أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - بغداد جنة أشواقنا














المزيد.....

بغداد جنة أشواقنا


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 2328 - 2008 / 6 / 30 - 10:25
المحور: المجتمع المدني
    


حين عبرت بي السيارة "سيطرة الشعب" شهقت بكلمة "بغداد" وطفرت من عيني دمعة.. ها أنني أدخلها بعد سنتين من الفراق.. هذه المدينة التي تؤثث ذاكرة معظم العراقيين، أو جميعهم. إذ أيُّ عراقي لا يصله ببغداد ألف خيط سري؟. في السليمانية، في العام الماضي، أمسكني صاحب مطعم كهل من ساعدي وقال؛ "وبغداد، اشلونها بغداد؟!" وهز رأسه وعلى شفتيه ابتسامة حزينة.. ابتسامة تعرّفك بحقيقة مؤداها؛ إلى أي مدى يسري نسغ بغداد في دمه، وأعصابه وتلافيف مخه؟. وكم من صديق في خارج البلاد اتصلت به أو اتصل بي وسألني عن بغداد، ودائماً عن بغداد. فبغداد نبع حنين جارف وشلالات إلهام ودفقات صور لا تحصى لكل منّا، ولاسيما إذا ابتعدنا عنها مرغمين لبعض الوقت. فهي جنة أشواقنا وصبوتنا وقبلة أحلامنا ومرتع زهونا، وهواء رئاتنا إذا ما شحَّ الهواء.. الموئل الذي نبحث فيه عن أقمارنا الضائعة إنْ في رصافتها أو في كرخها، والقلب الذي إذا تعافى، تعافى العراق، وإذا أصيب بوعكة تداعى له سائر الجسد العراقي بالحمى والقلق والاضطراب.. وقد كنا لمّا تضيق بنا السبل نلوذ ببغداد لتمسح دمعتنا وتقيل عثرتنا وترمم ما تساقط من حائط أعمارنا.
قلت؛ ها هو زحامه القديم، زحامه الجميل، على الرغم من سخونة الجو والغبار وتعب الطريق.. أغمض عيني لثوان فيبلل مطرها العذب الغامض روحي.. أمشي في دوامة من اللغط والضجيج وحقيبتي على كتفي، أنظر في الوجوه.. الوجوه التي تركت عليها رحلة الضنى والألم خطوطها وما تزال تفصح عن طيبة وأمل.. الناس في طريقهم إلى أعمالهم والحوانيت والمقاهي مفتوحة الأبواب، والسيارات تتقاطر في مسيل لا ينقطع.. أتوقف قليلاً لأجيل النظر قي حشد من الأطفال بملابس رياضية ومعهم كرة قدم يسرعون نحو ساحة قريبة، ونساء بالعباءة البغدادية الفاتنة يحملن سلال التسوّق.. هذه إذن، بغداد تستعيد عافيتها وألقها وإنْ ببطء، وإنْ بعسر.
أفكر ببغداد وأنا فيها، بتاريخها، بأمكنتها الحميمة، بشوارعها وأزقتها وجسورها ومطاعمها وحاناتها ومسارحها وصالات سينماتها. وتحضرني شخصياتها العظيمة ومبدعيها الكبار.. أتحسس خطوات الراحلين، بناة البلاد؛ جواد سليم في الباب الشرقي يرفع النظر عالياً حيث تتكسر القيود وينطلق الصهيل، وحسن فائق يطلق حماماته في ساحة الطيران. والرصافي في ميدانه المكتظ يراقب العابرين، ويجلس الزهاوي في مقهاه تملأ رأسه صورة ابنة فهر ترتدي وشاح الحرية. والسياب يحث الخطى بين حسن عجمي والبرلمان وفي مخيلته بويب وشباك وفيقة، فيما يلاحق فؤاد التكرلي في باب الشيخ أبطال رواياته. أما الجواهري الأكبر فيعبر جسر الشهداء يشم أريج دجلة الخير، أم البساتين، وهو يترنم بأبيات من قصيدة ( أخي جعفر ).
منذ زمن بعيد لم يغمرني شعور بالفرح، لكنني في هذه المرة فرحت، كما الأطفال، وأنا ألتقي أصدقائي وأقاربي ( البغادلة ).. منذ زمن بعيد لم يزرني حلم جميل، غير أنني في ليل بغداد رأيت فيما يرى النائم حشداً من المشاهد الآسرة ( لا مجال هنا لسرد تفاصيلها ). ولأني استيقظت والسرور يغمرني؛ طمأنت نفسي؛ هذه علامة خير.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( تحت العجلة )..رواية هرمان هسه: تعرية لبؤس التقاليد
- الرضّة الحزيرانية ونكوص الإنسان المقهور
- سلّة الأخطاء
- ثلاثة أشباح.. ثلاثة نصوص: شكسبير، ماركس، ديريدا
- ما بعد حزيران؛ نقد الذات المهزومة
- المعاهدة والمعارضة
- هزيمة حزيران؛ فشل الدولة ( العربية ) الحديثة
- المستقبل للنساء
- أستورياس في ( الريح القوية )
- أسعار النفط !!
- ثقافة الصورة.. ثقافة المشاهدة
- المثقفون وفوبيا الحرية
- صورة المثقف مخذولاً وضحية
- إذا ما غابت الثقة
- ماركس الحالم.. ماركس العالم
- فتاة في المطر
- حواف الإيدز، أو؛ خالد في الصحراء
- ماريو بارغاس يوسا في؛ ( رسائل إلى روائي شاب )
- شبح ماركس
- أخلاقيات الحوار


المزيد.....




- الأونروا: النظام المدني في غزة دمر تماما
- عاصفة انتقادات إسرائيلية أمريكية للجنائية الدولية بعد مذكرتي ...
- غوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- سلامي: قرار المحكمة الجنائية اعتبار قادة الاحتلال مجرمي حرب ...
- أزمة المياه تعمق معاناة النازحين بمدينة خان يونس
- جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي
- مقرر أممي: قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت تاري ...
- جنوب السودان: سماع دوي إطلاق نار في جوبا وسط أنباء عن محاولة ...
- الأمم المتحدة تحذر من توقف إمدادات الغذاء في غزة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - بغداد جنة أشواقنا