لا يسع المتابع للأوضاع التربوية والتعليمية في لبنان، إلا أن يرى أن سياسة الدولة اللبنانية منذ الاستقلال المزعوم حتى اليوم، كانت ولا تزال تقوم على أساس أن النظام التربوي يجب أن يبنى على قواعد طائفية ومذهبية، وبنفس الوقت طبقية. ففي حين كان القطاع التربوي الخاص بكافة مراحله يتقدم ويتعزز ويدعم، كان القطاع التربوي العام يتقهقر ويضرب، إذ أننا لا نحتاج إلى قوة إدراك فائقة لنلاحظ الفرق بين القطاعين، فالمدارس الخاصة مثلاً تقدم لها كل التسهيلات، خاصة إذا كانت مدارس تابعة لطائفة ما أو لمذهب ما، على الرغم من أن تكاليف الدراسة فيها تفوق قدرة الشرائح الاجتماعية الدنيا داخل الطوائف نفسها. وإذا كان ثمة مدارس تقدم مساعدات أو تسهيلات لأبناء هذه الشرائح، فهي لا تغطي إلا جزءاً بسيطاً بحيث تعطي انطباعاً لدى هذه الشرائح أن المؤسسات التي تقف خلفها هي مؤسسات إنسانية تساعد الفقراء والمحتاجين، مما يساهم في إبقاء هذه الشرائح مرتبطةً عضوياً بطوائفها بدل أن تعي أنها تنتمي إلى طبقة واحدة مسحوقة. أما بالنسبة لمدارس القطاع العام، أو ما يعرف بالمدارس الرسمية، فحدث ولا حرج، إذ أنه من المعلوم والواضح عدم اهتمام الدولة اللبنانية، وذلك عبر العهود والحكومات كافة، بتعزيزها أو دعمها وذلك بشكل أساسي عبر تخفيض موازنة وزارة التربية بشكل دؤوب، ما يؤثر سلباً على تأمين بيئة سليمة للطلاب في المدارس الرسمية، فلا اهتمام بالأبنية ولا بتطوير المختبرات أو حتى إيجادها، عداك عن الاستمرار بانتقاص حقوق المعلمين. على كل حال، لا مجال هنا للدخول في مشاكل التعليم الرسمي كافة لأن الأمر يحتاج إلى مجلدات لتغطيته بشكل كامل.
أما في ما يخص مراحل التعليم العالي، فالمصيبة أكبر ويمكن وصفها بالكارثة، إذ أننا نشهد بوضوح تشريع أوضاع وترخيص لما يسمى جامعات خاصة أخذت تنمو كالفطر خلال السنوات القليلة الماضية ولا زالت، كما نشهد أيضاً إعطاء تراخيص لكليات جديدة لجامعات خاصة موجودة، وكل ذلك مع الأخذ بعين الاعتبار التسهيلات المقدمة إلى هذه الجامعات عملاً بالتعليمات التي يفرضها النظام الرأسمالي الجديد (القديم بالنسبة لمن يحللون وفقاً للمنهج الماركسي) المسمى النيوليبرالية. وهذا الوضع يؤدي طبعاً إلى هبوط مستوى التعليم في هذه الجامعات التي أصبحت كالدكاكين التي تتنافس على سوق حجمه أقل بكثير من قدرتها الاستيعابية. أما بالنسبة للتعليم العالي الرسمي والمتمثل طبعاً بالجامعة اللبنانية، فالوضع أشد سوءاً من وضع المدارس. هذه الجامعة التي قامت ونشأت بفعل نضالات شتى شعبية وطالبية، أصبح اليوم وضعها يزداد تدهوراً، فالموازنات المخصصة لها تتلاشى سنة فسنة، وهذا طبعاً أمرٌ مقصود لأن المطلوب إلغاء كل ما له علاقة بالقطاع العام وبيعه للقطاع الخاص. ولا يقتصر الأمر على تقليص موازنة الجامعة اللبنانية، بل أيضاً على ضرب استقلاليتها التي اكتسبتها عبر السنين بفضل نضالات عديدة سنأتي على ذكرها لاحقاً.
إن سياسة إضعاف القطاع التعليمي الرسمي ليست إلا إحدى الوسائل التي تعتمدها الدولة التي تمثل الطبقة الحاكمة من أجل إلغاء كل التقديمات الاجتماعية التي اضطرت للتنازل عنها بفعل ضغط المد الشعبي بعد حرب حزيران 67 والذي استمر حتى منتصف السبعينيات من القرن الماضي، حيث نجحت بلجم ذاك المد عبر تأجيج الحرب الأهلية وشرذمة الجماهير الكادحة التي كانت قد بدأت تعي واقعها وتثور ضده.
إن القطاع التعليمي الرسمي كان ولا يزال السبيل الوحيد أمام الطبقات الكادحة والوسطى من أجل التعلم والتقدم كما من أجل خلق ثقافة بديلة عن ثقافة الطبقة الحاكمة التي هي أيضاً ثقافة الإمبريالية والنيوليبرالية.
الحركة الطلابية في ظل هذا الواقع
1-الحركة الطلابية قبل الحرب الأهلية
لعب الطلاب في لبنان دوراً أساسياً في النضالات الشعبية ضد التسلط والفساد وهدر الثروات وقمع الحريات منذ بداية الستينيات من القرن الماضي. ففي العام 1960 توحدت الحركة الطالبية بانضمام الجامعات الأربع (اللبنانية، الأميركية، اليسوعية والعربية) وسواها من الكليات إلى الاتحاد الوطني للطلاب الجامعيين وقد "شكل هذا الحدث تطوراً في وعي القوى الطالبية من جراء انفتاح الجامعات على بعضها وما رافق ذلك من تعارف وتصافي ومشاركة في نفس الاهتمامات والتطلعات" على حد تعبير أحد مؤسسي هذا الاتحاد الدكتور صادر يونس. وقد تطورت تلك الحـركة بسـرعة واحتـلت مركز الطليعة في قيادة الاحتجاجات والمظاهرات في تلك الفـترة، وغـدا الطلاب أسيـاد الشـارع وأداة ضغـط مرهـوبة الجـانب. لكن "القوى المضـادة" كما يدعـوها الدكـتور يـونس نفسـه "تمكـنت في عام 1964 من فرط عقد اتحاد الطلاب وإعادة توزيعـه على الجـامعات روابـط مسـتقـلة".
لكن الحركة الطلابية استطاعت استعادة زمام المبادرة عام 1970، وذلك بعد عدة سنوات من التحركات المتأثرة بهزيمة 1967 وبصعود الحركة الشبابية في العالم وخاصة في أيار 68 في فرنسا. وقد تمظهرت استعادة زمام المبادرة تلك بتأسيس الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية الذي ضم كافة أجنحة الحركة الطلابية من يمين ويسار، وقد شكل هذا الاتحاد قوة دفع أساسية للحركة المطلبية بمستوياتها كافة، إذ كان الطلاب، بالإضافة إلى التحركات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية الأخرى والقضايا الوطنية والقومية وقضايا الحريات، الخ... . ولقد كانت النضالات والتظاهرات الشعبية والطلابية أحد أهم العناصر المساهمة في تطوير القطاع التربوي الرسمي. فكليات الجامعة اللبنانية التي أسست في تلك الفترة لم تكن لتولد إلا بعد عدة إضرابات وتظاهرات أدت إلى اعتقالات وسقوط جرحى بين الطلاب.
استطاعت الحركة الطلابية تحت تأثير المد الشعبي الذي كان سائداً في تلك الفترة من حياة لبنان والمنطقة، أن توحد صفوفها بغض النظر عن الخلافات السياسية بين يمين ويسار وقضايا قومية وغيرها. واستطاع الطلاب أن يصبحوا أسياد الشارع كما سبق وذكرنا، فحصلوا على عدة مكاسب نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، تطبيق قانون المشاركة الذي ينص على مشاركة الطلاب في إدارة الجامعة والمعاهد والكليات وتعميق مضمونه الديمقراطي الأساسي، والضمان الصحي للطلاب الجامعيين الذي خفف إلى حد كبير الأعباء المالية التي كان يتحملها الطالب الجامعي للمعالجة، بالإضافة إلى مكسب المنح الوطنية التي كانت تساعد الكثير من الطلاب أبناء الطبقات الكادحة على تحمل أعباء مواصلة الدراسة الجامعية. وتوصلت تلك الحركة بفعل طليعيتها إلى عقد مؤتمر تربوي وطني في أواسط آب 1973، وقد جمع ذلك المؤتمر فصائل الحركة الطلابية كافة بالإضافة إلى قطاعات أخرى من الحركة التعليمية، وقد عقد المؤتمر تحت شعارات "ديمقراطية التعليم" و"الحريات النقابية الديمقراطية" و"توحيد كل القوى لمواجهة سياسة الدولة التربوية"، كما ساهم بتعزيز الروابط بين الطلاب في القطاعين الرسمي والخاص بحيث انبثقت عنه لجنة متابعة تمثل الاتحادات والروابط الجامعية كافة التي قررت التحرك بالتكافل والتضامن تحت الشعارات السابق ذكرها. لكن الدولة اجتزأت مطالب المؤتمر ولم تحققها بأكملها، وبقيت معظم المطالب عالقة مما أدى إلى تصعيد التحركات وتكثيف المظاهرات التي أدت إلى اعتقالات وإصابات طالت اليمين كما اليسار داخل الحركة الطلابية. باختصار إذاً، نستطيع القول أنه في تلك الفترة كانت ثمة بوادر جدية جداً لإطلاق عملية واسعة لتغييرٍ جذري داخل النظام اللبناني وعلى المستويات كافة، لكن القوى المعادية كانت بالمرصاد، وكان اليسار كعادته دوماً غارقاً في خلافاته، في حين استطاع اليمين إعادة توحيد قواه فاستعاد السيطرة على قيادة الاتحاد في نفس الوقت الذي كانت قد بدأت تنضج ظروف انفجار الأزمة السياسية – الاجتماعية في لبنان، هذه الأزمة التي انعكست سلباً على الحركة الطلابية، التي غدت صورة طبق الأصل عن القوى السياسية الغارقة في خلافاتها وصراعاتها، وبدأت تلك الخلافات تطغى على القضايا المطلبية الخاصة بالطلاب على الرغم من أن هذه القضايا يُفترَض أن تُوحِّد لا تُفرِّق. وكانت ذروة الخلاف بعد التحركات والمظاهرات التي حصلت في أوائل ربيع العام 1974، والتي أطلقت عليها بعض الصحف حينها اسم "ربيع بيروت" تيمناً بربيع براغ، نظراً إلى العنف الذي اتسمت به. لكن نتيجة تلك التحركات انعكست سلباً على الطلاب واتهموا بالشغب مما أضعف قضيتهم أمام الرأي العام وبدأت أجنحة الحركة بتبادل التهم بإضعاف التحرك، فكان اليسار يتهم اليمين، الذي كان في قيادة الاتحاد، بمحاباة وزير التربية الكتائبي إدمون رزق، في حين أن اليمين كان يتهم اليسار بـ "مسايرة" وزير الداخلية عضو جبهة النضال بهيج تقي الدين. واستمرت التحركات الطلابية طيلة عام 1974 لكن المطالب المحققة كانت تتقلص، إذ تمكنت السلطة من استيعاب الحركة بواسطة الخلافات السياسية بين أطرافها، وكانت ظروف الانفجار قد نضجت كما سبق وذكرنا.
2- مرحلة الحرب الأهلية:
انفجرت الحرب الأهلية في لبنان عام 1975، وانفجرت معها كل إمكانيات العمل الموحد من أجل التغيير الذي كان ينشده الشعب اللبناني بطبقاته الكادحة على الأخص، فكانت القوى المتصارعة تحاول فرض رؤيتها هي للبنان على غيرها، وانجرفت الحركة الطلابية في أتون الحرب وزاد الانقسام داخلها واستغلت القوى المختلفة، وخاصة قوى البرجوازية المسيحية داخل اليمين اللبناني، الوضع الأمني والانقسام الجغرافي والديموغرافي الذي كانت قد بدأت تظهر ملامحه، لفرض أمر واقع داخل الجامعة اللبنانية تمثل بإنشاء الفروع الثانية، الأمر الذي كرس نهائياً انقسام الحركة الطلابية وتلاشي بعض فصائلها التي كانت ذات طابع مستقل إلى حدٍ ما عن القوى السياسية الأساسية في البلد، عنينا تحديداً حركة الوعي.
كان العام 1975 آخر عام يمر على الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية، وكان اليسار قد استعاد قيادة هذا الأخير، إلا أن الخلافات والانقسامات كانت قد وصلت إلى حد لم تعد تحل كما من قبل في اجتماعات، وأتت تظاهرة تأييد الجيش بعد أحداث صيدا عام 1975 لتوجه الضربة القاصمة للاتحاد، فتحولت الحركة الطلابية إلى حركات ومنظمات تابعة لمختلف القوى السياسية. وفي عام 1977 أنشئت الفروع الثانية وكُرِّس هذا الواقع على الرغم من ردود الفعل والضجة التي أثيرت حول الموضوع، ثم أتت أيضاً فروع المناطق لتزيد الانقسام والطين بلة.
لقد كانت مرحلة الحرب الأهلية مرحلة قاتلة لما كان يمكن أن تحققه مرحلة بداية السبعينيات، ونستطيع القول أن أحد أهم الأسباب لاندلاعها، كان الخوف من أن يحصل التغيير الفعلي لتركيبة البلد ونظامه.
3-مرحلة ما بعد الحرب
لا يمكن فصل مرحلة ما بعد الحرب عن المرحلة التي سبقتها، لأنها استمرار لها ولنتائجها. لقد ازداد تشرذم الطلاب وضعفت منظماتهم التي فقدت استقلاليتها بشكل كامل، وانعكس الواقع الطائفي الذي كُرِّس من خلال اتفاق الطائف، على الطلاب ومنظماتهم فأصبحت تلك التابعة لأحزاب وقوى طائفية تمسك بالقرار داخل كليات الجامعة اللبنانية، في حين أن المنظمات التابعة لأحزاب غير طائفية أخذت تتآكل كأحزابها. وأصبحت قضايا الجامعة والنظام التربوي من النقاط الأخيرة في برامج تحرك تلك المنظمات، فالقضايا الكبرى الوطنية والقومية والإنسانية ما زالت تحرك الطلاب والشباب، إذ أنه كان لهؤلاء الدور الأبرز في الاعتصام المفتوح في ساحة الشهداء استنكاراً للمجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني وفي التظاهرات التي انطلقت منه وإليه، كما في التظاهرات التي انطلقت ضد الحرب على العراق، إلا أن هذه التحركات تبقى من أجل قضايا سياسية لا تخص الطلاب وحدهم ويمكن أن يختلفوا حولها، في حين أن قضايا الجامعة والنظام التربوي هي السبيل الوحيد لإعادة توحيد الحركة بأجنحتها كافةً.
هذا الواقع المذري، يساهم مساهمة كبيرة في الانهيار الذي تشهده الجامعة اللبنانية، ففي حين أن الحركة الطلابية كانت رأس الحربة في التحركات التي أدت إلى تعزيز هذه الجامعة وأصبحت خط الدفاع الأول عنها، نجدها اليوم لا تقوى حتى على تقديم الدعم اللازم للفصيل الأبرز اليوم داخل الحركة التعليمية، عنينا الأساتذة الجامعيين، إذ أصبح هؤلاء يمثلون خط الدفاع الأخير عن الجامعة واستقلاليتها ووجودها، لأن الهجمة عليها ما زالت مستمرة بكافة الأشكال، إن من حيث تقليص الموازنة الخاصة بها، مع ما يعنيه ذلك من التضييق على الأساتذة ومكاسبهم، أو من حيث ترخيص وتشريع جامعات خاصة لا تبغي سوى الربح.
إن التظاهرة الأخيرة التي دعت إليها رابطة الأساتذة المتفرغين والتي شارك فيها الطلاب من المناطق اللبنانية كافة وبأعدادٍ لم يسبق لها مثيل، والتحركات التي تلتها، لا سيما الاعتصام الطلابي المفتوح في مدخل مبنى الإدارة المركزية للجامعة اللبنانية، هي بصيص أمل لإعادة إحياء الحركة الطلابية، اللهم إذا وعى الطلاب أنهم وحدهم الذين يستطيعون فرض تغيير في السياسة التعليمية للدولة اللبنانية، وذلك على الرغم من إجماع معظم الرأي العام اللبناني على أن دافع الطلاب الأبرز للتحرك هو الخوف من أن يفقدوا سنة تعليمية من حياتهم.
أما بالنسبة للطلاب في الجامعات الخاصة، الكبرى والعريقة منها على الأخص، فعلى الرغم من قوى تمثلهم داخل تلك الجامعات إلا أنها تبقى ضعيفة وغير مؤثرة ولا نسمع عنها إلا في انتخابات الهيئات الطلابية، ولا نرى أي اهتمام بقضايا تربوية تهم البلد ككل، على عكس ما كان يجري في السبعينيات من القرن الماضي حيث كان طلاب هذه الجامعات ينزلون جنباً إلى جنب مع طلاب الجامعة اللبنانية للمطالبة بتعزيز التعليم الرسمي وإنشاء نظام تربوي متقدم للبلد. لقد أدى انقسام اليسار بشكل عام وضعفه إلى ضرب بعض المحاولات، التي كانت تحصل منذ منتصف التسعينيات حتى يومنا هذا، من أجل تشكيل إطار عام يجمع المجموعات التي ترفع لواء اليسار داخل الجامعات الخاصة، وذلك بالرغم من استقلالية تلك المجموعات عن ما يسمى بالأحزاب اليسارية، إلا أن الخلافات المستفحلة داخل اليسار قد أثرت بشكل أو بآخر عليها.
لآجل صعود جديد للحركة الطلابية
إن الجامعة اللبنانية كانت وستبقى الباب الأوحد للولوج إلى خلق ثقافة وطنية موحدة تجمع وتؤسس لوطن ديمقراطي متقدم ينبذ الطائفية ويكون ملاذاً آمناً لأبنائه. وذلك لا يمكن أن يحصل طالما لا تزال ثمة فروع قائمة على خلفية الانقسام الطائفي الذي سببته الحرب، إذ أنه من غير الممكن الكلام عن نبذ للطائفية في ظل تواجد فروع تتقاسم السيطرة عليها كافة التيارات الطائفية في البلد، فتجربة الكليات الموحدة (كلية التربية الفنية، كلية الترجمة، كليات العلوم الطبية، الخ...) تؤكد أنه بإمكان طلاب لبنان التواجد في مكان واحد بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية والسياسية، من دون أن "يتذابحوا" كما
تدعي القوى الطائفية المسيطرة على فروع الجامعة. كما أنه لا يمكن أيضاً أن يحصل في ظل حركة طلابية مفتتة، تسيطر عليها التيارات السياسية الطائفيةز
من هنا، نرى أنه يجب على الحركة الطلابية إعادة تنظيم صفوفها حول قضايا الجامعة أولاً، وحول قضايا كبرى وطنية أو قومية أو إنسانية ثانياً وثالثاً ورابعاً... إذا أمكن ذلك. إن القضايا المتعلقة بالجامعة ومشاكل التعليم في لبنان يمكن أن توحد حولها كل القوى، وأكبر دليل على ذلك حركة الأساتذة الجامعيين التي تجمع بداخلها التيارات السياسية كافة، حول قضايا محددة لا يمكن لأحد منهم أن يكون ضدها، ناهيكم عن تجربة حملة رفع موازنة الجامعة اللبنانية إلى 6% في سنة 2000 التي جمعت معظم المنظمات الطلابية، رغم فشلها.
إن الهـم الأساسي لدى المنظمات الطلابية، المتواجدة في الجامعة اللبنانية بالأخص، يجب أن يكون إعادة إحياء الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية على أسس ديمقراطية تمثيلية تقوم على مبدأ الانتخاب الحر وليس على مبدأ توزيع
الحصص بين القوى السياسية الطائفية كما حصل عام 2000ومع ذلك حالت الخلافات السياسية الطائفية آنذاك دون استمرار تلك الصيغة الممسوخة.
أما الهم الأكبر لدى طلاب لبنان ،بشكل عام، فيجب أن يكون إعادة إحياء الاتحاد الوطني لطلاب لبنان الذي يضم بداخله، بالإضافة إلى الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية، كل القوى الطلابية من الجامعات كافة والطلاب الثانويين.
إن الوصول إلى نظام تعليمي ديمقراطي وطني لن يكون إلا عبر توحيد المناهج التعليمية وتوحيد الهيئات التمثيلية كافة في أطر واسـعة ديمقراطية.