"نعوة"
بعد ظهر يوم الثلاثاء الماضي، 20/1/2004، احتشد عدد كبير من رفاق وأصدقاء ومحبي المحامي والكاتب السوري الراحل مصباح الغفري (أبو يسار الدمشقي)، ليوارى الثرى في مقبرة قرب الضاحية الباريسية سـان دوني. وكان الغفري قد فارق الحياة فجر 16/1/2004، ونعاه موقع "الرأي" في حينه.
وقد ألقى الحضور من أبناء الوطن في الغربة النظرة الأخيرة على جثمان الفقيد, ورافقوه بأكاليل الزهور الى مثواه الأخير. وبعد أن تلقى أهله وأصدقاؤه المقربون التعازي، ألقى الدكتور سلطان أبازيد الكلمة التأبينية التالية:
أهل الفقيد، أصدقائي
فاجأنا أبو يسار برحيله، تاركاً غصة وجرحاً في قلب كل منا، وحزناً شمل جميع عارفيه ومتابعي مقاماته الأخيرة، لكن ذكراه الطيبة باقية في أعماقنا ولن تنسى.
عرف أبو يسار السجن في شبابه، وعمل في المحاماة والصحافة ومهن أخرى في أكثر من بلد عربي، حتى حطّ به الترحال للاقامة في هذا البلد منذ عام ،1984 وبقي منحازاً بعواطفه وممارسته وقلمه الى صف البسطاء والمضطهدين والساعين لمستقبل أفضل.
لذلك لم يوفر قلمه النظامَ الرسمي العربي، كاشفاً مكامن ضعفه بكل أبعادها، ومركزاً على شمولية النظام السوري وفساده. كيف لا.. ولم تمرّ فترة علينا في تاريخنا العربي الحديث، كان فيها النظام الرسمي العربي بمثل هذه الخفة في ميزان العلاقات الدولية.
فشلال الدم الفلسطيني لم ينقطع أمام ناظرينا، والاحتلال المباشر لأرضنا أصبح احتلالين، وتعددت جنسياته وأشكاله، بحيث اندفع بعض الهامشيين لاتخاذه ملاذاً من ظلم وقمع ذوي القربى.
لقد منحنا النظام السوري حقّ العودة على نفقته في تابوت، مع بعض الاستثناءات...
لكن أبو يسار تمنى العودة إلى سورية وقد وطدت لحمتها الوطنية، وردت المظالم لأهلها، ورفعت حالة الطوارىء والمحاكم الاستثنائية، ولم يعد هناك حزب يحتكر السلطة الى الأبد ويرفض تداولها السلمي
في ظل سيادة القانون.
ماكان يحلم به أبو يسار، هو حلم الأكثرية الصامتة من شعبنا، وحلم جميع الوطنيين الشرفاء داخل الوطن وخارجه.
لأهله الصبر والسلوان، ولمحبيه السعي لتحقيق جزء من أحلامه،
وله عاطر الذكرى في قلوبنا.