|
حول نظرية الثورة الدائمة - الجزء الثالث من كتاب حول تاريخ الثورة الروسية وتناقضات نظرية الثورة على مراحل -
بشير الحامدي
الحوار المتمدن-العدد: 2330 - 2008 / 7 / 2 - 10:47
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
1ـ ماركس و الثورة الدائمة
يقول صاحب كتاب « التروتسكية و التروتسكيون في تونس » بعد أن يورد مقطعا لماركس من عريضة المجلس المركزي إلى عصبة الشيوعيين بتاريخ 1850 عثر عليه في كتاب ستالين مسائل اللينينية وأورده منزوعا عن سياقه العام بتعمد واضح «إن فكرة ماركس حول الثورة الدائمة تعني ...السير بالثورة على مراحل تطيح بالطبقات الحاكمة الواحدة تلو الأخرى إلى أن تضع الطبقة العاملة يدها على السلطة السياسية وعلى هذا الأساس فإن مركس لم يضع أمام الثورة الألمانية سنة 1850 مهمة إقامة دكتاتورية البروليتاريا مباشرة بل شدّد على ضرورة البدء بالمهام الديمقراطية وتوسيعها أقصى ما يمكن لكي يصل في النهاية إلى تركيز دكتاتورية البروليتاريا ... وأعاد لينين الإعتبار لفكرة ماركس عشية الثورة الروسية الأولى 1905 في مؤلفه خطتا الإشتراكية ـــ الديمقراطية الذي شرح فيه الترابط بين مرحلتي الثورة الديمقراطية البرجوازية و الإشتراكية «كحلقتي سلسلة واحدة وكلوحة عامة لمدى الثورة الروسية» على حد تعبير ستالين». (1) إن هذا التزوير المفضوح يحتم علينا البحث في مفهوم الثورة الدائمة كما طرحها ماركس سنة 1850 لتفنيد مزاعم الكيلاني الذي حرّف فكرة ماركس حول الثورة الدائمة فتحولت بعد مسخها على يديه إلى نظرية للثورة على مراحل . ولإظهار نظرية الثورة على مراحل بمظهر النظرية المتماسكة عمد الكيلاني إلى «تعميقها» وعلى طريقته بمحاولته العبثية في إرجاعها لماركس . فكيف طرح ماركس مفهوم الثورة الدائمة: يقول مركس في عريضة المجلس المركزي إلى عصبة الشيوعيين:«...إن البرجوازيين الصغار الديموقراطيين البعيدين عن إرادة قلب المجتمع بكامله لمصلحة البروليتاريين الثوريين يهدفون إلى تغيير الوضع الإجتماعي بشكل يجعل المجتمع الموجود محتملا وملائما بقدر المستطاع لهم، فهم يطالبون قبل كل شيء بتخفيض المدفوعات العامة... وبفرض الضرائب خصوصا على الملاكين العقاريين و البرجوازيين ويطالبون فوق ذلك بإلغاء الضغط الذي يمارسه الرأسمالي الكبير على الرأسمالي الصغير ... وهم يطالبون أخيرا بالإلغاء الكامل للنظام الإقطاعي لإدخال نظام الملكية البرجوازية في كل أمكنة الريف. ولتحقيق كل هذا يحتاجون إلى دستور سياسي ديموقراطي أو جمهوري يؤمن لهم ولحالفائهم الفلاحين الأكثرية... والشيء الوحيد الذي يتمناه البرجوازيون الصغار الديمقراطيون للعمال هو أجور أفضل وحياة أكثر طمأنينة ويأملون الوصول إلى ذلك عن طريق تشغيل الدولة الجزئي للعمال بفضل إجراءات خيرية وخلاصة القول إنهم يأملون دغدغة العمال بصدقات نوعا ما مموهة، وتحطيم قوتهم الثورية بجعل وضعهم يحتمل مؤقتا. إن المطالب الملخصة هنا ليست ممثلة في آن معا بكل أجنحة الديموقراطية البرجوازية الصغيرة وقليلون جدا هم أولائك الذين تشكل بالنسبة إليهم أهدافا محددة بمجموعها ... ولكن هذه المطالب لا يمكنها إطلاقا أن تكفي حزب البروليتاريا . وبينما يريد البرجوازيون الصغار الديمقراطيون إنهاء الثّورة بأسرع وقت ممكن وبعد أن يحصلوا في أحسن الأحوال على تحقيق المطالب المذكورة أعلاه، فإنّ من مصلحتنا ومن واجبنا أن نجعل الثّورة دائمة ، إلى أن تطرد من السّلطة كلّ الطّبقات المالكة شيئا ما ،وأن تستولي البروليتاريا على السّلطة العّامّة ،والى أن تحرز جمعيّة البروليتاريين ،ليس فقط في بلد واحد بل في كلّ بلدان العالم الرّئيسيّة ، التّقدّم الكافي للإلغاء المزاحمة بين البروليتارين في هذه البلدان ، وتركيز قوى الإنتاج الحاسمة على الأقل بين أيديهم. بالنسبة إلينا،لا يمكن للمسألة أن تكون في تغيير الملكية الخاصة ، بل فقط في إبادتها. لا يمكنها أن تكون في حجب الخصومات الطبقية ، بل في إزالة الطبقات لا في تحسين المجتمع القائم، بل في تأسيس مجتمع جديد ... في هذا الوقت حيث البرجوازيون الصغار الديمقراطيون مضطهون في كل مكان فإنهم يعظون بشكل عام البروليتاريا بالوحدة و المصالحة... إن وحدة كهذه ستتحول لمصلحة البرجوازيين الصغار الديمقراطيين وحدهم و ضد مصلحة البروليتاريا كليا. وستخسر البروليتاريا كامل وضعها المستقل الذي كلفها مجهودا كبيرا وتسقط إلى مستوى مجرد ملحق بالديمقراطية البرجوازية الرسمية يجب إذن رفض هذه الوحدة بشكل قاطع ... وعلى العمال خلال الصراع وبعده أن يدفعوا في كل مناسبة مطالبهم الخاصة إلى جانب مطالب الديمقراطيين البرجوازيين... يجب عليهم في الوقت نفسه تشكيل حكومتهم العمالية الثورة الخاصة إلى جانب الحكومة الرسمية الجديدة... وبكلمة واحدة مباشرة بعد إحراز النصر لا يجب لحذر البروليتاريا أن يتجه ضد الحزب الرجعي المهزوم بل ضد حلفائها القدامى ضد الحزب الذي يريد الإستفادة وحده من النصر المشترك .... إن النقطة الأولى التي سيقع عليها النزاع بين الديموقراطيين و العمال ستكون مسألة القضاء على النظام الإقطاعي وكما حصل إبان الثورة الفرنسية الأولى سيطالب البرجوازيون الصغار بإعادة الأراضي الإقطاعية إلى الفلاحين كملكية حرة وبتعبير آخر سيبغون الإبقاء على البروليتاريا الريفية وتكوين طبقة فلاحية برجوازية صغيرة... يجب على العمال لمصلحة البروليتاريا الريفية ولمصلحتهم الخاصة أن يعارضوا هذا المخطط . عليهم أن يصروا على إبقاء الملكية المصادرة ملكا للدولة ... ولما يقيم الديمقراطيون تحالفا مع المزارعين على العمال أن يتحالفوا مع البروليتاريا الريفية ... فعندما يقترح البرجوازيون الصغار شراء سكك الحديد و المصانع مثلا على العمال المطالبة بحزم بمصادرة سكك الحديد و المصانع هذه رأسا بدون تعويض ... إن صيحة حزبهم يجب أن تكون الثورة الدائمة» .(2) تمكنت البرجوازية الألمانية من أن تتطور من داخل النظام الإقطاعي وأنشأت طبقة عاملة فتية. وبحكم تطورها المتأخر لم تكن قادرة على لعب دور ثوري في المجتمع مقارنة بمثيلتها الفرنسية في نهاية القرن الثامن عشر. لقد كانت طبقة تميل وتعمل على المساومة مع النظام القديم ، وتفتقر إلى الحزم و المبادرة في القضاء على الإقطاعية والحكم المطلق. وجدت هذه الطبقة نفسها في الحكم بعد ثورة 1848. و استولى البرجوازيون الليبراليون على السلطة ومنذ يومهم الأول سلكوا سياسة وفاق ومصالحة مع الطبقة الإقطاعية. فعقدوا تحالفا مع طبقة النبلاء الرجعية وأبقوا على الحقوق الإقطاعية وخانوا حلفائهم الفلاحين الذين ساعدوهم على الوصول إلى سلطة السياسة و الذين كانت مصلحتهم في الثورة مرتبطة بمدى قدرة البرجوازية على إلغاء حقوق الملكية الإقطاعية وتوزيع الأراضي عليهم كملكية حرة. وبخيانة البرجوازية و تخليها عن انجاز مهامها الديمقراطية توقفت الثورة دون أكمال مهمات الانقلاب الديمقراطي لأن البرجوازيين الليبراليين خيروا المحافظة على بقايا المجتمع القديم في وجه الحركة الثورية يقول مركس:« لقد سبق أن قلنا سنة 1848 أن البرجوازيين الألمان سيصلون إلى الحكم وأنهم سيوجهون فورا نفوذهم الجديد ضد العمال. لقد رأيتم كيف تحقق ذلك. فبعد اضطرابات آذار 1848 استولى البرجوازيون فعلا على السلطة واستعملوها ليعيدوا فورا العمال حلفائهم بالأمس إلى وضعهم الماضي كمضطهدين فإذا لم تتمكن البرجوازية من بلوغ هذا الهدف إلا بالتحالف مع الحزب الإقطاعي الذي كانت ثورة آذار أبعدته وحتى بالانتهاء إلى التخلي مجددا عن السلطة لصالح هذا الحزب الإقطاعي المطلق فإنها على الأقل حصلت على ضمانات تضع على الأمد البعيد وبفضل الارتباكات المالية للحكومة كل السلطة بين أيديها وتضمن لها كل مصالحها في حال آستطاعت الحركة الثورية من الآن وهذا مستحيل أفساح المجال لتطور يسمي بالسلمي وفي هذه الحال لن تحتاج البرجوازية لتمكين سلطتها أن تصبح مكروهة بآتخاذها إجراءات تعسيفة موجهة ضد الشعب لأن كل هذه الإجراءات التعسيفية تكون الثورة المضادة الإقتطاعية قد سبق وآتخاذتها . لكن التطور لن يسلك هذا الطريق فالثورة التي ستجعله هي بالعكس على الأبواب و الدور الذي لعبه البرجوازيون اللبراليون الألمان عام 1848 تجاه الشعب هذا الدور الذي آتسم بالخيانة الكاملة سيلعبه في الثورة المقبلة البرجوازيون الصغار الديمقراطيون الذين يحتلون حاليا في المعارضة المكان نفسه الذي أحتله البرجوازيون اليبراليون قبل 1848». (3) وأمام انحصار الثورة عن التقدّم في مداها الديمقراطي البرجوازي بتحالف البرجوازيّة الليبرالية مع الحزب الإقطاعي في مواجهة العمّال والفلاّحين وأمام قوّة الحزب الدّيمقراطي البرجوازي الصّغير الذي كان يضم إليه ليس فقط أغلبيّة البرجوازيين والتجار الصغار والصّناعيين وأرباب العمل بل كذلك الفلاحين والبروليتاريا الزّراعيّة ،استنتج ماركس: ــ ضرورة استقلالية الحزب العمالي عن الحزب الدّيمقراطي البرجوازي الصّغير فقد بينت أحداث 1848 أنّ البرولتاريا لم تتمكّن من المحافظة على استقلاليّتها التنظيمية والسّياسة ووقعت تحت نفوذ وقيادة البرجوازية الديمقراطية الصّغيرة . ــ ضرورة فصل البروليتاريا الريفيّة والفلاحين الفقراء عن نفوذ الأحزاب البرجوازيّة و البرجوازيّة الصّغيرة والتي لايمكن أن تمثّل للبروليتاريا حليفا دائما من أجل الاشتراكيّة وعلى الحزب العمالي أن « يمشي معها ضد الفئة التي تبغي إسقاطها ويحاربها في كل النقاط التي تريد استعمالها لتثبت نفسها بشكل متين ».(4) ــ ضرورة أن ترفع البروليتاريا مطالبها الخاصّة بها إلى جانب المطالب الديمقراطية في مجرى النضال قبل أو أثناء الثورة التي كان ماركس يراها على الأبواب. ـــ ضرورية النضال بكل حزم و التصدي للديمقراطية البرجوازية الصغيرة التي ستعمل على إنهاء الثورة قبل أن يتمكن العمال من الوصول إلى السلطة السياسية بجعل الثورة ثورة دائمة لتكنيس النظام الأقطاعي وكل الطبقات المالكة. فهدف البروليتاريا ليس إصلاحا سياسيا واجتماعيا بل « ثورة تقلب الأمور جميعا ». وقد كتب ماركس منذ 1844 في مقدمة نقد فلسفة الحقوق لدى هيجل « إن ألمانيا لن تستطيع تحرير نفسها من العصور الوسطى إلاّ إذا حرّرت نفسها في الوقت ذاته من الإنتصارات الجزئية على العصور الوسطى .... فألمانيا لا تستطيع القيام بغير ثورة تقلب الأمور جميعا».(5) فكيف ستجعل البروليتاريا من الثورة ثورة دائمة؟ حسب ماركس وفي نص عريضة المجلس المركزي نستنتج أنه: 1ـ على البروليتاريا أن تحافظ على استقلاليتها السياسية و التنظيمية قبل وإبان الثورة برفض أي وحدة مع البرجوازية الديمقراطية الصغيرة لأن أي وحدة كهذه ستجعل من الطبقة العاملة « مجرد ملحق بالديمقراطية البرجوازية » وأن تستغل الوضع الذي ينشأ عن تذبذب البرجوازية الصغيرة وعدم تصميمها على التقدم إبان الثورة لكشف ترددها وعجزها ودفع الجماهير إلى فك ارتباطها بالأحزاب البرجوازية الصغيرة وممارسة تحريض ثوري يمكن البروليتاريا من قيادة هذا الجمهور العريض نحو تحقيق مطالبه بشكل جذري. 2 ـ على العمال وفي مواجهة سعي الديمقراطية البرجوازية التي ستعمل على إحتكار السلطة وإزاحة البروليتاريا ما أن تحرز الثورة النصر أن يشكلوا حكومتهم العمالية الثورية في شكل مجالس. 3 ـ على البروليتاريا في مواجهة الديمقراطية البرجوازية الصغيرة التي ستبدأ بخيانة العمال أن تكون مسلحة و منظمة في لجان مستقلة وأن تتصدى لكل محاولة تهدف لإعادة تشكيل القوى العسكرية للبرجوازية. يجب إنشاء القوة العسكرية للبروليتاريا بتسليح الشعب « ويجب مهما كانت الحاجة عدم التخلي عن السلاح والذخيرة ومنع كل محاولة لنزع السلاح بالقوة عند الضرورة. إن إبطال نفوذ الديمقراطيين البرجوازيين لدى البروليتاريا وإنجاز تنظيم العمال بشكل مستقل وتسليحهم فورا ومواجهة السيطرة البرجوازية بأقصى ما يمكن من الشروط المزعجة و المورطة هذه هي النقاط الأساسية التي على البروليتاريا وبالتالي على العصبة أن تضعها دائما أمام أعينها خلال الإنتفاضة المرتقبة وبعدها».(6) 4 ـ على البروليتاريا أن لاتتوقف عند حدود البرنامج الديموقراطي البرجوازي الصغيرة عليها أن تعارض مطلب توزيع الأراضي بمطلب مصادرة الأراضي وجعلها ملكا للدولة تستغلها البروليتاريا الريفية المنظمة في جمعيات تعاونية حسب تقنيات الزراعة الكبيرة عليها أن تطالب بمصادرة و «تجميع أكبر عدد ممكن من القوى المنتجة ووسائل النقل و المصانع وسكك الحديد » ووضعها بين أيادي الدولة . هكذا حدد مركس مهمات البروليتاريا في الثورة الألمانية ووضح مفهوم الثورة الدائمة التي لن تتوقف عند حدود البرنامج الديمقراطي البرجوازي الذي لم يعد ممكنا تحقيقه والسير به إلى النهاية بقيادة البرجوازية الليبرالية أو البرجوازية الصغيرة. إن اقتصارنا على موقف ماركس سنة 1850 لا يفي بالغرض كاملا لأن ماركس وإلى حد ذلك التاريخ كان يعتقد أن الفلاحين حلفاء طبيعين للحزب الديمقراطي وهو يقول في عريضة المجلس المركزي : « وكما يقيم الديمقراطيون تحالفا مع المزارعين على العمال أن يتحالفوا مع البروليتاريا الريفية ». يقول تروتسكي :« كان مركس في ذلك الحين يتوقع مرحلة مستقلة من الثورة الديمقراطية في ألمانيا يستلم فيها الحكم لفترة قصيرة راديكاليوا البرجوازية الصغيرة في المدن بدعم من الفلاحين... ولكن هذا بالتأكيد ما لم يحصل وليس من قبيل الصدفة أنه لم يحصل. فحتى في منتصف القرن الأخير أثبتت ديموقراطية البرجوازية الصغيرة عجزها عن تنفيذ ثورتها المستقلة. وقد تعلم ماركس من هذه الأمثولة ففي 16 نيسان عام 1856 أي بعد مضي ست سنوات على صدور المنشور المنوه به ( يقصد عريضة المجلس المركزي إلى عصبة الشيوعيين) كتب ماركس إلى أنجلز « يتوقف كل شيء في ألمانيا على إمكان تغطية مؤخرة ثورة البروليتاريا بطبعة ثانية من « حرب الفلاحين» إذاك يصبح الأمر رائعا». (يشير بعبارة طبعة ثانية من حرب الفلاحين إلى كتاب أنجلز« الحرب الفلاحية في ألمانيا » وكذلك إلى ضرورة تحالف العمال و الفلاحين بعد أن ثبت لديه عجز البرجوازيين الديموقراطيين الصغار عن قيادة الحركة الفلاحية حيث لم يعد ممكنا أن تلعب البرجوازية الديموقراطية الصغيرة دورا مستقلا عن البرجوازية الليبرالية كما توقع ذلك سنة 1850) » .(7) لقد زاد ماركس توضيحا في كتابته اللاحقة مفهومه للثورة الدائمة في واقع عجز البرجوازية الألمانية عن تحقيق المهام الديموقراطية. فلقد ازداد اقتناعا بأهمية الثورة الزراعية وبضرورة تحالف العمال و الفلاحين وبعجز الفلاحين عن قيادة الثورة أو حتى مجرد لعب دور مستقل فيها. وهكذا أرسى ماركس بكل وضوح أهم أسس نظرية الثورة الدائمة القائل بأن الحل التام للمهام الديموقراطية المتخلفة في المجتمع لا يمكن تحقيقها وإلى النهاية إلاّ بواسطة دكتاتورية البروليتاريا. وأن البروليتاريا التي ستستولى على السلطة ستجابه إلى جانب المهام الديموقراطية مهام البناء الأشتراكي التي تتطلب البدء فورا بتحطيم البنية الإقتصادية للنظام الرأسمالي وقانون الملكية البرجوازي. يظهر مما تقدم أن مفهوم الثورة الدائمة عند ماركس ليس كما يدعي الكيلاني السير بالثورة على مراحل للإطاحة بكل جزء من الطبقات الحاكمة على حدة. إن الكيلاني لم يكلّف نفسه عناء البحث في كتابات ماركس لتبيّن هذه المسألة بل آكتفى بما أورده ستالين في مسائل اللينينية وهو لا شك مقتطف مقتضب وآنتقائي لا يفي حتى بغرض الكيلاني نفسه لتحريف النظرية الماركسية. فالرجوع إلى النصوص الأصلية لماركس أو لينين أو تروتسكي لم يعد له من قيمة في نظر الكيلاني ما دام بحوزته كتيب نضال الحزب البلشفي ضد التروتسكية لنخبة المؤلفين التحريفيين ونصوص« نرمان بيتوين» حول تروتسكي و التروتسكية و « تاريخ الحزب الشيوعي في الإتحاد السوفياتي » الذي وضع سنة 1936خصيصا لتزوير تاريخ الحزب البلشفي وأشرف على تأليفه ستالين أثناء التصفيات الكبرى وفترة المحاكمات التي شملت أغلب الكوادر البلشفية التي رافقت لينين و تروتسكي ـــ إضافة إلى ما يحتويه كتيب «مسائل اللينينية» في متنه من خوارق تغني عن الأطلاع على مصادر الماركسية وتعفى من مهمة البحث في نصوص قديمة !!!. في الأخير لا بد أن نشير إلى أن لينين تعرض إلى نصوص ماركس حول الثورة الألمانية في كتابه خطتا الأشتراكية الديموقراطية في الثورة الديموقراطية الذي كتبه في صيف 1905 مدعما بها أفكاره حول العجز التاريخي للطبقة البرجوازية في قيادة الثورة وانجاز المهمات الديموقراطية في البلدان ذات التطور الرأسمالي المتخلف و حول دور البروليتاريا وعلاقتها بالفلاحين في هذه البلدان. فبعد آستعراضه لموضوعات ماركس يقول لينين :« إن جميع هذه الموضوعات تنطبق كل الإنطباق على روسيا عام 1905 ، اذا ما عدلت وفقا لخصائصها القومية الملموسة ».(8) إلا أن لينين لما عدل هذه الموضوعات بما يتماشى والخصائص القومية الملموسة للمجتمع و الثورة في روسيا كانت له استنتاجاته السياسية الخاصة التي عارضه فيها تروتسكي وعدلها هو نفسه على ضوء التجربة الملموسة للثورة. فلينين قبل 1917 لم يكن كما يزعم الكيلاني مع الثورة الدائمة الماركسية لسبب واحد: هو أن الثورة الدائمة كما طرحها ماركس لم تكن ثورة على مراحل وقد تخلى لينين عن استنتاجاته التي تبناها الحزب البلشفي طيلة الفترة المتمددة من 1905 إلى 1917 وقد وضح لينين ذالك في المجلس العام السابع لحزب العمال الإشتراكي الديموقراطي الروسي بقوله :« إن دكتاتورية الفلاحين البرجوازية الديموقراطية إنما هي صيغة قديمة، فمن أجل دفع الفلاحين إلى الثورة ينبغي فصل البروليتاريا وفرز حزب بروليتاري لأن الفلاحين ذوو مزاج شوفيني إن جذب الفلاح اليوم يعني الاستسلام لرحمة ميليوكوف » . (9)
2) تروتسكي و الثورة الدائمة
يتهافت الستالينيون على تكديس شتى التهم الموجهة إلى تروتسكي و التروتسكيين و قد انطلقت حملة التشويه و التزييف هذه سنوات قليلة بعد انتصار ثورة أكتوبر على أيدي زعماء الجناح البيروقراطي في الحزب الشيوعي السوفياتي بقيادة ستالين . كان مقال بوخارين « حول نظرية الثورة الدائمة » ومقال ستالين «ثورة أكتوبر وتكتيك الشيوعيين الروس » اللذين ظهرا في نهاية سنة 1924 أولى الكتابات التي تعرضت إلى النظرية الثورة الدائمة ومثلت تشويها كثيفا لها ولتاريخ الثورة الروسية. لقد انطلقت الحملة الرسمية على التروتسكية لتلبي الحاجة إلى المنعطف اليميني الذي انجر إليه الحزب الشيوعي في الإتحاد السوفياتي وأحزاب الأممية الثالثة ولتبرير الخط الانتهازي للأطروحات الجديدة للبروقراطية الستالينية . لقد وجد الستالينيون في نقاش نظرية الثورة الدائمة ذريعة لتبرير أطروحاتهم التي كانت نتائجها كارثية بالخصوص على الثورة الصينية وعلى حركة البروليتاريا عموما وأدت إلى سياسات معاديه للثورة الإشتراكية مثل أطروحة الإشتراكية في بلد واحد ، وسياسة الجبهات الشعبية وكذلك حل الأممية الثالثة ... إن كثرة كثيرة من التهم و التشويهات التي وجهها ويوجهها الستاليون ضد تروتسكي وضد نظرية الثورة الدائمة قد أفلست تاريخيا. فلقد أنتجت الستالينية وخلال تطورها الخاص كنظرية وكسياسية مناهضة في أساسها لإستراتيجية الثورة البروليتارية ما ينقض حججها نفسها التي انبنت عليها ولقد بين التاريخ منذ الثلاثينات تهافت وبطلان مثل تلك الحجج وصحة إستراتيجية الثورة الدائمة ، فطيلة حقبة تاريخية كاملة تمتد على أكثر من نصف قرن لم تؤد السياسات الستالينية لغير الهزائم المتكررة للحركة الثورية . لقد أدت هيمنة البيروقراطية الستالينية على الحركة الشيوعية العالمية إلى عديد الانحرافات و الهزائم ومثلت كابحا لنضالات البروليتاريا ضد الرأسمالية في المتروبولات و في البلدان المستعمرة و البلدان المتخلفة و التابعة. لقد أصبح الصراع ضد الستالينية يشمل اليوم معظم القضايا المتعلقة بالنظرية الثورية وعليه يتوقف مصير الثورة الإشتراكية ومصير نضالات البروليتاريا في كل البلدان ضد الامبريالية العالمية. لقد آلت الستالينية في الحقبة التي تلت الحرب الإمبريالية الثانية إلى التفسخ و الانشطار إلى محاور عالمية تبدو سياساتها في ظاهرها متعارضة لكنها في الجوهر واحدة تعمل كلها ضد مصلحة الحركة العمالية الثورية وتكرس مفهوما تحريفيا للثورة الإشتراكية. مثلت نظرية الثورة الدائمة منذ ظهرت لأول مرة في كتابات تروتسكي المبكرة و التي أعاد صياغتها في أواخر العشرينات على ضوء المعطيات الجديدة للأوضاع العالمية وأثناء الصراع ضد الستالينية الإجابة الثورية المنسجمة و المتكاملة و المحافظة على المبادىء الماركسية الثورية في مواجهة النظرية الإصلاحية و الانتهازية التي ظهرت في الحركة الشيوعية العالمية و التي أخذت بعدا أشد خطورة على نضال حركة البروليتاريا الثورية إثر الانحطاط البيروقراطي الذي أصبح عليه الحزب الشيوعي في الإتحاد السوفياتي و الأممية الثالثة بهيمنة الجناح الستاليني الذي أوقف اندفاع الحركة العمالية وأفضى بها إلى طور جديد من أطوار أزمتها التي مازالت متواصلة إلى اليوم. ولكي نكشف التشويهات الستالينية ونزيل الإلتباسات الموجودة حول نظرية الثورة الدائمة لا بد من توضيح المقومات و الأسس الفكرية التي تقوم عليها هذه النظرية. حدد تروتسكي أسس الثورة الدائمة في ثلاث مقومات فكرية هي: « أولا: تشمل نظرية الثورية الدائمة قضية الإنتقال من الثورة الديموقراطية إلى الثورة الإشتراكية . وهذا في جوهوره هو أساسها التاريخي... المقومة الثانية لنظرية «الثورة الدائمة » تتعلق بالثورة الإشتراكية بحد ذاتها، خلال مدة طويلة تتحول جميع العلاقات الاجتماعية خلال صراع داخلي مستمر ... وتنبثق كل مرحلة من مراحل التحول من المرحلة التي تسبقها مباشرة وتتخذ هذه العملية بالضرورة طابعا سياسيا أي أنها تتطور من خلال الإصطدامات بين مختلف الفئات في المجتمع الذي يمر بهذا التحول... إن الطابع الأممي للثورة الإشتراكية المقومة الثالثة من مقومات الثورة الدائمة ينبثق من الوضع الراهن للاقتصاد ومن البنيان الإجتماعي في العالم . ليست الأممية مبدأ مجردا وإنما هي انعكاس نظري وسياسي لطبيعة الإقتصاد العالمي . تبدأ الثورة الإشتراكية على أسس وطنية، لكن لا يمكن أنجازها ضمن هذا الإطار،لأن حصر ثورة البروليتاريا ضمن الإطار الوطني لا يمكن إلا أن يكون خطوة مرحلية بالرغم من أن هذه الخطوة قد تستغرق زمنا طويلا كما تؤكد تجربة الإتحاد السوفياتي... ففي دكتاتورية البروليتاريا المنعزلة لا بد أن تنمو التناقضات الداخلية و الخارجية إلى جانب الانتصارات التي يجري تحقيقها. وإذا بقيت الدولة البروليتارية معزولة فإنها ستقع في النهاية ضحية لهذه التناقضات لذا كان خلاصها رهنا بآنتصار البروليتاريا في البلدان المتقدمة. وإذا نظرنا إلى الثورة الوطنية من هذه الزاوية نجد أنها ليست كلا متكاملا وإنما هي مجرد حلقة في سلسلة الثورات الأممية. إن الثورة الأممية عملية دائمة بالرغم من الانتكاسات والإنحصارات الآنية » .(1) وقد توسع في تحليل هذه الأسس، وحدد الفرضيات الأساسية التي يقوم عليها مفهوم الثورة الدائمة الذي يختلف بل يتعارض و المفاهيم الستالينية والإصلاحية بشكل عام فنظرية الثورة الدائمة عند تروتسكي تقوم على : 1 ـ إن الحل النهائي للمهام الديموقراطية في البلدان ذات التطور الرأسمالي المتأخر لن يتم إلا بإرساء دكتاتورية البروليتاريا. 2 ـ ضرورة تحالف البروليتاريا مع الفلاحين لإنجاز المهام الديموقراطية للثورة في البلدان ذات التطور الرأسمالي المتأخر والتحالف بين هاتين الطبقتين لا يمكن تحقيه إلا من خلال النضال ضد نفوذ «البرجوازية الوطنية». 3 ـ لا يمكن تحقيق هذا التحالف إلا تحت القيادة السياسية للبروليتاريا المنظمة في حزب شيوعي ثوري. 4 ـ مهما كان دور الفلاحين كبيرا في الثورة فإنهم وبحكم وضعهم الاقتصادي و السياسي لا يمكن لهم أن يقوموا بدور مستقل. فالطبيعة الطبقية للفلاحين و انقساماتهم تدفع بالشريحة العليا منهم إلى الوقوف إلى جانب البرجوازية بينما تقف القطاعات الدنيا منهم إلى جانب البروليتاريا وتبقى القطاعات الوسطى متذبذبة بين هاتين الطبقتين. 5 ـ إن البروليتاريا إذا توصلت إلى السلطة السياسية في هذه البلدان سوف تواجه مهاما لايمكن تنفيذها إلا «بالمساس العميق بحقوق الملكية البرجوازية إذاك تنضج الثورة رأسا إلى ثورة إشتراكية فتصبح ثورة دائمة» 6 ـ إن وصول البروليتاريا إلى السلطة لا ينهي الثورة بل يبدؤها ولا يمكن أن تتوضح عملية البناء الإشتراكي إلا على أساس الصراع الطبقي على المستوى الوطني و العالمي الذي سيؤدي حتما إلى انفجارات وحروب ثورية و «هنا تكمن ديمومة الثورة الإشتراكية كثورة إشتراكية دونما أي اعتبار لما إذا كان البلد المعني بالأمر متخلفا أي أنه أنجز ثورته الديموقراطية حديثا أو رأسماليا عريقا يحمل وراءه فترة من التقاليد الديموقراطية والبرلمانية ». 7 ـ لن يؤدي شعار«دكتاتورية العمال و الفلاحين الديموقراطية» إلا إلى طمس التمايز بين طبقتي العمال والفلاحين ولن يخلق عمليا غير الظروف المساعدة على انهيار الثورة. 8 ـ لا يمكن للثورة أن تتوقف عند الحدود الوطنية (القومية) فالثورة الدائمة تستبعد أي إمكانية لنجاح الإشتراكية في بلد واحد، وترفض الطرح الستاليني المبتذل حول «الخصائص المميزة» و «البلدان الناضجة» و( البلدان غير الناضجة ) للإشتركية. فبإمكان البروليتاريا الوصول إلى السلطة في بلد متخلف قبل وصول بروليتاريا البلدان « المتقدمة» وقد أثبت التاريخ ذلك. 9 ـ ضرورة التمييز بين دكتاتورية البروليتاريا في بلد واحد وبناء الإشتراكية في بلد واحد، فالبروليتاريا يمكن أن تصل إلى إرساء دكتاتوريتها في بلد واحد لكن ذلك لا يجب أن يجرنا إلى أنه بإمكانها إتمام بناء الإشتراكية في هذا البلد .إن مصير دكتاتورية البروليتاريا في بلد واحد يتوقف إلى حد كبير على تطور الثورة الإشتراكية العالمية. 10 ـ إن الأممية الشيوعية أداة الثورة العالمية لا يجب أن تتقوقع إلى جهاز للمحافظة على التوازنات العالمية من أجل حماية «بناء الإشتراكية» في بلد واحد. لقد تصدت نظرية الثورة الدائمة للرد على المفاهيم الوسطية للبلشفية القديمة التي توصل لينين وعلى ضوء التجربة الملموسة للثورة الروسية سنة 1917 إلى تجاوزها ونقدها . لقد سهل الإنحسار المؤقت الذي عرفته الثورة العالمية في سنتي (1923ــ 1924) إثر المد الذي أعقب إنتصار ثورة أكتوبر انتصار البيروقراطية الستالينية التي أصبحت تعمل على المحافظة على الوضع القائم وبناء الإشتراكية في بلد واحد (الإتحاد السوفياتي). فعوض أن تكون الثورة العمالية شرطا لا بد منه للنجاح في بناء الإشتراكية في الإتحاد السوفياتي أصبحت تمثل في أطروحة ستالين الإشتراكية الوطنية مجرد عامل مساعد، فإمكانيات الإتحاد السوفياتي يمكن أن تحقق مجتمعا اشتراكيا يكفي نفسه بنفسه. يقول ستالين في مقاله المذكور سابقا « ... إن انتصار الإشتراكية في بلد واحد ممكن تماما ومرجّح حتى وإن كان هذا البلد من أضعف البلدان تطورا من وجهة النظر الرأسمالية وحتى وإن كانت الرأسمالية ما تزال على قيد الحياة في البلدان الأخرى بما فيها البلدان الأقوى تطورا من وجهة النظر الرأسمالية. » (2) إن تصور ستالين هذا لبناء الإشتراكية والّذي مازال يلوكه أتباعه منذ أكثر من 65 سنة يمثّل انحرافا عن النّظريّة الإشتراكية العلميّة وتعويضا لها بنظريّة للاشتراكية القوميّة وهو من النّاحية السّياسيّة لا يمثل غير« المذهب الّذي جاء تتويجا للمنظورات العملية للإقتصاد القومي المعزول » كما قال تروتسكي. لقد أدى تطبيق هذه السّياسة إلى انحصار الثورة العالمية فالبيروقراطية السوفيتية التي احتكرت السلطة السياسية وعززت نفوذها على أجهزة الحزب والدولة في الإتحاد السوفياتي، إستندت وبصورة أساسية على الأممية الثالثة من أجل المحافظة على التوازنات القائمة و عملت على عقد تحالفات لا مبدئية مع البرجوازية، وأوضح مثالين على ذالك سياسة الأممية الثالثة المتعلقة بالثورة الصينية و التي دفعت الشيوعيين الصينين إلى التحالف مع حزب «الكوميتنغ» البرجوازي، وتكتيك الجبهات الشعبية التي يعلم الجميع نتائجها على البروليتاريا والثورة في البلدان التي قامت فيها مثل هذه الجبهات و بالخصوص في أسبانيا سنة 1936، وفرنسا وألمانيا. لقد ظهرت الأممية الثالثة كرد بروليتاريا ثوري على أطروحة الإشتراكية الوطنية التي انحطت إليها الأممية الثانية في بداية الحرب الأمبريالية الأولى. وبظهور البيروقراطية الستالينية كردة على خط البروليتاريا الأممي انحطت الأممية الثالثة نفسها تحت قيادتها وتحولت من منظمة بروليتارية للثورة العالمية إلى حارسة من « خارج حدود » تعمل على تأمين سلامة الإتحاد السوفياتي مهمتها المحافظة على التوازنات الدولية القائمة حماية لتجربة بناء الإشتراكية في بلد واحد . أما على الصعيد الداخلي فلقد استندت البيروقراطية الستالينية على الكولاك و على الذين آغتنوا بفضل السياسية الإقتصادية الجديدة . لقد أطلق بوخارين حليف ستالين في الفترة التي سبقت التجميع القسري ندائه المشهور للفلاحين «آغتنوا» وتمكن الكولاك وفي ظرف أربع سنوات من السيطرة على النسبة الغالبة من الحبوب القابلة للبيع وقاموا بتجويع المدن وقد نبهت المعارضة اليسارية إلى هذا الوضع و آقترحت خطة واقعية كانت شروط تطبيقها ممكنه وترتكز على ضرورة التصنيع المتسارع لتقوية البروليتاريا داخل المجتمع وتطبيق التجميع التدريجي في الأرياف. لكن وبوجه صعود الكولاك، ودفاعا عن امتيازاتها كشريحة بيروقراطية يقوم وجودها على البناء التحتي الذي حققته ثورة أكتوبر، آندفعت البيروقراطية الستالينية في سياسة التجميع القسري التي كانت نتائجها كاثرية على الزراعة في الإتحاد السوفياتي. لقد أدى الانحراف إلى اليسار الذي قامت به البيروقراطية السوفييتية المتمثل في التجمع القسري الذي آعتمد على تبني برنامج لبناء مجتمع إشتراكي في وضع من التخلف وفي وجه عداء داخلي وخارجي إلى تعميق الفجوة بين الخطاب الرسمي وحقيقة الأوضاع. فلقد أصبحت عقيدة الحزب المتمثلة في الأطروحات الستالينية تقلّل من أهمية الصعوبات والعوائق التي يواجهها بناء مثل هذا المجتمع الإشتراكي المعزول وتبالغ في تقدير التقدم لصالح بناء هذا المجتمع، وأصبحت هذه الإدعاءات أساس عقيدة الحزب الذي انحط إلى مجرد جهاز بيروقراطي في أيدي شريحة عليا من الإداريين. وأعلن ستالين سنة 1931 أن الفلاحين الأغنياء و الطبقات قد قضى عليها وانتهى معها وإلى الأبد استغلال الإنسان للإنسان وأن الانتصار الكامل للنظام الإشتراكي في كل حقول الإقتصاد أصبح حقيقة لا جدال فيها. ومن مجرد «إمكانية مفترضة» في 1924 أصبحت «الإشتراكية في بلد واحد حقيقة ملموسة» كما ادعت البيروقراطية الستالينية في بداية الثلاثينات. وجاء في دستور الإتحاد السوفياتي سنة 1936 أن المجتمع أصبح مجتمعا إشتراكيا مكتمل النباء(3). كانت نظرية الإشتراكية في بلد واحد وراء الحملة التي تعرضت لها نظرية الثورة الدائمة منذ سنة 1924، هذه الحملة من التشويهات التي مازال إلى اليوم ينهل منها الستالينيون في اعتراضاتهم وتأويلاتهم الخاطئة لنظرية الثورة الدائمة التي يزعمون أنها نظرية للقفز على المراحل ويصورونها على أنها دعوة لانتفاضات متصلة و متواقتة في كل البلدان ولا تقيم أي إعتبار للصراع الطبقي على الصعيد العالمي. يقول صاحب التروتسكية و التروتسكيون في تونس بعد أن أعلن «اكتشافه» المتمثل في أن نظرية الثورة الدائمة تعود في الأصل إلى ماركس الذي صاغها لأول مرة سنة 1850 ناسيا أنه سبقه إلى «اكتشافه» هذا بوخارين في مقاله المذكور سابقا إلا أن الكيلاني يحجم عن ذكر ذلك ويخفي مرجعه هذا الذي يقتبس منه أفكاره. لم يدّع تروتسكي في يوم ما أنه هو الذي صاغ مفهوم الثورة الدائمة بل لقد بين أن أطروحة الثورة الدائمة أطروحة ماركسية كلاسيكية يعود إليه الفضل فقط في إحيائها وصياغتها على وجهها الأكمل على ضوء التطور الحاصل في الأوضاع العالمية عموما وتحديدا على ضوء دروس وخبرة الثورة الروسية لسنة 1905 وتجربة السوفييت الذي ظهر أثناءها وكان له شرف ترؤسه. (4) يقول الكيلاني بعد أن شوه نظرية ماركس عن الثورة الدائمة وحولها إلى نظرية تافهة للثورة على مراحل تلائم أطروحاته الستالينية:« ماذا فعل تروتسكي بفكرة ماركس حول« الثورة الدائمة» لقد استعارها منه وحرفها فأصبحت على الصورة التالية: البدء في الثورة بدكتاتورية البروليتاريا بقطع النظر عن درجة تطور قوى الإنتاج وعن درجة تنظيم الطبقة العاملة و استعدادها. أما على النطاق العالمي فإنه لا يرى نجاحا للثورة إلا إذا قامت على الأقل في البلدان الأوروبية المتقدمة وبهذه الصورة أصبحت «الثورة الدائمة» التروتسكية غير ممكنة التحقيق في الواقع لأنها تمثل قفزة في الفراغ وتعبيرا عن إرادة برجوازية صغيرة لحرق المراحل بالشعارات والأفكار المجردة» (5). فهل بالفعل تدعو نظرية الثورة الدائمة إلى حرق المراحل وتغض النظر عن درجة تطور قوى الإنتاج وعن درجة تنظيم الطبقة العاملة . وهل هي فعلا تمثل قفزة في الفراغ و تعبّر عن إرادة برجوازية صغيرة كما يتصور الكيلاني. لقد جمع الكيلاني « حججه» من شتات الجمل و الفقرات الواردة في مقالي ستالين و بوخارين المذكورين وللقارىء الذي يريد الإطلاع على قدرة الكيلاني في النسخ والإقتباس حرفيا أن يقارن صفحاته القليلة التي أرادها ردا على نظرية الثورة الدائمة وخاصة الصفحات ( 24ــ25ــ26ــ27ــ28) في كتيبه التروتسكية... بالصفحة (105ــ 106) من مقال ستالين المذكور و المنشور كاملا في كتاب ماركسية تروتسكي الذي جمعه جورج طربيشي ونشرته دار الطليعة في طبعتها الأولى سنة 1973. لن نبالغ إذا قلنا أن الكيلاني ليس متهما بالتزوير و التشويه فقط إنه متهم بالرد على النظرية لم يقرأها أيضا.فلو أن هذا «الباحث»في تاريخ التروتسكية و الذي سعى إلى الرد عليها بعد أن لمس« الحاجة الأكيدة إلى ذلك» كما يقول في تقديمه كان حقا قد اطلع على كتابات تروتسكي وتحلى بشيء من الموضوعية عند دراستها لما كان بحثه مجرد نسخ وآقتباس وتحامل، ولوك لحجج قديمة تافهة غير متماسكة ولما آنساق في الرد على نظرية الثورة الدائمة ليس كما هي في حقيقتها بل كما أوّلها ستالين وبوخارين وراديك وغيرهم فعوض الرجوع إلى كتابات تروتسكي اكتفى الكيلاني بالرجوع إلى تأويلات ستالين لها وقدمها على أنها أفكار تروتسكي الحقيقية، وهي طريقة أبعد ما تكون عن الموضوعية والأمانة. ولنضرب مثالا على ذلك. فلكي يعرفنا الكيلاني على مفهوم تروتسكي لدكتاتورية البروليتاريا يقول « يمكن تلخيص مفهوم تروتسكي لدكتاتورية البروليتاريا على الصورة التي قدّمها ستالين»(6). ويورد استشهادا من مسائل اللينينية يشوه مفهوم تروتسكي لدكتاتورية البروليتاريا فتصبح حسب تأويل ستالين الذي تبناه الكيلاني «سلطة تدخل في صدامات عدائية مع الجماهير العريضة للفلاحين» و «تبحث عن حلول «للتناقضات» في مضمار الثورة العمالية» . (7) لقد تضمنت كتابات تروتسكي وبالخصوص تلك التي كتبها في العشرينات كالثورة الدائمة و الأممية الثالثة بعد لينين ـــ و الثورة المغدورة فيما بعد ردودا كاملة وواضحة ولا لبس فيها على التشويهات و التأويل الذي قام به الستالينيون.إلا أن الكيلاني لا تهمه هذه الردود والتوضيحات بقدر ما يهمه إخفاء الحقيقة. فمفهوم دكتاتورية البروليتاريا السابق ذكره و الذي نسبه ستالين لتروتسكي ونسخه الكيلاني عنه بكل بساطة وبدون أدنى بحث وبتعمد، يتناقض كليا مع أفكار تروتسكي و المقطع التالي المأخوذ من كتابه نتائج وتوقعات يكشف بكل دقة هذا التزوير المتعمد عن علاقة سلطة دكتاتورية البروليتاريا بالفلاحين يقول: « ... منذ اللحظة الأولى لإستلامها الحكم يتوجب على البروليتاريا أن تعتمد على التناقضات بين فقراء القرية وأغنيائها وبين البروليتاريا الزراعية و البرجوازية الريفية» .(8) ويضيف في مكان آخر من نفس الكتاب«...إن موقف النظام البروليتاري من قضية الأرض سيكون على ارتباط وثيق بموقفه العام من اتجاه التطور الزراعي ومقتضياته...علينا أن نتوقع أن محاولة تحويل الملكيات الفردية الصغيرة إلى أملاك دولة سوف تلقى مقاومة عنيفة . إن النظام الجديد إذا تصرف بهذا الشكل سوف يبدأ بإثارة معارضة قوية ضده في أوساط الفلاحين... لن يربح النظام الجديد شيئا على الصعيد الإقتصادي بمصادرة الملكيات و الأرض المشاع... إن النظام الجديد يكون قد ارتكب بذلك خطأ كبيرا لأنه سيحرض جماهير الفلاحين ضد بروليتاريا المدن موجهة السياسة الثورية... إن المصادرة القصرية لهذه الملكيات لا يدخل ضمن نطاق مشاريع البروليتاريا الإشتراكية» .(9) ومع ذلك و بالرغم من الوضوح التام لموقف تروتسكي هذا سيظل الستالينيون على مواقفهم وسيستمرون في الترويج للفكرة القائلة بآستهانة تروتسكي بالفلاحين وآستصغار دورهم في الثورة ونفي التحالف معهم. إن أفكار ستالين أعز عليهم من الحقيقة فهم يرددون تهما تافهة ويشوهون تروتسكي و التروتسكيين حول مفهوم الثورة وينسبون إليهم أفكارا لا علاقة لها بنظرية الثورة الدائمة . فهو في رأيهم يتجاهل الفرق بين الثورة البرجوازية و الثورة الإشتراكية ويقفز عن المهام الديموقراطية، وجعل البروليتاريا ومنذ 1905 مواجهة بمهام الثورة الإشتراكية ورفع شعار«لا للقيصر حكومة عمالية» واعتبر انهيار دكتاتورية البروليتاريا أمر محتم في الإتحاد السوفيتي إذا لم تستول البروليتاريا في الغرب على السلطة. وهو كذلك حسب الكيلاني لا يستهين بدور الفلاحين في الثورة « بل يحقّر أيضا من الطاقات الثورية للطبقة العاملة في عملية الإطاحة بالبرجوازية وتركيز سلطتها وبناء الإشتراكية. إنه يعول على الثورة المظفرة في أوروبا، أي على المدد الخارجي لأنه اعتبره العامل الحاسم في الانتصار النهائي. ومن هذا المنطلق أجل الإطاحة بسلطة الطبقات الرجعية و القضاء على النظم الاستغلالية إلى ما بعد إنتصار البروليتاريا في البلدان الرأسمالية المتقدمة». (10) لقد وردت جميع هذه المغالطات و التشويهات في كتابات ستالين وبوخارين وزينوفييف وراديك وغيرهم وأعادتها الأحزاب الشيوعية الستالينية والماوية وتبنتها كمقولات جاهزة، ونهائية وروجتها في مواجهة الحركة التروتسكية وكذلك فعل الكيلاني بضيق أفق وفضاضة متصورا أنه حقق عملا جبارا كشف فيه التروتسكية وهو ما سيدفعها إلى الإندثار، وهو في الواقع لم يكشف إلا عن جهله الكامل التروتسكية ونظرية الثورة الدائمة ومعاداته للماركسية الثورية ولم يظهر غير إصلاحيته التي يغلفها بإدعائه الانتساب للماركسية اللينينية. إننا لن ننساق مع الكيلاني لنرد على كل صغيرة وكبيرة من أضاليله المتعلقة بسيرة تروتسكي ونضاله السياسي و الفكري فالتاريخ قد بين زيف هذه الإدعاءات ومئات الصفحات إذا أردنا ذلك لن تفي بالغرض و التوضيح خاصة وأننا لا نعثر ولو على فكرة واحدة تمتّ إلى الحقيقة و الموضوعية بصلة. لقد كان الكيلاني جازما ومصمما من اللحظة الأولى التي أندفع فيها للكتابة على أن يجانب كل حقيقة وكل موضوعية. وسنكتفي بالإشارة إلى بعض المسائل التي نعتبرها على درجة من الأهمية لبيان زيف إدعاءات الستالينيين في حملة تشويه نظرية الثورة الدائمة . فحول المسألة الأولى و المتعلقة بالقفز على المهمات الديموقراطية للثورة في البلدان المتخلفة لن نعود إلى توضيحها بل سنكتفي بإيراء استشهاد لتروتسكي لن نجد أبلغ منه لنقدمه لصاحب التروتسكية. كتب تروتسكي : « لقد انطلقت بالتحديد من الطابع الديموقراطي البرجوازي للثورة وخلصت إلى أن عمق الأزمة الزراعية سيرفع البروليتاريا في روسيا إلى سدة الحكم... وتلك هي الفكرة التي أعبر عنها عندما أصف الثورة بأنها ثورة «دائمة» أي غير متقطعة، ثورة تنتقل مباشرة من المرحلة البرجوازية إلى المرحلة الإشتراكية... أما ستالين فقد تصدى عام 1924 بمفهوم «نضج الثورة» لنظرية الثورة الدائمة التي صورها وكأنها قفرة مباشرة من القيصرية إلى الإشتراكية إن هذا «المفكر» السيء الطالع لم يقف برهة ليتساءل: أي معنى يبقى لديمومة الثورة أي تطورها غير المتقطع إذا كان كل ما تشمله هو مجرد قفزة ؟».(11) أما بخصوص الموقف القائل بآرتهان دكتاتورية البروليتاريا في بلد واحد بالثورة العالمية فهو موقف لم يتبناه تروتسكي وحده. إنه يشاطره فيه كذلك لينين، و الشواهد على ذلك كثيرة وحتى ستالين نفسه كان قد تبنى هذا الموقف السليم قبل أن ينقلب ويغير فكرته ففي الطبعة الأولى من كتابه لينين و اللينينية يقول:«إن جهود بلد واحد لا سيما إذا كان فلاحيا كروسيا لا تكفي لإنتصار الإشتراكية نهائيا ولتنظيم الإنتاج الإشتراكي».(12) لقد اعتبر تروتسكي أن البروليتاريا المنتصرة في بلد واحد ستواجه صعوبات بالغة سيستحيل معها إتمام البناء الإشتراكي إلى النهاية إلا إذا تحركت قوى الثورة في أوروبا في مرحلة أولى على الأقل. فمثلما لا يمكن حصر الثورة ضمن الطور البرجوازي كذلك لا يمكن التوقف فيها عند الحدود الوطنية. إن مفهوم تروتسكي هذا مفهوم شامل يرى أن الإشتراكية التامة لا يمكن أن تتحقق في بلد واحد فشروط تحقيقها مرتبطة بآنهيار النظام الرأسمالي تماما من كل البلدان وهو كذلك يميز بين إمكانية وصول البروليتاريا إلى السلطة في بلد واحد وبين إمكانية إتمام الإشتراكية في بلد واحد. فالثورة الإشتراكية ليست عملية متواقتة تقوم بها البروليتاريا في كل البلدان في وقت واحد بقدر ماهي عملية ستخضع لعديد الظروف وستجري في بني اجتماعية جد مختلفة وبقوى وإمكانيات ومستويات مختلفة كذلك. إلا أن هذا لا يمنع رؤيتها بآعتبارها أجزاء مترابطة لسيرورة ثورة واحدة. يقول تروتسكي في توضيح هذه المسالة بالارتباط بالتجربة الروسية وردا على المزاعم المذكورة سابقا، حول علاقة الثورة الإشتراكية في بلد واحد بالثورة العمالية في المقدمة التي كتبها لكتاب الثورة الدائمة في طبعتها الفرنسية سنة 1930:« إن القوى المنتجة التي تخلقها الرأسمالية لا تستطيع أن تتلاءم مع الإطار القومي و لا يمكن أن تنسق وتُنظمم اشتراكيا إلا على صعيد أممي ... إن هذا لا يعني أننا ننفي كما يفعل الأدعياء الجهلة«الشرعية التاريخية» لثورة أكتوبر. فآستيلاء البروليتاريا الأممية على السلطة لا يمكن أن يكون فعلا أوحد مؤقتا. فالبنية الفوقية السياسية ـــ و الثورة جزء منها ـــ لها جدلها الخاص الذي يقتحم عنيف الاقتحام سيرورة الإقتصاد العالمي من غير أن يلغي أعمق قوانينها. وثورة أكتوبر «شرعية» كمرحلة أولى للثورة العمالية التي تمتد بالضرورة على مدى عشرات السنين. ولقد اتضح لنا الآن أن الفاصل بين المرحلة الأولى و الثانية أطول بكثير مما كنا نفترض. ولكنه لا يعدو أن يكون أكثر من فاصل. ولا يجوز تحويله إلى عصر قائم بذاته عصر مستقل ذاتيا لمجتمع اشتراكي قومي». وأما الزعم القائل بأن تروتسكي يحقر من الطاقات الثورية للطبقة العاملة في عملية الإطاحة بالبرجوازية وتركيز دكتاتوربة البروليتاريا وبناء الأشتراكية فإنه يحمل في ذاته تناقضا كبيرا إذ كيف يمكن للكيلاني أن يلصق هذه التهمة بتروتسكي الذي كان أول من نادى بآستلام البروليتاريا للسلطة السياسية منذ 1905 واعتبر أن عصر الثورات البرجوازية الوطنية قد ولّى نهائيا، وجعل من دكتاتورية الطبقة العاملة شرطا من الشروط التي يتوقف عليها الحل الكامل للمهام الديموقراطية في البلدان المتخلفة، وناضل من داخل الأممية الثالثة ومن خارجها لما أبعد من الإتحاد السوفياتي من أجل انتصار الثورة البروليتارية العمالية، معارضا سياسات البروقراطية العمالية بسياسات بروليتارية. وكشف لقوى الثورة العالمية يمينية وإصلاحية سياسة الأممية الثالثة وخاصة منها المتعلقة بالثورة الصينية التي أقرّها مؤتمرها السادس وكذلك تكتيك الجبهة الشعبية الذي عارضه بتكتيك الجبهة العمالية الموحدة، وإليه يعود الفضل كذلك في طرح مفهوم الثورة السياسية الذي صاغه على الضوء إنحطاط الديموقراطية السوفيتية بعد صعود وهيمنة البيروقراطية العمالية على أجهزة الدولة و الحزب في الإتحاد السوفياتي و على الأممية الثالثة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هوامش الجزء الثالث ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ماركس و الثورة الدائمة 1ـ الكيلاني :التروتسكية والتروتسكيون ص20 ــ 21 . 2 ـ أنظر عريضة المجلس المركزي إلى عصبة الشيوعية ــ نشرت سنة 1989 في تونس في كتاب ثورة دائمة أم ثورة مراحل، دار الشمس . 3 ـ المرجع السابق. 4 ـ المرجع السابق. 5 ـ أنظر :كتاب الإمبريالية و الثورة،تأليف دافيد هورويتز، ترجمة خليل سليم ـــ دار الطليعة بيروت،طبعة 1973، ص 22. 6 ـ من عريضة المجلس المركزي إلى عصبة الشيوعيين1850. 7ـ ليون تروتسكي ، الثورة الدائمة، ص 273 . 8 ـ لينين :المختارات،خطتا الإشتراكية الديموقراطية في الثورة البيروقراطية، المجلد 1،الجزء 2 ص146. 9 ـ لينين :المختارات، المجلد 1، إلجزء2، ص 126 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تروتسكي و الثورة الدائمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1ـ ليون تروتسكي ـــ مقدمة كتاب الثورة الدائمة سنة 1929، ص 150، 152. 2 ـ ستالين: مقال ثورة أكتوبر وتكتيك الشيوعيين الروس، صدر بكتاب ماركسية تروتسكي ترجمة جورج طرابيشي ، دار الطليعة ، بيروت ، طبعة 1973، ص107. 3 ـ راجع الفصل العاشر من كتاب الثورة المغدورة لليون تروتسكي. 4 ـ راجع الفصل المتعلق بالثورة الدائمة في كتاب إسحاق دويتشر: البني المسلح . 5 ـ التروتسكية والتروتسكيون ، ص21. 6 ـ التروتسكية والتروتسكيون ، ص28. 7ـ التروتسكية والتروتسكيون ، ص28. 8 ـ ليون تروتسكي، نتائج وتوقعات،ص91. 9 ـ ليون تروتسكي ، نتائج وتوقعات، ص 117 ــ 118 ــ 119. 10ـ التروتسكية والتروتسكيون، ص24 11 ـ ليون تروتسكي، الثورة الدائمة، ص156 12 ـ ورد الاستشهاد في رد لإرنست مانديل على نيقولا كراسو، وقد آعتمد مانديل على الإشارة الواردة في مقدمة تروتسكي للطبعة الأولى من كتاب الثورة الدائمة: عرب جورج طرابيشي مناظرة كراسو ومانديل التي دارت في عامي 1969و 1970 على صفحات مجلة اليسار الجديد ونشرتها دار الطليعة البيروتية مع مقالات لستالين وبوخارين وتروتسكي سنة 1973.
#بشير_الحامدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تعاطت قوى اليسار في تونس مع انتفاضة الحوض المنجمي
-
الإتحاد العام التونسي للشغل في ظل هيمنة بيروقراطية فاسدة ومش
...
-
الجزء الثاني 2 من كتاب حول تاريخ الثورة الروسية وتناقضات نظر
...
-
الجزء الثاني1 من كتاب حول تاريخ الثورة الروسية : تناقضات نظر
...
-
هذا ما يحدث في تونس
-
النقابي التابع
-
رسالة مساندة إلى الجبهة الوطنية للدفاع عن المدرسة العمومية ف
...
-
التعليم في عصر ثورة الاتصالات لصالح من؟
-
تعليم الكفايات لصالح من؟
-
كتاب: حول تاريخ الثورة الروسية وتناقضات نظرية الثورة على مرا
...
-
بيروقراطية الإتحاد العام التونسي للشغل تفرض حل إضراب الجوع ب
...
-
في تونس إضراب جوع 36 يوما مرت! فهل الأساتذة المضربون عن الطع
...
-
في تونس ثلاثة أساتذة تعليم ثانوي يخوضون إضراب جوع منذ 20 نوف
...
-
رسالة إلى النقابيين في تونس وفي المنطقة العربيةعن طبيعة مؤسس
...
-
دفاعا عن الحرية النقابية من أجل نقابة مناضلة
المزيد.....
-
فرنسا: هل ستتخلى زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان عن تهديدها
...
-
فرنسا: مارين لوبان تهدد باسقاط الحكومة، واليسار يستعد لخلافت
...
-
اليساري ياماندو أورسي يفوز برئاسة الأوروغواي
-
اليساري ياماندو أورسي يفوز برئاسة الأورغواي خلال الجولة الثا
...
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرار الجنائية الدولية ويدع
...
-
صدامات بين الشرطة والمتظاهرين في عاصمة جورجيا
-
بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
-
فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح
...
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|