مجلة الحرية
الحوار المتمدن-العدد: 2334 - 2008 / 7 / 6 - 05:54
المحور:
الصحافة والاعلام
حميد لفته
اللغة العربية لغة غنية في المعنى المضمر والمتواري خلف الحروف تبهر من يحاورا ويفكك أو يركب حروفها ضمن مفردات الكلمة الواحدة ، فكلما أجهد الفكر وأطلق عنان الخيال في تركيب وتفكيك وإعادة صياغة الحروف سيتمكن من استيلاد المعاني والمضامين الجديدة من رحم المفردة المعطاء والتي تمتع الروح وتغني الذوق والإحساس بعمق المعنى وحيوية المفهوم وجمالية وسحر المولود الجديد حيث يبدو متجددا فتيا ممتلاءا بالمعنى.
يزداد هذا الوصف ثراء وامتلاءا وقدرة على ولادة الصور والمعاني الجميلة برشاقة وخفة أسرة حينما تمتزج باللهجة العامية التي تمتلك نتيجة لكثافة الاستخدام وسعته بين العدد الأكبر من الناس مقارنة بالفصحى لغة النخبة نقول إن العامية تمتلك خزينا لاينضب من المعاني والدلالات والدقة والثراء والعمق في التعبير والتصوير حيث تبهر من يملك شفرة مفتاح أسرارها على كنوز في المعنى لايحلم بها.
حديثنا هذا لانريد أن نقدم بحثا في اللغة العربية والعامية ولا نريد أن نفلسف للفصحى والعامية ولكننا نرى إنهما يتكاملان ويتضامنان لابل يندمجان ويذوب كل منهما في الآخر ليسمو المعنى وليمتلئ المفهوم ويغتني المصطلح.
فمثلا كلمة الصحفي، هذه المهنة الممتعة الساحرة والتي تسعى بفتنتها وجمالها وسمو روحها وعلو مراميها وأهدافها إلى اصطياد الأقلام والعقول ليهيمون في غرامها المميت في بلدان الخوف والقهر والاستغلال والعبودية.
فحين نلفظها (الصح)في تبدو إنها تضمر في مضمونها وتكوينها وجوهرها الصح بمعنى الفهم الصحيح والصريح والخبر اليقين والمعنى الدفين وهذا معنى مضمر شرفة به اللغة العربية أصحاب الكلمة الحرة من الصحفيين وألزمتهم بالصح دون غيره كما إنها أومأت إلى الإنسان العادي بان يجد ضالته في الفهم الصح وكشف الخبايا والمستور وقراءة مابين السطور عند الصحفي.
ولو لفضنا الكلمة كلآتي الصح(حافي) لاستطعنا أن نجسد حال وواقع الصحفي الصح الصحفي الجريء الغير مداهن الصحفي الحر كونه ((حافيا)) لايملك غير أنفة وسمو وصدق الكلمة يلفه العوز والفاقة وتحاصره السلطات بجلاوزتها وقوانينها وممنوعاتها ويلاحقه الإرهاب الأسود بسيوفه وخناجره ومفخخات هان بقي (صح)
فان أراد أن لايكون ((حافيا)) فعليه أن يتنكر لنصفه الأعلى لتاجه(الصح) ويلتحق بخدم وجواري ومداحي السلطة والسلطان متلقيا هباتها وهداياه بمزيد من الذلة والمسكنة والشكر والامتنان.
فأي قدر يحيط بالصحفي في بلدان التخلف والقهر والديكتاتورية وأي خيار مر تعرضه علينا صاحبة العزة والجلالة والجمال تعرضه على من يطلب يدها ليكون مهرها وصداقها ومحل رضاها وهو إن يكون ((الصح))في وان يكون الصح((حافي)) ولا يقبل الرضوخ لمغريات السلطان، وان (لايستوحش طريق الحق وان قل سالكيه).
#مجلة_الحرية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟