا بمسميات وهمية كاقتصاد "السوق الاجتماعي". حيث لم يعد خافياً الطبيعة الليبرالية المتوحشة لهذه السياسات وطابعها الكارثي على مستقبل الشعب السوري. مرحلة جديدة إذا للحركة العمالية في مصر تعيد من خلالها الطبقة العاملة اكتشاف نفسها و إمكانياتها و تطورها و تضع نفسها كمعطى رئيسي على خارطة الأزمة السياسية في مصر, ويبقى على المناضلين الثوريين مهمة التفاعل الخلاق مع الحركة العمالية والتعلم منها و البناء البرنامجي من خلالها.
مذكرات طفيلي عمران كيالي
28 /9 في هذا اليوم قبل ملك بريزانتيا العليا تشغيلي كحاجب لديه براتب كبير بعد أن توسطت لديه زوجة عمي الثالثة ، التي حاكت في العام الماضي ثوبا ً لابنة عم الملك. و قد أقسمت يمين الولاء و الطاعة له أمام معظم الوزراء و الأعيان. 4/ 10 عيـّرني رئيس الوزراء بثيابي و عاب عليّ جهلي فقررت بيني و بين نفسي أن أنتقم منه ، و أفضل طريقة هي أن أوقع بينه و بين الملك. 11/ 12 استطعت إقناع الملك (بعد جهد و خطة محكمة) بأن رئيس الوزراء يخطط لاغتياله. 18/ 12 أصدر الملك أمرا ً بحبس رئيس الوزراء بعد أن تأكد من صحة اتهاماتي له، و عين بديلا ً عنه. 30/ 2 وافق رئيس الوزراء الجديد على أن أكون شريكا ً له في معمل النسيج خوفا ً من أن يكون مصيره مثل مصير الذي سبقه. 18/ 6 استطعت بعد جهود كبيرة أن أقنع الملك بأن يفرض اللباس الموحد على كل العاملين في المملكة ، لكي نتمكن أنا و شريكي من بيع الأقمشة المخزنة في مسـتودعات المعمل ، و أجـــاز لنا بشـــكل خــاص ّ تصـديـــــر منتجاتنا إلى مملكة ( سوكاريا )المجاورة . 20/ 8 شاركت أحد الولاة المقربين من الملك على معمل لتعبئة مياه الينابيع ، و حتى نستطيع تصريف منتجاتنا من المياه المعبأة بزجاجات ، قمنا بقطع المياه عن جميع مدن المملكة بالتناوب ، خاصة أننا في شهر آب الحار . 22/9 أسست مع اثنين من الوزراء معملا ً لإنتاج المياه الغازية ( الكازوز ) . 2/10 اشـــــتريت ثلاثمائة ســـــهم في شـركة لإنتاج محارم ورقية ، و قد قال صهر الملك ( و هو أحد المساهمين ) في حفل تدشين الشركة : إننا ، غيرة منا على راحة أبناء المملكة ، و نظراً لازدياد الحاجة إلى محارم الورق الناجمة عن انقطاع المياه ، قرّرنا افتتاح هذه الشركة لإنتاج محارم الورق . 3/ 2 أسست مع ثلاثة من أمراء الجيش شبكة من خطوط النقل البري تغطي أنحاء المملكة ، مما أدى إلى إفلاس شركة النقل العام . 18/ 7 بعد أن اقتنع رئيس الوزراء بأن مصلحة البلد تقتضي عدم الوقوف في وجه مشاريعي، وافق على أن يفاتح الملك بموضوع استيراد بعض الأجهزة الكهربائية. 20 /7 وافق الملك على استيراد المواد و الأجهزة الكهربائية بشرط أن يدفع لبيت المال ربع قيمتها على شكل نقود ذهبية ، و بعد أسبوعين تمت الصفقة مع حكومة (صفراستان ) و استوردنا ما يلي : - مولدات كهربائية على المازوت عدد 500000 - مولدات كهربائية على البنزين عدد 500000 - أجهزة إنارة على البطارية عدد 500000 - بطارية كبيرة عدد 500000 - بطارية وسط عدد 500000 - بطارية صغيرة عدد 500000 - معمل شمع كامل - معمل زجاج خاص بإنتاج الفوانيس و بلورات الفوانيس . و كان لا بد لنا بالطبع من أن نقوم بقطع الكهرباء عن مدن المملكة و قراها حتى نتمكن من بيع هذه المستوردات 23 /10: شــعر العامـلـــون من الصف الثاني في المملكـة بما نقوم به و بدأوا يحســــــــدوننا و يصرحون بغيرتهم على المملكة و على اقتصادها ، فسارعنا إلى القيام بإجراء يهدئ من قلقهم و يخفف من حسدهم ، فأصدرنا قانونا ً يسمح لهم بمصادرة البضائع غير النظامية الموجودة لدى بعض الناس ليبيعوها إلى الناس الآخرين بسعر غير محدد ، و كفلنا لهم أن الدرك و الرقابة التموينية لن تتعرض لهم . 21/ 11: منحتُ شهادة دكتوراة فخرية في الاقتصاد . 22/ 6: عينتُ مستشارا ً خاصا ً لدى وزارة الداخلية . 25/ 6 : عـُيّـنتُ مندوبا ً تجاريـــا ً دائما ً للمملكة لدى كل ّ مـــــــن مملكــــــة ( طيرناقيا ) و( سلوكاريا ) و ( أوتاســي ) و ( هيلابوتامي ) و ( الاتحاد الملكي الكلوراتشي ) و ( إمارة بو عنيدان المستقلة ) . 27/ 7 : جمعت كل أموالي المنقولة و أرصدتي المالية من أسهم و سندات و شيكات سياحية في بنـــــــك ويذاوت مايند ( With out mind) و بنـــــــــــــــك ذا إيمبتي هارت (The empty hart ) و بنك ذا هانغري آي (The hangry eye ) . 22/ 8 : سجلت ابني الصغير في كلية الشريعة ، جامعة كيل ذ مين (Kill the men ) 29/ 6 : هذا هو عيد ميلادي الستين ، و قد قررت أن أحج إلى بيت الله الحرام ، و عزمت على السفر بعد ثلاثة أيام .
الاتفاق اللبناني في الدوحة... ومنظومة الأمن الإقليميّة
سمير العيطة *
كيف اتفقوا؟ أفعلاً صدّقوا يافطات اللبنانيين التي زُرِعَت مودّعةً على طريق المطار: "إذا ما اتفقتوا لا ترجعوا!". وفعلاً، اتفقوا وعادوا، مع سؤالٍ ملحّ يطرحه كلّ اللبنانيين الذي خرجوا يتنفّسون الصعداء بعد أزمةٍ طالت رحاها: ما قيمة اتفاق الدوحة؟ وكم من الوقت سيثبت؟ هناك الكثير من التشكيك، بل من المتوقّع أن يكون الاتفاق هو فقط هدنةً قبل انفجارٍ كبير، في أزمةٍ زادت حدّة تشنّجاتها الطائفيّة مع التطوّر السريع للأحداث الذي أوصل إليه. هذا مُمكِن إذا اعتمدنا القراءة الطائفيّة اللبنانيّة للأمور على أنّها الأساس، ومُستَبعَداً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار "سقوط" ساسة الطوائف اللبنانيّة شعبيّاً ، والقناعة التي ترسّخت هناك بـ"عمالتهم" للخارج من ناحية، والمغزى الحقيقي لاتفاق الدوحة لجهة النزاعات الإقليميّة والدوليّة، من ناحية أخرى. ففعلاً، ما يشدّ الانتباه ليس هو لماذا انفجرت الأوضاع هناك، بل كيف ولماذا تمّ الحلّ بهذه السرعة ودون أن تعرقله إحدى الأطراف الإقليميّة والدوليّة، خاصّةً تلك التي يُعتبر الاتفاق بحدّ ذاته "هزيمةً لها"؟ ولماذا تمّ الحلّ برعاية دولة قطر بالذات؟ المفتاح الأوّل لمحاولة الإجابة هو ربط التأزّم اللبناني الحالي مع أسباب نشأته. إنّه الغزو الأمريكي للعراق، الذي أطاح بالتفاهم السعودي الأمريكي السوري الذي كان قائماً على إدارة أمور لبنان لإخراجه من الحرب الأهليّة، والذي فتح "صندوق باندورا" أمام مستقبل لا العراق وحده، بل أيضاً لبنان وسورية ومعهما إيران ودولٌ عربيّة أخرى. فلا بدّ هنا من ملاحظة أنّ اتفاق الدوحة، ولو كان هدنةً حتّى انتخابات تشريعيّة لبنانيّة قادمة، سيوقف مشروع الإدارة الأمريكيّة لكسب إنجازٍ في لبنان، مقابل الفشل العراقي، بانتظار الإدارة الأمريكيّة المقبلة والطريقة التي ستحاول معها الخروج من "الورطة" العراقيّة بالتعاون حتميّاً مع القوى الإقليميّة النافذة. هكذا يمكن للبنان أن يسترِح حتّى اتضاح الصورة الإقليميّة المستقبليّة والسياسات الأمريكيّة الجديدة في العراق. أمّا المفتاح الثاني فيتعلّق بتعريف طرفين إقليميين متنازعين رئيسين، السعوديّة وإيران، لمصالحهم "الأمنيّة" الأساسيّة. فما تخشاه السعوديّة قبل كلّ شيء، ودولٌ خليجيّة عربيّة أخرى، هو "دولة شيعيّة عربيّة" في جنوب العراق وتداعيات ذلك على أوضاعها الداخليّة. في حين ما تخشاه إيران، وتشاركها في ذلك تركيا وسورية، هو "الدولة الكرديّة" في شمال العراق، وتداعيات ذلك على وحدة أراضي هذه البلدان. ويطيح هذا الاختلاف في المصالح الأمنيّة الأساسيّة بمفهوم "الأمن القومي العربي"، ويفتح المجال لتحالفات جد مختلفة لدرء المخاطر. فالسعوديّة قد أقرّت ضمن مجلس التعاون الخليجي مبدأ تشييد درعٍ صاروخيّ - الذي سيديره الجيش الأمريكي على الأغلب مباشرةً على غرار الدرع الصاروخي الموجّه نحو روسيا - في مواجهة الخطر الإيراني. أمّا إيران، فقد عزّزت تحالفها مع سورية بآخرٍ مع... تركيا، وهي المعنيّة الأولى بالمخاطر التي تطرحها "دولة كردستان العراق" على وحدة أراضيها، خاصّةً مع التعاطف الأوروبي، والفرنسي بشكلٍ خاصّ، مع الحلم القومي الكردي. ويمكن الملاحظة أنّه في الحالتين، لا يتعلّق الأمر بصراعٍ أساسه مذهبيّ سنيّ-شيعيّ، وإن أخذ هذا المنحى خطابياً وتهييجاً للشعوب، بل بمنطق الدول ووحدة كياناتها. وأمام هاتين النظرتين المتناقضتين حالياً "للأمن"، لا يوجد من حلّ على المدى المتوسّط إلاّ مع إعادة القوّة للدولة المركزيّة في العراق، مع أخذ كلّ أطياف الشعب العراقي، بمن فيهم الأكراد، دورهم الكامل فيها. وهنا يأتي دور دولة قطر، مع العلاقات الجيّدة التي تحتفظ بها مع السعوديّة (والولايات المتّحدة) وإيران، على السواء، في ضرورة تهدئة النزاع في لبنان والعمل على إعادة بناء لحمته، كمقدّمة لتوافقٍ أصعب لمساعدة العراق على إعادة بناء لحمة دولته الموحّدة. المفتاح الثالث هو وضع إسرائيل الآني والاستراتيجي. إذ أنّ تجربة حرب 2006 ضدّ حزب الله ولبنان، قد وضع قطّاع غزّة في أولويّة "الأمن القومي" الإسرائيلي. وبقيت الدولة العبريّة بانتظار أن تتعلّم حماس من التجربة اللبنانيّة، وتخلق عناصر رادعة للمغامرات العسكريّة مع بضعة مئات من الصواريخ تستطيع الوصول إلى العمق. المسألة فقط مسألة وقت. وليس لإسرائيل الكثير من الخيارات كي تقلب الطاولة. بل ليس أكيداً لها أنّها تستطيع الاعتماد على مصر لدرء هذا الخطر "الوجودي" عليها، ولا حتّى على اتفاقٍ مع سلطة محمود عبّاس للتهدئة وكسب مرحلة. ومن هنا ينشأ الاعتقاد من أنّ التوجّه الإسرائيلي نحو عمليّة سلامٍ مع سورية، بل إلى ربط المسارين السوري والفلسطيني، هو أمرٌ حيويّ لها، ولكن عبر شريكٍ يمكن أن تثق به أكثر من الفكر "المغامر" للإدارة الأمريكيّة الحاليّة: أي بالذات... تركيا. ومن هنا يمكن قراءة لماذا لم تحرّك إسرائيل ساكناً خلال انفجار الأزمة في لبنان، بل ربّما هي هدّأت من نزعة الإدارة الأمريكيّة لاستعمال القوّة فيها، أو على الأقلّ شجّعتها لدفع الأطراف التي تدعمها الإدارة الأمريكيّة بالقبول بالحلّ. المفتاح الرابع هو الجماعات الأصوليّة القتالية المرتبطة بتنظيم القاعدة، التي تستخدمها جميع الأطراف ضمن لعبة المصالح الأمنيّة. فاستخدام هذه الجماعات شيء، والانتهاء بالظهور أنها الحليف الرئيسي شيء آخر ، خاصة وأنه لا يمكن لأيّ جهة ضبطها بشكلٍ فعليّ، ولا يمكن لأيٍّ
كان ضبط الأمور عندما تنفلت من عقالها. هكذا اضطرّ كلّ اللاعبين الإقليميين والدوليين إلى حسم قرارهم في أنّ الحلّ ضروريّ منذ اليوم الأوّل للأحداث في لبنان، إذ بعض بضعة ساعات، لم يبقَ للولايات المتحدة سوى الظهور في حلفٍ مع هذه الجماعات الأصوليّة القتالية، ما لا يمكن احتماله. خاصّةً وأنّ الطرف الآخر قد أبرز "عقلانيّته" في عدم أخذ مكاسب غير مقبولة من انتصاره. تدفع هذه المفاتيح إلى الاعتقاد بأن اتفاق الدوحة سيصمد في لبنان، ليتيح فرصة لأهلها في إعادة ترميم الدولة ما أمكن. وسيتيح هذا الصمود للاعبين الإقليميين التقدّم في مراجعة مصالحهم الأمنيّة الأساسيّة: إذ لا أمن للخليج دون توافق سعوديّ إيراني، ولا أمن لإسرائيل إلاّ بسلامٍ عادلٍ مع سورية والفلسطينيين معاً، ولا أمن عربيّ قوميّ مشترك اليوم دون إعادة تشييد وتقوية الدولة المركزيّة في العراق... وهذا لن يتمّ دون إيران وتركيا.
* اقتصادي، رئيس تحرير النشرة العربية من لوموند ديبلوماتيك ورئيس مجلس إدارة موقع مفهوم A Concept ; mafhoum, http://www.mafhoum.com
” إن الاشتراكية ، بوصفها مذهباً تستمد جذورها من العلاقات الاقتصادية الراهنة كشأن النضال الطبقي البروليتاري سواء بسواء ، وأنها كالنضال الطبقي البروليتاري تنبثق من النضال ضد ما تسببه الرأسمالية للجماهير من فقر وبؤس. غير أن الاشتراكية والنضال الطبقي ينبثقان أحدهما إلى جانب الآخر. إنهما ينبثقان من مقدمات مختلفة . فالوعي الاشتراكي الحديث لا يمكنه أن ينبثق إلا على أساس معارف علمية عميقة . وبالفعل إن العلم الاقتصادي الحديث هو شرط من شروط الإنتاج الاشتراكي socialist ، شأنه مثلاً ، شأن التكنيك الحديث سواء بسواء ، والحال أن البروليتاريا ، بالرغم من كل رغبتها ، لا تستطيع أن تخلق لا هذا ولا ذاك ، فكلاهما ينشأ من التطور الاجتماعي الحديث . هذا وأن العلم ليس بيد البروليتاريا ، بل بيد المثقفين البورجوازيين : فالاشتراكية الحديثة نفسها قد انبثقت هي أيضاً في رؤوس بعض أعضاء هذه الفئة ، وقد نقلها هؤلاء إلى أكثر البروليتاريين تطوراً من الناحية الفكرية ، الذين أخذوا بعد ذلك يدخلونها في نضال البروليتاريا الطبقي حيث تسمح الظروف . وعلى ذلك كان الوعي الاشتراكي عنصراً يؤخذ من الخارج وينقل إلى نضال البروليتاريا الطبقي ، لا شيئاً ينبثق منه بصورة عفوية ” لينين ”ما العمل؟“ نقلاً عن كارل كاو تسكي (قورنت الترجمة مع النص الإنكليزي- المحرر)
جنون في أسواق النفط أومبرتو ماركيز يبدو أن سوق النفط العالمية هجرت قوانين العرض والطلب لتخضع لأحكام علم النفس، وسط توقعات بأن يصل سعر البرميل إلي 200 دولار. فقد صرح الليبي عبد الله البدري، أمين عام منظمة الدول المصدرة للنفط في كيتو "الحقيقة أنها سوقا مجنونة.. تعيش في حالة لا علاقة لها بالعرض والطلب". وشرح وزير النفط الفنزويلي رفائيل داميريث أن "السعر يرتفع بسبب المضاربات، وانخفاض قيمة الدولار، والتضخم العالمي". أما وزير النفط السعودي علي النعيمي، فقد عقب أن "الزيادة المتواصلة في الأسعار غير متوقعة وغير مرغوب فيها لا من المنتجين ولا من المستهلكين"، وأعزاها "عوامل مختلفة عن أسس العرض والطلب". ومن ناحيته، قال فيكتور شوم من المكتب الاستشاري الأمريكي "برفن آند غيرتز" أن أحكام "علم النفس تنتصر علي قوانين السوق" [عقلية المضاربة] شارحا أن "هناك أموال تبحث عن أرباح تفوق ما تقدمه الأسهم والسندات، وهو ما يتيحه النفط". وذكرت مؤسسة الوساطة المالية البريطانية "سكدين" أن الأسعار "ترتفع بواعز من القلق حيال عرض البنزين قبل موسم حركة السفر المكثفة بالسيارات في الولايات المتحدة، والطلب المتزايد من الصين لرفع مخزونها قبل الألعاب الأولمبية وبعد الزلزال". كما قال خوسيه تورو، المدير السابق بمؤسسة النفط الفنزويلية العامة لـ "انتر برس سيرفس" أن "المضاربة بالزيادة عادة ما تتحول إلي نبوءة تحقق نفسها بنفسها. الناس تعتقد أن السعر سيرتفع حقيقة، فتتهافت على الشراء". هذا ولقد أعلن المسئول الاقتصادي بالحكومة الألمانية أوتو هاندليز أن الأسعار قد تبلغ 150 أو 200 دولار في غضون شهور. أتساؤل إذا كانت هناك وسيلة ما للتحكم في ذلك، فمنظمة الدول المصدرة للنفط ترفض رفع الإنتاج". جاء هذا التصريح ليضاف إلي موجة عارمة من التوقعات في هذا الاتجاه بين الدوائر المالية وأخصائيي الطاقة والمؤسسات السياسية والاقتصادية العامة والخاصة في مختلف أنحاء العالم. * فلنناضل من أجل الحريات السياسية العامة، ومن أجل إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي في السجون وفي المحاكم. * فلنناضل من أجل بناء أوسع تيار وطني- ديمقراطي تقدمي * نرفض زيادة الأسعار ونطالب بضبط السوق المنفلت!
الموقع الفرعي في الحوار المتمدن: htt://www.ahewar.org/m.asp?i=1715
#تجمع_اليسار_الماركسي_في_سورية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طريق اليسار - العدد الرابع: أيار 2008
-
جدل مجلة فكرية- سياسية – ثقافية العدد 2 : نيسان 2008
-
طريق اليسار - العدد الثالث: نيسان 2008
-
طريق اليسار العدد 2 : شباط 2008
-
طريق اليسار جريدة سياسية - العدد الأول : أواسط كانون الأول 2
...
-
جدل - مجلة فكرية- ثقافية- سياسية : العدد الأول: أواسط كانون
...
-
بيان عن أعمال اجتماع القيادة المركزية لتجمع اليسار الماركسي
...
-
بيان
-
الوثيقة التأسيسية
-
بيان اعلان تجمع اليسار الماركسي في سوريا - تيم
المزيد.....
-
-خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
-
الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
-
ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات
...
-
إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار
...
-
قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
-
دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح
...
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
-
مدفيديف: لم نخطط لزيادة طويلة الأجل في الإنفاق العسكري في ظل
...
-
القوات الروسية تشن هجوما على بلدة رازدولنوي في جمهورية دونيت
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|