|
الإختلاف لا يعنى بالضرورة الإلغاء
محمد الطاهر
الحوار المتمدن-العدد: 2331 - 2008 / 7 / 3 - 10:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الأساس هو الإختلاف والإستثناء هو التشابهه ، الجميع مختلفون فكريا ، ثقافيا ، دينيا ، عرقيا ، لون ، جنسية ،إهتمامات وميول ، كل إنسان لا يستطيع أن يكون إلا نفسة كل إنسان بصمة لا تتكرر فى أى إنسان آخر التطابق الكامل مستحيل ، ربما يتشابه هذا مع ذلك لكن فى النهاية الإختلاف هو السمة الظاهره الأساسية البائنة فى الإنسان والكون ، والقرآن يقول فى ذلك "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ، ولا يزالون مختلفين " سورة هوود.
والإختلاف فى المعتقدات - المعتقدات فى عمومها دينية كانت أو غير دينية - شيىء حتمى ،وإثراء الفكر من خلال أكثر من إتجاة مطلوب ، والإيمان هو أكثر شيىء مطلوب ، و فهم الدين وجوهره أهم شيىء فى كل هذا.
الجميع يعتقد أنه يمتلك الحقيقة ، أو لنقل كل فرد يؤمن بفكرة ما أو بمعتقد ما هو مقتنع كليا وجزئيا أنه بهذا إمتلك الحقيقة ، بمعنى أنى أؤمن بالإسلام فمعنى هذا أنى مؤمن بأن الأسلام هو الدين الوحيد الصحيح ، وأنت تؤمن بالليبرالية فأنت مؤمن بأن السوق الحر هو الطريق الوحيد لمستوى إقتصادى أفضل ، فلو كنت غير واثق أن الإسلام هو الدين الوحيد الصحيح ، فلماذا إذن أنا مسلم؟ ولو كنت -أنت- غير واثق أن السوق الحر هو الطريق الوحيد لمستوى إقتصادى أفضل فلماذا تؤمن بالليبرالية؟؟ ، الإيمان إذن هو أن تعتقد فى معتقد معين أو فكرة معينة بما لا يدعو للشك إطلاقا ، وعلى هذا فالإختلاف حقيقة على الجميع أن يعترف بها ويتعامل معها ، فهذا مسيحى وهذا يهودى وأنا مسلم ، وهذا ملحد وهذا ليبرالى وهذا إشتراكى ، هذا يحب شرب الشاى وهذا يحب القهوه ،هذا يحب المرأه البيضاء وهذا يحب السمراء ، الإختلاف حقيقة يجب على الجميع الإعتراف بها ،وحتى لو لم يعترفوا فلن يغير من الواقع فى شيىء.
والمشكلة تكمن التعصب والعنصرية ، فالبيض عنصريون ضد السود ، والغرب عنصرى ضد المسلمين والعرب ، والمسلمين ينظرون شذرا للغرب ، ببساطة نستطيع أن نستنتج حقيقة ثانية -بعد حقيقة الإختلاف- أن العنصرية والتعصب هى أحد نتائج الإختلاف ،صحيح ليس ضرورة أن كل إختلاف ينتج عنه عنصرية أو تعصب ،لكن لا عنصرية ولا تعصب دون إختلاف.
والمشكلة الحقيقة ليست فى الإختلاف ولا فى العنصرية والتعصب ،لكن المشكلة هى الإلغاء ، فالصدام بين العنصريين والمتعصبين المختلفين يخلق شعور لدى الطرفين أن وجود الآخر يعنى إلغائى .
الصدام بين التيارين الإسلامى والعلمانى خلق هذا الشعور لدى الطرفين ، كل طرف يرى أن وجود الآخر يلغى وجوده ، لكن هناك تيار معتدلا من الإثنين (العلمانيين والإسلاميين) ، تيار خرج من التيار الإسلامى يؤمن أن من حق الجميع أن يفكر ويعتقد حتى لو كانوا علمانيين ، والكلمة الأخير لصندوق الإنتخابات ، و تيار من العلمانيين يرى أنه لا ديمقراطية بدون تمثيل حقيقى للإسلاميين . لكن يبقى الأغلبية على الرأى القائل بإلغاء الآخر وربما العلمانيين متشددين أكثر فى هذه المنطقة ، فكما رأينا فى تركيا ومحاولات العلمانيين لكسب قضايا لحظر حزب العدالة والتنمية .
فى عام 1992 أقيمت ندوة فى مركز القاهره للدراسات الحضارية ، تحدثت الندوة عن التعددية الحزبية وكان من بين الحضور الدكتور يوسف القرضاوى وفهمى هويدى والدكتور محمد سليم العوا والمستشار طارق البشرى ومصطفى مشهور ، ولقد نقل فهمى هويدى أجزاء من هذه الندوة فى كتابة "الديمقراطية والإسلام " وأردت أن أنقل ما قالة الدكتور يوسف القرضاوى ، حتى لا يأتى من يقول أنه لا يجوز الحديث عن تمثيل علمانى فى الدولة الإسلامية. قال الدكتور القرضاوى عن التعددية الحزبية : لا ينبغى أن ننكر أن ننكر على الناس حقهم فى الإختلاف ، فهو قائم بشدة داخل الساحة الإسلامية وخارجها . ولا نستطيع أن نقبل بالتعدد فى مرحلة ثم نؤفضة فى مرحلة آخرى ، وإنما الذى أفهمه هو أنه طالما إلتزم الجميع بقطعيات الشريعة الإسلامية فضلا عن العقيدة ، فلتتعدد الأحزاب ولتختلف ، علمانية كانت أم قومية مركسية .وليتنافس الجميع لأجل الصالح العام ، وليحتكموا فى سأن السلطةإلى الإنتخاب الحر ، فإذافاز الإسلاميون فقد جنوا ثمار جهودهم ، وإذا فاز غيرهم فهم أولى وعلى الإسلاميين أن يعاودوا إقناع الناس بمشروعهم.
نستطيع الآن بكل سهولة أن نحدد مآخذ كل من التيارات على الآخر فالتيار العلمانى يأخذ على الإسلاميين ، أشياء كالمواطنة و وكنظرتهم للدولة الإسلامية والتيار الإسلامى يأخذ على التيارات العلمانية أو الماركسية معاداة -بعضهم - للدين. وإشكالية الإسلاميين حلت بأن المعتدلين منهم الآن يؤمنون بل ويطالبون بالمواطنة والدولة المدنية التى تفصل بين السلطات ، والتى تؤمن بالديمقراطية ، أما التيار الآخر فالمشكلة تقع مع المعادين للدين منهم ، فهم يرون أن المشكلة فالأساس هى فى الدين كدين ، ومن ثم الإلغاء الكامل للدين ممثل فى التيار الإسلامى ، أما العلمانيون المعتدلون وهم الأكثر ، فهم لا يرون فى الدين مشكلة لكن لهم تحفظاتهم على تطبيق الشريعه الإسلامية وهؤلاء ينظر لهم الإسلاميين على أن من حقهم وجود تمثيل لهم وهذا توضيح ماقالة الدكتور القرضاوى فى الجزء الذى نقلتة.
وإذا كنا نتحدث عن الإلتباسات بين الإسلاميين والعلمانيين على مستوى النشطاء أو النخب إلا أن المشكلة الحقيقية التى تواجه الإسلاميين والعلمانيين هى نظرت الأفراد لهم ، فغير المسلمين ينظرون للإسلاميين نظرة خيفة وتوجس من وصولهم للسلطة ، كما ينظر الأفراد للعلمانيين على أنهم معادون للدين - أى دين - ولن نتحدث كثيرا عن العلمانيين فالمسألة لا تحتاج توضيح ، فنظرة الأفراد لهم تتلخص فى أن بعضهم قدم العلمانية على أنها تعنى إضطهاد الدينيين وغلق المساجد والكنائس و شبح تجربة أتاتورك فى تركيا لازال موجود
لكن دعنى أتحدث عن إشكالية غير المسلمين مع الإسلاميين.
النظرة العامة من المواطنين غير المسلمين إتجاه أى حزب أو فصيل من الإسلاميين ، هى بالاساس نظرة خيفة وتوجس ورفض تام لوصولهم نظرا للصورة السيئة التى قدم بها المتطرفين الدولة التى لها مرجعية إسلامية ، دعنا نفرق بين الإسلاميين أنفسهم فأنت مثلا لا تستطيع أن تضع بن لادن والظواهرى والزرقاوى فى نفس البوتقة مع الإخوان المسلمين وأيضا لا تستطيع أن تضع الإخوان المسلمين مع شخص كمحمد سليم العوا أو فهمى هويدى .
كما أنك لا تستطيع أن تنكر أن هناك تطور فى فكر الإسلاميين ، فالإخوان مثلا - وإن كنا نختلف معهم - تطور فكرهم بصورة ملحوظة ، فالأستاذ البنا منع الأحزاب ودعا الجميع إلى منع التحزب ، وهم الآن ينادون بالديمقراطية ، و لهم برنامج إنتخابى ، وأنا هنا لا أدافع عن الإخوان لكن أتحدث أن هناك بالفعل تطور فى أفكار الإسلامين ومثالى كان فقط على الإخوان ،وهناك أيضا مفكرين متميزين قدموا وأسهموا كثيرا فى تجديد الفكر الإسلامى السياسى أمثال الدكتور يوسف القرضاوى والدكتور المسيرى والدكتور العوا والمستشار البشرى والمفكر فهمى هويدى وقبلهم كان الإمام محمد عبدة والإمام الغزالى رحمهم الله.
عدة إلتباسات تواجهه الإسلاميين لكن إشكالية الدولة المدنية هى أول وأهم ما يواجهه الإسلاميين والحقيقة أن الإسلاميين المعتدلين فشلوا فى أن يسوقوا فكرة الدولة الإسلامية الحديثة وأنها لا تعنى الدولة الدينية ، وفشلهم هذا جعل الجميع مقتنع أن الدولة التى تعتمد الشريعة الإسلامية مرجعية وغطاء فكرى نهائى للدولة تعنى الدولة الدينية ، والحقيقة أن الدولة الإسلامية التى تؤمن بالديمقراطية والتعدد الحزبى - كما ذكرت قبل ذلك - و الفصل بين السلطات ولا تلغى أو تضطهد غير المسلمين ، مؤكد إذن أنها ليست دولة دينية ولا تمس الدولة الدينية من قريب أو بعيد ،لكن كما قلت أن الإسلاميين ربما فشلوا فى توصيل هذه الفكرة ، وأعتقد أن السبب يكمن فى لغة الخطاب ، فهو يحتاج إلى تجديد أكثر.
-مدون مصرى
#محمد_الطاهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ردا على مقال : لا فرق بين الإسلام وغيره من الأديان
-
إشكالية العلمانيين العرب(1)
-
قليلا عن الديمقراطية
-
ردا على - إستحالة الإكتفاء بالدين الإسلامى كمصدر للأخلاق
-
لمصر أيضا حالةغريبة
-
أصحاب الوجوة القديمة
-
المواطنة والثقافة التى تحميها
-
الإنقلاب ليس ثورة والهزيمة ليس نكسة
المزيد.....
-
تردد قناة طيور الجنة كيدز 2024 نايل سات وعربسات وخطوات ضبط ا
...
-
خبيران: -سوريا الجديدة- تواجه تحديات أمنية وسط محاولات لتوظي
...
-
أردوغان يهنئ يهود تركيا بعيد حانوكا
-
“السلام عليكم.. وعليكم السلام” بكل بساطة اضبط الآن التردد ال
...
-
“صار عندنا بيبي جميل” بخطوات بسيطة اضبط الآن تردد قناة طيور
...
-
“صار عنا بيبي بحكي بو” ثبت الآن التردد الجديد 2025 لقناة طيو
...
-
هل تتخوف تل أبيب من تكوّن دولة إسلامية متطرفة في دمشق؟
-
الجهاد الاسلامي: الشعب اليمني حر ويواصل اسناده لغزة رغم حجم
...
-
الجهاد الاسلامي: اليمن سند حقيقي وجزء اساس من هذه المعركة
-
مصادر سورية: الاشتباكات تدور في مناطق تسكنها الطائفة العلوية
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|