|
الشر رديف الحياة
إبتهال بليبل
الحوار المتمدن-العدد: 2331 - 2008 / 7 / 3 - 10:41
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أريد ، على الأقل ، أن أقول شيئاً عن الشر الموجود في العالم اليوم ، فهو أصبح أكثر قوة ، وانتشارا ، في كوكب الأرض ، أحياناً ، نحاول أقناع أنفسنا ، بان الشر هو حادث عرضي ، يمكننا التخلص منه أو تفاديه ، وهذه هي أحد أسس القاعدة لفسيولوجية القسوة والعنف ، الماء هو الماء أكان في البحار، أو المحيطات ، أو تحت قاع الأرض ، وكما قيل ، عن بعض الكُتاب من اتخذ لنفسه حارساً ، ليس كمن نصّبَ نفسه حارساً ، والفرق في أن تحرس أو يحرسك ، هو في أن تحرسه بالحارس أهون من التضحية بالمحروس . . واليوم نجد الإنسان في هذا الزمن يحكم على ظاهر الأمور ، ولا يبالي بمافي دواخلها ،الجميع يعلم أن الشر كالخير رديف الحياة ، بعضهم يحاول التغاضي عن ذلك ، مع العلم أن الشر بدأ منذ بداية الخليقة الأولى ، نتساءل مالذي يحصل ؟ ولماذا الشر ؟ وكيف نستطيع العيش في زمان بات الشر فيه يتأصل فينا ، حتى تلونت وجوهنا وقلوبنا بلونهِ ، اليوم ، وكما قيل ، نجرجر أقدامنا من قيودها ، و لن ينفع المقيد في شيء سوى إشعاره باليأس من القادم بعد حين . . وإذا كان ظله المنعكس على الأرض دالاً عليه ; فإن اختفاء ظله لا يعني اختفاءه، ومن عميت عليه بصيرته، فإن النهار يستحيل في عينه ليلاً حالكاً دامساً ، فأنت لا ترى في الحقيقة الحقيقة كاملة، بل ترى جزءاً من كل. .ربما هي الفوضى ، التي باتت الأكثر أنشارا ، وليس من السهل إدراك معنى الشر ، لان البنية التي يستمد قوته منها ، متداخلة ومتشعبة ، استبدادية ، متسلطة ، بل تتعدى سيطرتها إلى عوالم أخرى يفوق تصورها ، ربما تكون غايتها زعزعت النفس البشرية وبالتالي وجودها ، نحن نقر بوجود هذه السلطة بمكان ما ، ولقلة حيلتنا على معرفة مكانها ، ننصرف عن التفكير فيها ....هل يستحق إنسان ما ، الموت لمجرد انه يُسمى بــ ( عمر ) أو ( حيدر ) هنا ، تكمن الاستعانة بالشرّ، والشرّ الناجم عن العيش في عالم اليوم ، أن معظم مايجري في هذا الكون يستند إلى تحليلات وقواعد تصنف حسب كون الغاية سياسية أو إعلامية أو بيئية أو صحية أو تربوية ، وهي بدورها لا تقوم بغير مقابل ، ودائماً تحسم الأمور هكذا ، لكن المنبع الأساسي هو قوة الشر وتمكنها من الذين يقومون بهذه الأدوار ، يضنون أنفسهم ملوك أقوياء أشداء ولكنهم في حقيقة الأمور عبيد ومحكومين لقوة الشر الخفية ، الشر دائماً يُساق الى تَوٌلد العنف ، والعنف ليس بالمهمة السهلة ، أذ أنه يتكون ، من صور وحالات وغايات ، ودائماً مايقال عنه او يصوره هي حالات غير صريحة او مباشرة ، وأي محور في الحياة ، نجد له وجهان وجه الحق والخير، أي الحقيقة ، ووجه الشر وهو العنف والطغيان ، وفي الوقت الحاضر نلحظ رجوح كفة الشر والعنف ، فهو يتركز في السياق العسكري والسياسي والاقتصادي وان للاعلام هنا دوره الحاسم ، بهذا الشأن وكبير ، كما ان استغلال عنف الاعلام له مخاوف كبيرة ، حيث أنه يضع العالم تحت كفة مستخدم هذه الاستراتيجية ، وهذا مانشاهدهُ ونسمعهُ عن ترويج العديد من الاخبار العنيفة او التي تدعو الى الخوف العميق الى درجة ، ان صفة الانهزام تطرأ على مستمعي هذه الاخبار ، وفي القاموس السياسي يطلق عليه ( الحرب الباردة ) ، علماً أن هذا ليس موضوعنا ، وعن الشر والعنف ، تختلف درجة تواجده بين مخلوق وآخر ، حيث أنه لا وجود لمخلوق في هذا الكون تتحد صفاته وتصرفاته مع آخر ، وهذا ياتي طبقاً لاختلاف الحياة والبيئة التي يعيشونها ، لكن تتواحد هذه الصفات والتصرفات حسب طبيعة الحكم في هذا البلد او ذاك ، ان كان هناك خير واحترام لحقوق المخلوق كان هناك راحة وانتعاش وزهاء لهم ، وان كان هناك ظلم واستبداد وعنف ، ولد في نفوسهم الرعب ، محاولين الهرب من البطش والطغيان ، وهذا لا يمكن ان يستمد ويطبق مالم تكن قوانين هذه السلطة الحاكمة لبلد ما هي تمديد الشر والاخذ به كقانون يستمد من العنف والطغيان ، علماُ ان اصحاب الشر والعنف والاستبداد وعلى مر التاريخ ، كانوا رمزاُ للخوف والكراهية ، ولم يكونوا أبداً موضوعاً للحب أو الإعجاب! ! فكيف إذاً ستكون طبيعة حياة من يرزحون تحت وطأة الطغيان، وأية مشاعر مؤلمة ستمزقهم في حلهم وترحالهم. . في نومهم وقيامهم؟! . . إنها المشاعر التي تبرر الثورات والتمرد، لأن ازدياد الضغط والجور والظلم ، يولد الانفجار ولو بعد حين! ولا بد للإنسان أن يدافع عن قيمه ، عن كينونته ، وعن حبه فهو وحده القادر على تغيير معاني الحياة.. . وإن حرارة قلبٍ يمتلئ بالإيمان ، كافيةُ لهزيمة الشر ولو بعد حين، وقادرة على عمل المعجزات ، فأملنا دائماً في هذه الحياة وحلمنا في أن يهزم الخير الشر! . . وكما ان هناك حقيقة عن الشر أنه يتلون بالوان غريبة ولا ييأس ان هُزم فهو يلجأ الى المراوغة والحيلة واتباع سُبل ملتوية تنفي الاتجاه الظاهر لدى العيان ، ومثال على هذا ماتتبعه السياسات الحاكمة أو ماتحاول أتباعهُ أمريكا في فرض سياستها على العالم باأساليب ملتوية خبيثة ، وهنا تكمن قوتها في الحيلة والمراوغة ، وهي من ثوابت الامور لديها ، أي أنها لا تستسلم أبداً ، وكما لا يمكن لأحد أن يروضها ; لأنها ذو طبيعة واحدة لا تقبل التغيير أو تتقبله. . والحلّ معها هو في اجتثاثها ; وكما قيل عن احد الكُتاب ، من يظن نفسه قادراً على ترويض الشر، فهو كمن يدعي القدرة على تغيير نواميس الوجود الأزلية، أما عن هؤلاء الذين تساورهم تصورات أخرى ، بأن أسلوب الالتواء والحيلة بغية الوصول الى غاياتهم ، فهم بقايا من زمن متوحش مريض نطلق عليهم أسم أرهابيون ، نعم أنهم أرهابيون ، نخشاهم ويخشاهم العالم لانهم نذير الشر والعنف أسمائهم زائفة لاتعني في الواقع شيئاً أكثر من الفوائد التي يجنونها ...
#إبتهال_بليبل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على ذمة الراوي
-
مجرد أسماء ...
-
أمراة مفخخة بالحزن
-
رجل ميت ...
-
الغموض النووي
-
غٌل القيود ، لبئر النساء في جدران الظلام ..
-
مرآة الوهم وأزمة الانسان واغترابهُ....
-
من قصص الشعوب ....أسطورة أسلحة الدمار الشامل
-
فحمُ كلمات ... زبانيتها إعلاميون
-
دراما الحياة ... نساء بين مبخرة ومجمرة الإسلام
-
ثوب ماكان ليستر ملامحها الشاحبة
-
الاديان و السياسة
-
كسرة من خبز عفن تشم رائحتها من عذابات الجوع الابدي
-
أدب بلون القلوب ...
-
وكان من الذكريات مايثقل الجفنين
-
عيون ترقب الموت ....
-
وجع أخير مع وطني ..........
-
رؤى وهواجس في بلدي ...
-
مكامن الذات و طعم السنار
-
عصر المرأة العراقية ...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|